ملامح تباين أسعار ''كسوة العيد'' في أسواق ومولات القاهرة
مصراوي يرصد ملامح تباين أسعار ''كسوة العيد'' في أسواق ومولات القاهرةسيدة تقيس ملابس لطفلها9/8/2010 1:44:00 AM
كتبت – بسنت صلاح وأحمد فتحي
"عيد والعيال اتنططوا ع القبور لعبوا استغماية.. ولعبوا بابور، وبالونات، ونايلونات شفتشي، والحزن ح يروح فين جنب السرور.. عجبي!!"؛ صدق تنبأ العملاق صلاح جاهين والذي كتبه منذ سنوات عديدة في إحدى رباعياته، حين تكلم عن فرحة الأطفال حتى ولو كان مكان لعبهم في "المقابر"، وان الحزن مهما كانت قوته سينسحب وقتها، لأنه ببساطه لن يجد مكاناً لنفسه وسط فرحة العيد الغامرة.
الأزمة الاقتصادية والعيد
وسط تلك الأزمة الاقتصادية والتي تعاني منها معظم الأسر المصرية، خاصة في تلك الفترة من السنة، حيث تتوالى الاحتياجات المادية، بدءً من دخول شهر رمضان الفضيل واحتياجاته ولوازمه التي "تقصم الظهر"، مروراً بكعك العيد وملابس الأطفال وبعده مصاريف المدارس.. إلى آخر تلك الاحتياجات التي لا تخفى على القاصي والداني.
رغم كل هذه الضغوط التي تحيط بالأسرة المصرية من كل جانب، إلا أن طبيعتنا العاطفية الطيبة دائماً ما تطغى على أية ضغوطات.. فرفع غالبية الأسر شعار "كسر خاطر العيال في العيد حرام"، كما قالت "نجوى مجدي"، ربة منزل ولها طفلان، ذهبت لمنطقة "وكالة البلح" لشراء ملابس العيد لطفليها رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
وكالة البلح وأسعارها "المريحة"
وكعادة الشعب المصري في التغلب على ظروفه بالتحايل والالتفاف حوليها، تقول نجوى "أولادي لم يتخطوا العاشرة من عمرهم، ولن نستطيع إيصال الظروف الاجتماعية الصعبة لهم، كل ما أريدهم الشعور به هو أنهم مش اقل من أصحابهم، مع مراعاة الأسعار التي اشترى بها الملابس فالوكالة بها أسعار مريحة عن بقية الأماكن، خاصة في "الدكاكين" الصغيرة، و"الفصال" ياما بينزل الاسعار".
أما عم ساهر - صاحب أقدم فرشة ملابس "على الأرض"، في العتبة كما اخبرنا - فيقول "الست الواعية تشتري هدوم تلاتة فى واحد، بنطلون جينز ينفع للعيد الحار جدا هذا العام، ويكمل معاهم للشتا، وينزلوا بيه المدرسة، بالإضافة لقميص وفى الشتاء يلبسوا فوقه جاكت، إلى جانب ملابسهم الموجودة من قبل".
وعلى نفس خطة عم ساهر، يسير "مصطفى"، وهو شاب لم يتخطى عمره الـ 30 سنة، اصطحب أخته الصغيرة "هدي" ذات الثلاثة عشر ربيعاً، ليفرحها بملابس العيد، والتي أصرت أن تكون "جيبة جينز"، ومعها بلوزة "صفراء"، لأنها فتاة ولا تريد التشبه بالأولاد، كما قالت، بالإضافة لان ناظرة المدرسة ترفض حضور الفتيات ببنطلونات، لذا ستشترى جيبة لترتديها في المدرسة أيضا.
ويحدثنا نبيل صالح – أب لفتة وولد - عن الأسعار تتراوح ما بين 15 حتى 40 بالنسبة لقمصان وتى شيرتات الأولاد، و10 حتى 50 جنيه بالنسبة لبلوزات الفتيات، أما البنطلونات فما بين 25، 70 جنيه، والبناتي بين 20، 50 جنيه".
الأحذية الرجالي ستجد منها في العتبة الجديد والمستعمل، منها من سيقسم لك بائعها أنها مستوردة من "إيطاليا"، وعليها "ديسكاوم" (ديسكاونت) لتصبح 30 جنيه فقط، وهناك "الكاوتش" المحلي "الكوتشى"، وهو الأكثر مبيعاً وثمنه حوالي 20 جنيه، أما أحذية الفتيات، فغالبيتها الأحذية "الباليرينا"، بجميع ألوانها وأشكالها وأسعارها تبدأ من 10 جنيهات إلى 25.
وسط البلد وأسعارها "المعقولة"
رغم ان الفارق ما بين منطقة "وكالة البلح" ووسط البلد لن يتعدي الدقائق بالسيارة، ألا أن الفارق في الأسعار كالفارق بين السماء والأرض، فربما يكون أقصى سعر في الأولى يعادل اقل سعر بوسط البلد، على الرغم من كونها منطقة متوسطة نسبياً في أسعارها.
شارع قصر النيل، طلعت حرب، وصولاً حتى 26 يوليو، المزدحمان بالمحلات المختلفة،ستجدهم أيضا مزدحمين بآلاف من البشر، الكثير من الأشخاص، والأكثر منهم أطفالهم، ربما لا يشترى الجميع ملابس العيد، ربما الإقبال على الشراء اقل من كل عام كما قالت "أسماء"، بائعة بإحدى المحلات، على الرغم من توافر ملابس بأسعار معقولة، ولكنك لن تجد سبب لكل هذا الزحام سوى أن العيد اقترب.
وعلى عكس محلات "وكالة البلح" والتي كان غالبيتها لا يوجد بها سوى صاحب المحل، تكتظ محلات وسط البلد بالبائعات، ومع ذلك علق الكثير من المحلات لافتات "مطلوب فتيات ذوات خبرة وحسنات المظهر" وكأن العيد موسم للبحث عن العمل إلى جانب البحث عن الملابس الجديدة.
الأسر المصرية والتحايل على الظروف
التحايل على الظروف ميزة في جميع طبقات الشعب المصري، حيث لجأت بعض الأسر لحيلة شراء ملابس شتوية وانتظار ارتدائها في موسم الشتاء، من ناحية يفرح أطفالهم بها، ومن ناحية أخرى يوفرون شراء ملابس مرتين في عيد الفطر والأضحى.
شيماء فتحي فتاة جامعية كانت مع صديقاتها يتنقلن بين المحلات بحثاً عن المناسب لهن من الملابس الشتوية، ولكن الموضوع ليس سهلاً كما تقول، "فالملابس الشتوية الموجودة قليلة جداً لشدة الحرارة تلك الفترة من السنة، وحتى الموجود منها، موديل الموسم الماضي".
المُلاحظ أن غالبية المشترين مجموعات شبابية، سواء مجموعة فتيات أو شباب، أما ادوار الأب والأم انحصرت مع الأطفال، وكأن شراء الأم لابنها الشاب ملابسه شيء "يفضح" كما قال "عمر"، "أتخرجت من الجامعة وأروح اشترى هدوم مع ماما، دى تبقي فضيحة بين أصحابي".
البنات كان رأيهم مناقض لرأى الشباب، "منة الله" تبلغ من عمرها الثالثة والعشرون، تقول، "اكتر هدوم بحبها اللى بشتريها مع ماما، خاصة وان أذواقنا متقاربة، ولكنها لم تستطع النزول معي تلك الأيام، بسبب تفرغها للعبادة، خاصة وأننا في أواخر رمضان".
اما متوسط أسعار وسط البلد للملابس، تى شيرتات الشباب بين 50 و 190، والبنطلونات بين 90 و 250، أما الاحذية فتتراوح من 60 حتى 500 جنيه، أما الفتيات فكان متوسط أسعار البديهات والتونيكات بين 75 إلى 250، والبنطلونات والجيبات 70 حتى 200، اما الأحذية فكانت بدئاً من 35 وحتى 150 جنيه.
الجاهز يكسب
وبعيداً عن محلات الملابس الجاهزة، لا تزال هناك قلة من الأشخاص الذين يحبذون تفصيل ملابسهم، ويتحدث عنهم "مجدي" وهو يعمل ترزي حريمي منذ ما يقرب من ربع قرن "لم يعد هناك سوق للتفصيل، إلا للكبار في السن، والذين استمر تعاملهم معي منذ كانوا فتيات في أوائل العشرينات من عمرهم إلى الآن، أما فتيات هذا الزمن يعتبرون التفصيل موضة قديمة".
ويضيف، "لا يدخل محلى فتاة شابة إلا لتقصير أو تضيق بنطلون أو جيبة، وهناك حالات نادرة يأتون فيها لتفصيل فستان سوارية قيم، نظراً لارتفاع قيمة السوارية الجاهز، وهؤلاء قلوا مع ارتفاع أسعار المواد الخام اللازمة، لتصل قيمة الفستان بعد التفصيل لما يقرب سعر الجاهز، مما يشجع الزبون على شراء الأسهل والأسرع وهى الفساتين الجاهزة، وغير هذا كل زبائني من كبار السن".
العيد في سيتي ستارز
يا ليلة العيد انستينا، وجددت الامل.. فينا، يا ليلة العيد، هلالك هل لعنينا، فرحنا له وغنينا، وقلنا السعد حا يجينا، على قدومك.. يا ليلة العيد"، الاغنية الاشهر، والتى ما ان يذيعها التليفزيون المصري حتى نشعر ان العيد جاء فعلاً، مستمتعين بكلمات احمد رامي وصوت كوكب الشرق أم كلثوم.
أغنية كتلك لن تسمعها حال ذهابك في هذه الأيام لشراء ملابس العيد من "سيتى ستارز" مثلاً، وإنما ستتردد أسماعك بعض الحان الموسيقى الكلاسيكية الهادئة، من الكافيهات المختلفة، لن تشعر هناك بجو العيد، وإنما كأنه يوم عادى لشراء الملابس، خاصة مع عدم وجود أياً من ترتيبات استقبال العيد.
الملابس الموجودة هناك أغلبيتها صيفي، أما البقية فكان خريفى، لا تستطيع الجزم انه يصلح للصيف أو للشتاء، الطريف أن معظم المحلات لملابس البنات، واغلب الموجودين للشراء من الفتيات بالطبع، وكأن العيد صار موسم لشراء الملابس لهم فقط دون الشباب.
والأسعار تتفاوت في ارتفاعها لتناطح السحاب؛ فلن تجد هناك بنطلون في متناول الأسرة البسيطة، فالبنطلونات الشبابية تبدأ أسعارها من 210 حتى 400 جنيه، أما التي شيرتات فكانت بين 99 و 480 جنيه، والحذاء بين 210 ليصل لنحو 850 جنيه، أما محلات الفتيات الأكثر انتشاراً فكان متوسط أسعارها للبديهات بين 80 و 500 جنيه والبنطلونات تتراوح من 110 حتى 300 جنيه.. وبالطبع هناك عدة محلات معروفة، ملابسها لا تباع مقابل الجنية المصري.