منتدى طلبة كلية الهندسه بأسوان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى طلبة كلية الهندسه بأسوان

منتدى طلبة كلية الهندسه بأسوان
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول

 

 كل بدعة وانتم سالمين

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
moheb0eldein
مهندس ممتاز
مهندس ممتاز
moheb0eldein


عدد المساهمات : 265
تاريخ التسجيل : 05/01/2009
العمر : 34
الموقع : قنا
رقم العضوية : 1936
Upload Photos : كل بدعة وانتم سالمين Upload

كل بدعة وانتم سالمين Empty
مُساهمةموضوع: كل بدعة وانتم سالمين   كل بدعة وانتم سالمين I_icon_minitimeالإثنين 5 أبريل - 22:31

<TR><td height=10>
عيد شم النسيم.. أصله، شعائره، حكم الاحتفال به
<TR><td height=10><TR><td height=10>إبراهيم بن محمد الحقيل

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى اختار لنا الإسلام ديناً كما قال تعالى:"إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران:19]، ولن يقبل الله تعالى من أحد ديناً سواه كما قال تعالى:"ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85]، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-:"والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153)، وجميع الأديان الموجودة في هذا العصر –سوى دين الإسلام- أديان باطلة لا تقرب إلى الله تعالى؛ بل إنها لا تزيد العبد إلا بعداً منه سبحانه وتعالى بحسب ما فيها من ضلال.
وقد أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- أن فئاماً من أمته سيتبعون أعداء الله تعالى في بعض شعائرهم وعاداتهم، وذلك في حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: فمن؟" أخرجه البخاري (732) ومسلم (2669).
وفي حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-:"ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلاً بمثل حذو النعل بالنعل حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله" أخرجه الحاكم (1/129).
وقد وقع ما أخبر به النبي –صلى الله عليه وسلم-، وانتشر في الأزمنة الأخيرة في كثير من البلاد الإسلامية؛ إذ اتبع كثير من المسلمين أعداء الله تعالى في كثير من عاداتهم وسلوكياتهم، وقلدوهم في بعض شعائرهم، واحتفلوا بأعيادهم.
وكان ذلك نتيجة للفتح المادي، والتطور العمراني الذي فتح الله به على البشرية، وكان قصب السبق فيه في الأزمنة المتأخرة للبلاد الغربية النصرانية العلمانية، مما كان سبباً في افتتان كثير من المسلمين بذلك، لا سيما مع ضعف الديانة في القلوب، وفشو الجهل بأحكام الشريعة بين الناس.
وزاد الأمر سوءاً الانفتاح الإعلامي بين كافة الشعوب، حتى غدت شعائر الكفار وعاداتهم تُنقل مزخرفة مبهرجة بالصوت والصورة الحية من بلادهم إلى بلاد المسلمين عبر الفضائيات والشبكة العالمية –الإنترنت- فاغتر بزخرفها كثير من المسلمين.
وقد لاحظت –كما لاحظ غيري- احتفال كثير من المسلمين في مصر بعيد شم النسيم واحتفال غيرهم في كثير من البلدان العربية والغربية بأعياد الربيع على اختلاف أنواعها ومسمياتها وأوقاتها، وكل هذه الأعياد الربيعية –فيما يظهر- هي فرع من عيد شم النسيم، أو تقليد له.
لأجل ذلك رأيت تذكير إخواني المسلمين ببيان خطورة الاحتفال بمثل هذه الأعياد الكفرية على عقيدة المسلم.

منشأ عيد شم النسيم وقصته:
عيد شم النسيم من أعياد الفراعنة، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل، ثم انتقل إلى الأقباط بعد ذلك، وصار في العصر الحاضر عيداً شعبياً يحتفل به كثير من أهل مصر من أقباط ومسلمين وغيرهم.
كانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة؛ ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل.
ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات –وكانوا يعتقدون- كما ورد في كتابهم المقدس عندهم – أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدء خلق العالم.
وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم (عيد شموش) أي بعث الحياة، وحُرِّف الاسم على مر الزمن، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم (شم) وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله.
يرجع بدء احتفال الفراعنة بذلك العيد رسمياً إلى عام 2700 ق.م أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة (أون) وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات.

بين عيد الفصح وشم النسيم:
نقل بنو إسرائيل عيد شم النسيم عن الفراعنة لما خرجوا من مصر، وقد اتفق يوم خروجهم مع موعد احتفال الفراعنة بعيدهم.
واحتفل بنو إسرائيل بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم، وأطلقوا عليه اسم عيد الفصح، والفصح كلمة عبرية معناها (الخروج) أو (العبور)، كما اعتبروا ذلك اليوم – أي يوم بدء الخلق عند الفراعنة- رأساً لسنتهم الدينية العبرية تيمناً بنجاتهم، وبدء حياتهم الجديدة.
وهكذا انتقل هذا العيد من الفراعنة إلى اليهود، ثم انتقل عيد الفصح من اليهود إلى النصارى وجعلوه موافقاً لما يزعمونه قيامة المسيح، ولما دخلت النصرانية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد المصريين القدماء –الفراعنة- ويقع دائماً في اليوم التالي لعيد الفصح أو عيد القيامة.
كان الفراعنة يحتفلون بعيد شم النسيم؛ إذ يبدأ ليلته الأولى أو ليلة الرؤيا بالاحتفالات الدينية، ثم يتحول مع شروق الشمس إلى عيد شعبي تشترك فيه جميع طبقات الشعب كما كان فرعون، وكبار رجال الدولة يشاركون في هذا العيد.

من مظاهر الاحتفال به:
يخرج المحتفلون بعيد شم النسيم جماعات إلى الحدائق والحقول والمتنـزهات؛ ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها، وقد اعتادوا أن يحملوا معهم طعامهم وشرابهم، ويقضوا يومهم في الاحتفال بالعيد ابتداء من شروق الشمس حتى غروبها، وكانوا يحملون معهم أدوات لعبهم، ومعدات لهوهم، وآلات موسيقاهم، فتتزين الفتيات بعقود الياسمين (زهر الربيع)، ويحمل الأطفال سعف النخيل المزين بالألوان والزهور، فتقام حفلات الرقص الزوجي والجماعي على أنغام الناي والمزمار والقيثار، ودقات الدفوف، تصاحبها الأغاني والأناشيد الخاصة بعيد الربيع، كما تجري المباريات الرياضية والحفلات التمثيلية.
كما أن الاحتفال بالعيد يمتد بعد عودتهم من المزارع والمتنـزهات والأنهار إلى المدينة ليستمر حتى شروق الشمس سواء في المساكن حيث تقام حفلات الاستقبال، وتبادل التهنئة أو في الأحياء والميادين والأماكن العامة حيث تقام حفلات الترفيه والندوات الشعبية.

أطعمة هذا العيد:
كان لشم النسيم أطعمته التقليدية المفضلة، وما ارتبط بها من عادات وتقاليد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاحتفال بالعيد نفسه، والطابع المميز له والتي انتقلت من الفراعنة عبر العصور الطويلة إلى عصرنا الحاضر.
وتشمل قائمة الأطعمة المميزة لمائدة شم النسيم: (البيض-والفسيخ-والبصل-والخس-والملانة)
وقد أخذ كثير ممن يحتفلون بأعياد الربيع في دول الغرب والشرق كثيراً من مظاهر عيد شم النسيم ونقلوها في أعيادهم الربيعية.

بيض شم النسيم:
يعتبر البيض الملون مظهراً من مظاهر عيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض (بيضة الشرق).
بدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع –شم النسيم- مع بداية العيد الفرعوني نفسه أو عيد الخلق حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة، كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد (أخناتون الفرعوني).
وهكذا بدأ الاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيم عند الفراعنة.
أما فكرة نقش البيض وزخرفته، فقد ارتبطت بعقيدة قديمة أيضاً؛ إذ كان الفراعنة ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات ويجمعونه أو يعلقونه في أشجار الحدائق حتى تتلقى بركات نور الإله عند شروقه –حسب زعمهم- فيحقق دعواتهم ويبدأون العيد بتبادل التحية (بدقة البيض)، وهي العادات التي ما زال أكثرها متوارثاً إلى الآن –نعوذ بالله من الضلال-.
أما عادة تلوين البيض بمختلف الألوان وهو التقليد المتبع في جميع أنحاء العالم، فقد بدأ في فلسطين بعد زعم النصارى صلب اليهود للمسيح –عليه السلام- الذي سبق موسم الاحتفال بالعيد، فأظهر النصارى رغبتهم في عدم الاحتفال بالعيد؛ حداداً على المسيح، وحتى لا يشاركون اليهود أفراحهم. ولكن أحد القديسين أمرهم بأن يحتفلوا بالعيد تخليداً لذكرى المسيح وقيامه، على أن يصبغوا البيض باللون الأحمر ليذكرهم دائماً بدمه الذي سفكه اليهود.
وهكذا ظهر بيض شم النسيم لأول مرة مصبوغاً باللون الأحمر، ثم انتقلت تلك العادة إلى مصر وحافظ عليه الأقباط بجانب ما توارثوه من الرموز والطلاسم والنقوش الفرعونية.
ومنهم انتقلت عبر البحر الأحمر إلى روما، وانتشرت في أنحاء العالم الغربي النصراني في أوربا وأمريكا، وقد تطورت تلك العادة إلى صباغة البيض بمختلف الألوان التي أصبحت الطابع المميز لأعياد شم النسيم والفصح والربيع حول العالم.

الفسيخ (السمك المملح):
ظهر الفسيخ، أو السمك المملح من بين الأطعمة التقليدية في العيد في الأسرة الفرعونية الخامسة عندما بدأ الاهتمام بتقديس النيل: نهر الحياة، (الإله حعبى) عند الفراعنة الذي ورد في متونه المقدسة عندهم أن الحياة في الأرض بدأت في الماء ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل من الجنة حيث ينبع –حسب زعمهم-.
وقد كان للفراعنة عناية بحفظ الأسماك، وتجفيفها وتمليحها وصناعة الفسيخ والملوحة واستخراج البطارخ –كما ذكر هيرودوث [هو مؤرخ إغريقي اعتنى بتواريخ الفراعنة والفرس، وفاته كانت 425 قبل الميلاد كما في الموسوعة العربية الميسرة (2/1926)] فقال عنهم:"إنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم، ويرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنة، وكانوا يفضلون نوعاً معيناً لتمليحه وحفظه للعيد، أطلقوا عليه اسم (بور) وهو الاسم الذي حور في اللغة القبطية إلى (يور) وما زال يطلق عليه حتى الآن.

بصل شم النسيم:
ظهر البصل ضمن أطعمة عيد شم النسيم في أواسط الأسرة الفرعونية السادسة وقد ارتبط ظهوره بما ورد في إحدى أساطير منف القديمة التي تروى أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد، وكان محبوباً من الشعب، وقد أصيب الأمير الصغير بمرض غامض عجز الأطباء والكهنة والسحرة عن علاجه، وأقعد الأمير الصغير عن الحركة، ولازم الفراش عدة سنوات، امتُنِع خلالها عن إقامة الأفراح والاحتفال بالعيد مشاركة للملك في أحزانه.
وكان أطفال المدينة يقدمون القرابين للإله في المعابد في مختلف المناسبات ليشفى أميرهم، واستدعى الملك الكاهن الأكبر لمعبد آمون، فنسب مرض الأمير الطفل إلى وجود أرواح شريرة تسيطر عليه، وتشل حركته بفعل السحر.
وأمر الكاهن بوضع ثمرة ناضجة من ثمار البصل تحت رأس الأمير في فراش نومه عند غروب الشمس بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ، ثم شقها عند شروق الشمس في الفجر ووضعها فوق أنفه ليستنشق عصيرها.
كما طلب منهم تعليق حزم من أعواد البصل الطازج فوق السرير وعلى أبواب الغرفة وبوابات القصر لطرد الأرواح الشريرة.
وتشرح الأسطورة كيف تمت المعجزة وغادر الطفل فراشه، وخرج ليلعب في الحديقة وقد شفى من مرضه الذي يئس الطب من علاجه، فأقام الملك الأفراح في القصر لأطفال المدينة بأكملها، وشارك الشعب في القصر في أفراحه، ولما حل عيد شم النسيم بعد أفراح القصر بعدة أيام قام الملك وعائلته، وكبار رجال الدولة بمشاركة الناس في العيد، كما قام الناس –إعلاناً منهم للتهنئة بشفاء الأمير- بتعليق حزم البصل على أبواب دورهم، كما احتل البصل الأخضر مكانه على مائدة شم النسيم بجانب البيض والفسيخ.
ومما هو جدير بالذكر أن تلك العادات التي ارتبطت بتلك الأسطورة القديمة سواء من عادة وضع البصل تحت وسادة الأطفال، وتنشيقهم لعصيره، أو تعليق حزم البصل على أبواب المساكن أو الغرف أو أكل البصل الأخضر نفسه مع البيض والفسيخ ما زالت من العادات والتقاليد المتبعة إلى الآن في مصر وفي بعض الدول التي تحتفل بعيد شم النسيم أو أعياد الربيع.

خس شم النسيم:
كان الخس من النباتات التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها ونضجها، وقد عرف ابتداء من الأسرة الفرعونية الرابعة حيث ظهرت صوره من سلال القرابين التي يقربونها لآلتهم من دون الله –تعالى- بورقه الأخضر الطويل وعلى موائد الاحتفال بالعيد، وكان يسمى الهيروغليفية (حب) كما اعتبره الفراعنة من النباتات المقدسة الخاصة بالمعبود (من) إله التناسل، ويوجد رسمه منقوشاً دائماً تحت أقدام الإله في معابده ورسومه –تعالى الله عن إفكهم وشركهم-.

حمس شم النسيم:
هي ثمرة الحمص الأخضر، وأطلق عليه الفراعنة اسم (حور –بيك) أي رأس الصقر لشكل الثمرة التي تشبه رأس حور الصقر المقدس عندهم.
وكان للحمص –كما للخس- الكثير من الفوائد والمزايا التي ورد ذكرها في بردياتهم الطبية.
وكانوا يعتبرون نضج الثمرة وامتلاءها إعلاناً عن ميلاد الربيع، وهو ما أخذ منه اسم الملانة أو الملآنة.
وكانت الفتيات يصنعن من حبات الملانة الخضراء عقوداً، وأساور يتزين بها في الاحتفالات بالعيد، كما يقمن باستعمالها في زينة الحوائط ونوافذ المنازل في الحفلات المنـزلية.
ومن بين تقاليد شم النسيم الفرعونية القديمة التزين بعقود زهور الياسمين وهو محرف من الاسم الفرعوني القديم (ياسمون) وكانوا يصفون الياسمين بأنه عطر الطبيعة التي تستقبل به الربيع، وكانوا يستخرجون منه في موسم الربيع عطور الزينة وزيت البخور الذي يقدم ضمن قرابين المعابد عند الاحتفال بالعيد. [انظر: هذه المعلومات وغيرها في: موسوعة أغرب الأعياد وأعجب الاحتفالات لسيد صديق عبد الفتاح (516-526)، وأعياد مصر بين الماضي والحاضر للدكتور سعيد محمد حسن الملط (19-22)].

حكم الاحتفال بعيد شم النسيم:
مما سبق عرضه في قصة نشأة هذا العيد وأصله ومظاهره قديماً وحديثاً يتبين ما يلي:
أولاً: أن أصل هذا العيد فرعوني، كانت الأمة الفرعونية الوثنية تحتفل به ثم انتقل إلى بني إسرائيل بمخالطتهم للفراعنة، فأخذوه عنهم، ومنهم انتقل إلى النصارى، وحافظ عليه الأقباط –ولا يزالون-.
فالاحتفال به فيه مشابهة للأمة الفرعونية في شعائرها الوثنية؛ إن هذا العيد شعيرة من شعائرهم المرتبطة بدينهم الوثني، والله تعالى حذرنا من الشرك ودواعيه وما يفضي إليه؛ كما قال سبحانه مخاطباً رسوله –صلى الله عليه وسلم-:"ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين*بل الله فاعبد وكن من الشاكرين" [الزمر:65-66]، ولقد قضى الله سبحانه –وهو أحكم الحاكمين- بأن من مات على الشرك فهو مخلد في النار؛ كما قال سبحانه:"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" [النساء:116].

ثانياً: أن اسم هذا العيد ومظاهره وشعائره من بيض مصبوغ أو منقوش وفسيخ (سمك مملح) وبصل وخس وغيرها هي عين ما كان موجوداً عند الفراعنة الوثنين،ولها ارتباط بعقائد فاسدة كاعتقادهم في البصل إذا وضع تحت الوسادة أو علق على الباب أو ما شابه ذلك فإنه يشفي من الأمراض ويطرد الجان كما حصل في الأسطورة الفرعونية، ومن فعل ذلك فهو يقتدي بالفراعنة في خصيصة من خصائص دينهم الوثني، والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول:"من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أحمد (3/50) وأبو داود (5021).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى_Sadهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى:"ومن يتولهم منكم فإنه منهم" أ.هـ (الاقتضاء 1/314).
وقال الصنعاني –رحمه الله تعالى-Sadفإذا تشبه بالكفار في زي واعتقد أن يكون بذلك مثله كفر، فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء: منهم من قال: يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب) سبل السلام (8/248).
وهذه الاعتقادات التي يعتقدونها في طعام عيد شم النسيم وبيضه وبصله مناقضة لعقيدة المسلم، فكيف إذا انضم إلى ذلك أنها مأخوذة من عباد الأوثان الفراعنة؟ لا شك أن حرمتها أشد؛ لأنها جمعت بين الوقوع في الاعتقاد الباطل وبين التشبه المذموم.

ثالثاً: ذكر الشيخ الأزهري علي محفوظ رحمه الله تعالى - عضو هيئة كبار العلماء في وقته في مصر- بعض ما شاهده من مظاهر هذا العيد، وما يجري فيه من فسوق وفجور فقال –رحمه الله تعالى-Sadوناهيك ما يكون من الناس من البدع والمنكرات والخروج عن حدود الدين والأدب في يوم شم النسيم، وما أدراك ما شم النسيم؟ هو عادة ابتدعها أهل الأوثان لتقديس بعض الأيام تفاؤلاً به أو تزلفاً لما كانوا يعبدون من دون الله، فعمرت آلافاً من السنين حتى عمت المشرقين، واشترك فيها العظيم والحقير، والصغير والكبير..) إلى أن قالSadفهل هذا اليوم –يوم شم النسيم- في مجتمعاتنا الشرعية التي تعود علينا بالخير والرحمة؟ كلا، وحسبك أن تنظر في الأمصار بل القرى فترى في ذلك اليوم ما يزري بالفضيلة، ويخجل معه وجه الحياء من منكرات تخالف الدين، وسوءات تجرح الذوق السليم، وينقبض لها صدر الإنسانية.
الرياضة واستنشاق الهواء، ومشاهدة الأزهار من ضرورات الحياة في كل آن لا في ذلك اليوم الذي تمتلئ فيه المزارع والخلوات بجماعات الفجار وفاسدي الأخلاق، فتسربت إليها المفاسد، وعمتها الدنايا، فصارت سوقاً للفسوق والعصيان، ومرتعاً لإراقة الحياء، وهتك الحجاب، نعم، لا تمر بمزرعة أو طريق إلا وترى فيه ما يخجل كل شريف، ويؤلم كل حي، فأجدر به أن يسمى يوم الشؤم والفجور!! ترى المركبات والسيارات تتكدس بجماعات عاطلين يموج بعضهم في بعض بين شيب وشبان ونساء وولدان ينـزحون إلى البساتين والأنهار، ترى السفن فوق الماء مملوءة بالشبان يفسقون بالنساء على ظهر الماء، ويفرطون في تناول المسكرات، وارتكاب المخازي، فاتبعوا خطوات الشيطان في السوء والفحشاء في البر والبحر، وأضاعوا ثمرة الاجتماع فكان شراً على شر، ووبالاً على وبال.
تراهم ينطقون بما تصان الأذان عن سماعه، ويخاطبون المارة كما يشاؤون من قبيح الألفاظ، وبذيء العبارات؛ كأن هذا اليوم قد أبيحت لهم فيه جميع الخبائث، وارتفع عنهم فيه حواجز التكليف (أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون).
فعلى من يريد السلامة في دينه وعرضه أن يحتجب في بيته في ذلك اليوم المشؤوم، ويمنع عياله وأهله، وكل من تحت ولايته عن الخروج فيه حتى لا يشارك اليهود والنصارى في مراسمهم، والفاسقين الفاجرين في أماكنهم، ويظفر بإحسان الله ورحمته) أ.هـ من الإبداع في مضار الابتداع (275-276).

رابعاً: ظهر من كلام الشيخ علي محفوظ الآنف الذكر، وكلام من نقلنا عنهم في مظاهر هذا العيد الوثني الفرعوني، أنه عيد ينضح بالفجور والفسوق، ويطفح بالشهوات والموبقات، وكل من كتب عن هذا العيد من المعاصرين –فيما وقفت عليه من مصادر- يذكرون ما فيه من اختلاط، وتهتك في اللباس، وعلاقات محرمة بين الجنسين، ورقص ومجون، إضافة إلى المزامير والطبول وما شاكلها من آلات اللهو، فيكون قد أنضاف إليه مع كونه تشبهاً بالوثنيين في شعائرهم جملة من مظاهر الفسق والفجور كافية في التنفير عنه، والتحذير منه.

موقف المسلم من عيد شم النسيم:
من عرضنا السابق لأصل هذا العيد ونشأته ومظاهره وشعائره فإنه يمكن تلخيص ما يجب على المسلم في الآتي:
أولاً: عدم الاحتفال به، أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم، أو حضور الاحتفال به؛ وذلك لما فيه من التشبه بالفراعنة الوثنيين ثم باليهود والنصارى، والتشبه بهم فيما يخصهم محرم فكيف بالتشبه بهم في شعائرهم؟!
قال الحافظ الذهبي –رحمه الله-Sadفإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم) أ.هـ من تشبه الخسيس بأهل الخميس (رسالة منشورة في مجلة الحكمة 4/193).

ثانياً: عدم إعانة من يحتفل به من الكفار أقباطاً كانوا أم يهوداً أم غيرهم بأي نوع من أنواع الإعانة، كالإهداء لهم، أو الإعلان عن وقت هذا العيد أو مراسيمه أو مكان الاحتفال به، أو إعارة ما يعين على إقامته، أو بيع ذلك لهم، فكل ذلك محرم؛ لأن فيه إعانة على ظهور شعائر الكفر وإعلانها، فمن أعانهم على ذلك فكأنه يقرهم عليه، ولهذا حرم ذلك كله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-Sadلا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نار ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة، وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام) (مجموع الفتاوى 25/329).
وقال ابن التركماني الحنفي –رحمه الله-Sadفيأثم المسلم بمجالسته لهم وبإعانته لهم بذبح وطبخ وإعارة دابة يركبونها لمواسمهم وأعيادهم) (اللمع في الحوادث والبدع (2/519-520).
وقد أحسن الشيخ محفوظ –رحمه الله- حينما أوصى كل مسلم في بلاد يحتفل بهذا العيد فيها أن يلزم بيته، ويحبس أهله وأولاده عن المشاركة في مظاهر هذا العيد واحتفالاته.

ثالثاً: الإنكار على من يحتفل به من المسلمين، ومقاطعته في الله تعالى إذا صنع دعوة لأجل هذا العيد، وهجره إذا اقتضت المصلحة ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: (وكما لا نتشبه بهم في الأعياد فلا يعان المسلم في ذلك؛ بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تُجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه، ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر) (الاقتضاء 2/519-520).
وبناء على ما قرره شيخ الإسلام فإنه لا يجوز للتجار المصريين من المسلمين أو في أي بلاد يحتفل فيها بشم النسيم أن يتاجروا بالهدايا الخاصة بهذا العيد من بيض منقوش، أو مصبوغ مخصص لهذا العيد، أو سمك مملح لأجله، أو بطاقات تهنئة به، أو غير ذلك مما هو مختص به؛ لأن المتاجرة بذلك فيها إعانة على المنكر الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله –صلى الله عليه وسلم-. كما لا يحل لمن أهديت له هدية هذا العيد أن يقبلها؛ لأن في قبولها إقراراً لهذا العيد، ورضاً به.
ولا يعني ذلك الحكم بحرمة بيع البيض أو السمك أو البصل أو غيره مما أحله الله تعالى، وإنما الممنوع بيع ما خصص لهذا العيد بصبغ أو نقش أو تمليح أو ما شابه ذلك، ولكن لو كان المسلم يتاجر ببعض هذه الأطعمة، ولم يخصصها لهذا العيد لا بالدعاية، ولا بوضع ما يرغب زبائن هذا العيد فيها فلا يظهر حرج في بيعها ولو كان المشترون منه يضعونها لهذا العيد.

رابعاً: عدم تبادل التهاني بعيد شم النسيم؛ لأنه عيد للفراعنة ولمن تبعهم من اليهود والنصارى، وليس عيداً للمسلمين، وإذا هنئ المسلم به فلا يرد التهنئة، قال ابن القيم –رحمه الله-Sadوأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنـزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه) أ.هـ (أحكام أهل الذمة 1/441-442).

خامساً: توضيح حقيقة عيد شم النسيم وأمثاله من الأعياد التي عمت وطمت في هذا الزمن، وبيان حكم الاحتفال بها لمن اغتر بذلك من المسلمين، والتأكيد على ضرورة تميز المسلم بدينه، ومحافظته على عقيدته، وتذكيره بمخاطر التشبه بالكفار في شعائرهم الدينية كالأعياد، أو بما يختصون به من سلوكياتهم وعاداتهم؛ نصحاً للأمة، وأداءً لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي بإقامته صلاح البلاد والعباد.
والواجب على علماء مصر أن يحذروا المسلمين من مغبة الاحتفال بعيد شم النسيم، أو مشاركة المحتفلين به، أو إعانتهم بأي نوع من أنواع الإعانة على إقامته، وحث الناس على إنكاره ورفضه؛ لئلا يكون الدين غريباً بين المسلمين.
وقد لاحظت أن كثيراً من إخواننا المسلمين في مصر يحتفلون بهذا العيد ولا يعرفون حقيقته وأصله، وحكم الاحتفال به، وبعضهم يعرف حقيقته، ولكنهم يقللون من خطورة الاحتفال به ظناً منهم أنه أصبح عادة وليس عبادة، وحجتهم أنهم لا يعتقدون فيه ما يعتقده الفراعنة أو اليهود والنصارى، وهذا فهم خاطئ فإن التشبه في شعائر الدين يؤدي إلى الكفر سواء اعتقد المتشبه بالكفار في هذه الشعيرة ما يعتقدون فيها أم لم يعتقد؟
بخلاف التشبه فيما يختصون به من السلوكيات والعادات فهو أخف بكثير، ولا سيما إذا انتشرت بين الناس ولم تعد خاصة بهم، وكثير من الناس لا يفرق بين الأمرين.
ولذا فإننا نرى المسلم يأنف من لبس الصليب؛ لأنه شعار النصارى الديني بينما نراه يحتفل بأعيادهم أو يشارك المحتفلين بها، وهذا مثل هذا إن لم يكن أعظم، لأن الأعياد من أعظم الشعائر التي تختص بها الأمم.
وكون عيد شم النسيم تحول إلى عادة كما يقوله كثير من المحتفلين به وهم لا يعتقدون فيه ما يعتقده أهل الديانات الأخرى لا يبيح الاحتفال به؛ ودليل ذلك ما رواه ثابت بن الضحاك –رضي الله عنه- قال:"نذر رجل على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلاً ببوانه، فأتى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-:"هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا:لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم" رواه أبو داود (3313) وصححه شيخ الإسلام في الاقتضاء (1/436) والحافظ في البلوغ (1405).
فيلاحظ في الحديث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- اعتبر أصل البقعة، ولم يلتفت إلى نية هذا الرجل في اختيار هذه البقعة بعينها، ولا سأله عن ذبحه لمن يكون: أهو لله –تعالى- أم للبقعة، لأن ذلك ظاهر واضح، وإنما سأله النبي –صلى الله عليه وسلم- عن تاريخ هذه البقعة: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ وهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ فلما أجيب بالنفي أجاز الذبح فيها لله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر، كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك، وإلا لما انتظم الكلام ولا حسن الاستفصال، ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو لإحياء شعار عيدهم فيها، ونحو ذلك؛ إذ ليس إلا مكان الفعل أو نفس الفعل أو زمانه،.. وإذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذوراً فكيف نفس عيدهم؟"أ.هـ (الاقتضاء 1/443).

قلت: وعيد شم النسيم ليس في زمان العيد ومكانه فحسب، بل هو العيد الوثني الفرعوني عينه في زمانه وشعائره ومظاهر الاحتفال به، فحرم الاحتفال به دون النظر إلى نية المحتفل به وقصده، كما يدل عليه هذا الحديث العظيم.
فالواجب على المسلم الحذر مما يخدش إيمانه، أو يخل بتوحيده، وتحذير الناس من ذلك.
أسأل الله تعالى أن يحفظني والمسلمين من موجبات سخطه، وأن يمنَّ علينا بالتقوى والإخلاص في الأقوال والأعمال.
والحمد لله رب العالمين
المصدر : الإسلام اليوم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/pages/%D9%84%D9%85%D9%86-%D9%83%D8%A7%D9
moheb0eldein
مهندس ممتاز
مهندس ممتاز
moheb0eldein


عدد المساهمات : 265
تاريخ التسجيل : 05/01/2009
العمر : 34
الموقع : قنا
رقم العضوية : 1936
Upload Photos : كل بدعة وانتم سالمين Upload

كل بدعة وانتم سالمين Empty
مُساهمةموضوع: رد: كل بدعة وانتم سالمين   كل بدعة وانتم سالمين I_icon_minitimeالإثنين 5 أبريل - 22:41

لماذا يكون المولد النبوي دائما يوم الاثنين وعيد شم النسيم دائما يوم الاثنين أيضا؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإنه قبل الجواب عن استفسارك الخاص بتصادف اجتماع عيد المولد وعيد شم النسيم في ‏يوم واحد هو يوم الاثنين، لا بد من بيان حقيقة عيد شم النسيم ونشأته، وحكم احتفال ‏المسلمين به، وحقيقة المولد النبوي ونِشأته، وحكم الاحتفال به أيضاً.‏
أما عيد شم النسيم أو الربيع - كما يطلق عليه- فهو أحد أعياد مصر الفرعونية، وترجع ‏بداية الاحتفال به بشكل رسمي إلى ما يقرب من 4700 عام (270) قبل الميلاد، وترجع ‏تسمية "شم النسيم" إلى الكلمة الفرعونية (شمو) وهي كلمة هيروغليفية، ويرمز بها عند ‏قدماء المصريين إلى بعث الحياة، وكانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، وفيه بدأ ‏خلق العالم. وأضيفت كلمة ( النسيم) إليه لارتباط هذا اليوم باعتدال الجو، حيث تكون ‏بداية الربيع. ولا بد من الإشارة أن اليهود من المصريين - على عهد سيدنا موسى عليه ‏السلام- قد أخذوا عن الفراعنة المصريين احتفالهم بهذا العيد، وجعلوه رأساً للسنة العبرية، ‏وأطلقوا عليه اسم " عيد الفصح" والفصح: كلمة عبرية تعني: ( الخروج أو العبور) ‏وذلك أنه كان يوم خروجهم من مصر، على عهد سيدنا موسى عليه السلام. وعندما ‏دخلت المسيحية مصر عرف ما يسمى بـ:"عيد يوم القيامة" والذي يرمز إلى قيام المسيح ‏من قبره - كما يزعمون - واحتفالات النصارى بشم النسيم بعد ذلك جاءت موافقة ‏لاحتفال المصريين القدماء، ويلاحظ أن يوم شم النسيم يعتبر عيداً رسمياً في بعض البلاد ‏الإسلامية تعطل فيه الدوائر الرسمية! كما يلاحظ أيضاً أن النصارى كانوا ولا يزالون ‏يحتفلون بعيد الفصح ( أو عيد القيامة) في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد شم النسيم يوم ‏الاثنين. ومن مظاهر الاحتفال بعيد ( شم النسيم) أن الناس يخرجون إلى الحدائق ‏والمتنزهات بمن فيهم النساء والأطفال، ويأكلون الأطعمة وأكثرها من البيض، والفسيخ ( ‏السمك المملح) وغير ذلك. والملاحظ أن الناس قد زادوا على الطقوس الفرعونية، مما ‏جعل لهذا العيد صبغة دينية، سرت إليه من اليهودية والنصرانية، فأكل السمك والبيض ‏ناشئ عن تحريمهما عليهم أثناء الصوم الذي ينتهي بعيد القيامة ( الفصح) حيث يمسكون ‏في صومهم عن كل ما فيه روح أو ناشئ عنه، كما أن من العادات تلوين البيض بالأحمر، ‏وربما كانوا يرمزون بذلك إلى دم المسيح ( المصلوب) حسب اعتقادهم الباطل المناقض ‏للقرآن الكريم، وإجماع المسلمين المنعقد على عدم قتل المسيح وعدم صلبه، وأنه رفع إلى ‏السماء كما يقول الله جل وعلا في محكم كتابه: { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ ‏مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ‏مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } [النساء:157]‏
{ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } [النساء:158]

وعلى أية حال فلا يجوز للمسلم مشاركة النصارى وغيرهم في الاحتفال بشم النسيم ‏وغيره من الأعياد الخاصة بالكفار، كما لا يجوز تلوين البيض في أعيادهم، ولا التهنئة ‏للكفار بأعيادهم، وإظهار السرور بها، كما لا يجوز تعطيل الأعمال من أجلها لأن هذا من ‏مشابهة أعداء الله المحرمة ومن التعاون معهم على الباطل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم أنه قال: « من تشبه بقوم فهو منهم » رواه أحمد، وأبو داود، وابن أبي شيبة وغيرهم. ‏قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا ‏الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا ‏يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ ‏وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [المائدة:2].

ومن أراد التوسع في هذا الموضوع فليراجع كتاب: اقتضاء الصراط المستقيم للإمام ابن ‏تيمية رحمه الله.‏
أما الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم واتخاذ يوم ولادته عيداً فهو أمر محدث ‏مبتدع، وأول من أحدثه هم الفاطميون ( العبيديون ) كما صرح بذلك جمع من الأئمة، ‏قال الإمام المقريزي في كتابه الخطط المسمى بـ ( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ‏‏): (كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي: موسم رأس السنة، ‏وموسم أول العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم، ومولد علي بن أبي ‏طالب رضي الله عنه، ومولد الحسن: ومولد الحسين عليهما السلام، ومولد فاطمة ‏الزهراء عليها السلام، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول ‏شعبان، وليلة نصفه، وموسم ليلة رمضان، وغرة رمضان، وسماط رمضان، وليلة الختم، ‏وموسم عيد الفطر، وموسم عيد النحر، وعيد الغدير، وكسوة الشتاء، وكسوة الصيف، ‏وموسم فتح الخليج، ويوم النوروز، ويوم الغطاس، ويوم الميلاد، وخميس العدس، وأيام ‏الركوبات…إلخ (1/432) طبعة دار صادر بيروت .

وقال الشيخ محمد بخيت المطيعي ‏الحنفي مفتي الديار المصرية سابقاً، في كتابه: أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من ‏الأحكام ص44 ( مما أحدث وكثر السؤال عنه المولد، فنقول: إن أول من أحدثها ‏بالقاهرة: الخلفاء الفاطميون، وأولهم المعز لدين الله، توجه من المغرب إلى مصر في شوال ‏سنة ( 361) إحدى وستين وثلاثمائة هجرية، فوصل إلى ثغر إسكندرية في شعبان سنة ‏‏362 ودخل القاهرة لسبع خلون من شهر رمضان في تلك السنة فابتدعوا: ستة موالد : ‏المولد النبوي، ومولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومولد السيدة فاطمة الزهراء، ‏ومولد الحسن، ومولد الحسين، ومولد الخليفة الحاضر. وبقيت هذه الموالد على رسومها ‏إلى أن أبطلها الأفضل بن أمير الجيوش ... وفي خلافة الآمر بأحكام الله أعاد الموالد الستة ‏المذكورة قبل، بعد أن أبطلها الأفضل وكاد الناس ينسونها… ثم قال المطيعي أيضاً: ( من ‏ذلك تعلم أن مظفر الدين إنما أحدث المولد النبوي في مدينة إربل على الوجه الذي ‏وصف، فلا ينافي ما ذكرناه من أن أول من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون من قبل ‏ذلك، فإن دولة الفاطميين انقرضت بموت العاضد بالله أبي محمد عبد الله بن الحافظ بن ‏المستنصر في يوم الاثنين عاشر المحرم سنة (567) هجرية، وما كانت الموالد تعرف في دولة ‏الإسلام من قبل الفاطميين ) ثم قال: ( وأنت إذا علمت ما كان يعمله الفاطميون، ومظفر ‏الدين في المولد النبوي جزمت أنه لا يمكن أن يحكم عليه بالحل).‏

ومما تقدم نعلم أن الاحتفال بهذه المناسبة بدعة منكرة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه ‏وسلم، ولا صحابته، ولا من جاء بعدهم من السلف. قال الإمام ابن تيمية في اقتضاء ‏الصراط المستقيم: ( لم يفعله السلف الصالح مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه. ولو ‏كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا ‏أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما ‏كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنته باطناً وظاهراً، ونشر ما ‏بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين ‏من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان) صفحة 295.

وعلى أية حال: فإذا كان ‏الرسول صلى الله عليه وسلم قد ولد يوم الاثنين فإنه قد توفي صلى الله عليه وسلم يوم ‏الاثنين، وما أحسن ما قاله ابن الحاج المالكي في كتابه المدخل: ( العجب العجيب ‏كيف يعملون المولد بالمغاني والفرح والسرور، كما تقدم لأجل مولده صلى الله عليه ‏وسلم في هذا الشهر الكريم، وهو صلى الله عليه وسلم فيه انتقل إلى كرامة ربه عز وجل، ‏وفجعت الأمة وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبداً، فعلى هذا ‏كان يتعين البكاء والحزن الكثير، وانفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به، لقوله صلى الله ‏عليه وسلم: " ليعزي المسلمون في مصائبهم المصيبة بي ...إلخ ) ومن هنا فإننا نقول بعدم ‏جواز الاحتفال بمناسبة المولد النبوي، كما يجدر التنبيه إلى أن اليوم الموافق لميلاد النبي ‏صلى الله عليه وسلم لا يأتي دائماً يوم الاثنين بل يختلف باختلاف الأعوام، ولكن يوم شم ‏النسيم يأتي دائماً يوم الاثنين لأن النصارى يعدلون في موعد صومهم كل عام حتى يتوافق مع مجيء (شم النسيم) ‏يوم الاثنين.‏
وأخيراً: ننصح السائل الكريم بعدم الاحتفال بمثل هذه المناسبات التي ما أنزل الله بها من ‏سلطان. ومن أراد المزيد فليرجع إلى عدة كتب ورسائل كتبت في هذا الموضوع ومنها: ‏حكم الاحتفال بالمولد النبوي للشيخ ابن باز، والقول الفصل في الاحتفال بمولد خير ‏الرسل للشيخ إسماعيل الأنصاري، والمدخل لابن الحاج.
‏ والله أعلم.‏
28 ربيع الأول 1422
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه




وقال الشيخ عطية صقر لما سُئل ..
ما حكم الاحتفال بشم النسيم ؟ وما الخلفية التاريخية للاحتفال به؟


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
شم النسيم كان عيدًا فرعونيًا قوميًا يتصل بالزارعة ثم جاءته مسحة دينية، وصار مرتبطًا بالصوم الكبير وبعيد الفصح أو القيامة، وعلى المسلمين أن يوطنوا أنفسهم على الطاعة، وألا يقلدوا غيرهم في احتفال، ولقد شرع لنا الله عز وجل أعيادنا، وشرع لنا كيفية الاحتفال بها، فلا حاجة لنا في تقليد غيرنا في أعياده التي يختلط فيها الحق والباطل والحرام بالحلال.
وعن مثل هذا السؤال يجيب فضيلة الشيخ عطية صقر - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا - بقوله :ـ

لا شك أن التمتع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتنزه أمر مباح ما دام في الإطار المشروع، الذي لا ترتكب فيه معصية ولا تنتهك حرمة ولا ينبعث من عقيدة فاسدة. قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } [سورة المائدة: 87] وقال: { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } [سورة الأعراف: 32].
لكن هل للتزين والتمتع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز في غيره، وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات، أو بظواهر خاصة؟

هذا ما نحب أن نلفت الأنظار إليه. إن الإسلام يريد من المسلم أن يكون في تصرفه على وعي صحيح وبُعد نظر، لا يندفع مع التيار فيسير حين يسير ويميل حيث يميل، بل لا بد أن تكون له شخصية مستقبلة فاهمة، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه، وعن التقليد الأعمى، لا ينبغي أن يكون كما قال الحديث "إمعة" يقول: إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت، ولكن يجب أن يوطن نفسه على أن يحسن إن أحسنوا، وألا يسئ إن أساءوا، وذلك حفاظًا على كرامته واستقلال شخصيته، غير مبال من هذا النوع فقال "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" رواه البخاري ومسلم.

فلماذا نحرص على شم النسيم في هذا اليوم بعينه والنسيم موجود في كل يوم؟ إنه لا يعدو أن يكون يومًا عاديًا من أيام الله حكمه كحكم سائرها، بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهي ارتباطه بعقائد لا يقرها الدين، حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشم نسيم الحياة بعد الموت.
ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أن الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليوم أردأ منه في غيره أو أغلى ثمنًا.
إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة في الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلق والكرامة ممنوعة لا يقرها دين ولا عقل سليم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس" رواه الترمذي ورواه بمعناه ابن حبان في صحيحه.
ويقول فضيلة الشيخ عن تاريخ هذا الاحتفال:

النسيم هو الريح الطيبة، وشمه يعني استنشاقه، وهل استنشاق الريح الطيبة له موسم معين حتى يتخذه الناس عيدًا يخرجون فيه إلى الحدائق والمزارع، ويتمتعون بالهواء الطلق والمناظر الطبيعية البديعة، ويتناولون فيه أطايب الأطعمة أو أنواعًا خاصة منها لها صلة بتقليد قديم أو اعتقاد معين؟ ذلك ما نحاول أن نجيب عليه فيما يأتي:

كان للفراعنة أعياد كثيرة، منها أعياد الزراعة التي تتصل بمواسمها، والتي ارتبط بها تقويمهم إلى حد كبير، فإن لسنتهم الشمسية التي حددوها باثني عشر شهرًا ثلاثة فصول، كل منها أربعة اشهر، وهي فصل الفيضان ثم فصل البذر، ثم فصل الحصاد. ومن هذه الأعياد عيد النيروز الذي كان أول سنتهم الفلكية بشهورها المذكورة وأسمائها القبطية المعروفة الآن. وكذلك العيد الذي سمي في العصر القبطي بشم النسيم، وكانوا يحتفلون به في الاعتدال الربيعي عقب عواصف الشتاء وقبل هبوب الخماسين، وكانوا يعتقدون أن الخليقة خلقت فيه، وبدأ احتفالهم به عام 2700ق.م وذلك في يوم 27 برمودة، الذي مات فيه الإله "ست" إله الشر وانتصر عليه إليه الخير. وقيل منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد.

وكان من عادتهم في شم النسيم الاستيقاظ مبكرين، والذهاب إلى النيل للشرب منه وحمل مائه لغسل أراضي بيوتهم التي يزينون جدرانهم بالزهور. وكانوا يذهبون إلى الحدائق للنزهة ويأكلون خضرًا كالملوخية والخس، ويتناولون الأسماك المملحة التي كانت تصاد من بحر يوسف وتملح في مدينة "كانوس" وهي أبو قير الحالية كما يقول المؤرخ "سترابون" وكانوا يشمون البصل، ويعلقونه على منازلهم وحول أعناقهم للتبرك.
وإذا كان لهم مبرر للتمتع بالهواء والطبيعة وتقديس النيل الذي هو عماد حضارتهم فإن تناولهم لأطعمة خاصة بالذات واهتمامهم بالبصل لا مبرر له إلا خرافة آمنوا بها وحرصوا على تخليد ذكراها.


لقد قال الباحثون: إن أحد أبناء الفراعنة مرض وحارت الكهنة في علاجه، وذات يوم دخل على فرعون كاهن نوبي معه بصلة أمر بوضعها قرب أنف المريض، بعد تقديم القرابين لإله الموت "سكر" فشفى. وكان ذلك في بداية الربيع، ففرح الأهالي بذلك وطافوا بالبلد والبصل حول أعناقهم كالعقود حول معابد الإله "سكر" وبمرور الزمن جدت أسطورة أخرى تقول: إن امرأة تخرج من النيل في ليلة شم النسيم يدعونها "نداهة" تأخذ الأطفال من البيوت وتغرقهم، وقالوا: إنها لا تستطيع أن تدخل بيتًا يعلق عليه البصل ".


ثم حدث في التاريخ المصري حادثان، أولهما يتصل باليهود والثاني بالأقباط، أما اليهود فكانوا قبل خروجهم من مصر يحتفلون بعيد الربيع كالمصريين، فلما خرجوا منها أهملوا الاحتفال به، كما أهملوا كثيرًا من عادات المصريين، شأن الكاره الذي يريد أن يتملص من الماضي البغيض وآثاره. لكن العادات القديمة لا يمكن التخلص منها نهائيًا وبسهولة، فأحب اليهود أن يحتفلوا بالربيع لكن بعيدًا عن مصر وتقويمها، فاحتفلوا به كما يحتفل البابليون، واتبعوا في ذلك تقويمهم وشهورهم
.
فالاحتفال بالربيع كان معروفًا عند الأمم القديمة من الفراعنة والبابليين والأشوريين، وكذلك عرفه الرومان والجرمان، وإن كانت له أسماء مختلفة، فهو عند الفراعنة عيد شم النسيم، وعند البابليين والأشوريين عيد ذبح الخروف، وعند اليهود عيد الفصح، وعند الرومان عيد القمر، وعند الجرمان عيد "إستر" إلهة الربيع.

وأخذ احتفال اليهود به معنى دينيًا هو شكر الله على نجاتهم من فرعون وقومه.
وأطلقوا عليه اسم "عيد بساح" الذي نقل إلى العربية باسم "عيد الفصح" وهو الخروج، ولعل مما يشير إلى هذا حديث رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى أن اليهود تصوم عاشوراء، فقال لهم "ما هذا اليوم الذي تصومونه"؟ قالوا: هذا يوم عظيم، نجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فنحن أحق وأولى بموسى منكم" فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه. وفي رواية فنحن نصومه تعظيمًا له.

غير أن اليهود جعلوا موعدًا غير الذي كان عند الفراعنة، فحددوا له يوم البدر الذي يحل في الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرة.

ولما ظهرت المسيحية في الشام احتفل المسيح وقومه بعيد الفصح كما كان يحتفل اليهود. ثم تآمر اليهود على صلب المسيح وكان ذلك يوم الجمعة 7 من إبريل سنة 30 ميلادية، الذي يعقب عيد الفصح مباشرة، فاعتقد المسيحيون أنه صلب في هذا اليوم، وأنه قام من بين الأموات بعد الصلب في يوم الأحد التالي، فرأى بعض طوائفها أن يحتفلوا بذكرى الصلب في يوم الفصح، ورأت طوائف أخرى أن يحتفلوا باليوم الذي قام فيه المسيح من بين الأموات، وهو عيد القيامة يوم الأحد الذي يعقب عيد الفصح مباشرة، وسارت كل طائفة على رأيها، وظل الحال على ذلك حتى رأى قسطنطين الأكبر إنهاء الخلاف في "نيقية" سنة 325 ميلادية وقرر توحيد العيد، على أن يكون في أول أحد بعد بدر يقع في الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرة، وحسب الاعتدال الربيعي وقتذاك فكان بناء على حسابهم في يوم 21 من مارس "25 من برمهات" فأصبح عيد القيامة في أول أحد بعد أول بدر وبعد هذا التاريخ أطلق عليه اسم عيد الفصح المسيحي تمييزًا له عن عيد الفصح اليهودي.

هذا ما كان عند اليهود وتأثر المسيحيين به في عيد الفصح. أما الأقباط وهم المصريون الذين اعتنقوا المسيحية فكانوا قبل مسيحيتهم يحتفلون بعيد شم النسيم كالعادة القديمة، أما بعد اعتناقهم للدين الجديد فقد وجدوا أن للاحتفال بعيد شم النسيم مظاهر وثنية لا يقرها الدين، وهم لا يستطيعون التخلص من التقاليد القديمة، فحاولوا تعديلها أو صبغها بصبغة تتفق مع الدين الجديد، فاعتبروا هذا اليوم يومًا مباركًا بدأت فيه الخليقة، وبشر فيه جبريل مريم العذراء بحملها للمسيح، وهو اليوم الذي تقوم فيه القيامة ويحشر الخلق، ويذكرنا هذا بحديث رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه دخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلى في يوم الجمعة" صحيح مسلم بشرح النووي "ج6 ص 142".

فاحتفل أقباط مصر بشم النسيم قوميًا باعتباره عيد الربيع، ودينيًا باعتباره عيد البشارة، ومزجوا فيه بين التقاليد الفرعونية والتقاليد الدينية.
وكان الأقباط يصومون أربعين يومًا لذكرى الأربعين التي صامها المسيح عليه السلام، وكان هذا الصوم يبدأ عقب عيد الغطاس مباشرة، فنقله البطريرك الإسكندري ديمتريوس الكرام، وهو البطريرك الثامن عشر "188-234م" إلى ما قبل عيد القيامة مباشرة، وأدمج في هذا الصوم صوم أسبوع الآلام، فبلغت عدته خمسة وخمسين يومًا، وهو الصوم الكبير، وعم ذلك في أيام مجمع نيقيه "325م" وبهذا أصبح عيد الربيع يقع في أيام الصوم إن لم يكن في أسبوع الآلام، فحرم على المسيحيين أن يحتفلوا بهذا العيد كعادتهم القديمة في تناول ما لذ وطاب من الطعام والشراب، ولما عز عليهم ترك ما درجوا عليه زمنًا طويلاً تخلصوا من هذا المأزق فجعلوا هذا العيد عيدين، أحدهما عيد البشارة يحتفل به دينيًا في موضعه، والثاني عيد الربيع ونقلوه إلى ما بعد عيد القيامة، لتكون لهم الحرية في تناول ما يشاءون، فجعلوه يوم الاثنين التالي لعيد القيامة مباشرة، ويسمى كنسيًا "اثنين الفصح" كما نقل الجرمانيون عيد الربيع ليحل في أول شهر مايو.

من هذا نرى أن شم النسيم بعد أن كان عيدًا فرعونيًا قوميًا يتصل بالزارعة جاءته مسحة دينية، وصار مرتبطًا بالصوم الكبير وبعيد الفصح أو القيامة، حيث حدد له وقت معين قائم على اعتبار التقويم الشمسي والتقويم القمري معًا، ذلك أن الاعتدال الربيعي مرتبط بالتقويم الشمسي، والبدر مرتبط بالتقويم القمري، وينهما اختلاف كما هو معروف، وكان هذا سببًا في اختلاف موعده من عام لآخر، وفي زيادة الاختلاف حين تغير حساب السنة الشمسية من التقويم اليولياني إلى التقويم الجريجوري.

وبيان ذلك: أن التقويم القمري كان شائعًا في الدولة الرومانية، فأبطله يوليوس قيصر، وأنشأ تقويمًا شمسيًا، قدر فيه السنة بـ 25 و365 يومًا، واستخدم طريقة السنة الكبيسة مرة كل أربع سنوات، وأمر يوليوس قيصر باستخدام هذا التقويم رسميًا في عام 708 من تأسيس روما، وكان سنة 46 قبل الميلاد، وسمي بالتقويم اليولياني، واستمر العمل به حتى سنة 1582م حيث لاحظ. الفلكيون في عهد بابا روما جريجورويوس الثالث عشر خطأ في الحساب الشمسي، وأن الفرق بين السنة المعمول بها والحساب الحقيقي هو 11 دقيقة، 14 ثانية، وهو يعادل يومًا في كل 128 عامًا، وصحح البابا الخطأ المتراكم فأصبح يوم 5 من أكتوبر سنة 1582 هو يوم 15 أكتوبر سنة 1582م وهو التقويم المعروف بالجريجوري السائد الآن.

وعندما وضع الأقباط تاريخهم وضعوه من يوم 29 من أغسطس سنة 284م الذي استشهد فيه كثيرون أيام "دقلديانوس" جعلوه قائمًا على الحساب اليولياني الشمسي، لكن ربطوه دينيًا بالتقويم القمري، وقد بني على قاعدة وضعها الفلكي "متيون" في القرن الخامس قبل الميلاد، وهو أن كل 19 سنة شمسية تعادل 235 شهرًا قمريًا، واستخدم الأقباط هذه القاعدة منذ القرن الثالث الميلادي. وقد وضع قواعد تقويمهم المعمول به إلى الآن البطريرك ديمتريوس الكرام، وساعده في ذلك الفلكي المصري بطليموس.
وبهذا يحدد عيد القيامة "الذي يعقبه شم النسيم" بأنه الأحد التالي للقمر الكامل "البدر" الذي يلي الاعتدال الربيعي مباشرة.

وقد أخذ الغربيون الحساب القائم على استخدام متوسط الشهر القمري لحساب ظهور القمر الجديد وأوجهه لمئات السنين "وهو المسمى بحساب الألقطي" وطبقوه على التقويم الروماني اليولياني، فاتفقت الأعياد المسيحية عند جميع المسيحيين كما كان يحددها التقويم القبطي، واستمر ذلك حتى سنة 1582م حين ضبط الغربيون تقويمهم بالتعديل الجريجوري.
ومن هنا اختلف موعد الاحتفال بعيد القيامة وشم النسيم.
والله أعلم




وأجاب أيضا لما سُئل.. يحتفل المصريون بيوم شَمِّ النسيم، فما أصل هذا الاحتفال، وما رأي الدين فيه؟

النسيم هو الرِّيح الطيبة، وشمُّه يعنى استنشاقه، وهل استنشاق الرِّيح الطيِّبة له موْسم مُعيَّن حتى يتَّخذه الناس عيدًا يَخرجون فيه إلى الحدائق والمَزَارع، ويتمتَّعون بالهواء الطَّلْق والمناظر الطبيعيَّة البديعة، ويتناولون فيه أطايب الأطعمة أو أنواعًا خاصة منها لها صلة بتقليد قديم أو اعتقاد معيَّن؟ ذلك ما نحاول أن نجيب عليه فيما يأتي:

كان للفراعنة أعياد كثيرة، منها أعياد الزراعة التي تتصل بمواسمها، والتي ارتبط بها تقويمهم إلى حدٍّ كبير، فإنَّ لِسَنَتِهِمُ الشمسية التي حدَّدوها باثني عشر شهرًا ثلاثة فصول، كل منها أربعة أشهر، وهي فصل الفيضان ثم فصل البذر، ثم فصل الحصاد. ومن هذه الأعياد عيد النيروز الذي كان أول سنتهم الفلكية بشهورها المذكورة وأسمائها القبطية المعروفة الآن، وكذلك العيد الذي سُمي في العصر القِبْطي بشم النسيم، وكانوا يحتفلون به في الاعتدال الرَّبيعي عقب عواصف الشتاء وقبل هبوب الخماسين، وكانوا يعتقدون أن الخليقة خُلقت فيه، وبدأ احتفالهم به عام 2700ق.م.
وذلك في يوم 27 برمودة، الذي مات فيه الإله "ست" إله الشر وانتصر عليه إله الخير، وقيل منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد.
وكان من عادتهم في شم النسيم الاستيقاظ مبكِّرين، والذَّهاب إلى النِّيل للشرب منه وحمل مائة لغَسل أراضي بيوتهم التي يُزيِّنون جُدْرانها بالزّهور. وكانوا يذهبون إلى الحدائق للنزهة ويأكلون خضرًا: كالملوخية والملانة والخسِّ، ويتناولون الأسماك المُملَّحة التي كانت تُصاد من بحر يوسف وتُملَّح في مدينة " كانوس" وهي أبو قير الحالية كما يقول المؤرخ "سترابون"، وكانوا يَشَمُّون البصل، ويُعلقونه على منازلهم وحول أعناقهم للتبرك.
وإذا كان لهم مبرِّر للتَّمتُّع بالهواء والطبيعة وتقديس النيل الذي هو عماد حضارتهم فإن تناولهم لأطعمة خاصة بالذات واهتمامهم بالبصل لا مبرِّر له إلا خرافةً آمنوا بها وحَرِصُوا على تخليد ذكراها.

لقد قال الباحثون: إن أحد أبناء الفراعنة مَرِض وحارت الكهنة في علاجه، وذات يوم دخل على فرعون كاهن نوبي معه بصلة أمر بوضعها قرب أنف المريض، بعد تقديم القرابين لإله الموت "سكر" فشُفِيَ. وكان ذلك في بداية الربيع، ففَرِح الأهالي بذلك وطافوا بالبلد والبصل حول أعْناقِهم كالعُقود حول معابد الإله "سكر" وبمرور الزمن جدَّت أسطورة أخرى تقول: إن امرأة تخرج من النيل في ليلة شم النسيم يدعونها "نداهة" تأخذ الأطفال من البيوت وتُغرقهم، وقالوا: إنها لا تستطيع أن تدخل بيتًا يعلَّق عليه البصل" محمد صالح – الأهرام : 30/4/1962 " ثم حدث في التاريخ المصري حادثان: أولُهما يتصل باليهود، والثاني بالأقباط، أما اليهود فكانوا قبل خروجهم من مصر يحتفلون بعيد الرَّبيع كالمصريين، فلما خرجوا منها أهملوا الاحتفال به، كما أهملوا كثيرًا من عادات المصريين، شأن الكاره الذي يُريد أن يتملَّص من الماضي البغيض وآثاره، لكن العادات القديمة لا يُمكن التخلُّص منها نهائيًا وبسهولة، فأحَب اليهود أن يحتفلوا بالربيع لكن بعيدًا عن مصر وتقويمها، فاحتفلوا به كما يَحتفل البابليون، واتَّبعوا في ذلك تقويمَهم وشهورهم.
فالاحتفال بالربيع كان معروفًا عند الأمم القديمة من الفراعنة والبابليين والآشوريين، وكذلك عَرَفَه الرومان والجرمان، وإن كانت له أسماء مختلفة، فهو عند الفراعنة عيد شم النسيم، وعند البابليين والآشوريين عيد ذبح الخروف، وعند اليهود عيد الفِصْح، وعند الرومان عيد القمر، وعند الجرمان عيد"إستر" إلهة الربيع.

وأخذ احتفال اليهود به معنى دينيًّا هو شكر الله على نجاتهم من فرعون وقومه.
وأطلقوا عليه اسم " عيد بساح" الذي نُقل إلى العربية باسم "عيد الفِصْح" وهو الخروج، ولعلَّ ممَّا يُشير إلى هذا حديث رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: قَدِم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فرأى أن اليهود تصوم عاشوراء، فقال لهم: « ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ » قالوا هذا يوم عظيم، نجَّى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ « نحن أحقُّ وأولي بموسى منكم » ، فصامه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمر بصيامه. وفِي رواية فنحن نصومه تعظيمًا له.
غير أن اليهود جعلوا مَوعدًا غير الذي كان عند الفراعنة، فحدَّدوا له يوم البدر الذي يَحل في الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرةً.
ولما ظهرت المسيحية في الشام احتفل المسيح وقومُه بِعيد الفِصح كما كان يحتفل اليهود. ثم تآمر اليهود على صَلْب المسيح وكان ذلك يوم الجمعة 7 إبريل سنة 30 ميلادية، الذي يَعْقُب عيد الفِصح مباشرًة، فاعتقد المسيحيُّون أنه صلب في هذا اليوم، وأنه قام مِن بين الأموات بعد الصَّلْب في يوم الأحد التالي، فرأى بعض طوائفها أن يحتفلوا بذكرى الصلب في يوم الفِصْح، ورأت طوائف أخرى أن يحتفلوا باليوم الذي قام فيه المسيح من بين الأموات، وهو عيد القيامة يوم الأحد الذي يعقب عيد الفصح مباشرةً، وسارت كل طائفة على رأيها، وظل الحال على ذلك حتى رأي قسطنطين الأكبر إنهاء الخلاف في "نيقية" سنة 325 ميلادية، وقرَّر توحيد العيد، على أن يكون في أول أَحَد بعد أول بدر يقع في الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرةً، وحسب الاعتدال الرَّبيعي وقتذاك فكان بناءً على حسابهم في يوم 21 من مارس "25 من برمهات"، فأصبح عيد القيامة في أول أحد بعد أول بدر، وبعد هذا التاريخ أُطلِق عليه اسم عيد الفصح المسيحي تمييزًا له عن عيد الفِصْح اليهودي.

هذا ما كان عند اليهود وتأثُّر المسيحيين به في عيد الفصح. أما الأقباط ـ وهم المصريون الذين اعتنقوا المسيحية ـ فكانوا قبل مسيحيتهم يحتفلون بعيد شم النسيم كالعادة القديمة، أما بعد اعتناقهم للدين الجديد فقد وجدوا أن للاحتفال بعيد شم النسيم مظاهِرَ وثنيَّةً لا يُقرُّها الدِّين، وهم لا يستطيعون التخلُّص من التقاليد القديمة، فحاولوا تعديلها أو صبْغها بصبغة تتَّفق مع الدين الجديد، فاعتبروا هذا اليوم يومًا مباركًا بدأت فيه الخَليقة، وبَشَّر فيه جبريل مريم العذراء بحَمْلها للمسيح، وهو اليوم الذي تقوم فيه القيامة ويُحشر الخلق، ويذكرنا هذا بحديث رواه مسلم عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ" خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه دَخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" صحيح مسلم بشرح النووي"ج6 ص 142".
فاحتفل أقباط مصر بشم النسيم قوميًّا باعتباره عيد الربيع، ودينيًّا باعتباره عيد البشارة، ومزَجوا فيه بين التقاليد الفِرْعَوْنية والتقاليد الدينية. وكان الأقباط يصومون أربعين يومًا لذكرى الأربعين التي صامها المسيح عليه السلام، وكان هذا الصوم يبدأ عقب عيد الغطاس مباشرة، فنقله البطريرك الإسكندري ديمتريوس الكرام، وهو البطريك الثامن عشر " 188-234م" إلى ما قبل عيد القيامة مباشرةً، وأدْمج في هذا الصوم صوم أسبوع الآلام، فبلغت عِدَّته خمسةً وخمسين يومًا، وهو الصوم الكبير، وعمَّ ذلك في أيام مجمع نيقيه" 325م" وبهذا أصبح عيد الربيع يقع في أيام الصوم إن لم يكن في أسبوع الآلام، فحُرِّم على المسيحيين أن يحتفلوا بهذا العيد كعادتهم القديمة في تناول ما لذَّ وطاب من الطعام والشراب، ولما عزَّ عليهم ترْك ما درجوا عليه زمنًا طويلًا تخلَّصوا من هذا المَأْزِق فجعلوا هذا العيد عيدين: أحدهما: عيد البشارة يُحتفل به دينيًّا في موضعه، والثاني: عيد الربيع ونقلوه إلى ما بعد عيد القيامة؛ لتكون لهم الحرية في تناول ما يشاءون، فجعلوه يوم الاثنين التالي لعيد القيامة مباشرةً، ويُسمَّى كَنَسِيًّا: " اثنين الفِصح"، كما نقل الجِرْمانيُّون عيد الربيع ليَحلَّ في أول شهر مايو.
من هذا نرى أن شم النسيم بعد أن كان عيدًا فِرْعَوْنيًّا قوميًّا يتَّصل بالزِّراعة جاءته مِسْحة دينيَّة، وصار مرتبطًا بالصوم الكبير وبعيد الفصح أو القيامة، حيث حُدِّد له وقتٌ معيَّن قائم على اعتبار التقويم الشَّمسي والتقويم القَمَري معًا، ذلك أن الاعتدال الربيعي مرتبط بالتقويم الشمسي، والبدر مرتبط بالتقويم القمري، وبينهما اختلاف كما هو معروف، وكان هذا سببًا في اختلاف موعده من عام لآخر، وفي زيادة الاختلاف حين تَغيَّر حساب السنة الشمسية من التقويم اليولياني إلى التقويم الجريجوري. بيان ذلك: أن التقويم القمري كان شائعًا في الدولة الرومانية، فأبْطله يوليوس قيصر، وأنشأ تقويمًا شمسيًا، قدَّر فيه السنة بـ25، 365 يومًا، واستخدم طريقة السنة الكبيسة مرة كل أربع سنوات، وأمر يوليوس قيصر باستخدام هذا التقويم رسميًّا في عام 708م من تأسيس روما، وكان سنة 46 قبل الميلاد، وسُمِّي بالتقويم اليولياني، واستمرَّ العمل به حتى سنة 1582م حيث لاحظ الفلكيون في عهد بابا روما جريجوريوس الثالث عشر خطأ في الحساب الشمسي، وأن الفرق بين السنة المعمول بها والحساب الحقيقي هو 11 دقيقة ، 14 ثانية، وهو يعادل يومًا في كل 128 عامًا، وصحح البابا الخطأ المتراكم فأصبح يوم 5 من أكتوبر سنة 1582 هو يوم 15 أكتوبر سنة 1582 م، وهو التقويم المعروف بالجريجوري السائد الآن، وعندما وضع الأقباط تاريخهم وضعوه من يوم 29 من أغسطس سنة 284م الذي استشهد فيه كثيرون أيام " دقلديانوس" جعلوه قائمًا على الحساب اليولياني الشمسي، لكن ربطوه دينيًّا بالتقويم القمري، وقد بني على قاعدة وضعها الفلكي" متيون" في القرن الخامس قبل الميلاد، وهو أن كل 19 سنة شمسية تعادل 235 شهرًا قمريًّا، واستخدم الأقباط هذه القاعدة منذ القرن الثالث الميلادي، وقد وضع قواعد تقويمهم المعمول به إلى الآن البطريرك ديمترويوس الكرام، وساعده في ذلك الفلكي المصري بطليموس.
وبهذا يُحدَّد عيد القيامة" الذي يَعقبه شم النسيم" بأنه الأحد التالي للقمر الكامل "البدر" الذي يَلِي الاعتدال الربيعي مباشرةً. وقد أخذ الغربيون الحساب القائم على استخدام متوسط الشهر القمري لحساب ظهور القمر الجديد وأوجهه لمئات السنين "وهو الحساب المُسمَّى بحساب الألقطى"، وطبَّقوه على التقويم الروماني اليولياني، فاتَّفقت الأعياد المسيحية عند جميع المسيحيين كما يُحدِّدها التقويم القِبطي، واستمر ذلك حتى سنة 1582م حين ضبط الغربيون تقويمهم بالتعديل الجريجوري، ومن هنا اختلف موعد الاحتفال بعيد القيامة وشم النسيم.

أستميحك عفوًا أيها القارئ الكريم إذا أتعبتك بذكر تطورات التقويم وتغير مواعيد الأعياد، إذ قد لخصتها من عدة مواضع من كتاب "تاريخ الحضارة المصرية، ومن بحث للدكتور عبد الحميد لطفي في مجلة الثقافة " عدد 121" لسنتها الثالثة في 22/4/1941م ومن منشورات بالصحف: الجمهورية 15/4/1985، والأهرام 20/4/1987، 11/4/1988 فإني قصدت بذلك أن تعرف أن عيد الربيع الحقيقي ثابت في موعده كل عام، لارتباطه بالتقويم الشمسي، أما عيد شم النسيم فإنَّه موعد يتغير كل عام لاعتماده مع التقويم الشمسي على الدَّوْرة القمرية، وهو مرتبط بالأعياد الدينية غير الإسلامية، ولهذه الصفة الدينية زادت فيه طقوس ومظاهر على ما كان معهودًا أيَّام الفراعنة وغيرهم، فحرص الناس فيه على أكل البيض والأسماك المُملَّحة، وذلك ناشئ من تحريمها عليهم في الصوم الذي يُمسكون فيه عن كل ما فيه روح أو ناشئ منه، وحرصوا على تلوين البيض بالأحمر؛ ولعل ذلك لأنه رمز دم المسيح على ما يعتقدون وقد تفنن الناس في البيض وتلوينه حتى كان لبعضه شهرة في التاريخ.
فقد قالوا: إن أشهر أنواع البيض بيضة هنري الثاني التي بعث بها إلى" ديانادي بواتييه" فكانت عُلبةَ صَدَفٍ على شكل بيضة بها عقد من اللؤلؤ الثمين، كما بعث لويس الرابع عشر للآنسة " دى لا فاليير" علبة بشكل بيضة ضمَّنها قطعة خشب من الصَّليب الذي صُلب عليه المسيح، ولويس الخامس عشر أهدى خطيبته " مدام دى باري" بيضة حقيقة من بيض الدجاج مَكسوَّة بطبقة رقيقة من الذهب، وهي التي قال فيها الماركيز "بولفر" لو أنها أُكِلت لوجَبَ حفظ قِشْرتها" مهندس / محمد حسن سعد – الأهرام 25 من أبريل 1938.
وقيصر روسيا " الإسكندر الثالث " كلف الصائغ " كارل فابرج" بصناعة بيضة لزوجته 1884م، استمر في صنعها ستة أشهر كانت مُحلَّاة بالعقيق والياقوت، وبَيَاضُها من الفضة وصَفَارُها من الذهب، وفي كل عام يهديها مثلها حتى أبطلتْها الثورة الشيوعية 1917م.
وبعد، فهذا هو عيد شم النسيم الذي كان قوميًّا ثم صار دينيًّا، فما حُكم احتفال المسلمين به؟ لا شك أن التَّمتُّع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتَنَزُّه أمْر مباح ما دام في الإطار المشروع، الذي لا تُرتكب فيه معصية ولا تُنتهك حرمة ولا يَنبَعِث من عقيدة فاسدة، قال تعالى: { يَا أَيُّها الذينَ آمَنوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [سورة المائدة: 87] ، وقال: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } [سورة الأعراف: 32] لكن هل للتزين والتمتُّع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز في غيره، وهل يتحقق ذلك إلا بنَوْع من المأْكولات والمشروبات، أو بظواهر خاصة؟
هذا ما نُحب أن نَلْفِتَ الأنظار إليه. إن الإسلام يريد من المسلم أن يكون في تصرُّفه على وعْي صحيح وبُعْد نَظَر، لا يندفع مع التيار فيسير حيث يسير ويميل حيث يميل، بل لا بد أن تكون له شخصية مستقلة فاهمة، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه، وعن التقليد الأعمى، لا يبغي أن يكون كما قال الحديث" إمَّعة" يقول: إن أحسَنَ الناس أحسنتُ، وإن أساءوا أسأتُ، ولكن يجب أن يُوطِّن نفسه على أن يُحسن إن أحسنوا، وألا يُسيء إن أساءوا، وذلك حفاظًا على كرامته واستقلال شخصيته، غير مُبالٍ بما يوجَّه إليه من نقد أو استهزاء، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهانا عن التقليد الذي من هذا النوع فقال « لتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه » رواه البخاري ومسلم.
فلماذا نحْرص على شَمِّ النَّسيم في هذا اليوم بِعَينه والنسيم موجود في كل يوم؟ إنَّه لا يعدو أن يكون يومًا عاديًّا من أيام الله حكمه كحُكْم سائرها، بل إنَّ فيه شَائبةً تُحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهي ارتباطُه بعقائد لا يُقرُّها الدِّين، حيث كان الزَّعم أنَّ المسيح قام من قبره وشَمَّ نسيم الحياة بعد الموت.
ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أنَّ الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليوم أردأ منه في غيره أو أغلى ثمنًا.
إن هذا الحرص يُبرِّر لنا أن ننصح بعدم المشاركة في الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلُق والكرامة ممنوعة لا يُقرِّها دين ولا عقل سليم والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " مَن التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مئونة الناس، ومَن التمس رضا الناس بِسَخَطِ الله وَكَلَهُ الله إلى الناس" رواه الترمذي ورواه بمعناه ابن حِبَّان في صحيحه .
الشيخ عطية صقر



--------------------------------------------------------------------------------


وكتب سمير حلبي


هو أحد أعياد مصر الفرعونية،وترجع بداية الاحتفال بعيد "شم النسيم" – بشكل رسمي- إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، أي نحو عام (2700 ق.م)، وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثة.

وإن كان بعض المؤرخين يرون أن بداية الاحتفال به ترجع إلى عصر ما قبل الأسرات، ويعتقدون أن الاحتفال بهذا العيد كان معروفًا في مدينة "هليوبوليس" ومدينة "أون".

وترجع تسمية "شم النسيم" بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو"، وهي كلمة هيروغليفية قديمة لها صورتان:



وهو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون.

وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.

وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار، وقت حلول الشمس في برج الحمل. فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم – قبل الغروب –؛ ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم.

وفي تلك اللحظة يحدث شيء عجيب، حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.

وما زالت هذه الظاهرة العجيبة تحدث مع مقدم الربيع في الحادي والعشرين من مارس كل عام، في الدقائق الأخيرة من الساعة السادسة مساءً، نتيجة سقوط أشعة الشمس بزاوية معينة على الواجهة الجنوبية للهرم، فتكشف أشعتها الخافتة الخط الفاصل بين مثلثي الواجهة اللذين يتبادلان الضوء والظلال فتبدو وكأنها شطران.

وقد توصل العالم الفلكي والرياضي البريطاني "بركتور" إلى رصد هذه الظاهرة، وتمكن من تصوير لحظة انشطار واجهة الهرم في عام 1920م، كما استطاع العالم الفرنسي "أندريه بوشان" – في عام 1934م – تسجيل تلك الظاهرة المثيرة باستخدام الأشعة تحت الحمراء.

ويتحول الاحتفال بعيد "شم النسيم" – مع إشراقة شمس اليوم الجديد - إلى مهرجان شعبي، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة، فيخرج الناس إلى الحدائق والحقول والمتنزهات، حاملين معهم أنواع معينة من الأطعمة التي يتناولونها في ذلك اليوم، مثل: البيض، والفسيخ (السمك المملح)، والخَسُّ، والبصل، والملانة (الحُمُّص الأخضر).

وهي أطعمة مصرية ذات طابع خاص ارتبطت بمدلول الاحتفال بذلك اليوم – عند الفراعنة - بما يمثله عندهم من الخلق والخصب والحياة.

فالبيض يرمز إلى خلق الحياة من الجماد، وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله "بتاح" – إله الخلق عند الفراعنة - وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد.

ولذلك فإن تناول البيض – في هذه المناسبة - يبدو وكأنه إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين، وقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم.

وقد تطورت هذه النقوش - فيما بعد -؛ لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض.

أما الفسيخ – أو "السمك المملح" – فقد ظهر بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد في عهد الأسرة الخامسة، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل، وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ.

وقد ذكر "هيرودوت" – المؤرخ اليوناني الذي زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد وكتب عنها - أنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم.

كذلك كان البصل من بين الأطعمة التي حرص المصريون القدماء على تناولها في تلك المناسبة، وقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض، فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم، ويضعونه تحت الوسائد، وما زالت تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين حتى اليوم.

وكان الخَسُّ من النباتات المفضلة في ذلك اليوم، وقد عُرِف منذ عصر الأسرة الرابعة، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية "عب"، واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة، فنقشوا صورته تحت أقدام إله التناسل عندهم.

وقد لفت ذلك أنظار بعض علماء السويد – في العصر الحديث- فقاموا بإجراء التجارب والدراسات على نبات الخس، وكشفت تلك البحوث والدراسات عن حقيقة عجيبة، فقد ثبت لهم أن ثمة علاقة وثيقة بين الخس والخصوبة، واكتشفوا أن زيت الخس يزيد في القوة الجنسية لاحتوائه على فيتامين (هـ) بالإضافة إلى بعض هرمونات التناسل.

ومن الأطعمة التي حرص قدماء المصريين على تناولها أيضًا في الاحتفال بعيد "شم النسيم" نبات الحمص الأخضر، وهو ما يعرف عند المصريين باسم "الملانة"، وقد جعلوا من نضوج ثمرة الحمص وامتلائها إشارة إلى مقدم الربيع.

وقد أخذ اليهود عن المصريين احتفالهم بهذا العيد، فقد كان وقت خروجهم من مصر – في عهد "موسى" عليه السلام – مواكبًا لاحتفال المصريين بعيدهم، وقد اختار اليهود – على حَدِّ زعمهم - ذلك اليوم بالذات لخروجهم من مصر حتى لا يشعر بهم المصريون أثناء هروبهم حاملين معهم ما سلبوه من ذهب المصريين وثرواتهم؛ لانشغالهم بالاحتفال بعيدهم، ويصف ذلك "سِفْر الخروج" من "العهد القديم" بأنهم: "طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابًا، وأعطى الرَّب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم. فسلبوا المصريين".

واتخذ اليهود ذلك اليوم عيدًا لهم، وجعلوه رأسًا للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم "عيد الفِصْح" – وهو كلمة عبرية تعني: الخروج أو العبور – تيمُّنًا بنجاتهم، واحتفالاً ببداية حياتهم الجديدة.

وعندما دخلت المسيحية مصر جاء "عيد القيامة" موافقًا لاحتفال المصريين بعيدهم، فكان احتفال النصارى بعيد الفصح – أو "عيد القيامة" – في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد "شم النسيم" يوم الإثنين، وذلك في شهر "برمودة" من كل عام.

واستمر الاحتفال بهذا العيد تقليدًا متوارثًا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور، يحمل ذات المراسم والطقوس، وذات العادات والتقاليد التي لم يطرأ عليها أدنى تغيير منذ عصر الفراعنة وحتى الآن.

وقد استرعى ذلك انتباه المستشرق الإنجليزي "إدوارد وليم لين" الذي زار القاهرة عام (1834م) فوصف احتفال المصريين بهذا العي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/pages/%D9%84%D9%85%D9%86-%D9%83%D8%A7%D9
العشري
عضو مرشح للإشراف عن قسم أخبار أهرام جمهورية
عضو مرشح للإشراف عن قسم أخبار أهرام جمهورية
العشري


عدد المساهمات : 369
تاريخ التسجيل : 01/10/2008
العمر : 34
رقم العضوية : 1756
Upload Photos : كل بدعة وانتم سالمين Upload

كل بدعة وانتم سالمين Empty
مُساهمةموضوع: رد: كل بدعة وانتم سالمين   كل بدعة وانتم سالمين I_icon_minitimeالإثنين 5 أبريل - 23:56

بصراحة كلام مقنع وجميل جدا جدا جزاك الله كل خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ah10
مهندس ممتاز
مهندس ممتاز
ah10


عدد المساهمات : 276
تاريخ التسجيل : 17/03/2008
العمر : 34
الموقع : معظم السنة في أسوان
رقم العضوية : 864
Upload Photos : كل بدعة وانتم سالمين Upload
أهم مواضيعى : اتحاد الطلاب فيييييييين ؟؟؟؟؟

كل بدعة وانتم سالمين Empty
مُساهمةموضوع: رد: كل بدعة وانتم سالمين   كل بدعة وانتم سالمين I_icon_minitimeالثلاثاء 6 أبريل - 1:49

شكرا مهندس محب الدين علي الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كل بدعة وانتم سالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى طلبة كلية الهندسه بأسوان :: دين ودنيا :: إســلاميـــــــــــــات-
انتقل الى: