الزواج علي طريقة جدتي !!!

الزواج علي طريقة جدتي

***************

رغم
انه شاب متعلم ، وقضى الكثير من سنوات عمره خارج الوطن في رحلة اكمال
دراسته العليا ، الا انه وعندما عاد الى أرض الوطن واراد أن يكمل نصف دينه ،
أوكل المهمة لأمه وشقيقاته ، وغيرهن من قريباته ، لترشح كل منهن فتاة
المستقبل التي سيكمل بها نصفه الآخر ويبدأ معها بناء شركة عمادها المحبة
والتفاهم ، واساسها الصدق والقدرة على تحمل المسؤولية ، لتبدأ الوالدة رحلة
البحث المضنية عن الفتاة المطلوبة وفق الشروط المطروحة ، على أن تكون
جميلة ومتعلمة وطويلة وبيضاء أو سمراء ، وتبدأ الجارات والقريبات بالقيام
بدور الدليل للأسرة التي تبحث عن نصيب ابنها الذي لا زال قيد المجهول .تدق
الام هذا الباب ومعها شقيقة أو عمة وخالة ، ليقوموا بعملية تفحيص وتمحيص
للفتاة التي ما أن تعلم بقدوم (عريس ) يعتريها الخجل وتبدأ بالتزين ولبس
أفضل ما تمتلك من ثياب حتى تنال اعجاب "الخاطبات "القادمات من عند الامير
الذي سيخطفها على ظهر حصان أبيض .
هذا
ما كانت عليه الطقوس في اختيار شريكة الحياة قبل سنوات طويلة ، حيث أن
المرأة لم تكن تخرج للتعليم أو العمل ، فما أن تكمل سنوات من الدراسة قلت أ
زادت عن الاعدادية بشكل متوسط حتى تجلس في المنزل وتنتظر من يدق بابها
ويخطفها نحو عش الزوجية ، هذا ما كان في زمن جدتي
وأمي ولكن في عصر التطور والتكنولوجيا والفضائيات والانترنت وخروج المرأة
للتعليم واقتحامها سوق العمل هل يمكن أن تصبح تلك الطريقة المرضية
والمقبولة لكلا الطرفين
يقول
عماد 24 عاما والذي درس الصيدلة في إحدى الدول العربية ما ان عدت الى أرض
الوطن حتى بدأ الاهل يقترحون علي الزواج ولأنني لا أعرف الكثير في غزة بعد
غياب خمس سنوات لأكمال دراستي تركت المهمة لوالدتي وشقيقاتي على أن تحمل
"العروس المرتقبة " مواصفات بعينها .
ولا
يعتبر عماد ان هذه الطريقة معيبة أو سيئة فهي أفضل كثيرا من اقامة العديد
من العلاقات التي قد تنجح أو تفشل قبل الوصول لمرحلة الزواج خاصة في مجتمع
غزة المحافظ .
ويتفق
معه ابراهيم علي 26 عاما لافتا الى انه لن يرهق نفسه في البحث والاختيار
بنفسه خاصة ان مجال عمله ذو نطاق ضيق ولا يوجد مساحة من الحرية المجتمعية
التي تسمح له بالتعرف على فتاة قد يعجبه شكلها ويبقى مضمونها قيد المجهول .

فيما
يرفض شريف أحمد 28 عاما أن يتزوج بهذه الطريقة التقليديه جدا وفق وصفه ،
مؤكدا اننا في الالفية الثانية ولا يمكن أن يتم الزواج وفق ما تزوج اجدادنا
الاوائل ، ويضيف اليوم أصبحت هنالك متطلبات فكرية وثفافية وروحية مشتركة
بين الزوجين ولم تعد المرأة مجرد أداة للمتعة والانجاب
هذا
عن الرجل فماذا عن المرأة وهل ما كان يرضيها بالامس البعيد حينما كانت
مجرد ظل تابع للرجل يمكن أن تقبل به اليوم بعد أن اصبحت لها كينونتها
وشخصيتها المستقلة فكريا واقتصاديا ؟؟
ترفض
ايمان بشكل مطلق هذه الطريقة للزواج معتبرة انها تقلل من شأن المرأة
وتجعلها كما السلعة التي تعرض لهذا وذاك ان رأها جميلة واعجبته شكلا ارتبط
بها وان لم تعجبه تركها وانصرف الى غيرها . وتتساءل ايمان عن دور الفتاة في
هذا المشروع الذي يعتمد على العرض والطلب وهل هي بالفعل مجرد سلعة !!
وتضيف ايمان ان المرأة اليوم اصبحت أكثر وعيا وادراكا ولم تعد ضعيفة
الشخصية تقبل ما يفرضه عليها الاخرون دون أي مقاومة .
وتضحك
نورا قائلة " لا اتصور نفسي في هذا الموقف فالامر مرفوض جملة وتفصيلا
وتضيف " كيف لي أن اكون في موقف اشعر فيه بامتهان انسانيتي وشخصيتي وكيف
لي أن ابقى أسيرة نيل إعجاب أمه وأخته وعمته وخالته ومن ثم هو . يتفحصونني
طولي وعرضي ، جمالي وقبحي ، وزني وطريقة كلامي ، وطبعا من المهم جدا في زمن
الماديات أن أكون موظفة تمتلك راتبا شهريا يدر دخلا على "العريس المنتظر "
وتتساءل نورا " أين انا من كل ذلك وأين رأيي في هذا القادم الذي لا أعرف
عنه شيئا سوى انه رجل يبحث عن إمرأة ".
وتعتبر ايناس عز الدين 27 عاما ان الزواج بطريقة جدتي
في غاية الصعوبة خاصة ان المرأة والرجل كانا لا يريان بعضهما البعض الا
يوم الزفاف او لمرة واحدة سابقة في أحسن الظروف . وتوضح عز الدين ان الزواج
التقليدي اليوم يختلف عما هو سابقا الى حد ما .
و
لا ترفض عز الدين الامر بشرط ان يتم الجلوس لأكثر من مرة مع الشخص والتعرف
على افكاره لبحث نقاط الاتفاق والاختلاف بين الطرفين ويبقى المجال مفتوحا
امام كليهما لرفض أو قبول الامر دون ان يكون فيه احراج او إيذاء لأي منهما .
وتضيف ان الموضوع اصبح اليوم أكثر مرونة .
فيما
تؤكد هبة أحمد 30 عاما ان هذه هي الطريقة الوحيدة المقبولة اجتماعيا في
قطاع غزة الذي لا يوجد فيه مجال للاختلاط والتعارف ما بين الجنسين بهذف
الزواج وتؤيد هبة هذه الطريقة التي تزوجت بها لافتة الى انها تعيش حياة
زوجية مستقرة ، وتوضح ان الفيصل في هذا الموضوع هو المواصفات المشتركة بين الطرفين والقبول العام بالموضوع والذي يشعر به كليهما منذ اللقاء الاول الذي تنفذه اسرتيهما بغرض المشاهدة .
ذهب زمن جدة أمي وجدتي
التي كانت فيه أكبر أحلام الفتاة زوج يحملها من بيت والدها الى بيت
الزوجية لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها ، واصبحت الفتاة اليوم أكثر وعيا
واستقلالية ،بعد ان نهلت من منابع العلم وأخذت مكانتها في العمل وأوجدت
لنفسها مساحة من الحرية في اختيار شريك حياتها ، و باتت لها متطلبات وشروط
كما للرجل تماما ، ولها حرية في الاختيار والرفض والقبول ، وقبل كل ذلك رفض
لمبدأ العرض والطلب والمعاينة .

منقول2