الخميس18 من جمادى الثانية1430هـ 11-6-2009م الساعة 04:23 م مكة المكرمة 01:23 م جرينتش
اقتباس :
الخبر: أعلن مارك قادوش رئيس الغرفة التجارية الإسرائيلية ـ الإفريقية ، عن خطط لرفع مستوى التعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية ، بنسبة 10% خلال السنوات الخمس القادمة .
التعليق كتبه للمفكرة / شريف عبد العزيز مفكرة الإسلام: في أواخر الخمسينات من القرن الماضي ، و وسط خضم حراك دولي ، و اتجاه عالمي نحو القبول بفكرة إنهاء الحركة الاستعمارية ، و تصفية الإمبراطوريات القديمة ، و تذويبها لصالح القوي العالمية الجديدة ، و هي الولايات المتحدة الأمريكية ، في هذا الوقت كانت القارة الإفريقية و التي كانت تقريباً بأسرها و اقعة تحت نير الاحتلال الأوروبي شديد الصليبية ، تشهد فوران شعبي يقوده المسلمون في أغلب البلدان ، وكما هو معروف للجميع فالمسلمون دائما هو الرقم الصعب و المعادلة الأهم في أي حركة كفاح و تحرير ، و خاصة في إفريقيا التي تتمتع نسبة عالية من المسلمين بطول القارة و عرضها ، في هذا الوقت كانت نيجيريا ، و هي البلد الإفريقي الأكبر من حيث عدد المسلمين ، تشهد حراكا سياسياً كبيراً تمخض عن الاستقلال سنة 1963، بنظام الفيدرالية المتحدة ، و كانت رئاسة الحكومة و المناصب المهمة لصالح المسلمين ، وهذا الأمر أغضب أعداء الإسلام بشدة ، خاصة نصارى نيجيريا و كانوا متمركزين في المنطقة الشرقية ، وفي سنة 1967قام نصارى نيجيريا بإعلان الانفصال بدولة خاصة بهم في شرق نيجيريا ، أطلقوا عليها اسم جمهورية بيافرا ، وقامت أمريكا و انجلترا بتقديم مساعدات كبيرة لهذه الحركة الانفصالية ، و اعترفت بها كل من ساحل العاج و تنزانيا و زامبيا ، في هذه الفترة تحديداً بدأ الصهاينة تدخلهم الفعلي و العسكري في قلب القارة الإفريقية ، و انهالت المساعدات الحربية الإسرائيلية علي الانفصاليين ، و اشتركت القوات العسكرية الإسرائيلية في القتال ضد مسلمي نيجيريا الذين جاءوا للقضاء علي المتمردين ، ولكن انشغال الصهاينة بحرب 1967 مع العرب جعلهم يتخلون عن مواصلة دعم انفصالي نيجيريا . إسرائيل و تمزيق إفريقيا لو فتشنا عن أي منطقة بها قلاقل و اضطرابات داخلية في أي بقعة من العالم عامة ، و إفريقيا خاصة فإنك و لابد أن تجد الأيدي الصهيونية الآثمة تقف وراء تلك الفوضى و الاضطرابات ، فدعم الأقليات العرقية و الدينية الموتورة و تثوريها ، من أساسيات السياسة الخارجية الإسرائيلية من نشأتها ، وذلك للحفاظ علي علاقات متشابكة مع كل الأطراف المحتملة ، و إبقاء المنطقة رهينة صراعات داخلية لا تنتهي ، و يكون كلمة الفصل في النهاية فيها للصهاينة و أعوانهم . والقارة الإفريقية بما تمتلكه من مقومات بشرية و طبيعية مهولة، و ثراء ضخم في موارد الطاقة ، من بترول و غاز و مياه و معادن ، تضع القارة علي قائمة القارات الأكثر ثراء و غني من بين قارات العالم ، كما أن القارة تشهد تنوعاً دينياً و عرقياً و طائفياً فريداً ندر أن يوجد مثله في أي مكان آخر ، هذه المقومات كلها رشحت إفريقيا لئن تكون الساحة المفضلة عند ذئاب العصر الحديث ، و كل عصر ، و هم اليهود الذين و ضعوا القارة تحت المجهر مبكراً جدا ، و أثناء الاحتلال الأوروبي للقارة، وبدأ التخطيط لإحكام السيطرة و التغلغل داخل القارة السمراء ، و تم رسم خريطة التسلل جيداً بالاعتماد علي البقاع الملتهبة و نقاط التماس بين المسلمين المنتشرين داخل كل بلاد القارة و بين غيرهم من النصارى و الوثنيين الذين يتمتعون حتى الأن بحضور كبير في بعض البلاد الإفريقية ، خاصة في الجنوب و الداخل الإفريقي . وفي ضوء هذه السياسة الشيطانية راحت الأيدي الصهيونية تتحالف مع أطراف بعينها في الساحة الإفريقية الزاخرة بمشاهد الفوضى و الصراع ، فوضع الصهاينة أيديهم أولاً في يد أوثق حلفائهم في إفريقيا ، و هم الأمهرة الصليبون في الحبشة ، للاستيلاء علي الصومال و ابتلاع أريتريا ، و إبادة مسلمي القرن الإفريقي ، وقد شهدت حرب حكومة الأمهرة الصليبيين علي انتفاضة مسلمي الحبشة بقيادة الشيخ مختل طاهر سنة 1963، اشتراك ثلاثة آلاف خبير عسكري صهيوني ، يعملون في شتي القطاعات، وذلك لمنع المسلمين من تحقيق نصر في حربهم ضد حكومة الأمهرة في الحبشة . بعد نجاح الصهاينة في القرن الإفريقي بدأ التوغل في الداخل الإفريقي و علي نفس النسق تم التحالف مع الانفصاليين النصارى في جنوب السودان بقيادة الهالك جارانج الذي تدرب و تعلم فنون القتال و العصابات علي يد سفاحي الموساد ، ليقود حرباً هي الأطول في تاريخ الصراعات الداخلية في القارة المعذبة ، لأكثر من عشرين سنة ، انتهت بشبه انفصال للجنوب علي وشك الوقوع خلال السنين القادمة ، وبعد الجنوب كانت قضية دارفور ، و العلاقات الإسرائيلية مع حركات التمرد في دارفور خرجت عن طور السرية ، و أصبحت معلومة للجميع . وابتداء من عام1973 أصبح للصهاينة قدم ثابتة في العديد من الأماكن الحساسة و الحيوية داخل القارة الإفريقية ، بفضل الدعم المفتوح من الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، وأصبحت مناطق مثل القرن الإفريقي خاصة أريتريا خاضعة تماماً للسيطرة الإسرائيلية ، وكان عدوان الطيران الإسرائيلي علي القوافل السودانية أثناء حرب الصهاينة علي غزة أواخر العام الماضي ، و التي اتضح أنها قد انطلقت من قواعد للجيش الإسرائيلي في أريتريا خير شاهد علي مدى النفوذ و التغلغل الصهيوني في القرن الإفريقي ، وأصبحت مدن بعينها مثل نيروبي و كمبالا سيتي ، و غيرهما مرتع لعملاء الصهاينة ، و للاستثمارات الإسرائيلية الضخمة التي سبق و أن أحكمت بها إسرائيل قبضتها علي دول بأكملها من قبل ، وانتشرت السفارات الإسرائيلية في معظم الدول الإفريقية و أصبحت هذه السفارات أوكار ثابتة، و جبهات متقدمة للعدو الصهيوني ، تستطيع بها إسرائيل أن تلتف حول العالم الإسلامي ، و تطوقه إستراتيجيا كما سبق و أن طوقته سياسياً و عسكرياً و دبلوماسياً . الآن إسرائيل تحاول أن تستكمل الدور العسكري و المخابراتي بالدور الاقتصادي الذي يسيل له لعاب الصهاينة عباد عجل الذهب ، فخيرات و ثروات و موارد القارة السوداء هي طوق النجاة للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ، لفقره الشديد في الموارد الطبيعية و موارد الطاقة ، خاصة الوقود و المياه ، وبعد أن تفضلت مصر مشكورة بتوفير احتياجات الصهاينة من الغاز الطبيعي كعربون صداقة مع إدارة أوباما ، و حكومة النتن ياهو ، فإن مياه إفريقيا العذبة و الوفيرة يتطلع لها الصهاينة الأن بكل قوة ، هي الحل لمشكلة نقص المياه المزمنة داخل إسرائيل . وهذا كله و المسلمون و العرب مشغولين بتحليل أوجه البلاغة و الإبداع و البيان و الأطروحات و الأفكار في خطاب أوباما للعالم المغفل أقصد الإسلامي .