ENG_GODZELA مشرف مرشح لمنصب مشرف عام
عدد المساهمات : 3368 تاريخ التسجيل : 25/07/2007 العمر : 39 الموقع : كلية الهندسة _قسم الهندسة المدنية رقم العضوية : 31 Upload Photos :
| موضوع: 40 سنة في السلطة! السبت 5 سبتمبر - 22:03 | |
| 40 سنة في السلطة! – فهمي هويديلاحظت فيما نشرته الصحف العربية عن احتفال ليبيا بذكرى انطلاق ثورة الفاتح من سبتمبر قبل أربعين عاما، أن الجميع لم يستوقفهم الخبر الأهم والأكثر إثارة في المناسبة. وهو أن العقيد معمر القذافي ظل قابضا على السلطة ومتحكما في مصير البلد وثروته النفطية طوال تلك المدة، وكأن بقاء رئيس دولة في منصبه لمدة أربعين عاما متواصلة في هذا الزمن بات أمرا عاديا لا غرابة فيه ولا شذوذ.لقد تمنيت أن يجري المثقفون على الأقل حوارا موضوعيا حول حصاد تجربة «الجماهيرية»، وسياسة الأخ العقيد بتحولاتها المثيرة. من العروبة إلى الأفريقانية، ومن العداء للغرب إلى الركض للحاق به، ومن مساندة حركات التحرر إلى هجرتها والقطيعة معها.وما قلناه عن السياسة ينطبق على أسلوب إدارة المجتمع، الذي كانت تجربة اللجان الشعبية ركيزة أساسية له. وهي التي أعادت إلى الأذهان صورة الثورة الثقافية في الصين، التي هزت المجتمع وزلزلت أركانه، يسري ذلك أيضا بحق السياسات الاقتصادية والتعليمية، التي أحدثت انقلابا في منظومة القيم السائدة. في الوقت ذاته فإن مثل ذلك الحوار يمكن أن يكون ثريا ومفيدا إذا ما تعرض لموقف الجماهيرية من قضايا الحريات العامة وحقوق الإنسان، واللغط كثير حولها.لا شيء من كل ذلك تم، وإنما عولج الحدث وكأنه حاصل في أميركا اللاتينية أو في أقاصي آسيا. في تجاهل تام لكونه حاصلا في داخل البيت العربي، والطرف الأساسي فيه، الشعب الليبي، هو جزء من الشعب العربي. رغم أننا لا نسمع له صوتا يُذكر في المحافل العربية أو الدولية.صمت الإعلام العربي في هذه المناسبة لا يمكن أن يفسر بكون المنابر الإعلامية والسياسية لا تعرف شيئا عما يجري في ليبيا. لأنه رغم التعتيم السائد فمعلومات الداخل متوافرة على العديد من مواقع شبكة الإنترنت على الأقل.قد يقول قائل إن صمت الإعلام العربي واكتفاءه بوصف فقرات الاحتفال الاستعراضي. واهتمامه بإنتاج السيارة «الصاروخ»، التي صممها بنفسه العقيد القذافي، وتكلفت مليوني يورو، أريد به جذب الإعلانات التي تنشرها الجماهيرية في هذه المناسبة. وهو احتمال أقلل من أهميته وأزعم أن السبب الأساسي لغياب التقييم الموضوعي يرجع إلى أن ما يفعله العقيد في ليبيا هو صورة ـ مشوهة ربما ـ للحاصل في بقية العالم العربي. فاحتكار السلطة أصبح قاعدة عامة، وتوريثها في الطريق إلى «التقعيد» بدوره، والعلاقة مع الغرب، والتخلي عن حركات التحرر بما في ذلك المقاومة الفلسطينية أو القيود المفروضة على الحريات العامة واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان. هذه كلها أمور شاعت في العالم العربي، وتوزعت على مختلف دوله بالعدل والقسطاس. من هذه الزاوية، فإن فتح ملفات التجربة الليبية ونقد نموذجها، من شأنه أن يفتح الباب تلقائيا لمحاكمة الوضع العربي برمّته، وهو ما لا يرغب فيه أحد، ذلك أن الاختلاف بين الحاصل في ليبيا، وما يحدث في بقية أنحاء العالم العربي هو اختلاف في الدرجة وليس في النوع.حين يطل المرء على المشهد من هذه الزاوية، يدرك أن العالم العربي في مجمله تم اختطافه منذ عدة عقود، لمصلحة فئات بذاتها تسلمت مقاليد القيادة في ربوعه، واحتكرت السلطة فيه، رافضة أي مشاركة أو تداول. وبأدوات السلطة وتطور تقنيات القمع وطدت تلك الفئات أقدامها، وراحت تعبث بمقدراته ومصيره. إما تعزيزا لمكانتها وتحقيقا لمصالحها، أو تحريا لمصالح أطراف أخرى، ليس الشعب العربي من بينها.هذا الاختطاف تدل عليه الهوة الواسعة القائمة بين مواقف الأنظمة العربية وتوجهات الشعوب العربية. الأمر الذي يشير بألف إصبع إلى حقيقة عدم تمثيل هذه الأنظمة لتلك الشعوب. ولأن الأمر كذلك، فلم يكن مستغربا أن تتناقض مواقف الطرفين إزاء عديد من القضايا (الغزو الأميركي للعراق، ودعم المقاومة الفلسطينية، ورفض حصار غزة مثلا).هذه الخلفية تسوغ لنا أن نقول إن بقاء العقيد القذافي في السلطة لمدة أربعين عاما لم يعد أمرا شاذا في أعرافنا المفروضة، لأنه جزء من ظاهرة يعيش في ظلها العالم العربي، ويعاني منها، ذلك أن الذين لم يستمروا في مواقعهم لمثل هذه الفترة لم يفعلوا ذلك تعففا ولا تمنعا، وإنما فقط لأن الوقت لم يسعفهم.
............ ......... .....
| |
|