خزنة مصر .. بقلم الأستاذ إبراهيم عيسى
[/center]
هذا النظام الذى يمسك فى كرسى الحكم بذيله وأسنانه يصرف فى ميزانيته سنوياً أكثر من عشرة مليارات جنيه نثريات ..
نثريات بعشرة مليارات ! ..
ووضعوا فى هذا البند شراء أوراق وأقلام وأثاث مكاتب وأساتيك وبرايات يمكن ، بعشرة مليارات جنيه ! ..
آه تخيل على اعتبار أن الوطن داقق عصافير ولا يدق كثيراً فى النثريات !!
هذا النظام الذى بذل مسؤولوه جهوداً مضحكة منذ شهور فى البحث عن 23 مليار جنيه هى الفرق بين حصيلة بيع شركات قطاع عام التى أعلنتها الحكومة ، وبين حصيلة البيع الذى جاء فى الميزانية التى سجلتها وزارة الاستثمار ، فكانت فضيحة حاولت أن تسترها الحكومة بالغلوشة والتطنيش ثم إصدار بيانات تطمينية أن الحكومة لقت الحمد لله الفلوس التائهة ..
المشكلة أن هذا الإهمال وتلك العشوائية وهذا التسيب والفساد الذى يغطس فيه النظام صار طبيعياً وعادياً لم ينشغل به أحد فيعريه أو يتصدى له أحد فيحاربه ، وإن حاول بعضنا أن يسترجل ويواجهه تخنثت مصر كلها وسكتت متفرجة عليه ، فيخبو حسه وتنهد مقاومته ويستمر الفساد بنجاح ساحق ، وها هو بيع الشركات والبنوك والأراضى صورة يومية للفساد على عينك يا تاجر ويا مشترى ، مع وجود أكثر الخطط شراً فى هذا العصر وهى التى جعلت من تقارير الأجهزة الرقابية ورق حائط أو ورق كلينكس لا قيمة لها ولا أثر .
فلم نعرف أن الرئيس شخصياً أو أى رئيس وزراء حاسب وزيراً أو رئيس مؤسسة حكومية على تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات مثلاً ، كما أن تقارير الرقابة الإدارية يتم تنفيذها على صغار كبار الموظفين ، بينما لا تمس وزيراً ولا مسئولاً ولا صهراً ولا قريباً ، لكن الأكثر شراً وإفساداً هو ما جرى من توريط الأجهزة الرقابية فى الفساد والشبهات عن طريق مشاركة ممثلين عنها فى مجالس إدارات لشرطات قابضة فيقبضون ، أو فى لجان تقييم لبيع شركات ومصانع فيبيعون ، وينتهى الأمر إلى ان كل الأحذية تمضى فى الوحل معنا ..
عموماً سيبك من هذا كله وتعالى أحكى لك عن شركة " بيبسى كولا " وقد كانت المأسوف على شبابها شركة مصرية " قطاع عام " قرروا بيعها رغم أن عمر أهلها ما خسرت ..
المهم تم تقييمها من بيت خبرة أجنبى بـ 58 مليوناً ثم رفع التقييم لما تم رفض هذا التقييم إلى 75 مليون جنيه ، وبعدين رفع لـ 123 مليوناً ، وقيل فى المسألة أن بيت الخبرة الذى يقيم على كيفه ممكن يتواطأ أصلاً لصالح وعلى كيف مشترين محتملين ، ومن الواضح أن الشركة الأم كانت عايزاها ثم اتباعت الشركة كلها بـ 158 جنيه فى الآخر ، وهو رقم أكبر بكثير من التقييم الأول لبيت الخبرة الاجنبى ، وتم البيع لطرف مصرى وآخر سعودى , والشركة الأم بنسبة صغيرة ..
تسأل نفسك : وهلمة الأرقام دى واختلافها واختلاطها معناه إيه ؟! ..
معناه بيع مصر بالرخيص ..
الأنكت من هذا أنه بعد فترة قام المشترى المصرى ببيع حصته للشركة الأم بـ 400 مليون دولار ، عرفت إذن القيمة الحقيقية للشركة وأدركت الفرق ( آه بالمناسبة يستحسن قراءة هذه السطور ومعك آلة حاسبة ) .
الغريب أن قطعة أرض واحدة على شارع الهرم تابعة لهذه الشركة كان ثمنها أكبر من كل ثمن الشركة الذى بيعت به والتى كانت تملك 8 مصانع و 18 خط إنتاج وأسطول سيارات ن واتباعت بالرخيص ، فضلاً عن أنها كانت بتكسب أساساً ! ..
هذه الحدوتة أحكيها لك لتعرف أن مصر نائمة بينما اللصوص يفتحون خزنتها بالأوكسيجين ..
والغريبة إنهم مش قلقانين إننا نصحى من النوم من كتر الجلبة وصوت الأوكسيجين بيقطع فى حديد الخزنة .. والأغرب أننا فعلاً لا نصحو رغم كل هذا الصخب