يبحث الإنسان بطبيعته عن الحياة الرغدة الرغيدة التي يظنها الأفضل له، وهذا ما يدفع المرء للتساؤل والفضول حول شخصية خطاب الشيشان.. فما الذي يدفع إنسانا يعيش في رغد من العيش تُقبل عليه الدنيا بكل ما فيها ليُعرض عنها ويستبدل بها حياة في أقصي بقاع الأرض وأفقرها وأخطرها، حيث الحرب ودرجات الحرارة تحت الصفر...
المولد والنشأة
ولد سامر السويلم في مدينة عرعر شمال المملكة العربية السعودية عام (1390 ه=1970م) لأب سعودي وأم تركية، ونشأ في بيت عرف بالورع والتقوى، وعرف منذ صغره بالإقدام والشجاعة.
سافر للولايات المتحدة الأمريكية عام (1407 ه=1987م) بهدف الدراسة بجامعة بوسطن، ولكنه رفض الاستمرار وقرر السفر إلى أفغانستان للمشاركة في القتال الدائر ضد القوات السوفيتية المحتلة، واستمر هناك عدة سنوات قبل أن يتوجه إلى طاجيكستان ومنها إلى الشيشان.
تميز خطاب بسرعة استجابته وتعلمه للفنون القتالية، إلى جانب إجادته لعدة لغات بجانب العربية وهي الروسية والإنجليزية والبوشتو.
وخلال ست سنوات فقط تحول هذا الشبل الصغير إلى مقاتل وقائد من أشجع وابرع المجاهدين، كان معروفا عنه أنه يرفض رفضا تاما الانبطاح أرضا خلال أي قصف، وأنه لا يظهر أي جزع أو ألم بعد أي إصابة.
عمليات وأرقام
حضر خطاب أغلب العمليات الكبرى في الجهاد الأفغاني منذ عام (1408 ه=1988م)، ومن ضمنها فتح جلال آباد وخوست وفتح كابل في عام (1413 ه=1993م).
وبعد أن رحل من أفغانستان ومعه مجموعة مكونة من ثمانية مجاهدين مباشرة إلى الشيشان في ربيع 1995، قام بعدة عمليات عسكرية، أولاها كانت في (رمضان 1413 = مارس 1996م) وعرفت باسم "ياريش ماردي" وشارك فيها 13 مقاتلا فقط، وقتل فيها 252 جنديا روسيا وأصيب 58 آخرون بعد تدمير 13 دبابة و24 عربة مدرعة و12 عربة لنقل العسكريين.
وفي عمليه أخرى هاجم خطاب ثكنة عسكرية عام (1412ه=1995م) بالقرب من قرية "خاراشوي" ودمر المبنى بالكامل حيث لقي 34 جنديا روسيا مصرعهم وأسر 23 آخرون، بالإضافة إلى أكثر من 45 عملية أخرى قام بها أسفرت عن مصرع حوالي 9340 جنديا روسيا على مدار 7 سنوات.
وفي يوم (28 من ذي القعدة 1416 ه=16 أبريل 1996م) قاد خطاب عملية من أجرأ العمليات وكانت عبارة عن كمين "شاتوي" وفيها قاد مجموعة مكونة من 50 مجاهدا لمهاجمة طابور روسي مكون من 50 سيارة مغادرة من الشيشان، حيث قتل 223 عسكريا روسا من ضمنهم 26 ضابطا كبيرا، ودمرت جميع السيارات بالكامل، ونتج عن هذه العملية إقالة ثلاثة جنرالات.
وقاد خطاب يوم (23 من شعبان 1418 ه= 22 ديسمبر 1997م) مجموعة مكونة من مائة مجاهد ودخلوا بعمق 100 كيلومتر في الأراضي الروسية حيث القيادة العامة للواء 136 الآلي ودمروا 300 سيارة وقتلوا العديد من الجنود الروس.
بطل شيشاني..
ولم يكن ميدان القتال والنزال هو فقط ما يؤمن به خطاب، بل آمن بالجهاد من خلال الإعلام؛ فقد نقلوا عنه أنه قال: "إن الله أمرنا بمجاهدة الكافرين وقتالهم بمثل ما يقاتلوننا به . وهاهم يقاتلوننا بالدعاية والإعلام لذلك فيجب علينا أيضا مقاتلتهم بإعلامنا"؛ لذلك فهو دائما يصر على تصوير كل عملياته. ويقولون إنه كانت لديه مكتبة بها مئات الشرائط المصورة للعمليات الجهادية في أفغانستان وطاجيكستان والشيشان، حيث كان يعتقد أن الكلام وحده ليس كافيا لدحض الادعاءات الكاذبة لإعلام العدو، بل يجب توثيق هذا الكلام بالأدلة لدحض ادعاءاتهم.
وقد كرمت الشيشان وشعبها خطاب بعد انسحاب القوات الروسية من الشيشان في خريف (1417ه=1996م)، حيث أصبح خطاب بطلا قوميا في الشيشان، ومنح ميدالية الشجاعة والبسالة من قبل الحكومة الشيشانية، وحصل على رتبة لواء في حفل حضره شامل باساييف وسلمان رودييف.
وفاته
خلف خطاب بعد وفاته زوجة داغستانية -من قرية "كاراماخي"- وبنتا وولدا من هذه السيدة. وقد استشهد عن طريق "رسالة مسمومة" سلمها له أحد عناصر المقاومة بغرب الشيشان وفر هاربا، واعترف المقاتلون الشيشان بمقتله في بيان أصدروه (16 من صفر 1423 ه= 28 أبريل 2002م) على موقع "قوقاز سنتر" على الإنترنت، حيث ذكروا أنه تم دفن جثمان "خطاب" بمنطقة الجبالية جنوب الشيشان يوم (6 من المحرم 1423 ه= 20 مارس 2002م).