أحد أخوالي كان يتميز بالظرف الشديد وبخفة الدم والقافية الحاضرة ، كان ذلك في شبابه وحتى خرج الى المعاش أما اليوم فقد أتعبه المرض وأكل الدهر على ذاكرته فنسي وإن بدت الخفة في كلماته والمزاح حتى في حركاته على بساطته ، وكان له تعبير شائع حين لا يثق في كلام محدثه إذ يبادره بالقول : لأ يا شيخ
تذكرته وأنا أتابع شيخ الأزهر في احتفالية ليلة القدر ، كان الرجل يتحدث عمن تستجاب دعوتهم في هذه الليلة وكان ينظر في ورقة اعدت له ، ثم فجأة دخل الشيخ فيمن لا تستجاب دعوتهم وبدأ فاصلا من الكلام المضحك المبكي !
أما كونه مضحكا لأنه خلط بين قذف المحصنات وأراء الصحفيين ، أما كونه مبكيا لأنه أدخل نفسه في حيز لم يكن على ما يبدوا مكتوبا أمامه فكانت الكلمات لا تجد طريقها بسهولة من فمه فاستعمل حركات يديه !
شيخ الأزهر يفترض أن يكون له مكان أكبر من أن أتناوله أنا أو غيري ، ويعلم الله كم أستحي أن أكتب وكم من مرة مزقت مقالاتي عنه وعن مفتى الديار خجلا مما آلت اليه أمور المشيخة في بلد الأزهر الشريف .
سأذكر لكم شيئا يبين الفارق الكبير بين مشيخة الأزهر عندنا ووزارة الاوقاف في دولة مثل الكويت الشقيقة التي ليس عندها أزهر ولا دار افتاء
في شهر رمضان تقوم الوزارة عبر قطاع المساجد باعداد جدول للقراء أصحاب الصوت والقراءة الصحيحة ويتم توزيعهم على مساجد الدولة وتقوم بنشر هذا الجدول مع الصحف وفي المساجد أيضا
أما مسجد الدولة الكبير وهو بالطبع لا يقارن مع الازهر أو أي مسجد اثري في مصر فله ادارة خاصة تضع له برنامجا احتفاليا خصوصا في العشر الاواخر من رمضان وتشعر وأنت تزور المسجد أنك محتفى بك وأن الوزارة بكافة اركانها تقوم على خدمتك
تريد الصلاة فلتصل
تريد القراءة فلتقرأ
تريد الاعتكاف وبدون بطاقة او جواز سفر لك ما تريد
ماذا تفعل الشرطة في هذه الايام المباركة ، مسخرة من أجل خدمتك عزيزي المصلي ، ، تفتح الطرق ، تنير الدروب
كل شيء ميسر من أجل أن تعبد الله على حق في هذه الأيام
يافطات ولوحات ارشادية
باصات تنقلك من والى المسجد الكبير
سيارات اسعاف وطواريء
اماكن للنساء والأطفال
كل شيء متوفر
الماء والشراب والطعام والسكينة والقراء المتميزون ما عليك إلا أن تجدد النية وتعبد الله
قارن هذا بما يحدث عندنا
شيخ الازهر يترك العبادة ليطالب بجلد الصحفيين
وزير الاوقاف يمنع التهجد والاعتكاف الا بشروط
ترى ماذا لو قرر شيخ الازهر ان يفعل شيئا مثلما تفعل وزارة الاوقاف في الكويت ماذا لو قرر فتح الجامع الازهر بنفس الطريقة وحوله الى قبلة للمصلين العاكفين الركع السجود
ماذا لو كان لديه أفكار لخدمة الاسلام
ترى هل سيقوم المصلون بالتظاهر او الاضراب أبدا
إن حالة الخشوع التي يمر بها المرء في المسجد حالة فريدة تبعث برسائل طمأنة للجميع إلا وزير الاوقاف الذي يرى ان الاعتكاف خطر والتهجد تطرف كما يرى شيخ الازهر أن كلام الصحافة غيبة أما هجومه هو على الناس وتعبيراته الفظة أحيانا فهي ليست خطر على أحد
شيخنا الكريم أدخل نفسه في معمعمة السياسة مع انه ينادي ألا دين في السياسة ولا سياسة في الدين
ترك الشيخ ساحة العلم والاجتهاد والتنوير وبدأ في قصف المخالفين بأبشع التهم ويطالب بجلدهم
ماذا يقول الشيخ فيمن يسرق المال العام هل تقطع يده أم أن قطع يد السارق أصبح من المنسوخ في العصر الراهن
وماذا يقول الشيخ في تزوير الانتخابات هل هي حلال أم حرام وإن كانت حرام فماحكم من وصل للسلطة بأصوات مزورة
ماذا يقول الشيخ في تعيين ابناء وبنات كبار القوم في وظائف الدولة وحرمان البسطاء منها ؟ هل هذا عدل أو ظلم وما حكم الظلم هل يجلد الظالم ثمانين جلدة أم تسعين أم لا يجلد لأن لديه واسطة
وما حكم الخمر والمخدرات وبيعها في المحلات ؟ هل حرام أم حلال ؟ بيعها وتجارتها وعصرها وشربها
وما حكم الكذب وهل حين يكذب مسئول ما ويعطي ارقاما غير صادقة عن الواقع هل يقطع لسانه أم يتم تخييط فمه ام يمنع من الكلام اربعين ليلة ؟
وما حكم من سجن لسنوات ثم افرج عنه فلم يجد له مأوى هل يعود الى السجن مختارا ؟ أم يسرق ليعيش أم يأكل الميتة والدم ولحم الخنزير لأنه مضطر ؟
و ما حكم الشعب الذي يرضى الذل والهوان ويسكت هل يتم نفيه أم قتله ام بيعه ؟
وبأي ثم يمكن بيعه ؟ ومن يشتريه ؟
يا مولانا والله ما يحدث فينا منكم كثير وكثير جدا ويعلم الله أنني قررت منذ فترة عدم الكتابة وأعلنت العصيان على قلمي ولكنني حين شاهدتك على التلفاز في ليلة القدر وحين سمعتك تتحدث عن جلد الصحفيين قلت في نفسي
هذا ليس مقام شيخ الأزهر
ربما يكون مقام رئيس تحرير لم يطلع على أية من كتاب الله ولم يقرأ حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أما أنت يا شيخنا فليس هذا مقامك ولا مكانك
اللهم اغفر لي ولشيخنا
واعف عنا وعنه
اللهم آمين ......