الصيام بأدوية الريجيم.. أخر تقاليع أبناء الـ (هاي كلاس) في رمضانادوية الريجيم اخر التقاليع لمقاومة الصيامأحمد الشريف: مصراوي - في ظل حرارة الصيف وشهر رمضان ومعاناة العديد من المواطنين من صعوبة الصيام في ظل هذه الأجواء الحارة، اتجه عدد كبير من الفتيات لشراء أدوية التخسيس بدعوى أنه تشعرهم بالشبع.. البدعة أو الظاهرة ليست بجديدة مثلما يقول أصحاب الصيدليات إنه يعتبرون شهر رمضان موسماً لبيع أدوية الريجيم، ويراها رجال الدين حرام شرعاً لأنها تفرغ الصيام من هدفه وهو الإحساس بالمعاناة – الجوع والعطش - التي يكابدها الفقراء والمساكين.
تقول هيام الطالبة بالجامعة الأمريكية وهي تشتري كميات كبيرة ومختلفة من الأدوية الخاصة بالريجيم من أحد الصيدليات: " رمضان السنة دي صعب موووت، ومبقدرش أكمل صيام اليوم إلا بعد تناول أدوية الريجيم لأنها بتحسسني بالشبع، ومبتخليش ليا نفس للأكل أو الشرب، وبشتري الأدوية دي بحوالي 700 جنيه في الشهر لأنها مستوردة".
ويحرص مازن – صاحب معرض سيارات- على شراء كل ما هو جديد وفعال من أدوية الريجيم ويعلل ذلك بقوله: "بصراحة.. أنا أول سنة أصوم فيها، خاصة بعد ما ابني كبر وبقى بيصوم، والموضوع كان صعب لأني معتاد على تناول كميات كبيرة من القهوة وشرب السجائر، فنصحني أحد أصدقائي بشراء دواء يمنع الجوع والعطش يصل سعر العبوه -التي لا تكفى سوى 10 أيام- إلى 120 جنيه ليساعدني على الصيام، ولقيت إن الموضوع دا موضة فمعظم أصدقائي وزملاء النادي والعمل يستخدمونها".
""هيام ومازن" ليس وحدهما، ولكن الأمر أصبح تقليعة جديدة، خاصة بين أبناء طبقة الـ"هاي كلاس" الذين يستعينوا على صيام شهر رمضان -الذي جاء هذا العام بصحبة موجة شديدة الحرارة - بأدوية الريجيم والملصقات الطبية، عكس الغلابة الذين لا يجدون أمامهم سوى "الصبر" لتحمل مشقة الجوع والعطش.
بيزنس الصيدليات في رمضان
أصحاب الصيدليات يعتبرون أن شهر رمضان هو موسم بيع أدوية الريجيم ويستقبلونه بتخزين كميات كبيرة منها، فيوضح الدكتور "أحمد عبيد" –صاحب صيدلية بالمعادي- أن عملية بيع أدوية الريجيم التي تسبب الإحساس بالشبع تزيد بنسبة 200% خلال شهر رمضان، رغم ارتفاع أسعارها التي تزيد بنسبة 50% خلال هذا الشهر، ولذلك لا يقبل على شرائها سوى الأثرياء، ومن اشهر أنواع هذه الأدوية؛ "اورلستات" وسعر العبوة منه 90 جنيها، أما "شيتوكال" ب 120 جنيها، و"زينكال" ب 105 جنيه، و"دايت ماكس" ب 54 جنيها.
أضرار صحية بالجُملة
خبراء التغذية أجمعوا على المخاطر الصحية التي تسببها أدوية الإحساس بالشبع (الريجيم) فتشير الدكتورة "علياء هاشم" - خبيرة التغذية بالمركز القومي للبحوث- إلى أن الأدوية والوصفات الطبية التي تُشعر الإنسان بالشبع وعدم العطش هي أحد المبتكرات التي أصبحت تُستخدم في شهر رمضان؛ وهي عبارة عن هرمونات ومواد كيميائية تتمكن من التأثير على مراكز الإحساس بالشبع والهرمونات الطبيعية فيشعر المستخدم بعدم الحاجة للطعام أو الشراب.
وقالت إنه بمرور الوقت ومع استخدام هذه الوصفات والأدوية فهي تؤدي إلى تدمير مراكز الإحساس بالشبع، وكذلك حدوث مشاكل مستعصية لعملية الهضم، هذا بالإضافة إلى أن كثرة الاستخدام يؤدي لإبطال المادة الفعالة بها، وبالتالي حدوث أثر عكسي، حيث تُصيب الإنسان بعد ذلك بحالة من النهم والشره في تناول الأطعمة.
وأضافت علياء: " مثل هذه الأدوية الطبية تؤثر على الناحية النفسية على متناولها، حيث تؤدي إلى الشعور بالاكتئاب والقلق والوسواس القهري، كما أن هذه الأدوية والملصقات التي تؤدي إلى عدم الإحساس بالعطش من المفترض أن يستخدمها مرضى الكلى والقلب، وفي حالة استخدامها من قبل الأصحاء قد تؤدي لمخاطر صحية جسيمة.
الخضروات والألياف أفضل من الأدوية
وعن البديل لتلك الأدوية الطبية وتحقيق هدف الشعور بالشبع توضح الدكتورة "سحر خيري" خبيرة التغذية انه يمكن للصائمين الإكثار من تناول الخضروات والألياف في السحور، والابتعاد عن السكريات خاصة أن الأدوية الكيميائية البديلة تتكون من مواد تتولى امتصاص المياه حتى تنتفخ المعدة طيلة اليوم وتشعر الصائم بالشيع، ولكن تصيبه بحالة من الهذيان خاصة أنها تمنع إفراز الحمض المساعد على الهضم وكذلك إنزيم "الليبيز" الذي يتولى عملية هضم الدهون، وهو ما يؤدي لتعطل الجهاز الهضمي.
رجال الدين اختلفوا حول حُرمانية أدوية الشبع
رجال الدين اختلفوا حول حُرمانية استخدام الأدوية لمقاومة مشقة الصيام، فيوضح الدكتور "عبد المقصود باشا" عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن الحلال والحرام أمران خطيران، خاصة أنه لم يرد في هذا الأمر نص في القرآن الكريم أو السنة أو اجمع الفقهاء عليها، وفي هذه المسألة فقد حدث في التاريخ أن جاء رمضان وكان الجو شديد الحرارة طوال ساعات الصيام، فكان أن أشار بعض المتخصصون على بعض ذوي الأمر بصناعة شيء يقلل من الإحساس بالجوع وقت الصيام وهو ما يسمى الآن ب"الكنافة" وقد أكد الأطباء أن هذا الطعام يقلل الإحساس بالجوع، ولهذا يمكننا القول بأن ما يُصنع من عقاقير وملصقات طبية لتقليل الإحساس بالجوع والعطش ربما يمكن مقارنته بما سبق صنعة (الكنافة) خاصة مع شدة الحر وإجهاد العمل.
ولكن رغم ذلك -والكلام للدكتور عبد المقصود- فمن الأولى ترك الأمر على طبيعته، خاصة أن الجوع له فوائد فكما يُقال "جوعوا تصحوا"، ولهذا فلا يجب اللجوء إلى هذه الأدوية إلا عند تعرض الجسد للهلاك والضرر من الصيام.
توافقه الرأي الدكتورة "آمنة نصير" -أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر- قائله: "مادامت الأدوية تخفف أضرار الحر والجوع الشديد وتعطي نوعا من منع الأذى لمرضى السكر أو الضغط أو أصحاب الأعمال الشاقة والذين يجيز الله لهم أن يفطروا، وربما يكون استخدام أدوية الريجيم أفضل من الإفطار، فعمال البناء والأفران والمناجم من الممكن أن يستخدموها، أما لو لجأ آخرون لاستخدامها فيجب أن يكون تحت إشراف الطبيب، وفي النهاية فان الأعمال بالنيات".
التعارض مع الحكمة من الصيام
وعلى الجانب الأخر يرى الدكتور "محمد رأفت عثمان" -عضو مجمع البحوث الإسلامية- أن استخدام أدوية الريجيم في رمضان يتنافى مع الحكمة من الصيام التي أوضحها الله تعالى بقوله:"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، فلهذا فإن الحكمة تأتي من إحداث التقوى، والتي لا تكون إلا بالامتثال لأوامر الله وهي الإحساس بالجوع والعطش، ولذلك فتناول الأدوية يعد مكروها شرعا، والأفضل إتمام العبادة وتحمل مشقة الصيام.
وأيضا يوضح الدكتور "مصطفى الشكعة" –رئيس لجنة التعريف بالإسلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية- أن "تناول هذه الأدوية يعتبر نوع من الترفية الجسدي للذين لا يرغبون أن يشعروا بمعاناة الآخرين من الفقراء والمساكين، ولهذا فأن مثل هذه الملصقات حرام لأنها تعطل الحكمة من الصيام".