عبير رمضان مراقب عام المنتديات
عدد المساهمات : 3897 تاريخ التسجيل : 09/04/2008 العمر : 56 الموقع : في قلب مصر رقم العضوية : 994 Upload Photos :
| موضوع: شاعِـرٌ فِى المَزَادِ الجمعة 14 مايو - 18:31 | |
| من ياترى يشجيه صوتُ المنشدِ واللحن يخبو في الضلوع ورعشة الأوتار تهرب من يدي ولمن أغني والمزاد يدور من حولي... والمَدَي ليلٌ سحيق... والعوَاصِفُ مرقدي لاتنزعج ياسيدي الآن أعرِض في المزاد قصائدي من يشتري عبقَ الزمانِ البِـكر.. أيام الصبّا وشواطئ الذكرى ...مع العمر الندي؟ من يشتري ترنيمة الزمن الجميل.. وسورة الرّحمن تسري في رحاب المسجدِ؟ من يشتري حلم الطفولة.. لوعة الأب العجوز.. رفات أجدادي... وساعة مولدي؟ لم يبق غير مواكب الذكرى تحلق كالهواجس في شحوب الموقدِ ووقفتَ تنظر في المزاد وحولك الأوطانظُ والفرسانُ والماضي الذبيحُ ...على جدار المعبدِ ومضيتَ تصرخ والمزاد يـدُّقُّ أعناق الشعوبِ.. ويستبيحُ الأمسَ.. يُجهض كل أحلامِ الغدِ فلمن تبيع الشعر يامسكينُ والأنهارُ حولك أجدبت والركب قد ضل الطريق متى يفيقُ...ويهتدي؟ ماذا تبيع الآنَ يامسكينُ في هذا المزادُ؟ لاشئ غير قصائد ثكلى تحدق بين أطلال الرماد لاشئ غير عناكب الكهان تنفث سمها والأرض حاصرها الجراد خرجوا يبيعون المصانع ..والمزارع والمساجد.. والكنائس.. والعِباد وكتائب الزمنِ القبيح تدورُ في صخبِ المزاد كأنهم كُـهّانُ عاد... مات الفوارس وانتهى زمن البراءة... والترفع ....والعناد وغدوت تجلس فوق أطلال السنين قد استكان النهر.. وارتاحت شواطئه.. وكبلها الفساد سيقول بعض الناس إن قصائدي شئ معاد حلم معاد جرح معاد حزن معاد موت معاد هي بعض ماتركت ليالي القهر في هذي البلاد ********************* ماذا تبيعُ الآن يامسكين في هذا المزاد بين الفنادق والمصانع والمتاحف والمتاجر شئ جميل أن تضئ مزادكم أوراق شاعر في كل بيتٍ من قصائده تغنى الحب.. وانسابت مشاعر هو لم يكن يوماً من الأيام دجالاً.. ولم يحمل مباخر هو لم يمارس لعبة العهر المقنع بالعفاف ولم يلوث وجهه دنس الصغائر هو لم يغير لونه المنقوش من طين الحقول ولم يحارب بالحناجر هو ماء هذا النهر.. حين يجئ مندفعاً ..وفي شمم يكابر هو من شذى هذي الضّفَافِ وكم تعذب في هواها قلب شاعر ********************* ماذا تبيع الآن في هذا المزاد؟ هذا القلم أسكنته عيني ..وحلق في سماء النيل أزماناً طويله قد عاش يرسم كل يوم ضوء قنديلٍ.. تناثر في خميله ولكلِّ بيت كان يرسم للمَدَى وطناً ..وقداساً ..ومئذنةً جميله هذا القلم أسكنته عيني.. وهام على ضفاف النيل عشقاً وارتوى بين الربوع كم كان يشرق بين أوراقي إذا انطفأت شُموسُ العمر.. واختنقت مع القهر الشموع لم يعرف الإذلال يوماً ..والخضوع بين الفنادقِ ..والمصانعِ ..والبيوت من يشتري قلماً تطارده خيوط العنكبوت؟ من يشتري قلماً حزيناً دامياً رفض التنطع والتدني والسكوت؟ بين المزاد أراه في صمتٍ.. يموت ********************* ماذا تبيع الآن في هذا المزاد من يشتري نظارتي منها رأيت الكون أمجاداً تحلق في سماء مدينتي ورأيت تاج الكبرياء.. يزين الوطن المهيب.. ويكتب التاريخ صحوة أمتي ورأيت بين سطورها وطناً عنيداً صامداً كم كان يرفع في شموخ هامتي.. ورسمت فوق ربوعها أسراب طير لا تكف عن الغناء.. ولا تفارق شرفتي ألوانها البيضاء كم رصدت مفارق رحلتي.. فيها انتصار ..وانشطارٌ وانكسارٌ من سهامِ أحبتي نظارتي.. ماذا تبقى من همومِ الرحلةِ؟ صخب المزادِ ..وأنتِ ..والكهانُ.. والزمنُ الملوثُ من دماء براءتي ********************* ماذا تبيع الآن في هذا المزاد؟ من يشتري ثوبي القديم؟ مازلتُ أعرفُ أنه ثوبٌ قديم هو يشبه النيلَ القديم ويشبه الوطنَ القديم ويشبه الحزنَ القديم سيقول بعضُ الناسِ .. باعوا شاعراً يبدو سقيم الروح.. في جسدٍ سقيم ويقول شعراً دامياً وكأنه جُرحٌ مُـقيم قد كان يوماً كاللآلئ في دُجى الليلِ البهيم والآن في وسط المزاد.. يطوف كالكهل العقيم مازال يمضي شاحباً تبدو عليه ملامح الزمن الدميم.. ********************* يا سيدي اترك لنا هذا العَـلَمْ كل الذي نرجُوهُ.. أن يبقى لنا.. هذا العَـلَمْ اتُرك صلاح الدين والسيف المحنطَ فوقَ أطلالِ الهرم واتُرك لنا شيئاً يذكرنا بِـهَذى الأرضِ بعضَ نخِـيلها بعضَ الخُـيُول.. وما تبقى في دمانا من هِمَمْ.. اترُك لنا خُوذاِتنَا الصفراءَ ..علّ برِيقها يوماً يضئ مقابر الشهداء.. تنبت من بقاياهم ذراعٌ.. أو قدم ويثور في صمت الرمال.. صهيل أوردهٍ ..وأكفانٍ ..وَدَم ويطلُّ من أعماقِ هذا الليلِ وجهٌ غاضبٌ وبكلِّ سطرٍ في ملامحه أَلَم سيقوم من صمت الترابِ يرفع الأيدي التي سكنت ويمسكُ في أصابعه قلم ويعود يكتب من جديدٍ فوقَ جدرانِ الهرمْ ( اقْرأ وَرَبُّـكَ الأَكْرَمُ الَّذي عَـلَّـمَ بِالْقَـلَمِ.. عَـلَّـمَ الإنسَانَ ما لم يَعْلَم ) أنتُم - وَرَب النَّاس- مِن خيرِ الأُمَمْ أنتُم - وَرَب النَّاس- مِن خيرِ الأُمَمْ فاروق جويدة
| |
|