ادع الصلاة.. فأنت في مطار المغرب!
بقلم مسعود صبرى - عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين
طالعتنا الصحف ووكالات الأنباء بما أخذته الخطوط المغربية من قرار إغلاق مسجد الشركة، وعدم السماح بالصلاة فيه، ومنع الموظفات اللائي لهن علاقة مباشرة مع المسافرين من ارتداء الحجاب؛ وذلك بحجة أن الصلاة تضيع أوقات الموظفين، وأن الحجاب يشوه لباس العمل.
وها نحن الآن بصدد طرح فكرة مقاومة المنكر إن كان من السلطات؛ فقضية سكوت الأمة عن منكر السلطات أمر لا يرتضيه الشرع، فما قامت به السلطات التونسية والمغربية وغيرها من مثيلاتهما ليس من العقل أو الشرع في شيء، ولا يجوز وقوف الأمة صامتة حيال هذه الحملات الشرسة التي تمس أصول الدين والعقيدة.
على أن يكون تصحيح الأوضاع وإقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحسنى والموعظة الحسنة، فإن رد المنكر بالقوة أضحى عقبة نحو الإصلاح، كما أن المقاومة يجب أن تكون من نفس النوع في الأصل، والجري وراء المشاعر وحده غير كاف، وكفى الأمة إهدار لطاقاتها، فنحن في حاجة إلى إعلاء قيمة التفكير والتعقل في حياتنا بشكل عام، وفي الحملات المنظمة ضد الإسلام بشكل خاص.
تفعيل دور الأمة
وإن كان بعض النواب الإسلاميين بالمغرب سيقومون باستجواب وزير النقل شفاهة كما صرح بذلك نور الدين قربال عضو جماعة العدل والتنمية، وأنه في حال عدم رد الوزير يطلب مثوله أمام البرلمان سعيا لوقف هذا القرار؛ فإن تفعيل مفهوم الأمة يجب أن يكون حاضرا.
وعلى ذلك فإن الانتفاع بالعولمة -خاصة شقها الإعلامي- أمر يجب ألا يغيب؛ فتفتيت الأمة دولا لا علاقة بينها فيما يخص قضايا الاشتراك العقدي والديني أمر يجب الانتباه إليه، وأصبح ضرورة أن تكون هناك حركات شعبية تعيد مفهوم الأمة على أرض الواقع شيئا حتميا؛ فالجمعيات الأهلية والخيرية وحملات الدفع الإلكتروني يمكن أن تكون وسيلة ضغط على السلطات التي تتعدى حدودها، والتي لا تحترم حقوق شعبها.
الجهاد المدني
فمن الواجب على الأمة أن تدرك النقاط التي لا يمكن للسلطات أن تتحرك أمامها، وأن تكون بمثابة حائط الصد المانع، والحاجز الذي لا يمكن تخطيه، وأرى أن ميدان الجهاد المدني أوسع الأبواب في هذا الصدد؛ فأضعف الإيمان ما يقوم به الموظفون من الصلاة تخفيا؛ وهو أمر مشروع بلا شك، بل يعد نوعا من الجهاد، ويمكن للموظفين بعد دراسة الأمر جيدا أن يقوموا بالصلاة جماعة أو جماعات متفرقة إعلانا للصلاة التي أمر الله تعالى أن تقام.
ومن واجب غير المغاربة ممن يسافرون على خطوطها أن يُصلوا في الشركة، وأن يؤكدوا على هذا، بل أن يتعمدوا الصلاة في الشركة نفسها، وهنا يقدم جمع التأخير على التقديم لمن كان قادما من غيرها، ويقدم جمع التقديم على التأخير لمن كان مسافرا منها.
بل أوصي بإحياء صلاة السنة على الطائرة، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم ألا يترك صلاة النافلة على دابته، و يمكن تلاوة القرآن أو سماعه كذلك، فكل مظهر من مظاهر الالتزام والتدين سيدفع في نشر الشعائر، خاصة أن الأمر جد خطير حين يتعلق بالشعائر والعبادات، بل يجب تصعيد الأمر إلى أبعد حد بالوسائل السلمية، تحقيقا لربانية الأمة وإقامة شعائرها على الأرض كلها لا في بلاد المسلمين وحدهم.
إن من الحكمة أن تنقلب الحرب على الإسلام فرصة لنشر الدعوة وإعادة الحيوية للأمة من خلال تطبيق أمور قد يتهاون فيها الناس في أحوالهم العادية، وكما قال الشاعر الحكيم:
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود ولا يخفى -إن كان الأمر كما أثير في وسائل الإعلام من منع الصلاة- أن صاحب القرار آثم، ومن قام بتنفيذه ومنع العمال والموظفين من الصلاة آثم أيضا، وكل من وافق عليه من أصحاب القرار آثم كذلك عند الله.
مراعاة الرؤى التنظيمية
غير أنه يجب أن ندرك أنه لو كان هناك نوع من التنظيم من قبل الشركة فلا بأس به، كأن تكون الصلاة في مواعيد داخل وقت الصلاة، أو أن يخصص مكان للصلاة دون غيره، فلا بأس بهذا، ويجب على الموظفين التزام الأمر، وألا تكون العواطف من مصادر الاجتهاد والتشريع.
فإن كان الأمر كما قال وزير النقل المغربي – نقلا عن عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية : إن الصلاة تقام في المسجد ولكنها تمنع في المكاتب، فهذا شيء تنظيمي يجب مراعاته، وإن كان ثمة رفض لهذا فليكن الالتزام أولا، ثم رفع الأمر للوزير وبيان ما به من الضرر أو عدم إمكانية التطبيق، فقد لا يستطيع الموظف ترك عمله فتكون الصلاة في المكتب من باب الحفاظ على العمل، وهو شيء يتفق عليه الجميع.
أما منع الحجاب فلا يجوز بأية حال من الأحوال، ولا ندري ما عقدة الحجاب عند كثير من الناس خاصة على المستوى الرسمي، إننا بحاجة إلى أن يُنظر إلى المرأة لكفاءتها وقدرتها على إنجاز عملها، لا أن ينظر إليها لشكلها وما تبديه من زينتها، فالناس في الطائرة يحتاجون الخدمة لا الشكل والتزين والتعري!
موضوع: دع الصلاة.. فأنت في مطار المغرب! 
الخميس 1 نوفمبر - 22:52
