على الرغم من أن نتيجة التعادل بهدفين لكل فريق في مباراة القمة بين الأهلي والزمالك بالجولة الخامسة لدوري الأبطال الإفريقي لم تكن لتغير من موقف الفريقين في البطولة بعد أن أكد الأهلي صعوده لنصف النهائي في صدارة المجموعة، وانحصرت آمال الزمالك في تحقيق الفوز على ديناموز في عقر داره، إلا أنها جاءت مُرضية للطرفين، حيث ابقت تفوق الأهلي على منافسه في الفترة الأخيرة محلياً وإفريقياً، وأعادت في الوقت ذاته للزمالك الذكريات السعيدة في الوقوف نداً حقيقياً لبطل القرن، وانتقلت به من مرحلة الفرحة للهزيمة بفارق هدف أو اثنين إلى الحزن على التعادل واهدار انتصار كان في متناول الأيدي.
وبقدر ما كانت إدارة المدربين للمباراة سيئة نوعاً ما، ومليئة بالأخطاء، وكان الأداء متقارب إلى حد كبير، والفرص متساوية تقريباً، إلا أننا في الوقت ذاته لا نستطيع أبداً أن نساوي بين الطرفين ونوجه لهم الانتقادات ذاتها متناسيين الفارق الكبير في ما يمتلكه كل من الطرفين من لاعبين مميزين في أرضية الملعب و"دكة" البدلاء، وظروف كل منهما قبل اللقاء، والتفوق الدائم للأهلي في الأربع سنوات الماضية والثقة التي تؤهله للفوز في جميع اللقاءات التي تجمع بينهما بغض النظر عن مستوى الزمالك أو ادائه في تلك المباريات.
|
|  |
| الأهلي وفرحة الهدف الأول | <td width=1> |
وتبعاً للحقائق السالف ذكرها فان التعادل وان كان لا يسعد جماهير الزمالك أو يعبر عن آمالها العريضة إلا أنه يعد بمثابة انتصار معنوي على الظروف المعاكسة وثقة المنافس وتكهنات النقاد التي ابعدته عن الترشيح للفوز بالمباراة نهائياً إلا في حالة حدوث معجزة، كما إنه يعد بمثابة إخفاق للأهلي الذي اعتاد على هزيمة منافسه اياً كان وضعه وأدائه أو ظروفه، وهو ما يفسر تصريحات مانويل جوزيه مدرب الأهلي عقب المباراة، والتي ادهشت المتابعين، بتأكيده أن الزمالك كان الطرف الأفضل، فهو يدرك أن الطرفين كانا متساويين ولكن ان يظهر الزمالك بهذا المستوى الراقي في مثل هذه الظروف ويكون نداً للأهلي بكل تلك المزايا التي يحظى بها الأخير، فهو يستحق بلا شك لقب"الأفضل".
وبنظرة أكثر تدقيقاً على أحداث اللقاء، نجد أن الأهلي وعلى عكس اعتقاد بعض المحللين كان هو الطرف الأكثر عصبية وتعرضاً للضغوط، وكان ذلك بفعل تفوقه الدائم على منافسه في السنوات الأخيرة، فهذا التفوق ألقى على عاتقه عبئاً كبيراً لأنه أصبح مطالباً أمام الجميع بالفوز مع تقديم أداء جيد واحراز عدد وافر من الأهداف في مرمى المنافس الذي يصب كل شيء في غير صالحه .. وعلى ذلك فأن تفوق الأهلي وعلو كعبه على الزمالك في السنوات الماضية لم يفده بل خذله وكان بالاً عليه....
وفي المقابل، فان الزمالك استفاد من الضغط الهائل على الأهلي ومطالبات الجميع له بالفوز، وقرر أن يخوض المباراة بشكل مغاير ولو لمرة، ففي السابق كان يلعب ويعرف إنه سيخسر حتماً نتيجة انهزامية لاعبيه واحباطهم وعدم تصديق قدرتهم على تحقيق الفوز، أما الآن فالأوضاع تبدلت نوعاً ما، فظهروا في المباراة وقد تحل
|
|  |
| الزمالك لعب متحرراً من الضغوط | <td width=1> |
وا بالإصرار والعزيمة والروح متحررين من جميع الضغوط، فاذا انهزموا فقد صدقت التوقعات وحدث ما كان منتظراً، وإذا فازوا فكانت المفاجأة وكان الانتصار والرد على جميع المشككين.وتبعاً لما سبق يخطيء من يظن الزمالك هو الذي عانى من الضغوط نتيجة لوضعه السيء في المجموعة وحاجاته للفوز أو نتيجة لموقف الأهلي المتميز وضمانه التأهل قبل انطلاق اللقاء، بل بالعكس فالأوضاع المعاكسة وظروف الإصابات والإيقافات والترشيحات التي صبت في مصلحة المنافس وانتظار جماهيره لهزيمة جديدة استنفرته وحررته من كل الضغوط، وفي الوقت نفسه زادت من عصبية الأهلي المطالب من جماهير بألا يخسر أو يؤدي بشكل سيء أمام الزمالك بالذات فصدرت له القلق والتوتر ولعب محملاً بالضغوظ رغم إنه نظرياً كان متحرراً منها.
وبعيداً عن الأهداف والجوانب الفنية، شهد اللقاء صدمة كبيرة للجماهير المصرية بأكملها، وذلك بعدما توجه نجم الأهلي محمد ابو تريكة المعروف بتدينه وأخلاقياته العالية والملقب بـ "القديس" لجماهير الزمالك بعد إحراز هدف التعادل لفريقه واشار إليهم جميعاً بأن يصمتوا وذلك رداً على السباب الذي وجهته له الجماهير عقب هدف الزمالك الثاني.
ولأنه نجم خلوق لم ينتظر ابو تريكة طويلاً حتى يقدم اعتذاره لجماهير الزمالك عما بدر منه تجاههم، مؤكداً أن فعلته جاءت نتيجة للضغط العصبي وتعرضه للشتائم من قبل جماهير الزمالك، وإنه ليس ملا
|
|  |
| | <td width=1> |
كاً لكي لا يخطيء .. قد تكون تلك الكلمات قد أنهت الموقف والأزمة سريعاً بين اللاعب والجماهير البيضاء التي تعشقه كما يفعل الجميع في مصر والعالم العربي، ولكنها أسئلة تبقى مطروحة كيف تقع شخصية في تدين واخلاقيات ابو تريكة في مثل هذا الخطأ بينما استطاع جمال حمزة مثلاً أن يتجنبه رغم هتاف جماهير الأهلي المستمرة ضده؟، ولماذا يتحلى بعض اللاعبين بالروح الرياضية والاخلاق الحميدة وقت الإنتصارات فقط وكنهم يتناسوها بل وتغيب تماماً عن عقولهم في الأوقات الصعبة والعثرات؟
والواقع أن ما فعله النجم الكبير لم يكن بالخطأ الفادح بل هو أمراً عادياً يحدث في ملاعب كرة القدم كثيراً، ولكنه على الرغم من ذلك لم يكن عادياً بالنسبة لأبوتريكة ولن يكون كذلك أبداً.. فإذا كان أبو تريكة لاعباً عادياً كانت الجماهير ستضع الخطأ في حجمه الحقيقي ولن تبالغ في حزنها على خروجه بمثل هذا التصرف الغريب، أما وأن كان بالنسبة لهم هو "القديس" و"صانع الفرحة" و"أمير القلوب" و"تاجر السعادة" فالخطأ العادي يتحول إلى جريمة، والعتاب سيكون على قدر الحب.عموماً إذا اختارالجميع أن يلتمس الأعذار للنجم الكبير لخروجه عن شعوره في واحدة من المباريات القليلة التي تعرض فيها فريقه لأزمة أمام الزمالك خلال أربع سنوات، فأولى لهم ألا يكونوا أكثر قسوة مع آخرين تعرضوا لمواقف مماثلة، وليرفعوا القبعات للاعبي الزمالك الذين تعرضوا للخسائر المتتالية من الأهلي طوال الأربع سنوات الماضية ولم يخرج أحد منهم عن السلوك الرياضي إلا فيما ندر.
موضوع: "تفوق" الأهلي خذله و"اشارات" أبو تريكة صدمة للجميع 
الخميس 25 سبتمبر - 12:05
