فلسطين 2008 .. حصار خانق .. واجتياح حدود .. وتهدئة منهارة غزة على مشارف مواجهة عسكرية بين اسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية - ا ف ب
مر عام 2008 ثقيلا على فلسطين، حيث عانى قطاع غزة من حصار إسرائيلي خانق وغارات إسرائيلية شبه متواصلة فيما لم تسلم الضفة الغربية المحتلة من توغلات واعتقالات للنشاء الفلسطينيين إضافة إلى استمرار الاستيطان واعتداءات المتطرفين اليهود.
اجتياح حدود .. وتوتر في العلاقات
وفي بداية شهر يوليو عاد الهدوء لمعبر رفح الفاصل بين مصر وغزة بعد ساعات من محاولة فلسطينيين محتشدين امامه اقتحام البوابة باتجاه مصر.
وسيطرت مصر على الموقف بعدما استدعت مزيدا من قوات الامن المركزي وقوات مكافحة الشغب لمنع اقتحام الحدود التي تفصل بين رفح المصرية والفلسطينية.
واستعملت القوات المصرية خراطيم المياه لتفريق الفلسطينيين المحتشدين أمام المعبر، وفي المقابل قام شبان فلسطينيون بالرد بإلقاء الحجارة على الجنود المصريين، ثم تبادل الطرفان الرشق بالحجارة.
كما وقعت مصادمات بين الشرطة المصرية وفلسطينيين محتجزين في مطار العريش حاولوا الخروج من صالة المطار اصيب فيها عدة اشخاص وحطم فلسطينيون نوافذ الصالة عدما اشتكوا من نفاد اموالهم ونقص الغذاء والامدادات الطبية بعد اسابيع قضوها عالقين في المطار.
من جانبه قال سامي ابو زهري القيادي في حركة حماس ان الحركة ترفض ما شهده المعبر من أحداث وأكد ان هذه الأحداث هي أمر عفوي وغير مقصود.
لكنه طالب مصر بإعادة فتح معبر رفح بشكل طبيعي او على الاقل بشكل مؤقت حتى يتم تخفيف معاناة الفلسطينيين.
وفي يونيو تقطعت السبل بخمسة ألاف فلسطيني في مدينة رفح المصرية وعانوا لأسابيع من ظروف معيشية قاسية بعدما اغلق معبر رفح في وجههم.
ونشرت مصر مئات من قوات الشرطة الإضافية على حدودها في نفس الاسبوع خشية أن يحاول نشطاء فلسطينيون اقتحامها بعدما طالب نحو 500 متظاهر فلسطيني في العريش بإعادة فتح المعبر.
وفي العاشر من فبراير عززت السلطات الأمنية المصرية من تواجدها على الحدود بين مصر وقطاع غزة.
وأغلقت مصر الحدود في التاسع من فبراير أمام الراغبين في دخول أراضيها بعد أن سمحت لمئات الألوف من الفلسطينيين بالعبور إلى شبه جزيرة سيناء خلال يناير بعد حوالي أسبوعين من قيام متشددي حركة حماس بإحداث فتحات في الحاجز الحديدى المقام عليها باستعمال المتفجرات.
وأعادت مصر ألوف الفلسطينيين من أراضيها الى قطاع غزة في مجموعات منظمة.
وبعد يوم من إغلاق الحدود قتل فلسطيني وأصيب أربعة آخرين فيما أصيب نحو 46 شرطيا مصريا في اشتباكات بين قوات حرس الحدود المصرية ومتشددين فلسطينيين عند بوابة صلاح الدين الحدودية.
ونفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن لها اي دور في القتال.
وصرح مسئول أمني مصري بأن مصر بدأت تعزيز إجراءاتها الأمنية على الحدود مع قطاع غزة بعد تهديدات عن إمكانية قيام حركة حماس بخطف جنود مصريين لمبادلتهم بعناصر الحركة المحتجزين في مصر.
وفي في 23 يناير 2008 تدفق مئات الالاف من الفلسطينيين على مصر بعد ان دمر ناشطون فلسطينيون بالمتفجرات اجزاء من السياج الفاصل بينها وبين قطاع غزة لكسر الحصار الاسرائيلي الكامل للقطاع.
وكسر عشرات الآلاف من الفلسطينيين الحصار وتدفقوا على مدن رفح والعريش والشيخ زويد في شمال سيناء.
وتهافت الفلسطينيون على شراء مواد اساسية غذائية وتموينية كادت ان تنفذ من غزة بسبب الحصار الذي فرضته في 17 يناير 2008 على قطاع غزة في محاولة لوقف عمليات اطلاق الصواريخ على اراضيها من هذه المنطقة.
وقدر تجار ومسؤولون مصريون الصفقات التجارية التي تمت بين تجار فلسطينيين من غزة وتجار مصريين خلال اسبوعي فتح الحدود بين مصر والقطاع بحوالي 250 مليون دولار .
وأبرم تجار من مختلف محافظات مصر حضروا بشاحناتهم المملوءة بالبضائع مئات الصفقات العاجلة مع تجار فلسطينيين من غزة.
وتوترت العلاقات بين مصر وحركة حماس بشكل ملحوظ بعد اقتحام الحدود المصرية.
وحذرت مصر الفلسطينيين من أي محاولة جديدة لاقتحام حدودها مع قطاع غزة وقال وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط من أن بلاده لن تسمح باقتحام حدودها ثانية.
وقال ان "من سيكسر خط الحدود المصرية ستكسر قدمه".
كما أكد مجلس الشعب أن أمن مصر وحدودها فوق اى اعتبار، وندد باقتحام الفلسطينين لحدود مصر.
كما قتل فلسطيني وجرح 11 اخرين بينهم ثمانية شرطيين مصريين بالرصاص في مواجهات وقعت في الخامس من فبراير بين قوات الامن المصرية وفلسطينيين على الحدود بين قطاع غزة ومصر عندما رد رجال الشرطة المصريين على رصاص مسلحين خلال تظاهرة شارك فيها نحو الفي فلسطيني احتجاجا على اعادة اغلاق الحدود.
وبدات الاحداث عندما القى متظاهرون معظمهم من المراهقين والاطفال الحجارة على قوات الشرطة المصرية في الجانب الفلسطيني من مدينة رفح الحدودية ورد رجال الشرطة المصرية الذين كانوا يحملون دروعا تحميهم باطلاق اعيرة نارية معظمها في الهواء وغازات مسيلة للدموع كما القوا حجارة ايضا باتجاه الفلسطينيين.
وقالت مصر ان الصدامات اندلعت بعد ان قامت "مجموعات مسلحة من الفلسطينيين بمحاولات لاختراق الحدود الدولية عند معبر رفح من خلال ثغرات جديدة للدخول إلى الاراضي المصرية".
واضافت ان الفلسطينيين "قاموا باطلاق النار ورشق القوات المصرية بالحجارة إلا أن القوات المصرية تصدت لهم ومنعتهم من اختراق الحدود او الدخول الى الاراضى المصرية".
مواجهة عسكرية تلوح في الافق
وقبل انتهاء العام اعلنت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الثامن عشر من ديسمبر انتهاء وقف اطلاق مع اسرائيل في قطاع غزة والذي توسطت فيه مصر واستمر ستة اشهر مما اثار احتمال حدوث تصعيد في القتال عبر الحدود.
وقال ايمن طه مسؤول حماس ان التهدئة انتهت لان "العدو الصهيوني " لم يف بالتزاماته بتخفيف الحصار عن قطاع غزة وبوقف كل الهجمات.
وذكرت حماس وفصائل اخرى في غزة انها مستعدة لاي تصعيد عسكري مع القوات الاسرائيلية ولغارات اسرائيلية محتملة داخل اراضي القطاع وقالت ان مسلحيها أجروا تدريبات عسكرية خلال فترة الهدنة التي استمرت ستة اشهر.
وقالت كتائب القسام ان اي توغل اسرائيلي سيفتح أبواب المعركة على مصراعيها وسيقابل برد موجع.
وقال يوم الخميس ايمن طه مسؤول حماس في بيان بعد انتهاء المحادثات مع فصائل فلسطينية في القطاع الذي تسيطر عليه الحركة الاسلامية " التهدئة انتهت".
وتوقع مراقبون ان يتزايد العنف بين الفصائل الفلسطينية واسرائيل يمكن ان يوقع اصابات كثيرة في الجانبين خاصة من المدنيين الفلسطينين.
وكانت اسرائيل تأمل في استمرار التهدئة وطلبت من مصر التوسط في ذلك لدى الفلسطينيين.
وفور انتهاء التهدئة بساعات بدأ اطلاق متواصل للصواريخ الفلسطينية من غزة تجاه البلدات الاسرائيلية.
واغلقت اسرائيل بشكل محكم معابر قطاع غزة التي عادة ما تكون مغلقة اثر اطلاق الصواريخ.
وأعلنت إسرائيل انها سترد بعملية عسكرية قوية على اطلاق الصواريخ.
وتصاعد التوتر على امتداد الحدود بين اسرائيل وقطاع غزة بسبب غارات للطيران الاسرائيلي راح ضحيتها شهداء من الناشطين الفلسطينيين.
ورعت مصر اتفاق التهدئة الساري منذ 19 يونيو بين اسرائيل وحركة حماس.
وقالت سرايا القدس ان هجماتها الصاروخية تأتي ردا على "الجرائم الاسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة" موضحة انها سجلت "195 خرقا اسرائيليا للتهدئة منذ بدء سريانها" قبل ستة اشهر.
فشل الحوار الفلسطيني
وأعلنت مصر يوم الثامن من نوفمبر تأجيل الحوار الفلسطيني إلى موعد لاحق لم يحدد، بناء على طلب حركة حماس قبل يومين فقط من الموعد المقرر لعقد جلساته.
وحمل فوزي برهوم المتحدث باسم حماس الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح مسؤولية فشل الحوار وقال ان الرئيس محمود عباس لم يستجب لطلبات القيادة المصرية بإنهاء ملف الاعتقال السياسي".
ومن جانبها القت حركة فتح بالمسئولية على حركة حماس وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة ان قرار حماس بعدم المشاركة في الحوار غير مفاجئ فقد كان واضحا أن حماس لا تريد الجلوس على طاولة الحوار الفلسطيني إلا وفقا لشروطها كاملة".
وأشارت فتح إلى خلافات داخلية حادة بين القيادة الميدانية لحماس في غزة والمكتب السياسي وقيادتها في الضفة الغربية من جهة أخرى".
وكانت حركتا حماس وفتح قد رحبتا في بداية الحوار واثناء جلسات ثنائية مع مسئولين مصريين بمسودة الرؤية المصرية للمصالحة في الحوار الوطني الفلسطيني، التي تقترح تشكيل حكومة توافق وطني تتولى الإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة.
لكن حماس تحفظت على عدة بنود وطالبت حركة فتح بالإفراج عن جميع معتقليها في الضفة الغربية قبل بدء الحوار وهو ما رفضته فتح.
حماس ومصر .. توتر متواصل
وطوال عام 2008 شهدت العلاقات بين مصر وحركة حماس توترا متواصلا تخلله بعض الهدوء الذي فرضته الحاجة إلى رغبة مصر في السيطرة على الاوضاع على الحدود بينها وبين غزة او محاولة مصر الحيلولة دون انفجار الاوضاع في القطاع بما يهدد امنها القومي.
وكان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط حاضرا دائما في كل مشهد تنتقد فيها حركة حماس واستخدم عبارات لاذعة في هجومه على الحركة الاسلامية.
وفي العاشر من فبراير انتقد أبو الغيط حركة حماس لاشتباكها مع اسرائيل وقال انه "يبدو كاريكاتوريا ومضحكا."
وقال ايضا ان الصواريخ التي تطلقها حماس "تفقد فى الرمال داخل اسرائيل" لكنها تعطي الفرصة لاسرائيل لقتل الفلسطينيين.
وأن حماس تصر علي معاقبة الفلسطينيين في غزة من خلال اطلاق صواريخها التي وصفها بـ العبثية.
وأضاف ان حماس عقب سيطرتها علي القطاع قررت الاشتباك مع اسرائيل لكن هذا الاشتباك يبدو كاريكاتوريا ومضحكا.
وقبلها بأيام حذر ابو الغيط فلسطينيي غزة من اختبار صبر مصر.
وقال ان مصر لم ولن تعترف بسيطرة حماس علي غزة وان هناك سلطة واحدة شرعية للفلسطينيين هي السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس
وقال ان حماس لن يكون لها أي دور في معبر رفح وما حدث من اقتحام الحدود في يناير لن يتكرر مهما كانت العواقب.
وحذر فيها من أي عملية جديدة لهدم الحدود بين غزة ومصر.
وانتقد أبو الغيط عملية اطلاق الصواريخ محلية الصنع التي تطلقها الفصائل المسلحة نحو البلدات الاسرائيلية، محملاً حركة حماس المسؤولية.
كما حذر وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط من أن بلاده لن تسمح باقتحام حدودها ثانية.
وقال إن من سيكسر خط الحدود المصرية ستكسر قدمه.
وقال ان مصر لن تعيد فتح معبر رفح الا "بطريقة قانونية" وبعد موافقة اسرائيل والاتحاد الاوروبي وحركة فتح.
وكانت قوات من السلطة الفلسطينية التي يرأسها الرئيس محمود عباس تدير معبر رفح من الجانب الفلسطيني تحت رقابة الاتحاد الاوروبي بينما يرقب ضباط اسرائيليون الحركة في المعبر من خلال تصوير بالفيديو.
وأغلقت مصر الحدود من جانبها بعد سيطرة حماس على قطاع غزة.
وتريد حماس الاشتراك في ادارة المعبر لكن السلطة الفلسطينية ترفض طلبها.
من جانبها أعربت حركة حماس في قطاع غزة عن أسفها عقب تصريحات أبو الغيط.
وقالت ان لفلسطين ومصر عدوا واحدا مشتركا هو الاحتلال الاسرائيلي ، وان أمن فلسطين من أمن مصر وأمن مصر من أمن فلسطين.
ونفت الحكومة المقالة في غزة التابعة لحماس ما يشاع عن أفكار فلسطينية بشأن التوطين في سيناء.
كما شهد عام 2008 حملة شرسة ضد حركة حماس شنها كتاب وصحفيين مصريين يعملون في صحف قومية، اضافة الي رجال السياسة في مصر ضد حركة حماس.
وذهبت صحف قومية الى الربط بين ما يجري على الحدود وجماعة الإخوان في الداخل وقالت ان أجهزة الأمن رصدت مخططا للإخوان وحماس لزعزعة الاستقرار الداخلي وإثارة القلاقل.
وأعرب سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس عن أسفه وألمه من الحملة الصحفية التي تشنها بعض الصحف المصرية ضد حماس وقياداتها.
وقال: من المؤسف أن تأتي هذه الحملة من بعض الصحفيين المصريين، كما أن الألم والحزن الذي نشعر به مبني على أن مصر العظيمة لم يخرج منها في أي وقت أي قلم يهاجم أي فصيل أو حركة فلسطينية مهما كانت الأسباب والظروف".
وأثارت تصريحات أبو الغيط ضد الفلسطينين ردود فعل غاضبة في مصر حيث أعرب رموز في المعارضة والعديد من القوي الوطنية عن استيائها البالغ من تهديد أبو الغيط وطالبت بإقالته بسبب اساءته للشعب الفلسطيني.
وأكد المفكر د.عبدالوهاب المسيري منسق حركة كفاية - الذي رحل خلال 2008 - أن التاريخ سوف يحفظ ما قاله أبو الغيط في سجلات سوداء عن الحقبة التي تعيشها مصر والتي حولت النظام من مدافع عن حق الفلسطينيين في البقاء علي ظهر الحياة الي الدفاع عن حق اسرائيل في الوجود حتي ولو كان المقابل تجويع الشعب الفلسطيني.
وأضاف بأن ما ردده أبو الغيط من تصريحات يهدد خلالها بسحق أي فلسطيني يحاول دخول مصر يكشف بجلاء كيف هوي نفوذ الخارجية المصرية للحضيض.
حصار خانق على غزة
وفي معظم ايام عام 2008 اغلقت اسرائيل بشكل محكم معابر غزة متذرعة باسباب مختلفة.
كما منعت امداد غزة بالوقود والادوية والغذاء مما ادى إلى تدهور الاوضاع الانسانية في القطاع بشكل كارثي.
ومن جانبها قالت مصر التي تتعرض لضغط بسبب استمرارها في اغلاق معبر رفح انها لن تتخلى عن مسئولياتها التاريخية والأدبية تجاه الشعب الفلسطينى المحتل".
وحمل السفير حسام زكى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية في العشرين من ديسمبر إسرائيل مسئولية كبرى إزاء إنهيار الوضع الحالى فى القطاع لأنها تتبع أساليب وحشية وغير إنسانية فى الحصار وتغلق المعابر بشكل مخالف للقانون الدولى.