لهذه الشجرة كانت قصة ما .. وحيدة ومتفردة .. لذا كانت أجمل الأشجار .. وبجوار جذعها البني
الضخم هناك أسراب كامله من النمل اللطيف الأسود المتناثر .. نمل أسود يتحرك كثيراً وفي كل اتجاه .. الحق أن النمل مفصلي شديد التنظم ، لكن نملنا هذه المرة له سلوك عجيب بعض الشيء .. هناك نمل أحمر ... وهناك نمل أبيض ، ونمل أسود ... هناك نمل له هيبة من نوع ما .. إنه نوع من النمل مصاب بالفصام للأسف .. ولا تسل عن السبب .. هناك بعض الحقائق لا بد من كتمانها لو كنت تفهم ما أعنيه ..
كان النمل يرسم .. يخطط .. يصمم .. ينفذ ..
ثمة سؤال مهم هاهنا .. أترى تلك البيوت الرملية المعقدة لم تحتج إلى أبعاد ؟ لم تحتج إلى قطاعات ؟؟ لم تحتج إلى مهندسين ( بالبلدي ) ؟؟ تخيل نملة سوداء صغيرة تلبس خوذة صفراء وسطها كشاف محترم !!
لكن مهندسي النمل للأسف كانو وكن لهم ولهن سلوك يحتاج إلى دراسة مدققة ومتقنة وناقدة .. حاولت أن أضعك في الجو لا أكثر ، لذا تأكد أن هؤلاء المهندسين النمليون يشرفون على مجموعة ذكية من النمل العبقري .. سترى نملة بدينة هناك .. سترى نملة نحيفة هنا .. هناك نملة تلبس الميني جـ .. أي ي ي ي ي ي ي ...
أي إغراء في ساقي نملة رقيقة كشعرة سوداء وسوداء كفحمة طازجة ؟؟
كذلك ظنت .. وكذلك ظنن ( بتشديد النون ) .. وهكذا استشرى الظن .. حتى إن الظن كان ( يخر ) من الأيدي والأرجل والعيون وفتحات الأنف والفم .. كان هذه الخلية بالذات كئيبة ..
لذلك كان ( نملان ) حزيناً لإنه وحيد في هذه الخلية بالذات .. كان ( نملان ) تعيساً .. لقد كان ( نملان ) تعيساً حقاً ..الحق أن ( نملان ) كان تعيساً فعلاً ...
في الحقيقة لقد كان ( نملان ) تعيساً بالفعل .. هذا تأكيد لفظي وليس نوعاً من أنواع الحشو .. دعك من أن ( نمليون ) زميله الوحيد كان نملة بدينة لدرجة فظيعة .. إنها نملة تخفي العلم في ترهلات بطنها .. ولو أن ( نملان ) فكر أن يحصل على بعض علم ( نمليون ) لسبب ذلك حرباً أهلية محترمة .. في الواقع ستكون حرباً عقدية لأن ( نمليون ) نملة من الإيموز وتركب في أنفها أطناناً من الحديد الشمبر وكثيراً من الخوازيق في أنفها و أقراطاً تضارع أقراط قبائل الزولو .. لذلك قرر ( نملان ) أن يسكت ..
وعندما جاء الصباح .. واستعد ( نملان ) ليوم هندسي رائع كالعادة .. اليوم محاضرة الدكتور ( نملة نملتين تلاتة أبو نملية بلونة كبيرة أوي ) ليتكلم عن أوع أوع آآآععع إع إع أع أع أوع إيع إيع .. لاحظ أن عنوان الدرس شيق ويدل ...
وهكذا استعد ( نملان ) .. نهض كالمسوع .. ركض كاليرسوع .. غص بكأس الماء على الريق وهو مثلج فغاص في الحوض قائلاً بحرارة : أوع أوع !! أوع !!
ولإن محاضرة اليوم هي للدكتور ( نملة نملتين تلاتة أبو نملية بلونة كبيرة أوي ) فلابد من إحضار الكثير من الأشياء .. وهكذا .. دخل ( نملان ) القاعة قبل الدكتور ( نملة نملتين تلاتة أبو نملية بلونة كبيرة أو ي) بدقيقة واحدة وعشرة ثوان وتسع بيكوثانية و إثنان وخمسون فيمتو ثانية .. ولإن الدكتور إياه سريع الفطانة حاد الذكاء مشلهم النباهة لمحه بطرف العين .. ناداه وقال له : - متأخر أوي يا ( نملان ) !!
- ......................
_ لحد إمتى حتفضل تتأخر يابني ؟؟
- الوقت غغغغغغ بالظبط غغغغ قبل غغغغغغغ دقيقة
- ششششششش !!!
( نملان ) وهو يبكي من الخجل : - آسف !!
أبو نملية :
- المرادي خصم خمسة ، المرة الجاية خصم خمسين .. اتفضل .. نرجع لموضوعنا يا حلوين .. الكلام عن الأووووووووووع آع آع آع ..
( هنا تدخل النملة ( نمنم ) متأودة في دلال .. لقد احتاج مكياج أنفها لنصف ساعة وحده ، دعك من أن البنطال لم يسقط كما يجب .. لابد من الــ .. لابد .. أظنك تفهم ..
- دكتشر !! أي .. آسفه والله .. أبويا وامي واخواتي واعمامي كلهم ماتوا النهاردة ..غرغرغرغر
( أبو نملية ) :
- يا خبر !@! وما قلتيش ليه يا ( نمنم ) .. لا حول .. أعدي أعدي ..
- هيء هيء هيء .. هؤ هؤ هؤ هأ هأ هأ ..
كان ( نملان ) يراقب ما يحدث في تعجب .. هذه المرة لابد أن يتكلم .. إن هذا لفظيع ويستحق المصارحة .. كانت الشجاعة الأدبية عند ( نملان ) في بداية ( النقحان ) .. بتنقح عليه يعني ..
هكذا احمر وجه ( نملان ) .. استبد به العجب وهو يقلب عينيه ويضرب كفاً بكف .. كان هذا أقوى منه بحق .. ولم يعد يتصف بحسن تقدير موازين القوى في تلك اللحظة .. ولما قرر أن يتكلم : قال :
- بعد إذنك يا دكتر .
( أبو نملية ) في دهشة مستنكرة :
- نعم ؟؟
- إنت ( تيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييت ) ...
في المرة القادمة نتبين ماذا قال نملان للدكتور .. وكيف تصرف معه وكيف دارت الأمور ..