كان نفسنا نقول لكم: شكراً شرفتونا .. ولكن بكل أسف لا أجد سوي أن أقول لكم بلسان كل جماهير الكرة المصرية: زعلتونا وأحبطونا وكسفتونا.. ليس للهزيمة التي هي واردة دائما في كرة القدم. ولكن للأداء الخايب. الذي يكشف حقيقة مستواكم الهزيل.. وان كانت هناك انتصارات سابقة. فهي بقوة الجماهير.. لم تقدموا شيئاً تستحقون عليه الفوز. ولا حتي التعادل.. فالخسارة هي نصيبكم المستحق.. ولكن هل كانت جماهير مصر تستحق هذه الجرعة الزائدة من النكد والحزن. بعد فشلكم الكبير وهزيمتكم بهدفين نظيفين.. سامحكم الله.
هكذا كانت النهاية الميلودرامية لشباب الفراعنة في بطولة كأس العالم للشباب. التي نستعد لها منذ سنتين وكان يمكن أن تكون هذه البطولة. مصدرا للسعادة الكبيرة لكل المصريين والعرب. لو كان لاعبو هذا الفريق علي مستوي المسئولية. وجهاز "سكوب" علي قدر المهمة.. إلا أن شوائب هذا الفريق كانت دائما تطفو علي السطح. وتغلب علي أي مظاهر طيبة في الفريق.
النهاية الميلودرامية جاءت أمام فريق كوستاريكا. الذي تأهل لدور الـ 16 بالصدفة. لكنه استحق أن يفوز لأنه لعب وأجاد وتماسك.. ولم يأت فوزه بهدف عابر أو بضربة حظ. ولكن بهدفين نظيفين.. الأول في الدقيقة 20 والثاني في الدقيقة 88 من المباراة.. بينما الحارس الكوستاريكي استبان الفارادو لم يختبر مطلقا طوال الـ 90 دقيقة إلا في الكرات العالية غير الخطيرة.
الهدف الأول من ضربة رأس للمدافع جوزيه منيا. والثاني خاطفة عكسية للاعب جوزيه مارتتنيز.. وأدار المباراة الحكم النمساوي رونالدهيم. وكان لطيفا معنا. ولكننا لم نستغل لطفه. لأننا لم نلعب. وأمضينا الـ 90 دقيقة في عك كروي. وأحيانا في هيجان كروي عشوائي.
سكوب الفاشل
واللوم لا يقع علي اللاعبين "المشتتين" وحدهم. ولكن علي الأخ سكوب الذي لا يملك ملكة المدرب الخلاق الذي يستطيع أن يطوع لاعبيه ويفجر طاقاتهم. ويعالج عيوبهم خاصة في هذه السن التي تكون مليئة بالعيوب التي تحتاج إلي تصحيح وملاحقة دائمة.. ولكن ثبت لنا بالدليل الواقع أن سكوب كان مسالماً جداً مع هؤلاء اللاعبين. حتي أننا في كل مرة نتحدث فيه عن الأداء الفردي. نجدهم يتمسكون به ولا يتخلصوا منه.. وهذا يعني أن سكوب لا يستطيع أن يفرض عليهم كلمة. وأن توجيهاته لا تعنيهم لأن يلعبوا بطريقتهم المعيبة التي دفعنا ثمنها في هذه المباراة. بأن ودعنا البطولة. وهي علي أرضنا وبين جماهيرنا.. فانتهي عيد المونديال مبكراً جداً.
ولكن مع ذلك.. يبقي علينا أن نتعايش مع البطولة. حتي بعد خروج منتخب مصر.. لأن النجاح الجماهيري لكل جولات البطولة هو همنا الأول.. بعد أن طار حلمنا الرئيسي.
كنت أتمني أن يكون هذا المونديال ميلاداً حقيقياً لأكثر من 20 لاعبا يمكن أن يكونوا مستقبل المنتخب الوطني في المرحلة القادمة.. وكنت أتمني أن يستغل اللاعبون هذه الفرصة العالمية ليقدموا أنفسهم كلاعبين هم الأفضل والأبرز علي الساحة المصرية.. ولكنهم بكل أسف فهموا الحكاية غلط. وغرقوا في فردية الأداء والعشوائية التكتيكية التي ابتدعها سكوب مع هذا الفريق.. حتي أدمنوا اللعب الفردي "المقرف" .. وظنوا أنهم بهذه الفردية يستطيعون أن يكونوا نجوما. ففشلوا جميعا. ولا أظن أن هناك لاعباً واحداً منهم يمكن أن يكون له شأن في الفريق. إلا الحارس علي لطفي. ومن بعده عرفات ورمضان.. أما البقية فتحتاج إلي وقت طويل جداً ليتم علاجها. حتي تولد من جديد مع أنديتهم. لأني لا أتصور أن أي منهم سيأخذ طريقه بسهولة للمنتخب الأول قبل مرور سنتين من التدريب واللعب.
الشوط الأول
لم يقدم منتخب مصر في هذا الشوط. حتي الدقيقة 20 التي شهدت هدف كوستاريكا. أي ملامح تعبر علي أنه فريق منظم أو أنه مستفيد من المساندة الجماهيرية الجبارة.. وخرج لاعبو مصر من المباراة من بدايتها. وتركوها للاعبي كوستاريكا.. حتي أن العشرين دقيقة لم تشهد سوي تسديدة ضعيفة من عرفات بعد 12 دقيقة. وضربة رأس جيدة من طلعت بعد 18 دقيقة.. و غير هاتين اللعبتين فإن الأداء المصري لم يكن علي مستوي أهمية المباراة بالمرة. وغاب التعاون تماما. ومال أداء طلعت للفردية. كما كان الارتباك واضحا وثغرة فاضحة بين المساكين حجازي وصلاح سليمان.. لأن فريق كوستاريكا لعب بعمق دفاعي. وتقريب المساحات بين خطي الدفاعي والوسط. مع الانطلاق السريع في المرتدات أو الكرات الأمامية بين حجازي وسليمان.
وباختصار فإن فريق كوستاريكا كان هو الفريق الأفضل والأكثر تنظيما حتي حصل علي الهدف الذي جاء من ضربة حرة مباشرة. لم ينتبه خلالها لاعبو مصر ولا الجهاز الفني الذي كان صامتا لتحركات القادمين من الخلف وتحديدا المدافع جوزيه مينا الذي وجد الكرة طائرة أمامه. فأودعها شباك علي لطفي بجوار القائم الأيمن البعيد.
هدف كوستاريكا أعاد لاعبي منتخب مصر للمباراة. بعد أن شعروا بالحرج. وأنهم يهرجون في الملعب ولا يلعبون.. فنشطوا وتحركوا وبدأوا في اظهار بعض التعاون فيما بينهم.. وضغط منتخب مصر في نصف ملعب الخصم.. ولكن دفاع كوستاريكا المنظم ظل متماسكا لأن الهجوم المصري كان عشوائيا رغم كثرته. ولاحت له بعض الفرص. منها دربكة أمام مرمي كوستاريكا في الدقيقة 28 لم تسفر عن شيء لأن لاعبي مصر كانوا أكثر ارتباكا من مدافعي كوستاريكا.. وبعدها بدقيقة واحدة تسديدة رائعة من كرة تنتزع الأهات. لكن الكرة تذهب فوق العارضة.. وأخطر فرصة مصرية في الدقيقة 39. من ضربة ركنية يحولها حجازي قوية ولكن في منتصف المرمي وبيد الحارس الفرادو.
وسط النشاط المصري الارتجالي. يقوم فريق كوستاريكا بأول هجمة معاكسة في الدقيقة 42. أي بعد 22 دقيقة من الهدف الغريب.. وكاد اللاعب دييجو ماديرجال ان يحرز هدفا ثانيا لفريق كوستاريكا. عندما "انسرق" من الدفاع السرحان وأصبح وجهه للحارس علي لطفي. الذي سلم أمره لله. ولكن مهاجم كوستاريكا لعب الكرة خارج القائم الأيمن.. وينتهي الشوط بالتقدم الكوستاريكي. وأمل الجماهير المصرية التي ملأت ستاد القاهرة عن آخره أن يكون الشوط الثاني أفضل لعباً ونتيجة.
هيجان هجومي
يبدأ الشوط الثاني .. وليس مع بدايته أي شيء جديد. سوي أن أشرك سكوب اللاعبين عفروتو وبوجي لزيادة الخطورة الهجومية. ويخرج شكري وعرفات اللذين فشلا خلال الشوط الأول في تشكيل أي تواجد هجومي مصري.. ولكن ظلت المسألة صعبة جداً لأن المساحات ضيقة وفريق كوستاريكا يرتد بكامله لنصف ملعبه. ويعلو الصراخ في المدرجات مع كل كرة المصرية. لعل هذه الصرخات تفعل شيئا إيجابيا مع لاعبي مصر.. ولكن هيهات مع لاعبين فقدوا القدرة علي الرؤية والتفكير والتحرك.. وأصبحت أماني الجماهير أن يأتي الفرج من السماء ليترك علي أرض ستاد القاهرة.. وذلك بعد أن مضي نصف وقت الشوط الثاني. ولا يبدو أن من يلعبون باسم مصر في أرض ستاد القاهرة قادرون علي شيء مع الطريقة التي يلعب بها فريق كوستاريكا ..كما أن قدرة الجهاز الفني بقيادة سكوب. فصلت "شحن" ونسوا الشاحن الذي كان يمكن أن ينقذهم في هذا الموقف الصعب. خاصة أن كان يمضي بسرعة الصاروخ.
الأخ طلعت يظهر لنا في الدقيقة 27 من الشوط. ويدخل منطقة الجزاء. ويسدد كرة من تحت لفوق. ويسقط علي الأرض رغم أن حوله خمسة من زملائه.. ويبدو أن حالة الفارس المنقذ تقمصته وغيره من زملائه. حتي يكتب لصاحب الهدف المصري أنه هو الذي أنقذ حلم المصريين.
بعد نصف ساعة "يجلي" الكابتن حسام حسن داخل منطقة الجزاء المصرية ويخطئها.
وبعدها بدقيقة يلعب مصطفي جلال بدلا من هشام محمد.. وترتج المدرجات بهتافات الجماهير "ياللا يا مصراوية شدوا حيلكو شوية".
ويجري مدرب كوستاريكا تغييرا نهائيا لدعم الدفاع. مع تزايد الضغط المصري. وتوالي الضربات الركنية وتعالي هتافات الجماهير التي زادت علي 80 ألفا.. ومع ذلك يزداد عجز لاعبينا بل كاد الأمر يزداد تعقيدا في الدقيقة 40 بخطأ دفاعي جماعي. ويلعبها أحد مهاجمي كوستاريكا. ولولا أصابع علي لطفي. لحولها مهاجم آخر برأسه محرزا الهدف الثاني.
مع الدقائق الأخيرة يكتسب لاعبو كوستاريكا الثقة وتزداد خطورة العرضيات.. وفي الدقيقة 43 يأتي الهدف الثاني القاتل من ماركوس. الذي وجد نفسه مع الكرة بمواجهة الحارس علي لطفي. فغمزها له في الزاوية البعيدة محرزا الهدف الثاني.. لتنتهي المبارة بهذه اللعبة وبدأت الجماهير تعبر عن غضبها بإلقاء الزجاجات البلاستيكية نحو الملعب في صورة غير لائقة.. ونال لاعبو مصر أثناء خروجهم نصيبهم من هذا الغضب البلاستيكي بينما عمت الفرحة لاعبي كوستاريكا الذين رقصوا في عرض الملعب. احتفالاً بالفوز والصعود إلي دور الثمانية.