قال الملك سبحانه: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:103].
أخاطب بمقالي هذا زعماء مصر الحقيقيين الذين بكلمتهم تبنى الأمة وبتوجيههم ترتفع الهمم.
أخاطب العلماء والدعاة محركي الشباب وبناة المستقبل ومن بيدهم وحدهم بقدرة الله تغيير المستحيل.
يا علماء الأزهر, يا قادة ودعاة الصحوة الإسلامية بمختلف توجهاتها وأخص منهم الفصيلين الكبيرين الإخوان والسلفية, يا محركي الأمة أما آن الأوان أن نراكم في لقاء واحد على قلب رجل واحد تتدارسون أموركم دون كبر وتعالٍ ويعترف المقصر بتقصيره لنقف جميعاً على مرض الأمة الحقيقي وسبب البلاء حتى نستطيع بصدق تحديد العلاج لما نحن فيه من ابتلاء.
إنّ ما تمر به مصر من أحوال متضاربة تتشابك مع تضارب الفتاوى الرسمية وعجائب البيانات المتلوة والمرئية لمن المآسي الحقيقية.
العمل الإسلامي في أكبر بلد إسلامي عربي يمر بمرحلة خطيرة مرحلة ولادة حقيقية واقتراب بزوغ فجر جديد, وهذه المرحلة تتطلب من الجميع الالتفاف واليد الواحدة وتحديد الهدف وتوحيد المنهج بقدر المستطاع, فالمؤسسة الدعوية الرسمية المتمثلة في أبناء الأزهر الشريف والمؤسسات الدعوية الصحوية التي قادت أبناء الشعب كلهم يصبون في مصب واحد هو الدعوة إلى الله.
وإنّ قادة الأمة من العلماء والدعاة بإمكانهم اليوم إيقاف الصدامات الدائرة بين دوائر الحكم في مصر وبين شباب الصحوة الإسلامية, مثل ما نرى من صدامات واعتقالات لشباب الإخوان ومن سنوات كانت الدائرة على السلفية, فلماذا لا نجد من العلماء والدعاة من يسدي النصح لأصحاب القرار ومن يوفق بين الشباب ودوائر الحكم ومن يبين سبيل الاتفاق على أسس للحوار والنصح.
يا قادة أمتنا إن لم تتفقوا على منهجية واضحة للمطالبة بالشريعة وتطبيقها, فعلام تتفقوا ومتى؟؟
يا قادة الحركات الإسلامية ويا علماء الأزهر ودعاته, يا قادة مصر الحقيقيين هل تقر أعين الشباب بالتفافكم ورؤيتكم ولو في لقاء واحد متحابين متآلفين.
هلا وحدتم هدفكم وتعاونتم على النهوض بأمتكم ووقفتم على المرض العضال, فأول مراحل الشفاء تحديد المرض بطريقة صحيحة واضحة والوقوف على مسبباته للعثور على العلاج الشافي بإذن الله.
المجتمع المصري الذي يعاني من الفقر والبطالة والإرهاق في تحصيل الحاجات الأساسية لأفراده مجتمع ذو عاطفة جياشة يفيض عذوبة ويتوقد حباً لشريعة الله, فهلا أخذنا بناصيته للنهوض من كبوته من خلال الحلول الشرعية المؤسسة للنهضة الحقيقية, سواء الشق المادي منها أو الأخلاقي من خلال نور شرع الله الذي ما فرط في كتابه من شيء.
إنّ انتشار أمراض السعار الجنسي التي تتمثل في حوادث الاغتصاب التي يبتلى المصريون بسماعها كل ساعة, والتي تنتج عن اجتماع الفقر والبطالة مع قلة الوازع الديني في قلوب الفاعلين لمسئوليتكم يا علماء الأمة ودعاتها.
فإن قلتم كيف وهل نُسأل عن فقر وبطالة لقلت نعم, أين نصحكم ومطالبتكم بل وجهادكم من أجل انتشال الشعب وإيقاف أي سارق عند حده, والمطالبة بحقوق النّاس, ونصح الشباب ببحث وسائل الاكتساب المشروع وحضهم على العمل والابتكار وتحويل المحنة لمنحة, ومحاربة المستحيل من أجل التغلب على الظروف فتربية الأسود لا تكون في عشش النعام وإنّما في عرين الأسود, لكي يتربى هؤلاء على التغلب على محنتهم لابد من أن نمد لهم يد العلم والنصيحة والقدوة الحسنة بل المثالية.
ولنكن صادقين فإنّ ما نراه من تنازع وجفاء يظهر بين الحين والآخر بين براعم الدعوة من الاتجاهات المختلفة يدل على تقصير ممّن رباهم وعلمهم, فلو وجدوا العلماء والدعاة من الكبار على يد رجل واحد لما تباغضوا ودخلوا فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا واقع معاش لا ينبغي أن نغفل عنه أو ندس رؤوسنا في التراب ظانين أنّه غير حاصل أو موجود, فليتكاتف رؤوس الحركات وليمدوا جسور التعاون مع مؤسسة الدعوة الرسمية, وليتق الله الجميع في مصر والتي يعلم إبليس عليه لعائن الله أنّها لو اجتمعت لانتقلت عدوى الاجتماع والألفة لسائر الدول الإسلامية, فهلا أغلقنا عليه الباب وتكاتفنا وجاهدنا من أجل نشر عقيدتنا بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.
لقد رأينا نماذج قبيحة من محاربي الإسلام يطلون علينا بكذب أصلع من خلال بعض العشش الفضائية محاربين لشخص النبي صلى الله عليه وسلم تارة ومشوهين عقيدة الإسلام تارة أخرى, ومشككين في وحي السماء, ولو انبرى لهم علماء الدعوة ورجال العلم وتكاتفوا لما خرج هؤلاء الجرذان من عششهم, وأنزه مقالي عن ذكر أسماء البعوض فيه.
وكم اشتكى شباب الصحوة من تقاعس بعض العلماء, ولكنّا لا نظن بعلمائنا إلاّ خيراً ونطالبهم بتصحيح مسار أمتهم ولم شعث أبنائهم وإزالة الغبار عن أفكارهم كيلا يدخل عليهم فكر شاذ أو عارض ممرض كما رأينا من قبل وخرج علينا عباد الشيطان من أبناء الصفوة.
وأخيراً: إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ بالله.