eng_ghost مراقب عام المنتديات والحوار العام ومنتدى الهندسة المدنية
عدد المساهمات : 4632 تاريخ التسجيل : 16/04/2008 العمر : 38 الموقع : just in my dreams ,, i can reach any place رقم العضوية : 1036 Upload Photos :
موضوع: فلاح من أكسفورد ستريت !! الجمعة 25 يونيو - 17:38
أكسفورد ستريت يجمع بين كثير من المتناقضات كما هو عالمنا اليوم
عزيزي القارئ آليت أن أقدم إليك نفسي باسم مستعار لأسباب أحتفظ بها لنفسي وربما أشاطرك إياها في يوم ما، اخترت اسمي المستعار أن يكون (فلاح من أكسفورد استريت) لأمرين أولهما أنني ورغم مرور أكثر من عشرين عاما من الحياة على أرض بريطانيا وفي عاصمتها الشهيرة لندن فما زلت أحتفظ بأخلاق القرية التي لم ولن أنفصل عنها حتى بعد انقضاء الأجل فقد أوصيت أن أدفن في ترابها فأنا على يقين أنه سيكون حنوا كحنان حضن الأم تحتوي رضيعها لتسكن من جأشه. ليست قرية الآن لكن القرية التي تربيت فيها كل رجالها عم وخال وكل نسائها أم وخالة وعمة. القرية التي يقع مذاق طبيخ أحد بيوتها في كل فم. ويسعد كل أهلها عرس أو مولود جديد قادم أو طهور صبي في أي بيت وفي نفس الوقت تذرف دموع الحزن من كل عين في القرية اذا ما نزل ببيت أحدهم نازلة أو سقطت بقرة أحدهم في بئر ساقية وثب الجميع إلى البئر يرفعون البقرة من البئر بقلوبهم وأرواحهم قبل أن يرفعونها بسواعدهم. القرية التي كان يتقاسم الريادة فيها سيدنا محفظ القرآن عملا بالقول من علّمني حرفا صرت له عبدا حتى ولو كان سيدنا مكفوف البصر كما كان رحمة الله عليه الشيخ علي الذي أشرف على حفظي للقرآن والذي كنت أشعر أن لكل مبصر عينين أما الشيخ علي فكله عيون لم أكن أدرك وقتها معنى نور البصيرة وأنه يرى بنور الله الذي لا تحده العيون.
أما الشريك الآخر في الريادة فهو امام المسجد الكبير الذي كان يقدم الدور الحقيقي للمسجد في الإسلام مدرسة وجامعة ومنتدى للفكر ودارا لفض المنازعات والبت في أمور الزواج والطلاق والنفقة وغير ذلك ولا يجرؤ شخص آخر بلغ من العلم ما بلغ أن تطلب منه فتوى أو أن يتطوع باصدارها.
كنت كما كان غيري أشعر بالعزة والكرامة حينما أقبل يد أحدهما احتراما واعترافا بالفضل لأنهما خلفاء الله في هذه القرية، يومها لم أشعر بالفرق بين عم محمود وعم جرجس فلا أحد يسأل أحدا عن ديانته ولا أحد يقيم أحدا حسب معتقده الديني وانما حسبما يقدمه لأهل قريته وربما يمتد ذلك إلى قرى مجاورة.
الأمر الآخر أن أكسفورد ستريت يجمع بين كثير من المتناقضات كما هو عالمنا اليوم ولأنه يتأثر أكثر من غيره بما يحدث في العالم حتى بما يحدث في مصر من مظاهر فساد تتغنى بها وسائل الإعلام. لافرق في هذا الفساد بين موظف صغير وآخر كبير. بين تلميذ يغش في الامتحان ليجبر تقصيره طوال العام الدراسي وانشغاله بالأفلام والمسلسلات ومحادثات الإنترنت وبين وكيل النائب العام الذي تساعده زوجته على الغش. ولا بين البقال الصغير الذي يغش في الميزان والحوت الكبير الذي يستورد السموم لأهله وأرضه وذويه في شكل لحوم فاسدة وحبوب مسرطنة وبذور معدة خصيصا لتدمر التربة والناس جميعا.
ما السبب؟ ما الحل؟ مؤتمرات وندوات وتوصيات لا يخلو بعضها من الغش أيضا في اختيار المشاركين طمعا في مكافأة أو علاوة.
السبب في رأيي البعد عن الدين اسلاما كان أم مسيحية أم يهودية, فالأديان هي القيم والمبادئ والمثل. والحل أن نعود إلى جوهر الأديان دون إفراط ولا تفريط.
لن يتطرف مسيحي حقيقي ولن يتطرف مسلم حقيقي ولن يتطرف يهودي حقيقي، لابد أن نفرق بين صحيح الدين وبين العادات والخرافات. أن نرسل أبناءنا وبناتنا إلى مدارس دينية معتدلة ليتعلموا أمر دينهم ومنه يستقون مبادئ الشرف والفضيلة..
فلماذا نخاف من الدين حكاما ومحكومين، قلتها مرارا وأقولها إن الدين يثبت قوائم الكرسي لأنه سيعلم الناس أنه ليس من حقهم الخروج على الحاكم إلا إذا رأوا كفرا بوّاحا فعودوا إلى الدين واحتموا بمظلة عدله قبل أن يظهر الكفر البواح فليس بعد الغش إلا الكفر البوّاح.
فلاح حائز على جائزة الدولة في العدالة ودرع العدالة سنة 2007