عدد المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 21/09/2008 العمر : 37 الموقع : أتسلق جبال الهندسة المدنية رقم العضوية : 1735 Upload Photos : أهم مواضيعى :
موضوع: الغزو الصيني يواصل محو الجمال في خان الخليلي الخميس 25 سبتمبر - 12:13
الغزو الصيني يواصل محو الجمال في خان الخليلي
خان الخليلى
<td width=1>
رخيص السعر، عملي الاستهلاك، سهل البيع، لعل هذا هو أقصى ما يمكن أن تسمعه عن المنتجات الصينية التي تغزو كل متجر في مصر، فلا يمكن مثلا أن تسمع أنه رائع الجوهر أو تصميم مبتكر أو حتى يعيش طويلا، ومنذ فترة تغلغلت هذه المنتجات لتضرب حتى الصناعات اليدوية القيمة في مقتل.
فقد استطاعت البضائع الصينية ان تغزو اسواق خان الخليلى مما ادى الى إغلاق كثير من الورش التى تجذب اليها السائحين من كل مكان ليشاهدوا روعة الفن المصرى وتحولها الى محلات لعرض المنتجات الصينية مثل الفناجين والاطباق والميداليات التى لا تعبر عن اى مهارة او ذوق بقدر ما تعبر عن تطور الماكينة الصينية و توفر الامكانات والايدى العاملة
ويعد خان الخليلى بالقاهرة مظهر من مظاهر التفوق المصرى الذى يعبر عن روعة التراث الاسلامى وجمال الحضارة الفرعونية التى امتدت لاكثر من سبعة الاف سنة، حيث يمتلىء الخان بالورش التى تعمل بفن التطعيم بالصدف والنقش على النحاس وغيرها من التحف الشرقية التى تدل على مهارة الصانع المصرى الاصيل الذى انهار امام هذا الغزو للبضائع الصينية مما يهدد بالخطر على مستقبل السياحة ووفرة الايدى العاملة فى مصر.
وبالذهاب الى أحد أصحاب البازرات بالخان لتقصي الأمر .. استقبلني الحاج محمد زايد وقال لي أن المنتجات الصينية أصبحت تغزو الخان على الرغم من أن كلمة بازار –وهي كلمة فارسية- تعني "بوتيك شرقى" إلا أن المنتجات والتحف الشرقية التى يأتى السائحون من كل مكان ليشاهدوها بدأت تندثر، ويحل محلها المنتجات الصينية التى تتميز برخص سعرها وكثرة عددها وجودة شكلها الخارجى فقط مما دفع التجار فى السوق للاعتماد عليها فلا يهم التاجر إلا المكسب لأنه يدفع ضرائب باهظة وايجارات عالية وفواتير الكهرباء والتليفون المستفزة، لذلك لا يرى حرجاً من عرض المنتج الصينى طالما أنه يؤدى الغرض له كتاجر.
وأبدي الحاج زايد حزنه الشديد لذلك ولكنه يلتمس العذر لغياب المنافسة المصرية نظراً لغياب الدعم للصناع وارتفاع سعر الخامات وقلة العمالة وغياب الدور الحكومى تجاه تطوير هذه الصناعة.
انتقلت بعدها إلى بازار آخر والتقيت بصاحبه محمد محمود الذي كال الاتهامات على رأس وزارة الصناعة، وقال: أن تأخر المنتج المصرى ترجع لعدم فرض أى جمارك على هذه المنتجات الصينية مقابل عمولات يأخذها بعض المسئولين من المستوردين، وعدم الوقوف بجانب العامل المصرى وتسهيل الامكانات التى تساعده على التطوير.
ويسترسل قائلاً: إذا وقفت الحكومة أمام المنتجات الصينية فسوف ينتصر المنتج المصرى، والدليل على ذلك أن أحد أصحاب مصانع الكريستال المشهورين عندما دفع بعض العوملات لبعض المسئولين فى وزارة الصناعة لعدم دخول الكريستال الصينى استطاع أن يفرض كلمته، وتمكن من المنافسة لذلك يطالب بعدم دخول المنتجات الصينية فى السوق حتى يستطيع العامل المصرى أن ينافس بمنتجاته، كذلك يجب خفض الضرائب على تلك الصناعة.
استكملت جولتي .. دخلت إحدى ورش الاحذية الفرعونية التي قال صاحبها "سيد خشبة" أن الصين بدأت تمثل مشكلة كبيرة للصناعة فى مصر، وخاصة الصناعات اليدوية الصغيرة التى تقوم على خامات مستوردة يزيد سعرها يوما بعد يوم بسبب ارتباطها باحتكار المستوردين.
ويرى خشبة أنه كأحد الحرفيين لا يستطيع أن ينافس المنتج الصينى بسبب ضيق الامكانات وقلة العمالة المصرية رغم البطالة التى يشتكى منها المصريون، وطالب الدولة ووزارة الصناعة أن تراقب الخامات التى يستوردها رجال الأعمال، وأيضاً فرض الدعم على هذه الخامات حتى يستطيع المنتج المصرى أن يتغلب على هذا الغزو الصينى، معتبراً أن المنتج المصري قادر على منافسة الصيني فى أماكن كثيرة مثل دول افريقيا وآسيا إذا ما اتيحت العمالة والخامات والامكانات المساعدة فالمنتج المصرى له سمعته اذا توفرت له الظروف التى تسهل عليه عملية التصدير.
وفى احد الورش الاخرى التى تعمل فى التطعيم بالصدف تكلم معي أحمد حسين أحد الصناع المهرة من الجيل القديم قائلا أن أصحاب هذه الحرف الجميلة لا يعبرون عن البحث عن رغيف العيش فقط، ولكن هم يعبرون عن التراث الإسلامى الأصيل، وعن الحضارة الفرعونية والقبطية القديمة ، فالسائح يأتى من كل مكان ليشاهد الفن المصرى من خلال ورش التطعيم بالصدف والنقش على النحاس والفضة وصناعة التماثيل الفرعونية وصناعة الزجاج وا
مسجد الحسين
<td width=1>
لكريستال وغيرها.
ويرى حسين أن هناك خطر كبير يهدد الحرف اليدوية فى مصر بسبب عدم الاهتمام من الدولة بتدريب الشباب فى هذه الصناعات اليدوية الأصيلة، والنزول لهذه الورش لبحث المعوقات التى تقف أمامهم رغم أنها مصدر من مصادر جلب السياحة فى مصر، والتى تعد مصدر رزق للمصريين وحتى المساعدات التى تقدمها الحكومة لصغار الصناع من الحرفيين من خلال القروض التى يقدمها الصندوق الاجتماعي فهى غير كافية للنهوض بالصناعة اليدوية نظرا لكثرة الفوائد عليها.
ويعيب على وزارة الصناعة تهميش دورها فى البحث عن الأسباب التى أدت إلى هذا الغزو الصينى والتى يهدد حضاراتنا وفننا الأصيل فهو يطالب وزارة الصناعة بالرقابة على المستوردين وعلى الخامات التى يرى أنها لا تصلح للتطوير والنهوض بأهل الصناعة اليدوية.
وطالب بفرض الدعم الحكومى لهم نظرا لتدنى أجورهم .. فأمهر صانع فى هذه الحرف لا يتعدى أجره فى اليوم 25 جنيه رغم غلاء أسعار الخامات التى يعمل بها، وكثرة عدد الساعات التى يعملها والتى تزيد عن 14 ساعة مما دفع أغلب العمال المهرة للعمل فى مجالات أخرى، هذا فضلا على احتكار المستوردين للخامات وغشهم لها وتحكمهم فى جودتها مع جودة المنتج الصينى فى الشكل الخارجى فقط الذى يخدع الزبون.
تحدثت أيضا مع عمر عبد العال صاحب ورشة التطعيم بالصدف الذي كان له رأيا مختلفا وهو أن المنتج الصينى لا يستطيع أن يهدد الفن اليدوى فى مصر بالرغم من انتشاره فى الاسواق، وذلك لأن الفن اليدوي يعبر عن الجهد والمعاناة التى يجدها صانع منتجات الصدف والبراويز وغيرها حتى يخرج منتجه للنور فهذا المنتج يمر على خمسة ورش ويجب فيه الصبر والدقة حتى يصبح متميزاً، أما المنتج الصينى فهو يعتمد فى الأساس على الطباعة والماكينات التى تنتج أعداد دون أن تعبر عن حضارة أو أى شيئ.
مع ذلك يرى عبدالعال أن هناك ظلم من الدولة ومن وزارة الصناعة المصرية فلا يوجد أدنى إهتمام بصغار الصناع وأصحاب الحرف اليدوية ولا يوجد أى مراقبة على الخامات التى يعملون بها فهم يتركوهم لجشع المستورد الذى لا يبحث إلا عن أسوأ الخامات دون أن يراقبه أحد.
بعد لقاء أصحاب البازارات والورش كان لابد أن نتعرف على رأي المتخصصين حيث شدد الخبير الاقتصادى حمدى عبد العظيم علي اتخاذ الأجهزة الرقابية بالدولة "الجمارك والغرفة التجارية وجهاز حماية المستهلك" الإجراءات اللازمة للتصدي للغزو الصيني و السيطرة علي محاولات تهريبها والمطالبة بـ "شهادات المنشأ" للبضائع المستوردة .
ونوه أنه في بعض الأحيان تتسرب البضائع الصينية إلي داخل الدولة بطرق غير مشروعة"مهربة" مما يعني مزيدا من الأرباح لمهربيها لعدم تحملهم أية نفقات نظير دخول هذه البضائع إلي البلاد من مصاريف شحن وتفريغ إلي أخر هذه المصروفات .
معروضات خان الخليلي
<td width=1>
وشاطر خالد أبو إسماعيل رئيس اتحاد الغرف التجارية السابق د. حمدي عبد العظيم الرأي مناديا بضرورة ضبط السلع المهربة علي الحدود ومنع دخولها البلاد منذ البداية , مشيراً إلي أن البضائع التي تتدخل البلاد بالطرق الشرعية تتبع السوق الحرة نافيا وجود قانون يمنع تداولها بالسوق المصري.
ويحدد د. مصطفي زكي رئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية اسباب أغراق السوق المصرية بالسلع الصينية منها قيام بعض التجار بشراء بضائع رديئة بسعر منخفض من الصين بهدف تحقيق ارباح طائلة, كما يتوافد علي مصر بعثات تجارية من الصين ورجال الأعمال بغرض تسويق منتجاتهم, بالاضافة الي استغلال الصينيين المقيمين بمصر في تصريف بعض البضائع في المنازل المصرية وبهذا يتم اغراق السوق المصرية, أيضا ارتفاع التعريفة الجمركية في مصر تؤدي الي انتشار ظـاهرة التهريب والتي تضر بسلع مصرية كثيرة وخاصة السلع ذات الطابع الاستهلاكي, هذا بالاضافة الي أن الصين تنافس بالاسعار معظم المدن العالم, حيث أن لديها انتاجا يتمتع بالضخامة, فكلما زاد حجم الانتاج انخفضت التكلفة وهذا ماجعلها تقتحم الاسواق بالاضافة الي انخفاض تكلفة الايدي العاملة ايضا مما يؤدي الي انخفاض تكلفة السلع.
وتشير احصاءات وزارة التجارة الخارجية الي أن الواردات المصرية من الصين اتجهت الي التزايد المستمر بصورة ملحوظة اعتبارا من عام2002, فقد بلغت قيمة الواردات المصرية من الصين645.6 مليون دولار عام2002 ثم اصبحت2003 ماقيمته626.7 مليون دولار قفزت2004 لتصل الي791.8 مليون دولار بنسبة زيادة26% واستمرت الزيادة حتي بلغت عامي2005/2006 نحو1095.2 مليون دولار,1485.6 مليون دولار بنسبة زيادة38%,36% علي التوالي, كما بلغت الواردات المصرية من الصين خلال الفترة من يناير حتي مارس2007 وما قيمته480.3 مليون دولار.
وبالرغم من هذا يقف الكل مكتوف الايدى امام هذا الخطر الذى يهدد حضارة سبعة الاف سنة والتى اثارها ما زالت شامخة حتى الآن لدرجة ان الصحابة اثناء الفتح الاسلامى لمصر بقيادة عمرو بن العاص ابدوا تعجبهم لروعة المعمار والفن المصرى فكتبوا اسماءهم على حجارة الاهرامات وجدران المعابد.