محمد الجزار مهندس نشيط
عدد المساهمات : 203 تاريخ التسجيل : 24/11/2007 العمر : 34 الموقع : اسوان وسحر الجنوب رقم العضوية : 312 Upload Photos : أهم مواضيعى : قول انت مصري
صدااااااااااااااااااااااااااااااع
حصريا على منتدانا
| موضوع: لحظة صدق الخميس 18 ديسمبر - 21:32 | |
| اقدم لكم زملائي اليوم مقال من مقالات الكاتب الكبير ابن الصعيد البار عن الرئيس الشهيد الراحل صدام حسين من مجموعة مقالات له سوف نتابع عرضها مستقبلا[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لحظة صدق
لم أقابله مرة واحدة في حياتي، فقط كانت مصافحة عابرة في الثمانينيات ضمن وفد رسمي مصري سافر إلى بغداد، لم أكتب عنه شخصيا كلمة واحدة وهو في قمة السلطة، لكنني الآن أجد نفسي في الخندق معه، في مواجهة أمريكا وفي مواجهة إسرائيل. بوش استباح أرض بلادي، قتل شعبي، سرق ثرواتي، دمر حضارتي، نهب تراثي، لكنه ينصب قاضيا وملهما رغم أنف الجميع. شارون يذبح شعبي، يسلب أرضي، يدنس مقدساتي، يغتال الأحلام في عيون أطفالي، ومع ذلك يبقي هو رجل السلام الأول في نظر بوش، تفتح له الأبواب ويقدم إلى العالم وكأنه الضحية وليس الجلاد. منذ أيام قليلة كان شارون أول من يعلم بخبر القبض على صدام، لقد هنأه بوش دونا عن الآخرين، نعم ومن يستحق التهنئة أكثر من شارون؟! كان شارون ينتظر اللحظة، والآن حانت اللحظة، سافر سرا إلى بغداد وهناك راح ينام علي سرير صدام على وعد بأن يرسلوا إليه صدام إلى تل أبيب ليخضع لاستجواب رجال الموساد.. لا أريد أن أناقش صفحات قديمة، فالتاريخ سيكتب في يوم ما، والحقائق ستظهر جلية واضحة بعيدا عن رائحة النفط والدولارات والدنانير التي اشتروا بها جوقة من الكذابين والمرتزقة والمنافقين. يا من تنعمون بالديمقراطية والتحرر في عالمنا العربي، يا من تغوصون حتى النخاع في عسل النزاهة والشفافية: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر!! صدام ليس نبيا والآخرون ليسوا آلهة، لكن صدام رفض الخنوع حتى اللحظة الأخيرة، صمد على مدى سنوات طوال، أكثر من 750 ألف طن من القنابل والمتفجرات، عشرات الألوف من الغارات التي تقتل الأبرياء، حصار ظالم استمر لأربعة عشر عاما، لكنه بقي كفرسان العصور الوسطي، يرفض الخنوع.. حاول أن يجنب شعبه، استمع إلى نصائح الآخرين وفتح كل الأبواب، لكن أمريكا وإسرائيل كانتا له بالمرصاد، مؤامرات بأيد أجنبية وعربية، ادعاءات زائفة وأكاذيب مضللة، وكان الهدف أكبر من العراق وأكبر من صدام. لم تكن المؤامرة نتيجة حدث طارئ، أو حرصا من أمريكا على السلام والاستقرار، لكنها كانت خطة تتعدى حدود العراق إلى المنطقة بأسرها.. وها هو قانون محاسبة سوريا ينطلق قبل أن تجف الدماء على أرض الرشيد، والقائمة طويلة وهلم جرا. أبا عدي: من هنا، من قاهرة المعز، أكتب إليك كلماتي وأنت سجين في غرفة مظلمة، وتحت سوط الجلاد، لن تفيدني ولن تضرني، ولكن صدقني إن لم أكتب، إن لم اطلق حنجرتي فسأموت كمدا وحسرة علي نفسي.. هذا ليس حالي أنا فقط يا أبا عدي، هذا حال ملايين العرب والمسلمين الذين شعروا بالألم والمهانة وهم يرونك مخدرا تحت قبضة الكفار الذين لا يرحمون. أنت لا تدفع ثمن تجاوزات وأخطاء تعج بها ساحتنا العربية، أنت تدفع ثمن عنجهيتك في مواجهة السادة الأمريكيين والإسرائيليين، كيف تجرؤ علي بناء جيش قوي يقاتل رغم الحصار؟ من أين أتيت بكل هذا السلاح والمنافذ كلها مغلقة؟ وكيف جرؤت في يوم ما علي التفكير، مجرد التفكير، في امتلاك أسلحة الدمار الشامل والقنبلة النووية؟ هل ظننت أن إسرائيل ستسامحك علي تطاولك في يوم ما؟ لقد كنت الوحيد الذي وجه صواريخه إلي قلب تل أبيب، لم تهتز، لم تتراجع، فحاسبوك بأثر عكسي منذ أن قلت إنك مستعد أن تحرق نصف إسرائيل. كنت الوحيد الذي جرؤ علي أن يشكل جيشا شعبيا من ستة ملايين ويعلن أنه يعده ليوم تحرير القدس، لم تسم المقاومة إرهابا، بل قررت وأنت محاصر أن تمنح عائلة كل شهيد فلسطيني خمسة وعشرين ألف دولار رغم أنف الجميع. الشعب الفلسطيني البطل ينطلق في مظاهرات عارمة، يرفع صورك فوق الأعناق، فلماذا تهتم بفحيح الأفاعي وأصوات العملاء والمخادعين؟ هل هم أشرف من عبدالعزيز الرنتيسي الذي وقف ليقول كلمة حق لصالحك في مواجهة التتار؟ يا سيدي، أنت لم تغادر بلدك، كان بإمكانك أن تقبل العرض الروسي، وأن تخرج أنت وأسرتك لتعيشوا بعيدا، لكنك قررت البقاء في أرضك وليس أمامك سوي خيار من اثنين: إما الموت وإما الشهادة. كنت تعرف أن أسرتك ستشرد، وأن بناتك قد لا يجدن شظف العيش، كنت تدرك أن أحفادك سيمضون إلي المجهول، كان بإمكانك أن تدفع أبناءك للهروب، لكنهم بقوا معك، وكانت معركة قصي وعدي وحفيدك مصطفي ملحمة تكفر كل الخطايا والذنوب. استشهد ولداك وحفيدك، كان الألم باديا علي صوتك الذي راح ينعي، أدرك أنك بقيت أياما والطعام لا يعرف الطريق إلي جوفك، لكنك لم تهتز ولم تستسلم، بل بقيت تبث الحماس في النفوس وتتوعد المحتلين بمزيد من الضربات. بعت حياة القصور وارتضيت بحياة القبور، لكنك إنسان لا تعرف سوي طريق الكرامة، منذ عملية الهروب الكبير في نهاية الخمسينيات، تاريخ متصل، وشجاعا نادرة، وإيمان حقيقي بثوابت الأمة. شوهوا تاريخك، تجاهلوا المخاطر التي كانت تحيق ببلدك، حتي الذين خانوا وتمرودا وسعوا إلي الانفصال، أصبحوا اليوم ضحايا اضطهادك وعنفك وتجاوزاتك.. كان مطلوبا منك أن تركع لكل ما هو أمريكي، وأن تقبل بمعاهدة للاستسلام مع العدو الصهيوني، لكنك أبيت، وتحدثت بمنطق الشعارات عن الأمة المجيدة وفلسطين الحبيبة، وكان عليك أن تكون واقعيا وأن تقبل الأيادي والأقدام. كان مطلوبا منك أن ترهن الثروة النفطية لدي سيد البيت الأبيض، فغيرك فعلها إيمانا بالمفاهيم التي تسود وحرصا علي المليارات المكدسة في بنوك الخارج، لكنك كنت تحدثنا دوما عن الاستقلال وتوزيع الثروة، وكلها مصطلحات عفٌîي عليها الزمن منذ وقت بعيد. كنت صاحب تاريخ نضالي طويل، مثقفا واعيا لديك قدرة مبهرة علي الجدل والإقناع، وكنت عنيدا لا تهزك التهديدات ولا القنابل أو الصواريخ، لذلك نالك الحقد وأصبح انتظار ساعة الخلاص منك حلم الكثيرين. كنت تحدثنا عن الوحدة العربية ومجالس التعاون، كنت تحرج شيوخنا وأمراءنا وتتساءل بسخرية عن علاقتهم بماما أمريكا، وعن ممارساتهم وأموالهم في الغرب، وكان ذلك خروجا علي المألوف وسياسة تبويس اللحي ونظم قصائد الغزل في طويل العمر. لقد أثرت الخوف في نفوسهم بصمودك يا أبا عدي علي مدي سنوات طوال هي عمر الحرب مع إيران، ثم فترة الحصار بعد الانسحاب من الكويت، رحت تعيد البناء في شهور، تصمد رغم طوفان الحرب المدمرة. خرجت علي المألوف ورحت ترعي العلم والعلماء، بنيت قاعدة من أكفأ علماء العالم، وهؤلاء هم الخطر الحقيقي علي أمريكا وإسرائيل لذلك كان يجب أن تذهب حتي يغتالوهم الواحد تلو الآخر فتجتث العقول ويزول التهديد. فتحت أبواب بلادك للعرب وللمصريين بلا تأشيرة، تدفق الملايين وأقمت لهم القري الزراعية وحملت كاهلا كبيرا عن مصر، كنت تسخر من نظام العبودية.. نظام الكفيل، وكنت تتساءل عن معني العروبة والهم الواحد، لذلك تخلصوا منك لأن السيد بول بريمر هو الأكثر حرصا، فكان من أوائل قراراته منع المصريين من دخول العراق إلا بتأشيرة من السفارة الأمريكية. تجاوزت الحقائق، وقلت إن العراقي عربي، بعثت بقواتك في حرب أكتوبر، وقلت إن مصيرنا واحد، ثم اتضحت الحقيقة، فالعراق ليس عربيا وإنما هو خليط من ثقافات وطوائف وأعراق، لذلك جاءوا بمن هو مستعد لتقسيم البلاد والإقرار بالحقائق. هل رأيت كيف هم ديمقراطيون؟ بالأمس استهجنوا عرضك لصور ثلاثة من الأسري واليوم أظهروك وكأنك بقرة علي حد تعبير الفاتيكان الذي كان أشد تعاطفا من إخوتك وأشقائك من حكام العرب والمسلمين. والآن بعد أن اعتقلوك هل حققوا الديمقراطية؟ هل أنهوا مشاكل وأزمات العراق؟ والإجابة عند سيدنا ومدبر أمورنا والحريص علي مصلحتنا جورج بوش الثاني كرم الله وجهه. يا سيدي الرئيس، أنت الشرعي وهؤلاء جوقة من العملاء، هؤلاء مصيرهم إلي مزبلة التاريخ وسيسحقون بالأقدام بعد أن يؤدوا الدور المطلوب منهم علي أرض العراق. لا تبتئس كثيرا، قد يقتلونك، قد يعدمونك، قد يبقونك أبد الدهر رهين الأسوار، لكن حتما سوف تأتي لحظة ما يندم فيها كل المخدوعين. العراق لن ينساك فالمظاهرات تنطلق في كل مكان، هل هناك شعب يتصدي للرصاص من أجل مستبد وقاتل؟ أنت في ضميرهم، وهذا الزحام لا أحد! العراقيون هم الحكم وليس جورج بوش، والعراقيون كانوا يخرجون في مظاهرات بالملايين ومسلحين في عهدك ولم تنطلق رصاصة واحدة. كان الأمن مستقرا، وكانت لقمة العيش متوافرة، أما الآن فيكفي أن من يحكمون العراق هم من صنيعة الاستخبارات الأمريكية وبعضهم مطلوب للعدالة بتهم عديدة وليست اللصوصية فقط. سيادة الرئيس.. نم قرير العين، أعرف أنك تعيش مخدرا طول الوقت، أدرك أنك تتألم علي شعبك، لكنك ترفض حتي مجرد الاستجواب من قبل الزنادقة والمجرمين. يحاولون ترهيبك وإغراءك، يطلبون منك أسرارا عن علاقتك بحكام آخرين حتي يفتحوا ملفاتهم جميعا، يريدونك أن تساعدهم، يطلبون معرفة أين اختفت الدبابات والطائرات، يريدون معرفة أسماء خريطة المقاومة الباسلة، لكنك ترفض بإباء منقطع النظير. توجه إليهم الشتائم وتبصق علي الوجوه، يعذبونك فتزداد عنادا، يوجهون إليك الإهانات فتزداد صلابة.. لذلك أصبحت رمزا في زمن الخصيان والعبيد. لن أقول وداعا يا أبا عدي، فمن رحم الأزمة ينبعث فجر جديد، فجر أمة لا تعرف الطريق إلي الهوان والاستسلام.. في لحظة ما من عمر الزمن سنعيد قراءة التاريخ وسنمضي إلي قبرك لنضع زهرة أنبتت شعارا خالدا : أمة عربية واحدة رغم أنف الحاقدين. مصطفى بكري
| |
|