امير النهضه
..........
رفاعة رافع الطهطاوي (1216 هـ/1801 - 1290 هـ/1873) من قادة النهضة العلمية في مصر في عهد محمد علي باشا.
عاش شيخ مشايخ المعارف المصرية رفاعة رافع الطهطاوي يتقدم الصفوف ويقود أمته - ليس في مجال واحد - ولكن في كثيرة جاهد فيها بعقله النهم الذي لا يعرف الشبع من كل المعارف - حتى لانت له واستكانت بين يديه واجتمعت لتقيل أمة العرب من عثرتها وتصنع نهضتها الفكرية والثقافية وتدفعها إلى التحليق في فضاء المعارف والثقافة بعد أن عاشت مكبلة بقيود الجهل والاستبداد في سجن الدولة العثمانية التي عملت طويلا على تجريف العقل العربي بالسطو على علمائه وفنانيه وحرفييه.
ولد رفاعة لأسرة متوسطة الحال في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج ورغم بساطة حال الأسرة إلا أنها (منسبة) حيث يتصل نسب رفاعة من جهة الأب بالحسين رضي الله عنه ومن جهة الأم بالخزرج أنصار رسول الله..
سيرته ومولـده :
..............
هو رفاعة رافع بن بدوي الطهطاوي ولد في 5 أكتوبر 1801 وهو العام الذي جاء فيه محمد على إلى مصر على رأس ألف جندي عثماني للمشاركة في مقاومة الحملة الفرنسية على مصر - كما تصادف أن يولد رفاعة في يوم رحيل جنود الحملة الفرنسية عن مصر..
وتعلم في طهطا ( مسقط رأسه ) مبادئ القراءة و الكتابة وظهرت عليه منذ صغره علامات النبوغ .وحضر إلى القاهر سنة1807 وهو بعد طفل صغير ومكث فيها خمس سنوات فالتحق بالجامع الأزهر وهو في الحادية والعشرين من عمره. وفى القاهرة تلقفه أخواله طلاب الأزهر (فراج ومحمد وأبو الحسن الأنصاري) وفى الأزهر تتلمذ على يد مجموعة من الشيوخ الأجلاء (الفضالي - القويسني - البخاري - البنا – الدمنهوري - حبيش - البيجوري – الدمهوجي ) وكان أبرز أساتذته الشيخ حسن العطار شيخ الجامع الأزهر الذي تولى الفتى بالرعاية والتهذيب كما حبب إليه الأدب والقراءة في مختلف الفنون والآداب وحدثه كثيرا عن شئون الوطن فأخرجه من شرنقة التقليد إلى رحابة التجديد، ولم يتوقف دور الشيخ العطار عند حدود تعليم الفتى ولكنه عمل على أن يؤمن له سبل العيش الكريم فأوجد له العديد من الفرص لإعطاء دروس في اللغة والفقه لبعض الأثرياء. وقد سبق للشيخ العطار نفسه أن قام بتدريس اللغة العربية لبعض علماء الحملة الفرنسية.
وبعد ست سنوات من الدراسة في الأزهر تخرج الطهطاوي عام 1822 ليعمل مدرسا لمدة عامين ثم استطاع شيخه العطار أن يقنع محمد على بتعيينه إماما في الجيش ذلك الجيش الذي سعى محمد إلى تقويته خاصة بعد أن قويت شوكته من خلال مذبحة القلعة عام 1811 التي قضى فيها على كل المماليك المناوئين له ولكي يحصل الوالي على هذا الجيش القوى فقد عمد إلى تطوير وتحديث كل مجالات الحياة في مصر فاستقدم الخبراء من فرنسا وايطاليا وأرسل أيضا البعثات إلى هاتين الدولتين. فأرسل أولا بعثة إلى إيطاليا عام 1813 لدراسة فنون الطباعة بعد أن عرفت مصر المطبعة لأول مرة مع الحملة الفرنسية. ثم أرسل في عام 1818 بعثة إلى فرنسا لدراسة الفنون البحرية والحربية، وفى عام 1826 قرر محمد على أن يرسل بعثة كبيرة قوامها 40 دارسا إلى فرنسا لدراسة مختلف العلوم والفنون واستطاع الشيخ العطار أن يقنع الوالي بإرسال رفاعة الطهطاوي ليعمل واعظـًا دينيـًا وإمامـًا لأفراد البعثة، أي أنه لم يكن عضوًا أساسياً في البعثة ومع ذلك فسوف يطفئ أسمه على كل الأسماء فيها ومن حسن الحظ أنه سافر إلى فرنسا عن طريق ميناء الإسكندرية حيث كانت (عروس البحر) بروفة رائعة للتعرف على أجواء أوروبا وذلك بما تحتويه من جاليات أجنبية وسواحل ومعمار يشبه كثيرا الموجود في أوروبا ولذلك لم يصدم الطهطاوي عندما رست به السفينة في ميناء مارسيليا الفرنسي ولكنه تذكر نصيحة شيخه العطار بأن يسجل كل ما يراه أو يقرأه وعلى الفور بدأ تنفيذ النصيحة وبدأ أيضا في تعلم اللغة الفرنسية، وفى باريس تحول الطهطاوي إلى عين صقر وذاكرة فوتوغرافية وعقل نهم لا يشبع من تحصيل المعارف فراح يقرأ وينظر فيما حوله حتى تعرف على كل مجالات الحياة في باريس وقد كان أسرع أعضاء البعثة إجادة للغة الفرنسية وقد أهداه أحد أساتذته كتاب (رحلة إنسيس في بلاد اليونان) مكافأة على حسن تحصيله وعندما رأى الأساتذة على البعثة مدى نهم الطهطاوي لتحصيل كل المعارف أرسلوا إلى مصر لضمه بشكل رسمي إلى البعثة وقد تم ذلك وتخصص في الترجمة من الفرنسية إلى العربية و قد كان من حظ هذه البعثة أن المشرفين عليها من كبار العلماء الفرنسيين ومنهم (جومار- سلفستر دى ساس - كوسان دى برسفال - الخ) وخاصة العلامة جومار الذي كان أحد علماء الحملة الفرنسية على مصر والمسئول الأول عن إصدار الكتاب الموسوعة وصف مصر.
وإذا توقفنا بداية عند الطهطاوي كرائد للفكر الاجتماعي فإنه.. يأتي الطهطاوي في مقدمة ثلاث قمم أثروا القرن التاسع عشر حيث كان معه عبد الرحمن الكواكبي وخير الدين التونسي.. ويتسم الطهطاوي بثلاث سمات هي شمولية النظرة والإحاطة بالظواهر الاجتماعية والسياسية من مختلف جوانبها. ثم الجمع ما بين النظر والعمل والفكر والخبرة الواقعية مما جعل فكره شديد الارتباط بالواقع ثم المزج ما بين أرضية التراث الإسلامي والتعرف على العلوم العصرية الحديثة.. وقد انطلق الطهطاوي في تفكيره الاجتماعي والسياسي من احترام العقل كأداة لحل كل مشاكل المجتمع وذلك بالكشف عن أسبابها وبواعثها.
فضل الطهطاوي على الصحافة العربية :
..................................
أما عن فضل الطهطاوي على الصحافة في مصر والعالم العربي فكبير وعميق جدا خاصة وأنه لم يعرف ماهى الصحافة قبل أن يرحل إلى فرنسا وذلك لأن مصر كلها لم تكن تعرف الصحافة برغم أن نابليون بونابرت قد أتى بالمطبعة إلى مصر عندما جاء على رأس الحملة الفرنسية إلا أنه لم يصدر إلا صحيفتين باللغة الفرنسية وكان توزيعهما محدوداً ومقصورا على جنود الحملة - وقد فشل مشروع الجنرال مينو لإصدار صحيفة (التنبيه) برئاسة تحرير إسماعيل الخشاب،ظهرت الوقائع المصرية لأول مرة في عام 1828 أثناء وجود الطهطاوي في باريس وكانت تصدر باللغة التركية مع ترجمة ركيكة بالعربية، ولذلك انبهر الطهطاوي عندما رأى وطالع الصحف في باريس فعكف علي قراءتها ولاحظ أنها تتمتع بحرية كاملة في كل ما تكتبه ,ولقد دفعته هذه الصحف إلى أن يقف أمام مصادر القوة ومظاهرها في هذا المجتمع ولم يكن مبهورا بكل ما يراه ولكنه يقارن ما بين فوائد وأضرار كل شيء كما شجعته هذه الصحف على أن يقرأ في كل شيء حتى تعبت عينه اليسرى وطالب المشرفون على البعثة زيادة راتبه لعلاج عينه ومنعوه من القراءة ليلاً إلا أنه لم يستمع لنصائحهم وواصل قراءاته وإعجابه بتلك (الكازطات) أي الصحف التي تكتب في أي شيء وكل شيء.
وعندما عاد إلى مصر عام 1831 أحس بمدى أهمية الصحافة ولكنه كان يفتقد الوسيلة التي تدفعه إلى إحداث النهضة الصحفية حيث أن الجريدة الوحيدة وهى الوقائع المصرية تقع تحت يد مجموعة من الأتراك متحجري العقول وعندما واتته الفرصة أحدث ثورة حقيقية وذلك بعد تعيينه رئيسا لتحرير الوقائع المصرية عام 1842 فبث فيها الروح الصحفية الحقيقية وعمد على بلورة رأي عام مثقف ومناهض وذلك بعد أن أصدر الوقائع باللغة العربية وبعد أن خلص كتاباتها من المحسنات البديعية والسجع والجناس وجعل لغتها سهلة بسيطة لتخاطب أكبر عدد من القراء وقد نبعت كل تطويراته في الوقائع من إعجابه الشديد بالصحافة الفرنسية وقد أثارت هذه التطويرات مجموعة الأتراك فقاموا بثورة مضادة أقالت الطهطاوي وأعادت الوقائع كما كانت,وكان على الشيخ أن ينتظر طويلا حتى رأس تحرير مجلة (روضة المدارس) والتي صدر عددها الأول في 17 أبريل 1870 وكانت نصف شهرية.. وقد اهتم في هذه المجلة بشئون المرأة، ودعا القراء إلى المشاركة في تحريرها وبذلك يصبح الطهطاوي (أبو الصحافة) الإعلامية والثقافية.
انجازاته في الأدب :
................
أما عن الدور الكبير الذي قام به الطهطاوي في تطوير الأدب العربي مؤثر إلى أبعد حد حيث أخرج اللغة العربية من عزلتها الثقافية المزمنة وأوصلها بتيار الفكر الغربي من خلال ترجمة ما يقرب من ألفى كتاب نقل فيها هو وتلاميذه خلاصة المعارف والعلوم الحديثة فأصبح للغة قدرتها على التعبير عن مقتضيات حياة العصر وقاد رفاعة من خلال الترجمة ثورة حقيقية في تطوير النثر العربي حيث بدأ عهد البساطة والسلاسة والتحرر من قيود المحسنات البديعية.
ورغم أن الطهطاوي كان يكتب الشعر إلا أنه كان ذواقا للشعر أكثر منه منشداً حيث كان شاعراً أقل من المتوسط، ومع ذلك فقد كان له دور كبير في تطوير الشعر العربي ويتضح ذلك من بعض أشعاره وترجماته، حيث كان يتعلم الفرنسية على يد شاب مصري مهاجر يكتب الشعر اسمه يوسف أجوب فترجم له رفاعة إحدى منظوماته بعنوان (نظم العقود في كسر العود) وفيها تخلص من الالتزام بوحدة البحر والقافية وعمد إلى تنويع البحور والقوافي على طريقة الموشحات الأندلسية وكان ذلك بعد اطلاعه على الشعر الرومانتيكى في فرنسا.
أما في مجال القصة فمن السهل أن نلمح تأثير الطهطاوي على كثير من الأدباء مثل يحيى حقي في (قنديل أم هاشم) وعند الحكيم في (عصفور من الشرق) وعند طه حسين في (أديب) بل إننا نلمح تجربة الطهطاوي في الجزء الثاني من كتاب المويلحي (حديث عيسى بن هشام) فكل هذه الكتب تنويعات على اللحن الأصلي لرحلة الطهطاوي إلى باريس وتجربته الفذة في (تخليص الإبريز في تلخيص باريز).
أما في عالم المسرح فقد ترجم الطهطاوي ثلاث مسرحيات للكاتب الفرنسي (راسين) تحت عنوان (الروايات المفيدة في علم التراجيدة) وهذه المسرحيات هي (إستير - الإسكندر الأكبر - أفغانية) كما ترجم أربعا من كوميديات موليير ونشرها في مجموعة (الأربع روايات من نخب التياترات)
وهناك جانب مهم قد لا يعرفه الكثيرون عن الطهطاوي وهو ابتكاره لفن الأناشيد الوطنية بعد أن أعجب في فرنسا بنشيد (المارسيليز) وترجمه إلى العربية وقد سار على نفس الدرب وكتب العديد من الأناشيد أطلق عليها اسم (الوطنيات) وكانت لونا جديدا في النظم العربي وكان الطهطاوي أول من ابتكر هذه المنظومات في الأدب العربي ومن منظوماته (يا صاح حب الوطن.. حلية كل فطن) و (ننظم جندنا نظما.. عجيبا يعجز ألفهما).. وقد سار تلميذه صالح مجدي على دربه فألف 15 نشيدا قدمها للوالي سعيد وتم تلحينها على الموسيقات العسكرية ومن خلال هذه الأناشيد كان الطهطاوي رائدا في ميدان البعث الوطني القومى بما أبدع من هذه الأناشيد وبما نظم من قصائد سجلت انتصارات الجيش الوطنى ضد الأتراك والأوروبيين.
أعماله :
........
1- إنشاء مدرسة الألسن وتأسيسها عام 1835م.
2- تحرير جريدة الوقائع المصرية.
3- تحرير مجلة روضة المدارس.
4- دعوته إلى التجديد والإيمان بقيم إنسانية جديدة في الفكر والعمل.
5- تخليص المرأة من ربقة الأوهام والمخاوف والتقاليد الجائرة. ودفعها إلى الحياة للمشاركة في بنائها.
مؤلفاته:
........
كتب رفاعة بنفسه وصفا لرحلته إلى فرنسا وما شاهده فيها وذلك في كتابه " تخليص الابريز في تلخيص باريز " , وكتب كذلك قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل و الأواخر " ثم " مباهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية " و "المعادن النافعة" و مبادئ الهندسة " وغيرها الكثير.
تعريف ببعض مؤلفاته:
...................
تخليص الإبريز في تلخيص باريز:
هذا الكتاب يروي تفاصيل رحلة هي رحلة عالم عربي مصري رائد، بكل ما للعلم والريادة من معانٍ ودلالات وإيحاءات وما فيها من آثار الاكتشاف والإنارة والتسامي والتأثير. هذا العالم هو رفاعة الطهطاوي، الذي كلفه القصر الملكي بمرافقة أول بعثة علمية يرسلها محمد علي باشا إلى فرنسا، ليكون المرجع الفقهي للطلبة المبعوثين، لم يتفرغ للوعظ والإشراف الديني، ولم يتطرق إلى ذكر تلك المهمة الروحية في كتابه، بل اعتبر نفسه طالباً موفداً لمتابعة التحصيل العلمي، فاقبل على دراسة اللغة الفرنسية ودراسة التاريخ والجغرافية والأدب. لكنه لم يقنع بذلك، إنما كان يحمل في خفايا نفسه هاجساً موسوعياً وطموحاً كبيراً لاستيعاب فريد من العلوم، فاضطلع على مناهج زملائه في الطب والهندسة والزراعة والرياضيات وحتى الفلك، مما يذكرنا بهمّة الجاحظ وابن خلدون وأبي حيان التوحيدي وأمثالهم.
ويوم عاد إلى مصر كان جديراً بحمل مسؤولية الترجمة التي كلفه بها الباشا، كما كان أهلاً للقيام بافتتاح أول مدرسة للترجمة وإدارتها والإشراف عليها، فضلاً عن عشرات الكتب والمقالات التي ترجمها، ويكفي هذا العالم التنويري الكبير دأباً وتحصيلاً وتألقاً أنه أجاد اللغة الفرنسية خلال فترة قياسية، وراح يترجم عنها إلى العربية حتى أنجز اثني عشر كتاباً خلال إقامته في باريس التي استمرت نحو ثلاث سنوات وتسعة أشهر، قضى منها خمسين يوماً في الحجر الصحي إثر نزوله في مرسيليا، قبل مواصلة السفر إلى باريس. إن الأهمية البالغة لهذه الرحلة تعود لأكثر من سبب وترتاد أكثر من أفق. إنها سجل مكثف لإنجازات أول بعثة علمية تخرج من بلد عربي إلى أوربا الغربية، بينا كانت السلطة العثمانية المتخلفة تنيخ بأغلالها وظلماتها ومظالمها على أبناء البلاد العربية الأخرى.
تحرير المرأة المسلمة:
..................
يرى رفاعة الطهطاوي أن أحد أسباب تأخر العالم الإسلامي راجع إلى تهميش المرأة التي لم تتح لها الفرصة أبداً للمشاركة في الحياة العامة، وبالرغم من أن مقتضيات الشريعة الإسلامية تخول لها ذلك. فالإسلام لم يكن قط عقبة أمام المرأة، بل العائق الحقيقي الذي ظل يحد من تفتحها وتطورها هو تلك "العوائد المحلية المشوبة بجمعية جاهلية".
انطلاقا من هذه الرؤية فتحرير المرأة، باعتبارها ضحية التقاليد الاجتماعية السائدة، رهين بتغيير العقليات الجامدة، وذلك بالامتثال إلى القوانين المنصوص عليها في المصادر الأساسية للشريعة الإسلامية (القرآن والسنة). وربما أن أحكام الشريعة كفيلة باستيعاب كل التحولات الطارئة على المجتمع الحديث فقد سمح الكاتب لنفسه بصياغة مشروع إصلاحي جديد لمسايرة مستجدات عصره، لقد سلك في هذا الاتجاه طريق الاجتهاد، فجادت أفكاره متفقة مع تعاليم الإسلام.
ومن مؤلفاته كذلك:
.................
- الديوان النفيس في إيوان باريس أو 'تخليص الإبريز في تلخيص باريز وقد ترجم الى الألمانية في كتاب "مسلم يكتشف اوروبا"
- تحرير المرأة المسلمة
- مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية
- المرشد الأمين في تربية البنات والبنين
- أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل
- نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز، وهو آخر كتاب ألفه الطهطاوي، وسلك فيه مسلكا جديدا في تأليف السيرة النبوية تبعه فيه المحدثون.
أما الكتب التي قام بترجمتها فهي تزيد عن خمسة وعشرين كتابًا، وذلك غير ما أشرف عليه من الترجمات وما راجعه وصححه وهذبه.
من أهمها:
- مواقع الأفلاك في وقائع تليماك، الذي ترجمه عن كتاب فيلنون:
telemaque des aventures
- قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر، الذي ترجمه عن كتاب ديبنج
Apercu historique sur les moeurs et usages des nations
وفى النهاية نؤكد على أن الطهطاوي سوف يظل الرائد الأعظم في حركة النهضة العربية الفكرية والثقافية في العصر الحديث ويكفى أنه أول من زاوج ما بين (الأصالة والمعاصرة) من خلال إحياء كتب التراث وترجمة كتب الغرب.
ومن النتائج و أهم الدروس التي نتعلمها من سيرة الطهطاوي فتكمن في أن استنارة المثقف والأديب لا يمكن أن تزدهر إلا في ظل (حاكم مستنير).وكم أتمنى أن يقتدي الشباب بمثل هؤلاء العلماء العظماء ويعلموا منهم الإصرار والحماس وحب العلم.
لكن تحذير الطهطاوى من بعض جوانب الحضارة الغربية, لا يعنى من قريب أو بعيد الرفض الكامل لها. لأن الإنفتاح عل الغرب وتعلم لغاته وحضارته, لا يشكل الخطر الذى يتخوف منه رجال الدين وبعض مفكرى الشرق. وقد تبنى هذه الأفكار فيما بعد, رجال مثل جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده وأحمد لطفى السيد وطه حسين. إذ كانوا ينادون بالإنفتاح الحضارى على الغرب بفهم ووعى. دون خوف على تقاليدنا وديننا. لأن الخطر الحقيقى الذى يواجهه العالم الإسلامى اليوم, هو خطر عدم الإنفتاح على الغرب.
رحمك الله يا شيخ رفاعه