{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم قَالَ " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "
ففضل هذه الليل العظيم افضل واحسن من قضاء ما يقارب من84 عام من العباده
لان الالف شهر يساوي 84 سنه عباده تقريبا
وتنزل فى هذه الليله الملائكه والروح ( جبريل عليه السلام ) للارض ، وجبريل عليه السلام لم ينزل فى الارض الا فى الوحي فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فينزل جبريل عليه السلام فى هذه الليله فقط من كل عام وهي ليله القدر التي تكون فى الايام الفرديه من العشر الاواخر
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن مَن حُرم خير هذه الليلة فقد "حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم"، لا يُحرم خيرها إلا شقي، حُرم من رحمة الله عز وجل؛ لأنه ضيَّع الفرصة وهي مواتية له، وهي أمامه، وهي بين يديه، فرصة مُحدَّدة في شهر واحد، بل في العشر الأواخر من هذا الشهر، مُحدَّدة في أنها تلتمس في العشر الأواخر من رمضان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، من كان مُتحرِّيًا ليلة القدر فليتحرَّها في العشر الأواخر من رمضان"
أي مكسب وأي ربح، أن يخرج الإنسان في ليلة واحدة مغفور الذنوب، مكفَّر السيئات، طاهرا مُطهَّرًا كيوم ولدته أمه، أن يولد ميلادًا جديدا، بليلة واحدة يقومها لله عز وجل، أو بعشر ليال أو بتسع ليال.
ومن ادرك هذه الليله غفر له ما تقدم من ذنبه ، يعني اتمسحت ذنوبك منذ ولادتك حتى هذه الليله
ومن يبلغ هذه الليله يعتقه الله ومن يعتقه الله عز وجل لم يؤذيه ويعذبه ابدا
يعني لو دعيت ربنا فى الليله دي كانك قعدت تدعي ربنا 84 سنه
ولو سبحت كانك سبحت ربنا 84 سنه
ولو عملت خير كانك عملت خير 84 سنه
ولو قمت للصلاه كانك صليت 84 سنه
ولو استغفرت كانك استغفرت 85 سنه
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم فى العشر الاواخر من رمضان يوقظ اهله لقيام الليل ويحي الليله
بما شرّف الله هذه الليلة؟
هذه هي الليلة التي شرَّفها الله وكرَّمها، وإنما شرَّفها وكرَّمها لأنه أنزل فيها أعظم كتاب، أنزل فيها الكتاب الخالد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أنزل فيها القرآن، قانون السماء لهداية الأرض، ودستور الخالق لإصلاح الخلق ...
الكتاب الذي مَن علمه سبق، ومَن قال به صدق، ومَن حكم به عدل، ومَن عمِل به أجر، ومَن دعا إليه هدى إلي صراط مستقيم.
شرَّف الله هذه الليلة بفضل القرآن الكريم: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1].
كما شرَّف الشهر كله (رمضان) لأنه أنزل فيه {الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185].
إن هذا يدفعنا إلى أن نُراجع أنفسنا من هذا الكتاب ... من كتاب الله ... من القرآن العظيم، القرآن المجيد.
إن الله فضل هذا الشهر (رمضان) بسبب القرآن، وفضل هذه الليلة (ليلة القدر) بسبب القرآن ...
فماذا يكون موقفنا نحن إذا هجرنا القرآن؟ وأعرضنا عن القرآن؟ كيف نقف بين يدي الله؟ وكيف نُخاصم رسول الله؟ حينما يقول: {يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} [الفرقان:30].
الدعاء .. الدعاء
علينا - أيها الإخوة - أن ننتفع بالقرآن العظيم، علينا أن نرجع إلى القرآن الكريم، علينا أن نأخذ عبرة من ليلة القدر، ومن شهر رمضان، لنراجع أنفسنا وموقفنا من كتاب الله ...
إن الله سبحانه وتعالى أعطانا هذه الليلة، أعطاها كرامة لهذه الأمة، ليلة القدر ... لندعو ونتضرع إليه، ونتعبد له، ونقوم بذكره وشكره وحُسن عبادته، ولا نُضيِّع هذه الليلة في اللهو والعبث وفارغ الكلام، بل نقوم هذه الليلة في الصلاة والذكر والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن وعمل الخير ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
ندعو الله بكل ما تتمناه قلوبنا ... قالت عائشة: إذا صادفت ليلة القدر وعلمت أي ليلة هي يا رسول الله ... ماذا أقول؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنَّي"[5]، خير ما يطلب المسلم العفو والعافية ... كما كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه: "العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة"[6].
وكان أكثر ما يدعو: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
ليلة واحدة هي خير من ألف شهر، لا ينبغي أن يضيعها المسلم، إن الله سبحانه وتعالى أخفى عنا هذه الليلة لحكمة أرادها، كما أخفى عنا اسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى، لندعوه بأسمائه كلها: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180]، وكما أخفى عنا ساعة الإجابة، في يوم الجمعة لنحرص على الدعاء في اليوم كله، وهكذا أخفى عنا هذه الليلة، لنحرص في رمضان على الطاعة، ونحرص أكثر وأكثر في العشر الأواخر من رمضان، عسى أن يتقبل الله تعالى منا، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم، إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله[7].
أيها الإخوة المسلمون: هذه هي ليلة القدر فاحرصوا عليها، وتحرُّوا أن تقوموها، وأن تحيوها، إحياء الليل.
انظروا إلى هذه العبارة: (إحياء ليلة القدر)، كأن الليلة التي لا طاعة فيها ولا عبادة ... ليلة ميتة، الزمان الذي لا يُملأ ولا يُعمَّر بطاعة الله زمان ميت ... زمان خرب ... فاعمر زمانك، واعمر أيامك وأحيها بطاعة الله ... يُحيي الله قلبك يوم تموت القلوب. [/color]
نسأل الله عز وجل أن يجعل لنا حظا من هذه الليلة، وأن يكتبنا فيها من المغفور لهم، وأن يجعل حظنا من هذا الشهر الكريم القبول والرحمة والمغفرة والعتق من النار، إنه سميع قريب، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.