العلم نور
بقلم جلال عامر
العلم نور ومن هنا نبدأ وإذا لم تستجيبوا لمطالب البرادعى «السياسية» فعلى الأقل استجيبوا لمطالب زويل «العلمية» أم أنه موقف من «نوبل» على طريقة لعن الله حاملها، والمرة الوحيدة التى قاومت فيها السلطات كانت عندما طاردتنى الشرطة عندما كنت هارباً من القسم العلمى خوفاً من الكيمياء وتحديداً من عنصر الحديد وتفاعلاته عندما قال لنا المدرس فى المعمل إن إضافة عنصر الحديد إلى حمض النيتريك الطازج يحوله إلى «نيترات»، بينما إضافته إلى رجال الأعمال يحولهم إلى «مليونيرات»، يومها هربت من المعمل وأقسمت ألا أعود إليه إلا إذا عاد صحفيو الدستور إلى الجريدة أو انضموا إلى حزب الوفد..
ثم سرت شائعة أننى تركت القسم العلمى وانضممت إلى القسم الأدبى، فقام طلبة القسم الأدبى بمظاهرات مطالبين بتسليمى لهم واتهموا الأمن بإخفائى وطول عمرك يا خالة على دى الحالة، فنحن لا نستخدم العلم إلا فى علم الوصول ولا نستخدم «العقل» إلا فى ساندويتشات «المخ».. لذلك نخفض ميزانية البحث العلمى ونرفع ميزانية البحث الجنائى..
وعندما حصلت على الثانوية العامة بتقدير «مقبول» مع الشكر والنفاذ، أردت أن أكون طبيباً فى التليفزيون فالتحقت بكلية الزراعة وكانوا أيامها فى السبعينيات يمنحون الخريج خمسة أفدنة يقوم باستصلاحها وحفر بئر وزراعتها ثم يبلغ الدولة لتقوم بتجريفها وتحويلها إلى «مبان» وتأخذها من حديث التخرج وتمنحها لحديث الزواج وأحياناً لحديث المدينة، فتركت الزراعة إلى كلية الهندسة جامعة الأزهر وكانت وقتها فيها سنة إعداد زائدة غير سنة الإعدادى، فخشيت أن أتخرج فى الأربعين فتركتها إلى طب بيطرى القاهرة، وفى أول محاضرة أعطونى ضفدعة لأشرّحها وكلباً لأرسمه فشرّحت الكلب ورسمت الضفدعة، ثم تركت رأس الكلب وعدت إلى رأس التين حيث آداب الإسكندرية، كنت وقتها «رحالة» وكأننى «جلال الدين الأفغانى» وهى قصة لو رويتها لعرفت لماذا يهرب الطلبة من القسم العلمى إلى القسم الأدبى ثم يهربون من القسم الأدبى إلى «إيطاليا».