يذهب البعض إلى التقليل من شأن سلاح المقاطعة وتأثيراتها إلى حد المبالغة في التشاؤم، وذلك باعتبار أن أمريكا دولة قوية، وهي تدعم الكيان الصهيوني دعما غير محدود.. والحقيقة أن سلاح المقاطعة هو سلاح فعال من أسلحة الحرب قديما وحديثا؛ استخدمه الكفارمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب أبى طالب ، كمااستخدمه بعض الصحابة في محاربة المشركين في العهد المدني، كما ورد في كتب السيرة، وفي العصر الحديث رأينا الشعوب تستخدم سلاح المقاطعة في معاركها للتحرر من الاستعمار، فقد جربه المهاتما غاندي في دعوته الشعب الهندي لمقاطعة بضائع الإنجليز، ونجح في هز اقتصاد إنجلترا، وجربته مصر مع الإنجليز بدعوة سعد زغلول، وجربته كوبا مع أمريكا فلا يعرف شعبها ما يسمي بالمنتج الأمريكي أبدا، وجربته اليابان مع أمريكا بتلقائية ووعي الشعب الياباني، واستخدمه الخليج فى حرب 73 بجانب مصر و قطعوا البترول عن الغرب وكان أقوى سلاح. كما أن أمريكا تمارس سياسة المقاطعة، أو ما تسميه بالعقوبات الاقتصادية ضد شعوب بأكملها، مما جعل هذه الشعوب تعاني من الموت والدمار، ففي ما بين عامي 1993و 1996م استخدمت سلاح المقاطعة الاقتصادية 60 مرة ضد 35 بلدا، وأحيانا بحجج واهية وذلك لخدمة مصالحها السياسية..
واستخدم المسلمون هذا السلاح ضد الدنمارك بعد الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم ، مما أجبر الشركات المتضررة حينها على الاعتذار عن نشر تلك الرسوم ..
إن الحديث عن استحالة المواجهة الاقتصادية نابع من القناعة نفسها التي تنطلق من ضرورة تحقيق التوازن العسكري مع العدو كشرط أساسي لخوض الحرب معه، ولكن تاريخنا نحن المسلمين، والمقاومة الإسلامية اليوم، أثبتا عكس ذلك عكس ذلك..
المقاطعة بلغة الأرقام:
لقد كبدت المقاطعة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية خسائر جسيمة، وفيما يلي بعض الإحصائيات التي تبين ذلك:
تشير بيانات المكتب الرئيسي للمقاطعة العربية في دمشق إلى أن الخسائر التي ألحقتها هذه المقاطعة بإسرائيل، أخذت في التراكم بمرور الوقت، حتى بلغ إجمالي الخسائر 90 مليار دولار منذ بداية المقاطعة وحتى عام 1999م.
وأفادت دراسة أصدرتها لجنة التجارة الدولية الأمريكية، بأن الشركات الأمريكية خسرت ما مجموعه 540 مليون دولار في سنة 1993، وهذا ما جعل الممثل التجاري للولايات المتحدة الأمريكية آنذاك (ميكي كانتور) لأن يصرح بما بلي: (ما كشفته الدراسة يؤكد الأهمية الحاسمة لإنهاء مقاطعة الجامعة العربية لإسرائيل بجميع أشكالها وأن الإدارة الأمريكية ستواصل العمل لتفكيك ما تبقى من مقاطعة). وقدرت غرفة التجارة المصرية الأمريكية خسائر شركة "آريال" الصهيونيةبـ242 مليون دولار،واضطرت الشركة إليتغيير علامتها التجارية (النجمة الصهيونية السداسية). وبالنسبة لشركة "كوكاكولا"، فقد دعت في 20 فبراير 2003 جمعية عمومية لمناقشةالانسحاب من السوق المصري بعد تحقيق خسائر قدرت بـ 542 مليون جنيه مصري وهو كما يعادل أكثرمن نصف رأس مال الشركة، مما اضطر شركة 'أطلانتا' الأمريكية إلي دعمها بـ700مليون جنيه ضمانا لاستمرارها، واضطرت الشركة لطرح منتجات جديدة وإخفاء اسم الشركة من عليها للتحايل على المقاطعة.. أما ماكدونالد فحققت أول خسارة لها في التاريخ عقب الانتفاضة، حيث بلغت خسائرها 810مليون دولار، وأغلقت 719 مطعماً حول العالم، كما انخفضت أسعار أسهمها إلى النصف، وفي محاولة للتحايل أطلقت شعار"عربية 100%".. والأمثلة في هذا الصدد عديدة.. ويمكننا تلخيص الأثر الكبير للمقاطعة فيما ذكره رئيس المجلس القومي حول العلاقات الأمريكية العربية "جون ديوك أنطوني"، حيث قال: "بالرغم من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة في التقليل من شأن الآثار الناجمة عن الدعوة إلى مقاطعة شعبية عربية رسمية للمنتجات الأميركية تضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية، إلا أن الدلائل تشيرإلى أن المقاطعة لها تأثير.. إن الخطب الدينية والجماعات المدنية والطلابية التي انطلقت في دول الخليج بشكل عفوي في توزيع قوائم البضائع الأمريكية التي يجب محاصرتها كبد المنتج الأمريكي في الأسواق العربية، وخصوصا في أسواق دول الخليج، والعديد من البضائع الأمريكية، مثل السيارات والآليات والأغذية خسائرفادحة..." وهذا ما دفع بالولايات المتحدة الأمريكية لتقوم بإصدار قرارات وتشريعات بهدف إسقاط المقاطعة العربية لإسرائيل بأي ثمن ووضع حد لها.
إن سلاح المقاطعة هو جزء من الإنكار القلبي أو العملي البسيط، الذي لا يخسر فيه المرء أكثر من أن يختار بضاعة دون أخرى، وربما تكون بالميزات ذاتها، وبالسعر ذاته.. إنها تربية للأمة على التحرر من التبعية لأذواق الآخرين ، وليعلموا بأننا أمة لم تمت ولن تموت بإذن الله.. وإعلان عن أخوة الإسلام، ووحدة أمته. وإذا كان كل يهودي في العالم يعتبر نفسه مجندا لخدمة "إسرائيل" بما يستطيعه، فليعلموا بأن كل مسلم في الأرض مجند لتحرير الأقصى ومساعدة إخوته بكل ما يملك، وأدنى ذلك مقاطعة بضائع الأعداء.. إنه السلاح الوحيد الذي يستطيع كل فرد - حتى الطفل الصغير- أن يشهره، وتخترق طعنته النجلاء قلب عدوه دون أن يترك أي دليل إدانة أو إثبات، ليسهم بذلك في معركة المصير.. وهي تدريب للمواطنين على تشجيع استخدام منتجاتهم الوطنية، وهو ما يعود بالنفع على اقتصاد وطنهم.. آسية لوزي حماة الأقصى |