· أولاً : أن يكون على سبيل الملاينة والمباسطة وتتطييب خاطر صاحبك وإدخال السرور على قلبه . فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) .
· ثانياً: أنه أنس للـمـصـاحـبـيـن وطـــرد للوحشة وتأليف للقلوب ومظهر من مظاهر الأخوة والوفاء.
· ثالثاً : التخلص من الخوف والغضب والقلق وغيره؛ فإن الإنسان إذا مزح أدخل على نفسه شيئاً من السرور والتسلية ، وأزال ما يخاف منه أو خفف من ذلك .
· رابعاً : الـتـخـلـص من السأم والملل ، كأن يعطي الشيخ طلابه سؤالاً أو لغزاً كي يُذهِب الملل عنهم .
و حتى لا يتحول المزاح إلى إفراط ويداوم عليه؛ فيورث قسوة القلب، ويشغل عن ذكـر الله ـ تـعـالى ـ، أويؤول كما يحدث في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار ، فقد وضع الإسلام ضوابط للمزاح :
· ألا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالدين :
كالاستهزاء ببعض السنن على سبيل المزح ، أو ببعض الأحكام الشرعية كالصلاة والصوم وغيرها.
فيعد هذا من نواقض الإسلام؛ لقوله تعاـلى : (( ولَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وآيَاتِهِ ورَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ )) [التوبة: 65، 66] .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه ) ، ويقـول ابن عـبـاس ـ رضي الله عنهما ـ: ( من أذنـب ذنـبــاً وهــو يضحـك دخل النار وهو يبكي ) .
· ألا يكون إلا صدقاً ولا يكذب :
ولا سيما أولئك المعتادين لذكر الطرائف الكاذبة بقصد إضحاك الناس .
روى الإمام أحمد في مسـنده أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( ويل للذي يحدِّث فيكذب ليُضحِكَ به القوم ويل له ) .
وقولــه صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليُضحِك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا"(22).
- ألا يكون فيه شيء من السخرية والاستهزاء بالآخرين :
فتلك محرمة وتعد من الكبائر، يقول ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُـونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ ولا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ ولا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ ولا تَنَابَزُوا بِالأَلْـقَــــابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ومَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) ( الحجرات: 11)
يقول ابن كثير: ( المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والاستهزاء بهم، وهذا حرام، ويُعد من صفات المنافقين )
ولـقــد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السخرية بالمسلمين فقال: ( المسلم أخو المسلم لا يظـلمه ولا يخذله ولا يحقره ) .
· ألا يروِّع أخـاه :
فـقد أورد أبو داود في سننه عن ابن أبي ليلى قال: ( حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسـلـم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حـبـل معه فأخذه ففزع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلماً" )
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً ) .
· عدم الانهماك والاسترسال والمبالغة والإطالة :
يـنـبـغـي ألاَّ يداوَم على المزاح ؛ لأن الجد سـمــات المؤمنين، وما المزاح إلا رخصة وفسحة لاستمرار النفس في أداء واجبها. فبعض الناس لا يفرق بين وقت الجد واللعب .
· أن يُنْزِل الناس منازلهم:
إن العالم والكبير لهم من المهابة والـوقـــار مـنـزلــة خـاصة، ولأن المزاح قد يفضي إلى سوء الأدب معهما غالباً فينبغي الابتعاد عن المزاح مـعـهـما خشية الإخلال بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقول: ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ) .
وكذلك من آداب الإسلام ألاَّ يمزح مع الغريب الذي لا يعرف طبيعة نفس المازح ؛ فـهــــذا يؤدي إلـى اسـتـحقار المازح والاستخفاف به؛ فهذا عمر بن عبد العزيز يرسل إلى عدي بن أرطأة فيقول : ( اتقوا المزاح؛ فإنه يُذْهِبُ المروءة ) .
· ألا يكون المزاح مع السفهاء :
قال سعد بن أبي وقاص لابنه : ( اقتصد في مزاحك؛ فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرِّئ عليك السفهاء )
· ألا يكون فيه غيبة :
الـغـيـبـة و النميمة ا تصبان في مستنقع الفتنة ، ولا يخلو مَنْ كَثُرَ مزاحه من هذه الآفــــة العظيمة ؛ لأن من كثر كلامه كثر سقطه ، فهو لا يشعر أنه وقع في الإثم أصل اً؛ لأنه ـ في زعمه ـ إنما يقول في فلان مازحاً غير قاصد ذلك. ولم يعِ تعريف النبي صلى الله عليه وسلم للغيبة بقوله: ( ذكرك أخاك بما يكره ) .
والغيبة أنواع، سواء كانت في البدن أو الخلق وغيرها .
هذا ونسأل الله أن يؤدبنا بآداب الإسلام ، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم