صاحب محل الفراشة
بقلم جلال عامر
الناس أحياناً تبالغ... أكثر من ثلاثين فرداً حضروا إلىّ فى منتصف الليل واحتلوا منزلى وقالوا إنهم جاءوا لمواساتى عندما سمعوا أننى أنوى عمل «مذكرة» فى قسم الشرطة لضياع بطاقتى قالت أمى (يا ريتنى بدالك يا إبنى) وراحت تبكى...
طمأنتهم وقلت إننى عملت «مذكرة» من قبل وخرجت فى اليوم التالى ولم يحدث شىء وكشفت لهم عن بطنى وقلت: (حتى الجرح مش باين) راحوا ينظرون فى بطنى غير مصدقين وتحسس عمى الجرح الغائر وقال: (دى مش مذكرة يا كذاب ده أثر محضر إنت عاملها فين؟)
قلت (عند واحد صول) فقال (مش منضف لك الجرح كويس) ثم التفت إلى أمى وقال لها (عوضك على الله أبوه كان كده باين عليها وراثة) فحاولت إفهامه وسألته (حضرتك عملت مذكرة قبل كده؟)
فقال (لأ بس كنت مع واحد عمل مذكرة وشوفته بعيد عنك وهوه بيعملها بس ده مات فى البنج) فانتحيت بأمى جانباً لإفهامها وقلت لها إن المذكرة شىء عادى وعبارة عن ورقة مكتوبة فلم تقتنع وقالت (عارفاها الورقة دى مش هيه بتاعة شباك الوراثة اللى عيالك هيصرفوا بيها معاشك) واستمرت فى البكاء ثم توقفت فجأة وسألتنى (إنت شايل فلوسك وحاجتك فين علشان مراتك ما تاخدهاش وتروح تتجوز)
وراحت تتحدث عن الدفن وقالت لعمى (إحنا ننزله فى التربة على أبوه) فصرخت فى وجوههم وأغضبنى غباؤهم وكسرت كوباً موضوعاً أمامى فقام رجل معمم اكتشفت أنه شيخ أحضروه معهم وقال: (اتركوه إنها سكرات الموت) ثم راح يعظنى ويقول: (الإنسان غائب عن الوعى يظل يلهو ويعبث حتى إذا جاءته «المذكرة» أفاق وعرف أن أجله قريب فتاب وأناب قل إنك مؤمن بمبادئ الحزب ثلاث مرات هيا وأقرأ جزءاً من البرنامج)
ثم نصحنى أن أكتب وصيتى وأهبه فيها مالى... فقلت له (يعنى غبى وحرامى) وطلبت من أمى أن تأخذهم وتنصرف فقالوا : إحنا قاعدين هنا لحد الأربعين فتركتهم ونزلت لعمل المذكرة بدون بنج وعندما أفقت فى اليوم التالى وجدت حولى أمى وعمى ومعهم رجل ثالث قالوا لى إنه صاحب محل الفراشة!!!!