موضوع: د.أحمد غانم يكتب: استثمارات مضمونة فى مزبلة التاريخ! الثلاثاء 9 نوفمبر - 3:13
د.أحمد غانم يكتب: استثمارات مضمونة فى مزبلة التاريخ!
حملة ضد قناة فوكس ماذا تفعل لو رزقك الله بمئات الملايين من الدولارات وقررت أن تستثمر هذه الأموال فى مشروع يضاعف أموالك...من المؤكد أنك ستقوم باستشارة خبراء إقتصاديين عن أحسن استثمار يمكن أن يضاعف أموالك فى فى وقت قصير؛ ولكن ماذا تفعل لو أشار عليك ذلك الخبير بالاستثمار فى شراء أسهم تلك الجريدة الدنماركية التى نشرت الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم؟
بالتأكيد إن الغالبية العظمى من الناس سيصرخون فى وجه ذلك الخبير الإقتصادي رافضين الفكرة متهمينه بكل الإتهامات التى يمكن أن تخطر على عقل انسان فى قمة الغيظ والحنق.
ستخرج من مكتب هذا الخبير ولن تعود إليه مرة أخرى رغم أن نصيحته كانت نصيحة مخلصة من الناحية الإقتصادية البحتة، فالجريدة كانت جريدة محلية مغمورة لا يأبه لها أحد والآن أصبحت جريدة مشهورة ولا يمر شهر إلا ونسمع عن جائزة تمنح لأحد كتابها أو رساميها مما يجعل أسهم الجريدة تصعد اقتصادياً بسرعة الصاروخ وبالتبعية ستتضاعف أرباح المساهمين والمستثمرين فى هذه الجريدة.
وإذا كانت الغالبية العظمى من رجال الأعمال العرب والمسلمين سيرفضون الاستثمار فى جريدة أساءت مرة للإسلام ثم حاولت أن تعدل من سياستها منذ سنوات وبالفعل لم تعد تنشر ما يسئ للإسلام فما بالك بفكرة الاستثمار فى أكبر قناة تليفزيونية معادية للإسلام فى العالم حيث تبث على مدار الساعة برامج وأخبار وتحليلات مغلوطة تصور الإسلام على أنه دين نازي وتصور أتباعه أنهم إما إرهابيون متعطشين للدماء وإما خلايا نائمة فى انتظار دورها لإعلان الـ(جهاد) على العالم.
هل يمكن لأي انسان أن يتصور أن يستثمر أي عربي أو مسلم أمواله فى شراء أسهم قناة تنادي علانية بتقنين التمييز العنصري ضد المسلمين فى المطارات العالمية...قناة تبني شهرتها وقاعدة مشاهديها من التهجم على الإسلام ورموزه وشعائره...قناة تحذر الأمريكيين ليل نهار من الخطر الإسلامي الداهم الذي يتربص بأمريكا وتفسر أعمال العنف التى يرتكبها بعض الحمقى أنها تنفيذ عملي لقواعد الإسلام وليست شذوذاً عنه...قناة تنفق الملايين لتسميم أفكار الطبقة الجاهلة فى أمريكا والذين لا يعرفون شيئا عن الإسلام غير ما تبثه تلك القناة التى تصور الاسلام على أنه دين عنف ودماء وانتهاك لحقوق المرأة.
ويكفى أن نعرف أن فجاجة هذه القناة فى التهجم على الإسلام دعت الكثيرين من الإعلاميين الأمريكيين غير المسلمين إلى شن حملة إعلامية ضد هذه القناة وضد الأكاذيب التى تنشرها عن الإسلام وعن المسلمين، وبدأ مجموعة من الشباب الأمريكي غيرالمسلم بحملة لمقاطعة تلك القناة وحث الشركات الكبري على عدم الإعلان فيها.
ليس عجيبا أن هذه القناة (قناة فوكس نيوز) يملكها الملياردير وحوت الإعلام روبرت مردوخ الذي يتحكم فى معظم الأخبار التى تقرأها كل يوم بغض النظر عن مصدر أخبارك فهو يملك العديد من وكالات الأخبار العالمية و التى تنقل عنها القنوات والجرائد والصحف فى جميع أنحاء العالم.
ولكن العجيب هو أن أكبر مساهم فى ملكية هذه القناة هى مؤسسة عربية مسلمة دخلت فى شراكة إعلامية عالمية مع مؤسسة نيوز كورب التى تعد قناة فوكس نيوز أهم ممتلكاتها والبقرة الحلوب التى تجلب المليارات لهذه المؤسسة الإعلامية التى تخصصت فى تصوير الإسلام أنه (بعبع) العالم الجديد بعد النازية والشيوعية.
لا أدرى كيف ينام أي رجل أعمال عربي مسلم براحة ضمير وهو يعلم أن أمواله تنمو فى حساباته البنكية فى أمريكا عن طريق استثمارها فى سب الرسول والإسلام والمسلمين، ولماذا إذا كانت كل هذه المظاهرات والمقاطعات لشعب وحكومة الدنمارك لمجرد أن رساماً أحمقاً مغموراً أراد أن يعرف الناس اسمه فرسم رسوماً غبية نشرت على أوراق جريدة يقرأها عدة آلاف فقط بينما لا يعتبر البعض أن هناك أية مشكلة فى أن تستثمر أموال عربية فى أسهم قناة تليفزيونية تحمل لواء (الدين الإسلامي كذبة من الشيطان).
ومنذ أيام قليلة كافأت هذه القناة معلق راديو مغمور تم فصله من عمله بسبب تصريح له قال فيه أنه يخاف أن يركب الطائرة مع مسلمين فإذا بقناة فوكس التى تملكها جزئيا تلك الشركة العربية تقوم بمكافأة ذلك المعلق بمنحه عقد عمل بـ 2 مليون دولار وبرنامج خاص على قناة فوكس؛ وكأنها تقول لكل إعلامي أمريكي :سب الإسلام والمسلمين ولا خوف عليك!
فلو تم طردك من مؤسستك فإن قناة فوكس ستؤمن مستقبلك الإعلامي وستتحول من مجرد معلق راديو إلى إعلامي تليفزيوني مشهور.
2 مليون دولار كانت جائزة قناة فوكس لهذا المعلق المغمور على اساءته العنصرية للمسلمين... 2 مليون دولار ربما جاءت من رأس مال عربي مسلم لتكافئ إعلامي على عنصريته تجاه العرب والمسلمين.
لا أجد طريقة أستطيع أن أفهم بها هذه المفارقة المضحكة المبكية إلا من خلال الموجة الجديدة التى تجتاح العالم العربي متمثلة فى طبقة جديدة من رجال أعمال لا يهمهم غير جمع المال على حساب أي شئ، والفيصل الوحيد فى اختيار مجالات استثماراتهم هو كم ستربح أموالهم بغض النظر عن طبيعة المشروع، فمن مصر التى اقترح فيها بعض رجال الأعمال أن تبيح الدولة تجارة الآثار مرورا بالسعودية التى يستثمر رجال أعمال فيها أموالهم فى قناة فوكس التى تعتبر أكبر عدو إعلامي للإسلام والمسلمين فى العالم نظراً لقوة انتشارها وتأثيرها إلى دبي التى تستثمر فيها الأموال فى مشاريع سياحية وترفيهية ليس لها مردود تنموي حقيقي على الوطن العربي.
وهكذا تجد فى كل دولة عربية أو إسلامية طائفة (رجال الأعمال الجدد) الذين يجمعهم شعار (اللى تغلب به إلعب به) واللعب هنا يتم على كل الحبال حتى لو كانت حبالاً ذائبة لا ينتج عنها مشروعاً قوميا لأمة يجلس فيها جيوشاً من الشباب على مقاه تمتد من الخليج إلى المحيط فى انتظار رجل أعمال مخلص يفضل أن يستثمر ملايينه فى مشروع إنتاج حيواني فى سيناء أو مشروع زراعي فى السودان أو مشاريع بنية تحتية فى سوريا أو المغرب.
الأمة تحتاج رجال أعمال من أمثال طلعت حرب الرجل العصامي الذي كون ثروة إقتصادية عملاقة ولم يجلس فى مكتب مكيف مع خبير بورصة ليراجع (البورتفوليو) الخاص به ليستثمر فى قنوات تليفزيونية معادية للإسلام لمجرد أنها (استثمار مضمون) ولكنه كان سبباً ساق الله من خلاله الرزق والحياة الكريمة لآلاف الشباب الذين عملوا فى مؤسساته الضخمة التى مازلت تقف شامخة حتى الآن لتعلن أن هناك رجال أعمال شرفاء يمكنهم أن يأخذوا بيد أوطانهم إلى الأمام ولن ينقص ذلك من رزقهم أو أرباحهم شيئاً.
كان بإمكان طلعت حرب أن يستثمر أمواله فى أمريكا وفى أوروبا أو فى بعض المشاريع الترفيهية التى تتميز بسرعة دورة رأس المال ولكن الرجل كان له رأي آخر فأسس بنك مصر وكان بإمكانه أن يفتح فرعا لبنك أوربي شهير...أسس مصانع الغزل والنسيج وكان بإمكانه أن يكون وكيلا لكبرى مصانع الملابس فى العالم...أسس شركات مصرية تنافس الشركات العالمية لأنه أراد أن يستغل القوة المادية التى أعطاها الله له لتنمية وطنه وأمته وليس تنمية حساباته البنكية فى سويسرا فقط كما يفعل أعضاء طائفة رجال الأعمال الجدد.
قابلت الدكتور محمد يونس مؤسس بنك الفقراء فى بنجلاديش والذي فاز بجائزة نوبل فى الإقتصاد تقديرا لمشروعه العملاق الذي حول منطقة من أفقر المناطق فى العالم الإسلامي إلى منطقة يتوفر فيها العمل والحياة الكريمة للمواطنين الفقراء وشددت على يديه قائلا:نحن العرب لدينا كل عوامل النجاح الإقتصادي من أموال فى بترول الخليج وعقول علماء فى مصر وسوريا والعراق وسواعد مئات الملايين من الشباب لكن ينقصنا رجال من أمثالك الذين ينظرون إلى مصر فلا يرون بطالة وفقرا ولكن يرون جيوشا من الشباب ينتظرون من يوجه طاقاتهم لصنع المعجزات.
بالطبع هناك الكثير من رجال الأعمال المخلصين الآن فى كل بلد عربي والذين يفضلون أن تستثمر أموالهم فى مشروعات (تفتح بيوت) شباب عربي ومسلم ومن المؤكد أنهم لن يستثمروا أموالهم فى قنوات تليفزيونية تسب الإسلام ورسوله وأتباعه، وكما سيجازيهم الله فى الآخرة فإن جزائهم فى الدنيا أن تحيا ذكراهم فى أنصع صفحات تاريخ الأمة العربية مثل طلعت حرب ومحمد يونس وغيرهم من الذين علمونا معنى كلمة رجل أعمال وطني...بينما يذهب أعضاء طائفة (رجال الأعمال الجدد) إلى مزابل التاريخ هم و قناة فوكس نيوز.
د.أحمد غانم يكتب: استثمارات مضمونة فى مزبلة التاريخ!
موضوع: د.أحمد غانم يكتب: استثمارات مضمونة فى مزبلة التاريخ! 
الثلاثاء 9 نوفمبر - 3:13
