نظرًا لأهمية الصيام في آفاق العبادة، وفي صقل النفس، وإيقاظ همتها وتربيتها على الحق والخير والكمال. ونظرًا لحرص الإسلام على استكمال هذه العبادة وأدائها في أعلى صورها؛ فقد جعل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة اتباع صيام شهر رمضان بصيام ستة أيام من شهر شوال بعد يوم عيد الفطر حتى تكون بمثابة جبر ما عساه يكون قد وقع في صيام رمضان من خلل أو قصور. فمن فعل ذلك كان أتم لصومه، وأكمل لعبادته، وأنقى له من ذنوبه، بل من وفق إلى هذا أُعطي الخير كله. قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال فذلك صيام الدهر" رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي. وقال ابن عباس رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفطر أيام البيض في سفر ولا حضر" ذكره النسائي. وعن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" رواه ابن ماجه. والمعنى أن من واظب على صيام رمضان وستة أيام من شوال في كل سنة فكأنما صام طول حياته: أما من صام رمضان وستًّا من شوال فكأنما صام سنة واحدة، لأن الحسنة بعشر أمثالها، ورمضان بعشرة أشهر، والأيام الستة بشهرين. والأفضل عند الحنفية والشافعية صومها متوالية أي عقب يوم الفطر بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم أتبعه ستًّا من شوال) لكن إن فرقها أو أخرها عن أول شوال، فقد حصل أصل السنة. وقال الإمام أحمد: يستوي التتابع وعدمه في الفضل والثواب. إن صوم ستة من شوال هو رسالة إلى نفسك وشهواتك ورغباتك وقيمك بأنك متواصل العهد مع الله في رمضان وفي غيره من الشهور. إنها رسالة وفاء لدينك من أنك ستظل مع القرآن، ولن تهجره وستظل مداومًا على الصلاة ولن تتركها. وستظل على صوم نفسك وجوارحك عما يغضب الله في رمضان وغيره من الشهور رسالة أنك ستحافظ دومًا على أعظم نعمة رزقك الله إياها (نعمة الإسلام). تقبل الله منا ومنكم. |