يوميــــــــات صائــــــــــــــــم
جلست
أفكر فيما سيحدث لي غداً فهو أول يوم في رمضان وهو أول يوم أحاول فيه
الصيام إلى آذان المغرب؛ فأنا بلغت في الشهر السابق سبع سنوات، وهو سن
يعتبر في أسرتي سنًا مناسبًا للصيام الكامل. وبينما أنا أفكر ذهبت في
النوم ولم أشعر إلا ووالدتي توقظني لطعام السحور فاستيقظت وتوضأت وجلست مع
إخوتي الكبار منتظرين قدوم الطعام، وما إن جاء الطعام وقبل أن نبدأ قام
والدي بإلقاء كلمة يرحب فيها بي مع إخوتي الكبار لابتدائي بالصيام، ووعدني
إن أنا صمت هذا الشهر صياماً تاماً صحيحاً فلي عنده جائزة كبرى.
وبعد
هذا السحور الجميل الذي أعدته أمي لنا وما يتخلله من مواعظ وحكم أبي قمت
أنا وأبي وإخوتي بالاستعداد والنزول لصلاة الفجر وجلسنا بعد الصلاة في
المسجد لنقرأ ضمن مقرأة المسجد. وغالبني شعور جميل بفرحة لا تضاهيها فرحة
عندما قدم لي أبي المصحف لأقرأ بعد أخي الأكبر. فقبل ذلك كان الكبار
الصائمون هم فقط المسموح لهم بالقراءة أما الآن فلقد أحسست كم هو حلو هذا
الصيام وما يتيحه لي من خير أكثر مما يمسكه عني من أكل وشرب.
وبعد
المقرأة ذهبت إلى البيت مع عائلتي ونمت ثم أيقظني أبي لصلاة الضحى وبعدها
ذهبت إلى المدرسة وأخرجونا يومها بعد صلاة الظهر؛ لأننا صائمون فذهبت إلى
البيت وأخذت أساعد أمي حتى حان آذان العصر وكنت وقتها واضحًا عليّ التعب
فعرضت أمي علي بعض الطعام وقالت كل فأنت متعب فأعرضت عن الطعام وقلت لها:
رحمك الله يا أمي والله لأصومن اليوم. وخرجت إلى حجرتي وأخذت أقرأ من كتاب
الله الكريم ولم أشعر بالوقت إلا وأمي تناديني وتقول لي باق على آذان
المغرب خمس دقائق. فقلت في نفسي: انتظر يا ولد حتى لا يظنوا أنك ملهوف علي
الطعام، وبالفعل أذن المؤذن وعند انتهائه قمت متباطئاً إلى منضدة الطعام.
وعند جلوسي في طرف المائدة قال لي والدي: انتظر يا بطل قم واجلس على رأس
المائدة مكاني فأنت تستحق لقب الرجل المؤمن الصائم، ولا يمكن أن تتخيلوا
فرحتي لحظتها وأنا أري أبي وأمي وإخوتي يصفقون لي. ومن يومها لم أدع يومًا
في أيام شهر رمضان إلا وأنا صائم.
من مذكرات طفل صائم