eng_ghost مراقب عام المنتديات والحوار العام ومنتدى الهندسة المدنية
عدد المساهمات : 4632 تاريخ التسجيل : 16/04/2008 العمر : 38 الموقع : just in my dreams ,, i can reach any place رقم العضوية : 1036 Upload Photos :
| موضوع: مقالة علاء الاسوانى : لماذا يتحرش المصريون بالنساء ..؟ الأربعاء 22 أكتوبر - 18:48 | |
| مقاله علاء الأسوانى (( جملة إعتراضية )) فى جريدة الدستور بتاريخ 22 أكتوبر 2008 لماذا يتحرش المصريون بالنساء ..؟
الإجابه التقليدية لهذا السؤال تقول :
إن النساء برغم كونهن ضحايا التحرش الجنسى إلا إنهن أنفسهن المتسببات فى حدوثه , لأنهن يرتدين ملابس ضيقة أو عارية تثير شهوة الشباب مما يدفعهم إلى التحرش بهن .. وهذا الكلام يحمل فى الواقع مغالطة كبرى ومنطقا معوجا , وكأن المرأة يجب أن تتحمل الذنب دائما حتى عن الأخطاء والجرائم التى ترتكب فى حقها .. أو كأن هؤلاء الشباب مجرد حيوانات ليس بمقدورهم التحكم فى غرائزهم فما أن يلمحوا إمرأة فى ثوب ضيق حتى يثبوا عليها وينتهكوها فورا .. على أن هذا المنطق الظالم الذى يلوم الضحية قد تهاوى مؤخرا وتبين أنه عار تماما عن الصحة .. فقد أثبتت الدراسات أن أكثر من 75% من السيدات اللاتى تعرضن للتحرش الجنسى فى مصر من المحجبات , بل أن الفيلم المتاح على الإنترنت الذى يصور واقعة التحرش الجماعى التى حدثت فى وسط القاهرة منذ عامين , يكشف لنا كيف نهش المتحرشون عرض فتاة كانت ترتدى الإسدال الذى يغطى جسدها كله ... أضف إلى ذلك أن المجتمع المصرى ظل حتى نهاية السبعينيات يتقبل إجتماعيا فكرة أن ترتدى المرأة مايوها يكشف عن أجزاء من جسدها أمام الرجال , وكانت الشواطىء وحمامات السباحة فى الأندية كلها تشهد آنسات وسيدات ينزلت إلى المياه بالمايوهات بدون أن يتحرش بهن أحد , بل أن الموضات التى إنتشرت فى تلك الفترة مثل المينى جيب والميكروجيب كانت تكشف عن ساقى المرأة وكانت نساء كثيرات فى مصر ترتدين تلك الملابس فى أماكن العمل والدراسة وفى المواصلات العامة وكانت الملابس القصيرة آنذاك تثير حفيظة المحافظين من الناس لكنها لاتدفعهم أبدا إلى التحرش بالنساء .. المؤكد إذن أن التحرش الجنسى مرض وافد على المصريين ولم يكن موجودا – كظاهرة – فى مصر قبل ثلاثين عاما .. كما أن الحافز إلى التحرش الجنسى أبعد بكثير من الملابس الضيقة أو العارية .. إن ظاهرة تحرش المصريين بالنساء , التى إستفحلت فى الآونة الأخيرة تحمل بلاشك أبعادا إجتماعية وإقتصادية عديدة : فهناك الكبت الجنسى وتأخر سن الزواج والبطالة والفقر وإنتشار العشوئيات والإحباط والفراغ والإحساس بإنعدام العدالة , كل هذا فى رأيى عوامل مهمة لكنها مساعدة , أما السبب الأصيل فى رأيى لإنتشار التحرش الجنسى فهو تغير نظرتنا إلى المرأة .. فعبر التاريخ الإنسانى كانت هناك طريقتان للتفكير فى المرأة : الطريقة المتحضرة تعتبر المرأة كائنا إنسانيا حدث أنه أنثى , كما أن الرجل كائن إنسانى حدث أنه ذكر , وهذه النظرة المتحضرة تعترف للمرأة بكل طاقاتها وقدراتها الإنسانية ولا تختصرها فى كونها أنثى وهى بالتالى تتيح مجالا واسعا للتعامل الإنسانى المحترم فطبقا لهذه النظرة سوف يتعامل الرجل مع زميلته أو تلميذته أو أستاذته فى الجامعة بإعتبارها إنسانا وليست مجرد أنثى يشتهى مضاجعتها .. أما الطريقة المتخلفة لرؤية المرأة فهى تختصرها فى كونها جسدا يشتهية الرجل وهى تعتبر أن المرأة أولا وأخيرا أنثى , أداة متعة ووسيلة غواية وماكينة لإنجاب الأطفال , وأى نشاط للمرأة خارج وظائف الأنثى يظل فرعيا وهامشيا . والحق أن مجتمعنا المصرى , منذ القرن التاسع عشر , قد قطع شوطا كبيرا ومبكرا فى التحديث , وبالتالى تمتع المصريون مبكرا جدا بنظرة متحضرة تحترم إنسانية المرأة . وقد كانت المرأة المصرية رائدة النساء فى العالم العربى , كانت أول من تعلمت وأول من توظفت وأول من قادت السيارة والطائرة وأول من دخلت البرلمان وأول من شغلت منصب وزيرة بين نساء العرب . وقد سادت فى مصر نظرة متحضرة تحترم آدمية المرأة حتى أوائل الثمانينيات , حين تعرضت مصر لموجة عاتية من الفكر السلفى الوهابى , الذى يقدم رؤية مختلفة تماما للمرأة . فالمرأة فى نظر السلفيين جسد أولا وأخيرا وأكثر ما يشغلهم هو تغطية هذا الجسد . (( منذ أيام دعا شيخ سعودى بارز النساء المسلمات إلى إرتداء النقاب بعين واحدة درءا للفتنة وحماية للأخلاق )) . هذه النظرة التى تلخص المرأة فى كونها جسدا تجعل منها تلقائيا غنيمة جنسية محتملة فى أى وقت , وهى تعتبر المرأة كائنا بلا إرادة أخلاقية تقريبا فلابد أن يصحبها دائما رجل من أهلها ليحميها من الآخرين ومن نفسها أيضا .... وبالتالى فإن إعتبار المرأة مجرد جسد يدفع بإتجاه إستهدافها فى أول فرصة يأمن فيها المتحرش من العقاب ... إن النظرة المتخلفة للمرأة المنتشرة الآن فى مصر تم أستيرادها للأسف من مجتمعات بدوية صحراوية كانت مصر متقدمة عنها بشوط كبير فى كل المجالات الإنسانية , وبدلا من أن نساعد هذه المجتمعات على التقدم الإنسانى أصابتنا عدوى أفكارها المتخلفة . إن الشباب الذين يخرجون فى الأعياد ليتحرشوا بالنساء فى الشوارع , يطبقون ببساطة ما تعلموه عن المرأة , فإذا كانت المرأة مجرد جسد , وإذا كانت لاتمثل إلا الشهوة واللذة , وإذا كانت مصدر الغواية , فلماذا لاينتهكها كل من يأمن العقاب ؟! وقد إلتقت جريدة (( المصرى اليوم )) بعض المتحرشين فأكدوا جميعا أن أى إمرأة تنزل للنزهة يوم العيد تريد أن يتحرش الشباب بها ... وهذا المنطق مطابق تماما للنظرة السلفية المتخلفة للمرأة . فالمرأة تحمل الغواية فى دمها وإن تظاهرت بالعكس , وعلى الرجل أن يحرس حريمه بمنتهى الحذر , أما المرأة التى تخرج وحدها فى يوم مزدحم فليست إلا ساقطة تريد من الشباب أن يتحرشوا بها جنسيا .. لقد إستبدلنا بنظرتنا المتحضرة للمرأة نظرة متخلفة تتستر بالدين الذى هو فى الواقع برىء منها .. ولقد بدأنا ندفع ثمنا باهظا لهذه الأفكار المتخلفة . قبل أن ندعو الشباب إلى عدم التحرش بالنساء علينا أن نعلمهم أولا كيف يحترمون المرأة ؟ . علينا أن نكف عن مناقشة ماذا ترتدى المرأة وماذا تخلع ؟ وإذا كان يجب أن تغطى أذنيها أو تترك خصلات شعرها متدلية ... علينا أن نكف عن هذه النظرة المتخلفة المهّوسة فى الواقع بجسد المرأة وإن دعت إلى تغطيته وتظاهرت بالتقوى ... علينا أن نستعيد أفكارنا المصرية المتحضرة وأن نتذكر أن المرأة هى الأم والأخت والإبنة . وهى كائن مساو للرجل تماما فى القدرات والحقوق والواجبات .. علينا أن نبرز لهذا الشباب نماذج لنجاح المرأة المهنى وتميزها العقلى , يجب أن يتعرفوا على المرأة الطبيبة والمهندسة والقاضية ... وعندئذ يدركون أن المرأة لديها إمكانات إنسانية حقيقية أهم بكثير من جسدها ... وعندئذ , فقط , سيكفون عن التحرش بالنساء فى الشوارع . [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|