* إعداد - محمد أبو الوفا/القاهرة
شهر رمضان يتميز بطقوسه وعاداته وتقاليده التي تتباين من مجتمع مسلم لآخر، مع الاحتفاظ بعامل مشترك بين كل المسلمين في شتى البقاع وهو الجانب الروحي والإيماني، وصلاة الجماعة والتراويح.. لكن ماذا عن رمضان في بلاد الغربة حينما يكون المسلمون هناك أقلية صغيرة مشتتين في أنحاء متفرقة؟ هل يشعر المسلم بروحانية رمضان؟ هل ثمة طقوس وعادات يمارسها الصائم في وسط جماعة من المسلمين فيشعر بفرحة الصوم والإفطار؟
في البداية يقول د. أحمد عمر هاشم - رئيس جامعة الأزهر الأسبق - الذي عاش أكثر من رمضان في كثير من البلاد مبعوثاً من قبل الأزهر الشريف: أن رمضان في بلاد الغربة لا يخلو من الصعوبة والعسر، فهذا الشهر الكريم له طقوسه وتقاليده وحتى أكلاته التي لا يشعر المسلم بفرحة الصيام وبهجته إلا بتوافرها.. والتي رغم تباينها بعض الشيء بين الدول الإسلامية، إلا أنها تتشابه وتتطابق في مظاهر كثيرة، أهمها تجمع العائلة حول مائدة الإفطار في مشهد قد يندر وجوده طوال العام نتيجة انشغال أفراد الأسرة أو اختلاف مواعيد أعمالهم..
لهذا فإن كثيرا من المسلمين في الغربة يحاولون البحث عن هذه التقاليد ليشعروا أولادهم بدفء شهر رمضان الكريم وبروعة الصوم فيه.
ويقفز هنا سؤال: ما هو شكل رمضان في الغربة؟ وهل يستطيع المسلمون بالفعل توفير الطقس الرمضاني المعروف؟ وهل تشعر الأجيال الجديدة بدفء هذا الشهر وأهميته وحكمته؟ هذه الأسئلة يجيب عنها الذين عاشوا بعض شهور رمضان في الغربة.. ويحكون حكايته هناك في السطور التالية:
رمضان في روما
يقول السفير اليمني في ايطاليا د.عبد الولي الشميري: شاءت الظروف أن أصوم شهر رمضان منذ عدة أعوام في ايطاليا، وبالتحديد في العاصمة روما ولأنني يمني ولرمضان في اليمن طقوس وتقاليد قلما توجد في مكان آخر، أهمها بالنسبة لي على الإطلاق تجمع الأحبة حول مائدة الإفطار.. والسهر والسمر الذي يمتد بعد صلاة التراويح حتى موعد السحور ثم صلاة الفجر.. لهذا حاولنا نحن المسلمين توفير هذه التقاليد، فالجاليات المسلمة تجتمع في المسجد الكبير في روما الذي بناه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - على نفقته الخاصة وتحضر النساء معها الأطباق الرمضانية والحلوى لتبدي ملامح رمضان البسيطة عند تناول الإفطار وينتشر في ساحات المسجد بائعو المأكولات والمشروبات الشرقية التي يقبل عليها الإيطاليون أيضاً.
وفي المتاجر التي تحيط بالمسجد تباع التمور والحلوى الرمضانية العربية بأنواعها والباخور، والأطعمة التقليدية والخبز العربي.
ويضيف د. الشميري.. هذا الجو يضفي على رواد المسجد وأسرهم البهجة والفرحة والشعور بالحميمة بين المسلمين بصرف النظر عن الجنسية، فالمسلم هنا يفرح بالمسلم الذي يشاركه الصوم وموعد الإفطار والسحور والصلاة، وبعض التقاليد ويحرص كثير من المسلمين على صلاة التراويح وتلاوة القرآن الكريم وحضور الدروس والخطب التي تقام قبل المغرب وبعد صلاة العشاء.
ولكن ثمة صعوبات ومضايقات يشعر بها المسلمون في ايطاليا أيام رمضان خاصة فى السنوات الأخيرة - وهي تشدد السلطات تجاه التجمع، وابتعاد المسجد عن مناطق اقامة كثير من المسلمين مما يصعب وصولهم إليه، وأن ايطاليا لم تعترف بالدين الإسلامي أسوة بباقي الأديان حتى الآن رغم أنه ثاني أكبر ديانة بعد الكاثوليكية لهذا فإن المسلمين يلاقون عقبات سياسية وإدارية وصعوبات كثيرة في ممارسة شعائرهم.