الآن وبعد خفوت ضوء الشطحه الأولى والتى لم تنجح النجاح المرتقب والذى توقعته آنفا وأحببت أن
أحوذ شرف نيله وعزة تحقيقه ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يناله !!!!!!
وأحمد الله حمدا كثيرا أننى ما زلت على قيد الحياه وأخط لكم بأزرار اللوحة الكاتبه الجزء الثانى من
تلك السلسله التى شأنها إصلاح ما هو خطأ والتحفيز إلى ما هو واجب عمله وحق تنفيذه والتى يصعب
على ألا أتابع كتابتها وقد قطعت عهدا وأطلقت وعدا بكتابتها لذلك أرجو منكم المعذره إن تأخرت قليلا
أو تأخرت كثيرا فبإذن الله تعالى لن أخلف وعدى ما دمت حيا وأرجو من الله أن ينال الجزء الثانى رضاكم
وأن يحوذ على نسبة مشاهده عاليه أو على الأقل معقولة!
خوفا عليكم من كثرة الكلام ومن مضى الوقت دون الدخول فى صلب الموضوع بالإضافه إلى نفوسكم التواقه
لمعرفة ما الجديد لدى وعن ماذا سأتكلم وأروى وأقص وأحكى وأتسلسل فى منطقى المعتاد لذلك أبدأ معكم على بركة الله وكما قلت سابقا أحزموا أمتعتكم سأقول لكم هذه المره اضبطوا أعينكم واربطوها إن استطعتم!!!!!
************رجل اسمه الأب**************
دقت الساعه الرابعه صباحا أوتارها وإنطلقت سريعا فى الآذان فساعتى تؤذن كل ساعه أو قل تكبر ثلاث تكبيرات!
فاستيقظت نصف إستيقاظه على هذا الصوت وعقلى يدور ويدور فى مجرة رأسى التى لا نهاية لها
والعجيب فى الأمر أننى لا أنام عادة بالليل فقد إعتدت ألا أذوق حلاوة النوم ليلا أو بالأحرى حرم
النوم على ليلا!!!!!
أما فى تلك الليله فقد نمت على غير العاده فقد كنت منهكا من أشياء كثيره فلم يجد النوم سبيلا
من أن يتعطف على ببضع ساعات كى أنتصب واقفا مرة أخرى وحتى تعود الحياه مرة أخرى
إلى مجرى عيونى!
لحظات صمت رهيب مرت عقب دقات الساعه الإيمانيه لا كلام لا حديث لا غوغائيه لا شىء
فى أى شىء فقط الصمت !
وبدأت أغط فى النوم مرة أخرى وأغرق فى سكراته وتشدنى خيوطه إلى غياهب جب عميق
لا آخر له وكل ذلك يمر ويحدث فى دقائق معدوده وفجأه سمعت ضجيجا وصوت خطوات
مسرعه وأخرى مهروله وأخرى تهد الأرض هدا!!!
بدأت الأصوات تزداد وأنا أغوص فى جزيرة القطن العائمه لا أتحرك ولا أهمس ببنت شفه
ولا تعمل أى حاسة لدى أو عضو سوى الأذن والقلب وقل العقل إن شئت!!!!
"سلامتك يا ولدى","ألف سلامه عليك يا بابا","أزمه وهتعدى","هاتوا الدوا","اجرى يا محمود صحى
أخوك"!!!!
حريق وإرتعاده ورعشه وهبوط كامل فى جسدى ينتابه بعد سماع هذه الجمل التى لا تفسير لها سوى
أن أبى أتته النوبة القلبيه وهذه النوبة اللعينه عندما تأتى يصاب بيتنا كله بالهلع ونركض كلنا للتليفون
وللباب ولأبى وللدكتور ولخالى والجيران كى نجد من ينجدنا ولكن لا ملجأ من الله إلا الله.
أتانى أخى محمود يهرول ويتكلم فى لجلجة تخالجها دموعا "الحق أبوك تعبان" وقد قفزت من سريرى
قفزة لو أن غرفتى دون سقف لبلغت به السماء!!!!!!
أجرى وأقفز وأهرول وأطوى الأرض طيا وأصعد السلالم صعودا كى أصل أخيرا إلى غرفة أبى
وقد قبض قلبى وبسط ألف مره إنه لا يدق بل ينفجر عدة إنفجارات ويكاد يخترق صدرى لولا رحمة
من ربى!!!
لا أدرى ماذا أقول أو ماذا أفعل فقط نظرات منى لأبى مع فتح لزجاجات الأدويه وحاوياتها!
أحاول إعطائه ما نوه عليه الدكتور وأردد فى صعوبة بالغه بعض الآيات القرانيه والعبارات الإيمانيه
وأحاول تهدئة أمى التى أغرقت الأرض دموعا وأختى وجدتى وقد هرع أخى الذى يعقبنى فى السن
للدكتور جارنا ليسعفنا بأى شىء شأنه عودة البسمه إلى منزلنا مرة أخرى!!
دقائق معدوده كالسنين مرت علينا فى إنتظار الدكتور ونحن لا نفعل شىء سوى قراءة القرآن
ومحاولات فاشله منى لتهدئة الجو ووطأة الحدث الذى تعودنا عليه جميعا ولكن تلك المره كان
اصعب من كل مره لأن أبى لا يكاد يتنفس ولا يتكلم ولا يتحرك إنه لا يقدر على عمل أى شىء
فقط يحرك عينيه مع إرتعاشه فى الجسد فدعوت ربى اللهم ارحم أبى واعف عنه واشفه يا رب العالمين
كما ربانى صغير.
لا أدرى كم مره قولتها فى دقائق معدوده وكاننى قولتها مليون مره ولكن كيف فى هذا الوقت القليل
ولكن حبى لأبى يصنع الكثير والكثير!!!
فى أثناء ذلك جلست بجوار أبى وأمسكت يده ونظرت إلى وجهه وتذكرت قديما كيف كان يلاعبنى
ويداعبنى وكيف كان يضربنى كى استذكر دروسى ويحثنى على النجاح وكم من المرات يحفذنى
بالهدايا كى أحرز الدرجات العلى وحتى عندما لا أحرز ما يرضيه كان يربت على رأسى
ويقول لك هديه منى ولكن ليست كهدية الدرجة النهائيه فهو يريدنى دائما أن أصبح أحسن منه
وأفضل البرية ولا عجب في ذلك فهو أبى وسبب وجودى فى ذلك الكون فالأب دائما ما يريد الأفضليه
لأبنائه وأن يكونوا أحسن منه وهو الشخص الوحيد الذى يريد الخير لك ويعيطك بلا مقابل أو إنتظارا
لشىء منك حتى ولو أسأت إليه فأيضا يحبك لأنك جئت من صلبه ولأنك ابنه الذى رباه صغيرا
وكبر فى كنفه وبذل كل شىء كى تصير إنسانا .
فعطاء الآخرين له حدود أما هو فيمنح ويعطى ويهب بلا حدود!!!
حتى إن الرجل يظل عزيزا وذو كرامة تناطح السماء إلى أن ينجب أبناءا!!!
وذلك لقبوله ذل العمل وذل المعيشة وتسلط الفاسدين عليه وتحكم من قد يكونوا أصغر منه فيه
وذلك فقط لإطعام أبناءه وحتى لا ينقطع سبيل عيشهم أو يرى مهانة وذلا فى أعينهم
أو لجعلهم دائما بين مصافى الأبناء وهو الذي كان لا يهاب إنسا ولا جان وقتما كان أعذبا بمفرده.
لذلك كان ابى رجلا من ضمن أولئك الرجال الذين يضحون من أجل أبنائهم ويسهرون الليالى
ويكدحون فى العمل كدحا كي يعيش أبناءه عيشة هنيه ولا يسئلون الناس إلحافا بل يغلب عليه
الحال فيظل يحدث نفسه بهمه وكربه حتى لا يرى الحزن في أعين من حوليه وخاصة أهله.
ولا أنسى يوما عندما ضربت أخى الأصغر وجاء يأنبى ويوبخنى كيف لك أن تضربه !!!!
عليك فقط أن توجهه ولا تلجأ للضرب فهو أصغر منك وأنت الأكبر فواجب عليك أن تظل دائما كذلك وحتى لا تترك شيئا في نفس أخوك.
تحمحم الدكتور قبل أن يدخل علينا وألقى السلام فانتظرته بالخارج لأن أعصابى تكاد تنهار ويغمى على ولكنى تجلدت حمد لله ودعوت من الله أن يكون كل ذلك محض غمة تنزاح وأن يهون الله علينا.
فجأه!!!!!!!!
سمعت بكاء وحشرجه فى الكلام وصوت امى تردد لا إله إلا الله وصوت جدتى تقول يا ولدى !!!
فانتصبت وتوجهت إلى الدكتور وأنا لا اقدر على قول ماذا حدث؟!!!
فقال لي البقاء لله شد حيلك ربنا يغفر له!!!!!
فأحسست أن الدنيا ضاقت على ولا ملجأ إلى إلا الله حتى إننى احترت ماذا أفعل ابكى أم أصرخ أم ماذا أفعل لقد تاه العقل ولم يقدر حتى على إصدار أمر بشعور معين !!!
واابتاااااااااااااااااااااااااااااه!!!
حبيبى ومن ربيتنى وعولتنى وكفلتنى وأحببتنى وأحببتك وأحترمتك أين تذهب وتترك لى الدنيا ظلاما وقد كنت لي الملجأ والصدر الذين أسكن إليهما وقت الشده ووقت الراحة وفى كل وقت يا أبتي.
حتى إن الموت فى حد ذاته لا يحزن الإنسان لأنه أمر من الله ولكن توقف تكرار عاده معينه أو نمط معين هو من يفتك بنا ولا يرحمنا وهو ما يؤثر بنا ويكاد يقتلع
قلوبنا التي في صدورنا.
ارتميت في حضن أبى وأنا أبكى بكاءا مرا يكاد يقتلع جفناى وأنا أقبله وألثمه فى خده وألصق نفسى به كي أحتويه ويحتويني وكي لا أشعر بأنه قد إبتعد عنى وتركنى فى تلك الدنيا الضيقة وذهب إلى فردوس رب العالمين.
عالم من الظلمات أكاد أجد نفسي فيه ولا أحد معي لا رفيق ولا صديق ولا قريب!!
فالكل لم يعد موجود فقد ذهبوا بذهاب أبى ولم أعد أحس بطعم الدنيا أكانت مرة أم
حلوه فلقد ترهلت مراكز الإحساس لدى أو قل أصيبت بسرطان أسمه الحزن الذي
يكاد تتكسر له الأضلع وتسمع صوته بكل وضوح.
ناس كثر قد أتت وقد بكوا وترحموا على أبى وأخذوا يواسون أمى وجدتى وأخوتى وأنا لا أريد أحدا يواسيني أو يبكى على أبى أو يترحم عليه فلن يحزن أحدا منهم عليه قدر حزنى ولن يحبه أحدا مثلى ولن يصدق أحدا في الحزن عليه كصدقى فهو أبى أنا وليس أبا للناس وبفقدانه فقدت الحب والرأفه والقوه والأمان والحنان
وأريد أن أصرخ فى وجوههم ابتعدوا عنى فأنتم تؤكدون هذا الحدث وأن أبى قد فارقنا وتركنا وأنا لا أريد تصديق هذه الحقيقة الصماء التي لا تسمع لندائاتى التي تتمنى من الله أن يكون كل ذلك محض كذبه أو مزحه أو حلم ليلة صيف!!!!
فأين لي بأب آخر يحبنى ويرعانى مثله فالفرد منا يحظى بأب واحد فقط !
ولا صدق لأى شخص يدعى لك بأنه أبوك أو يحبك مثله أو يرعاك ويرعى حقوقك كما يرعاك هو فالحب كل الحب لك يا أبى والرحمة والعفو من الله لك.
وأعجب كل العجب من الأشخاص أولئك الذين لا يعاملون أباءهم بإحترام أو يبرونهم أو على الأقل
يحددوا زيارة سنويه له لرؤيته أو ليراهم ويتحججون بالدنيا ومشاغلها!!!!!
فأف لهم أولئك الحمقى فقد ضيعوا على أنفسهم فرصة كبرى لأخذ جرعة من الحنان وسيل هادر من العطف وقسط وافر من الحب ولن يجدوا ذلك بعد فقدان هذا الإنسان
العزيز والذين قد يتمنونه كثيرا بعد فقدانه ويرجون أن تعود تلك اللحظات ولو للحظة أخرى!!!!
جاء خالى وهو أخ عزيز لأبى وشدنى إليه وسط آلاف الدموع فقبلته لأن بر الوالدين بعد موتهما يتم ببر من كانوا يحبونهم.
وقال لي نذهب للمغسّل كي يأتي ويغسّل أباك فإكرام الميت دفنه ولنستخرج تصريحا بالدفن فتيقنت بالحقيقة المرة وأحسست بدوران الدنيا كلها أو الكرة الأرضية بالتحديد وقد دارت بى فجاه أو دورت بها فجاه فكل ذلك ليس بالكذب أو الافتراء بل إنه
صحيح وبالفعل قد فقدت أبى وقد قضى أمر الله الذى لا مرد له.
فغبت عن الوعي وتهت وارتطمت رطمة شديدة بعقلى!!!!!!!!!!!
بعد قليل!
سمعت صوتا يقول لى قم يا بني كي تصلى الفجر وكأنه صوت أبى!!!!!!
ما هذا الذى أسمع وما هذا الذي وعيته الآن!!!!
هل كل ذلك محض أضغاث أحلام ناتجة من إرهاق شديد؟؟!!!!!
هل أخطأت بأننى نمت ليلا؟؟!!!!!!
هل عاقبنى النوم بذلك الحلم البشع الذى ألتمس مرارته فى حلقى؟؟؟!!!!
هل أدمعتم كما ادمعت أنا فى هذا الموضوع؟؟!!!!!
هل قررتم تقبيل آباءكم وبرهم ومعاملتهم بشتى ألوان الوقار؟!!!!!
قمت من نومى فوجدتنى أشاهد أبى يبتسم إلى فحضنته وقبلت يده ولثمت خده فاستغرب الأمر فقولت له أبى لا تتركنى نائما مرة أخرى عند صلاة الفجر فضحك وقال لى"اللهم انعم عليك بالمواظبة على صلاة الفجر".
وفجاه دق هاتفي في هذه اللحظة فاستغربت من سيكلمنى فى هذه اللحظه فنظرت
فى هاتفى فوجدت.....................................
إلى اللقاء فى شطحة أخرى بإذن الله.