منتدى طلبة كلية الهندسه بأسوان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى طلبة كلية الهندسه بأسوان

منتدى طلبة كلية الهندسه بأسوان
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول

 

 آية وتفسير (سورة المطففين )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبير رمضان
مراقب عام المنتديات
مراقب عام المنتديات
عبير رمضان


عدد المساهمات : 3897
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
العمر : 56
الموقع : في قلب مصر
رقم العضوية : 994
Upload Photos : آية وتفسير (سورة المطففين ) Upload
آية وتفسير (سورة المطففين ) Mvj7fm

آية وتفسير (سورة المطففين ) Empty
مُساهمةموضوع: آية وتفسير (سورة المطففين )   آية وتفسير (سورة المطففين ) I_icon_minitimeالأربعاء 27 يوليو - 1:32

آية وتفسير (سورة المطففين ) 50985373

المطففين

{1} وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ

سُورَة الْمُطَفِّفِينَ مَكِّيَّة قَالَ مُقَاتِل : وَهِيَ أَوَّل سُورَة نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : مَدَنِيَّة إِلَّا ثَمَانِي آيَات مِنْ قَوْله : " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا " إِلَى آخِرهَا , مَكِّيّ . وَقَالَ الْكَلْبِيّ وَجَابِر بْن زَيْد : نَزَلَتْ بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة .

وَفِيهِ أَرْبَع مَسَائِل :
الْأُولَى :

رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة كَانُوا مِنْ أَخْبَث النَّاس كَيْلًا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ " فَأَحْسَنُوا الْكَيْل بَعْد ذَلِكَ . قَالَ الْفَرَّاء : فَهُمْ مِنْ أَوْفَى النَّاس كَيْلًا إِلَى يَوْمهمْ هَذَا . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ : هِيَ : أَوَّل سُورَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَة نَزَلَ الْمَدِينَة , وَكَانَ هَذَا فِيهِمْ ; كَانُوا إِذَا اِشْتَرَوْا اِسْتَوْفَوْا بِكَيْلٍ رَاجِح , فَإِذَا بَاعُوا بَخَسُوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان , فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة اِنْتَهَوْا , فَهُمْ أَوْفَى النَّاس كَيْلًا إِلَى يَوْمهمْ هَذَا . وَقَالَ قَوْم : نَزَلَتْ فِي رَجُل يُعْرَف بِأَبِي جُهَيْنَة , وَاسْمه عَمْرو ; كَانَ لَهُ صَاعَانِ يَأْخُذ بِأَحَدِهِمَا , وَيُعْطِي بِالْآخَرِ ; قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ .

الثَّانِيَة :
قَوْله تَعَالَى : " وَيْل " أَيْ شِدَّة عَذَاب فِي الْآخِرَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : إِنَّهُ وَادٍ فِي جَهَنَّم يَسِيل فِيهِ صَدِيد . أَهْل النَّار , فَهُوَ قَوْله تَعَالَى : " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ " أَيْ الَّذِينَ يَنْقُصُونَ مَكَايِيلَهُمْ وَمَوَازِينهمْ . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : الْمُطَفِّف : الرَّجُل يَسْتَأْجِر الْمِكْيَال وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ يَحِيف فِي كَيْله فَوِزْره عَلَيْهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : التَّطْفِيف فِي الْكَيْل وَالْوَزْن وَالْوُضُوء وَالصَّلَاة وَالْحَدِيث . فِي الْمُوَطَّأ قَالَ مَالِك : وَيُقَال لِكُلِّ شَيْء وَفَاء وَتَطْفِيف . وَرُوِيَ عَنْ سَالِم اِبْن أَبِي الْجَعْد قَالَ : الصَّلَاة بِمِكْيَالٍ , فَمَنْ أَوْفَى لَهُ وَمَنْ طَفَّفَ فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ : " وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ " .

الثَّالِثَة :
قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْمُطَفِّف مَأْخُوذ مِنْ الطَّفِيف , وَهُوَ الْقَلِيل , وَالْمُطَفِّف هُوَ الْمُقِلّ حَقّ صَاحِبه بِنُقْصَانِهِ عَنْ الْحَقّ , فِي كَيْل أَوْ وَزْن . وَقَالَ الزَّجَّاج : إِنَّمَا قِيلَ لِلْفَاعِلِ مِنْ هَذَا مُطَفِّف ; لِأَنَّهُ لَا يَكَاد يَسْرِق مِنْ الْمِكْيَال وَالْمِيزَان إِلَّا الشَّيْء الطَّفِيف الْخَفِيف , وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْ طَفَّ الشَّيْء وَهُوَ جَانِبه . وَطِفَاف الْمَكُّوك وَطَفَافه بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح : مَا مَلَأَ أَصْبَاره , وَكَذَلِكَ طَفُّ الْمَكُّوك وَطَفَفُهُ ; وَفِي الْحَدِيث : ( كُلّكُمْ بَنُو آدَم طَفّ الصَّاع لَمْ تَمْلَئُوهُ ) . وَهُوَ أَنْ يَقْرُب أَنْ يَمْتَلِئ فَلَا يَفْعَل , وَالْمَعْنَى بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض قَرِيب , فَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَد فَضْل إِلَّا بِالتَّقْوَى . وَالطُّفَاف وَالطُّفَافَة بِالضَّمِّ : مَا فَوْق الْمِكْيَال . وَإِنَاء طُفَاف : إِذَا بَلَغَ الْمِلْء طُفَافه ; تَقُول مِنْهُ : أَطَفَفْت . وَالتَّطْفِيف : نَقْص الْمِكْيَال وَهُوَ أَلَّا تَمْلَأهُ إِلَى أَصْبَاره , أَيْ جَوَانِبه ; يُقَال : أَدَهَقْت الْكَأْس إِلَى أَصْبَارهَا أَيْ إِلَى رَأْسِهَا . وَقَوْل اِبْن عُمَر حِين ذَكَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَقَ الْخَيْل : كُنْت فَارِسًا يَوْمئِذٍ فَسَبَقْت النَّاس حَتَّى طَفَّفَ بِي الْفَرَس مَسْجِد بَنِي زُرَيْق , حَتَّى كَادَ يُسَاوِي الْمَسْجِد . يَعْنِي : وَثَبَ بِي .

الرَّابِعَة :
الْمُطَفِّف : هُوَ الَّذِي يُخْسِر فِي الْكَيْل وَالْوَزْن , وَلَا يُوفِي حَسْب مَا بَيَّنَّاهُ ; وَرَوَى اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك : أَنَّهُ قَرَأَ " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ " فَقَالَ : لَا تُطَفِّف وَلَا تَخْلُب , وَلَكِنْ أَرْسِلْ وَصُبَّ عَلَيْهِ صَبًّا , حَتَّى إِذَا اِسْتَوْفَى أَرْسِلْ يَدك وَلَا تُمْسِكْ . وَقَالَ عَبْد الْمَلِك بْن الْمَاجِشُون : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسْح الطُّفَاف , وَقَالَ : إِنَّ الْبَرَكَة فِي رَأْسه . قَالَ : وَبَلَغَنِي أَنَّ كَيْل فِرْعَوْن كَانَ مَسْحًا بِالْحَدِيدِ .

{2} الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ

قَالَ الْفَرَّاء : أَيْ مِنْ النَّاس يُقَال : اِكْتَلْت مِنْك : أَيْ اِسْتَوْفَيْت مِنْك , وَيُقَال : اكْتَلْت مَا عَلَيْك : أَيْ أَخَذْت مَا عَلَيْك . وَقَالَ الزَّجَّاج : أَيْ إِذَا اِكْتَالُوا مِنْ النَّاس اِسْتَوْفَوْا عَلَيْهِمْ الْكَيْل ; وَالْمَعْنَى : الَّذِينَ إِذَا اِسْتَوْفَوْا أَخَذُوا الزِّيَادَة , وَإِذَا أَوْفَوْا أَوْ وَزَنُوا لِغَيْرِهِمْ نَقَصُوا , فَلَا يَرْضَوْنَ لِلنَّاسِ مَا يَرْضَوْنَ لِأَنْفُسِهِمْ . الطَّبَرِيّ : " عَلَى " بِمَعْنَى عِنْد .

{3} وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ


فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْأُولَى :

قَوْلُهُ تَعَالَى : " وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ " : أَيْ كَالُوا لَهُمْ أَوْ وَزَنُوا لَهُمْ فَحُذِفَتْ اللَّام , فَتَعَدَّى الْفِعْل فَنَصَبَ ; وَمِثْله نَصَحْتُك وَنَصَحْت لَك , وَأَمَرْتُك بِهِ وَأَمَرْتُكَهُ ; قَالَهُ الْأَخْفَش وَالْفَرَّاء . قَالَ الْفَرَّاء : وَسَمِعْت أَعْرَابِيَّة تَقُول إِذَا صَدَرَ النَّاس أَتَيْنَا التَّاجِر فَيَكِيلنَا الْمُدَّ وَالْمُدَّيْنِ إِلَى الْمَوْسِم الْمُقْبِل . وَهُوَ مِنْ كَلَام أَهْل الْحِجَاز وَمَنْ جَاوَرَهُمْ مِنْ قَيْس . قَالَ الزَّجَّاج : لَا يَجُوز الْوَقْف عَلَى " كَالُوا " وَ " وَزَنُوا " حَتَّى تَصِل بِهِ " هُمْ " قَالَ : وَمِنْ النَّاس مَنْ يَجْعَلُهَا تَوْكِيدًا , وَيُجِيزُ الْوَقْف عَلَى " كَالُوا " وَ " وَزَنُوا " وَالْأَوَّل الِاخْتِيَار ; لِأَنَّهَا حَرْف وَاحِد . وَهُوَ قَوْل الْكِسَائِيّ . قَالَ أَبُو عُبَيْد : وَكَانَ عِيسَى بْن عُمَر يَجْعَلهَا حَرْفَيْنِ , وَيَقِف عَلَى " كَالُوا " وَ " وَزَنُوا " وَيَبْتَدِئ " هُمْ يُخَسِّرُونَ " قَالَ : وَأَحْسِب قِرَاءَة حَمْزَة كَذَلِكَ أَيْضًا . قَالَ أَبُو عَبِيد : وَالِاخْتِيَار أَنْ يَكُونَا كَلِمَة وَاحِدَة مِنْ جِهَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا : الْخَطّ ; وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَتَبُوهُمَا بِغَيْرِ أَلِف , وَلَوْ كَانَتَا مَقْطُوعَتَيْنِ لَكَانَتَا " كَالُوا " وَ " وَزَنُوا " بِالْأَلِفِ , وَالْأُخْرَى : أَنَّهُ يُقَال : كِلْتُك وَوَزَنْتُك بِمَعْنَى كِلْت لَك , وَوَزَنْت لَك , وَهُوَ كَلَام عَرَبِيّ ; كَمَا يُقَال : صِدْتُك وَصِدْت لَك , وَكَسَبْتُك وَكَسَبْت لَك , وَكَذَلِكَ شَكَرْتُك وَنَصَحْتُك وَنَحْو ذَلِكَ . قَوْل : " يُخْسِرُونَ " : أَيْ يَنْقُصُونَ ; وَالْعَرَب تَقُول : أَخْسَرْت الْمِيزَان وَخَسِرْته . وَ ( هُمْ ) فِي مَوْضِع نَصْب , عَلَى قِرَاءَة الْعَامَّة , رَاجِع إِلَى النَّاس , تَقْدِيره ( وَإِذَا كَالُوا ) النَّاس ( أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) وَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يُرَاد كَالُوا لَهُمْ أَوْ وَزَنُوا لَهُمْ , فَحُذِفَ الْجَارّ , وَأُوصِلَ الْفِعْل , كَمَا قَالَ : وَلَقَدْ جَنَيْتُك أَكْمُؤًا وَعَسَاقِلًا وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بَنَات الْأَوْبَر أَرَادَ : جَنَيْت لَك , وَالْوَجْه الْآخَر : أَنْ يَكُون عَلَى حَذْف الْمُضَاف , وَإِقَامَة الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامه , وَالْمُضَاف هُوَ الْمَكِيل وَالْمَوْزُون . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِنَّكُمْ مَعَاشِر الْأَعَاجِم وُلِّيتُمْ أَمْرَيْنِ بِهِمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ : الْمِكْيَال وَالْمِيزَان . وَخَصَّ الْأَعَاجِم , لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ الْكَيْل وَالْوَزْن جَمِيعًا , وَكَانَا مُفَرَّقَيْنِ فِي الْحَرَمَيْنِ ; كَانَ أَهْل مَكَّة يَزِنُونَ , وَأَهْل الْمَدِينَة يَكِيلُونَ . وَعَلَى الْقِرَاءَة الثَّانِيَة " هُمْ " فِي مَوْضِع رَفْع بِالِابْتِدَاءِ ; أَيْ وَإِذَا كَالُوا لِلنَّاسِ أَوْ وَزَنُوا لَهُمْ فَهُمْ يُخْسِرُونَ . وَلَا يَصِحّ ; لِأَنَّهُ تَكُون الْأُولَى مُلْغَاة , لَيْسَ لَهَا خَبَر , وَإِنَّمَا كَانَتْ تَسْتَقِيم لَوْ كَانَ بَعْدهَا : وَإِذَا كَالُوا هُمْ يَنْقُصُونَ , أَوْ وَزَنُوا هُمْ يُخْسِرُونَ .

الثَّانِيَة :

قَالَ اِبْن عَبَّاس قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَمْس بِخَمْسٍ : مَا نَقَضَ قَوْم الْعَهْد إِلَّا سَلَّطَ اللَّه عَلَيْهِمْ عَدُوّهُمْ , وَلَا حَكَمُوا بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّه إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الْفَقْر , وَمَا ظَهَرَتْ الْفَاحِشَة فِيهِمْ إِلَّا ظَهَرَ فِيهِمْ الطَّاعُون , وَمَا طَفَّفُوا الْكَيْل إِلَّا مُنِعُوا النَّبَات , وَأُخِذُوا بِالسِّنِينَ , وَلَا مَنَعُوا الزَّكَاة إِلَّا حَبَسَ اللَّه عَنْهُمْ الْمَطَر ) خَرَّجَهُ أَبُو بَكْر الْبَزَّار بِمَعْنَاهُ , وَمَالِك بْن أَنَس أَيْضًا مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر . وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَاب التَّذْكِرَة . وَقَالَ مَالِك بْن دِينَار : دَخَلْت عَلَى جَارٍ لِي قَدْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْت , فَجَعَلَ يَقُول : جَبَلَيْنِ مِنْ نَار , جَبَلَيْنِ مِنْ نَار فَقُلْت : مَا تَقُول ؟ أَتَهْجُرُ ؟ قَالَ : يَا أَبَا يَحْيَى , كَانَ لِي مِكْيَالَانِ , أَكِيل بِأَحَدِهِمَا , وَأَكْتَال بِالْآخَرِ فَقُمْت فَجَعَلْت أَضْرِب أَحَدهمَا بِالْآخَرِ حَتَّى كَسَرْتهمَا فَقَالَ يَا أَبَا يَحْيَى كُلَّمَا ضَرَبْت أَحَدهمَا بِالْآخَرِ اِزْدَادَ عِظَمًا , فَمَاتَ مِنْ وَجَعِهِ . وَقَالَ عِكْرِمَة : أَشْهَد عَلَى كُلّ كَيَّال أَوْ وَزَّانٍ أَنَّهُ فِي النَّار . قِيلَ لَهُ : فَإِنَّ اِبْنك كَيَّال أَوْ وَزَّان . فَقَالَ : أَشْهَد أَنَّهُ فِي النَّار . قَالَ الْأَصْمَعِيّ : وَسَمِعْت أَعْرَابِيَّة تَقُول : لَا تَلْتَمِس الْمُرُوءَة مِمَّنْ مُرُوءَته فِي رُءُوس الْمَكَايِيل , وَلَا أَلْسِنَة الْمَوَازِين . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَقَالَ عَبْد خَيْر : مَرَّ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَلَى رَجُل وَهُوَ يَزِن الزَّعْفَرَان وَقَدْ أَرَجَحَ , فَأَكْفَأَ الْمِيزَان , ثُمَّ قَالَ : أَقِمْ الْوَزْن بِالْقِسْطِ ; ثُمَّ أَرْجِحْ بَعْد ذَلِكَ مَا شِئْت . كَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالتَّسْوِيَةِ أَوَّلًا لِيَعْتَادَهَا , وَيُفَضِّل الْوَاجِب مِنْ النَّفْل . وَقَالَ نَافِع : كَانَ اِبْن عُمَر يَمُرّ بِالْبَائِعِ فَيَقُول : اِتَّقِ اللَّه وَأَوْفِ الْكَيْل وَالْوَزْن بِالْقِسْطِ , فَإِنَّ الْمُطَفِّفِينَ يَوْم الْقِيَامَة يُوقَفُونَ حَتَّى إِنَّ الْعَرَق لَيُلْجِمهُمْ إِلَى أَنْصَاف آذَانهمْ . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَدِمَ الْمَدِينَة وَقَدْ خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَر وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَة سِبَاع بْن عُرْفُطَة , فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة : فَوَجَدْنَاهُ فِي صَلَاة الصُّبْح فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الْأُولَى " كهيعص " وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : فَأَقُول فِي صَلَاتِي : وَيْل لِأَبِي فُلَان , كَانَ لَهُ مِكْيَالَانِ إِذَا اِكْتَالَ اِكْتَالَ بِالْوَافِي , وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ .

{4} أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ


إِنْكَار وَتَعَجُّب عَظِيم مِنْ حَالهمْ , فِي الِاجْتِرَاء عَلَى التَّطْفِيف , كَأَنَّهُمْ لَا يُخْطِرُونَ التَّطْفِيف بِبَالِهِمْ , وَلَا يُخَمِّنُونَ تَخْمِينًا

{4} أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ


فَمَسْئُولُونَ عَمَّا يَفْعَلُونَ . وَالظَّنّ هُنَا بِمَعْنَى الْيَقِين ; أَيْ أَلَا يُوقِن أُولَئِكَ , وَلَوْ أَيْقَنُوا مَا نَقَصُوا فِي الْكَيْل وَالْوَزْن . وَقِيلَ : الظَّنّ بِمَعْنَى التَّرَدُّد , أَيْ إِنْ كَانُوا لَا يَسْتَيْقِنُونَ بِالْبَعْثِ , فَهَلَّا ظَنُّوهُ , حَتَّى يَتَدَبَّرُوا وَيَبْحَثُوا عَنْهُ , وَيَأْخُذُوا بِالْأَحْوَطِ

{5} لِيَوْمٍ عَظِيمٍ


شَأْنه وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة .

{6} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ

فِيهِ أَرْبَع مَسَائِل :
الْأُولَى :
الْعَامِل فِي " يَوْم " فِعْل مُضْمَر , دَلَّ عَلَيْهِ " مَبْعُوثُونَ " وَالْمَعْنَى يُبْعَثُونَ " يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " . وَيَجُوز أَنْ يَكُون بَدَلًا مِنْ يَوْم فِي " لِيَوْمٍ عَظِيم " , وَهُوَ مَبْنِيّ . وَقِيلَ : هُوَ فِي مَوْضِع خَفْض ; لِأَنَّهُ أُضِيفَ إِلَى غَيْر مُتَمَكِّن . وَقِيلَ : هُوَ مَنْصُوب عَلَى الظَّرْف أَيْ فِي يَوْم , وَيُقَال : أَقِمْ إِلَى يَوْم يَخْرُج فُلَان , فَتَنْصِب يَوْم , فَإِنْ أَضَافُوا إِلَى الِاسْم فَحِينَئِذٍ يَخْفِضُونَ وَيَقُولُونَ : أَقِمْ إِلَى يَوْم خُرُوج فُلَان . وَقِيلَ : فِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير , التَّقْدِير إِنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ لِيَوْمٍ عَظِيم .

الثَّانِيَة :
وَعَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان : أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لَهُ : قَدْ سَمِعْت مَا قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي الْمُطَفِّفِينَ ; أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُطَفِّفِينَ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ هَذَا الْوَعِيد الْعَظِيم الَّذِي سَمِعْت بِهِ , فَمَا ظَنُّك بِنَفْسِك وَأَنْتَ تَأْخُذ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ بِلَا كَيْل وَلَا وَزْن . وَفِي هَذَا الْإِنْكَار وَالتَّعْجِيب وَكَلِمَة الظَّنّ , وَوَصْف الْيَوْم بِالْعَظِيمِ , وَقِيَام النَّاس فِيهِ لِلَّهِ خَاضِعِينَ , وَوَصْف ذَاته بِرَبِّ الْعَالَمِينَ , بَيَان بَلِيغ لِعِظَمِ الذَّنْب , وَتَفَاقُم الْإِثْم فِي التَّطْفِيف , وَفِيمَا كَانَ فِي مِثْل حَاله مِنْ الْحَيْف , وَتَرْك الْقِيَام بِالْقِسْطِ , وَالْعَمَل عَلَى التَّسْوِيَة وَالْعَدْل , فِي كُلّ أَخْذ وَإِعْطَاء , بَلْ فِي كُلّ قَوْل وَعَمَل .

الثَّالِثَة :
قَرَأَ اِبْن عُمَر : " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ " حَتَّى بَلَغَ " يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " فَبَكَى حَتَّى سَقَطَ , وَامْتَنَعَ مِنْ قِرَاءَة مَا بَعْدَهُ , ثُمَّ قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ( يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ , فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة , فَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغ الْعَرَق كَعْبَيْهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغ رُكْبَتَيْهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغ حَقْوَيْهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغ صَدْره , وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغ أُذُنَيْهِ , حَتَّى إِنَّ أَحَدهمْ لَيَغِيب فِي رَشْحه كَمَا يَغِيب الضُّفْدَع ) . وَرَوَى نَاس عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : يَقُومُونَ مِقْدَار ثَلَاثمِائِة سَنَة . قَالَ : وَيُهَوَّن عَلَى الْمُؤْمِنِينَ قَدْر صَلَاتهمْ الْفَرِيضَة . وَرُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَقُومُونَ أَلْف عَام فِي الظُّلَّة ) . وَرَوَى مَالِك عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى إِنَّ أَحَدهمْ لَيَقُوم فِي رَشْحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ ) . وَعَنْهُ أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُوم مِائَة سَنَة ) . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَشِيرٍ الْغِفَارِيّ : ( كَيْف أَنْتَ صَانِع فِي يَوْم يَقُوم النَّاس فِيهِ مِقْدَار ثَلَاثمِائِة سَنَة لِرَبِّ الْعَالَمِينَ , لَا يَأْتِيهِمْ فِيهِ خَبَر , وَلَا يُؤْمَر فِيهِ بِأَمْرٍ ) قَالَ بَشِير : الْمُسْتَعَان اللَّه . قُلْت : قَدْ ذَكَرْنَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ لَيُخَفَّف عَنْ الْمُؤْمِن , حَتَّى يَكُون أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة الْمَكْتُوبَة يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا ) فِي " سَأَلَ سَائِل " [ الْمَعَارِج : 1 ] . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : يُهَوَّن عَلَى الْمُؤْمِنِينَ قَدْر صَلَاتهمْ الْفَرِيضَة . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ الْمَقَام عَلَى الْمُؤْمِن كَزَوَالِ الشَّمْس ; وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا مِنْ الْكِتَاب قَوْله الْحَقّ : " أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " [ يُونُس : 62 ] ثُمَّ وَصَفَهُمْ فَقَالَ : " الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ " [ يُونُس : 63 ] جَعَلَنَا اللَّه مِنْهُمْ بِفَضْلِهِ وَكَرَمِهِ وَجُودِهِ . وَمَنِّهِ آمِينَ . وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالنَّاسِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَقُوم لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ; قَالَهُ اِبْن جُبَيْر وَفِيهِ بُعْد ; لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَخْبَار فِي ذَلِكَ , وَهِيَ صَحِيحَة ثَابِتَة , وَحَسْبُك بِمَا فِي صَحِيح مُسْلِم , وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " قَالَ : ( يَقُوم أَحَدهمْ فِي رَشْحه إِلَى نِصْف أُذُنَيْهِ ) . ثُمَّ قِيلَ : هَذَا الْقِيَام يَوْم يَقُومُونَ مِنْ قُبُورهمْ . وَقِيلَ : فِي الْآخِرَة بِحُقُوقِ عِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ يَزِيد الرَّشْك : يَقُومُونَ بَيْن يَدَيْهِ لِلْقَضَاءِ .

الرَّابِعَة :
الْقِيَام لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانه حَقِير بِالْإِضَافَةِ إِلَى عَظَمَته وَحَقّه , فَأَمَّا قِيَام النَّاس بَعْضهمْ لِبَعْضٍ فَاخْتَلَفَ فِيهِ النَّاس ; فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَى جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب وَاعْتَنَقَهُ , وَقَامَ طَلْحَة لِكَعْبِ بْن مَالِك يَوْم تِيبَ عَلَيْهِ . وَقَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ حِين طَلَعَ عَلَيْهِ سَعْد بْن مُعَاذ : ( قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ ) . وَقَالَ أَيْضًا : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّل لَهُ النَّاس قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار ) . وَذَلِكَ يَرْجِع إِلَى حَال الرَّجُل وَنِيَّته , فَإِنْ اِنْتَظَرَ ذَلِكَ وَاعْتَقَدَهُ لِنَفْسِهِ , فَهُوَ مَمْنُوع , وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيق الْبَشَاشَة وَالْوُصْلَة فَإِنَّهُ جَائِز , وَخَاصَّة عِنْد الْأَسْبَاب , كَالْقُدُومِ مِنْ السَّفَر وَنَحْوه . وَقَدْ مَضَى فِي آخِر سُورَة " يُوسُف " شَيْء مِنْ هَذَا .

( تفسير القرطبي )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبير رمضان
مراقب عام المنتديات
مراقب عام المنتديات
عبير رمضان


عدد المساهمات : 3897
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
العمر : 56
الموقع : في قلب مصر
رقم العضوية : 994
Upload Photos : آية وتفسير (سورة المطففين ) Upload
آية وتفسير (سورة المطففين ) Mvj7fm

آية وتفسير (سورة المطففين ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: آية وتفسير (سورة المطففين )   آية وتفسير (سورة المطففين ) I_icon_minitimeالخميس 28 يوليو - 1:14





{7} كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ






قَالَ قَوْم مِنْ أَهْل الْعِلْم بِالْعَرَبِيَّةِ : " كَلَّا " رَدْع
وَتَنْبِيه , أَيْ لَيْسَ الْأَمْر عَلَى مَا هُمْ
عَلَيْهِ مِنْ تَطْفِيف الْكَيْل وَالْمِيزَان , أَوْ تَكْذِيب بِالْآخِرَةِ , فَلْيَرْتَدِعُوا عَنْ
ذَلِكَ . فَهِيَ كَلِمَة رَدْع وَزَجْر , ثُمَّ
اِسْتَأْنَفَ فَقَالَ : " إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار " . وَقَالَ الْحَسَن : " كَلَّا " بِمَعْنَى
حَقًّا . وَرَوَى نَاس عَنْ اِبْن عَبَّاس "
كَلَّا " قَالَ : أَلَا تُصَدِّقُونَ ; فَعَلَى هَذَا : الْوَقْف " لِرَبِّ الْعَالَمِينَ . وَفِي تَفْسِير مُقَاتِل : إِنَّ أَعْمَال
الْفُجَّار . وَرَوَى نَاس عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : إِنَّ أَرْوَاح الْفُجَّار وَأَعْمَالهمْ " لَفِي
سِجِّين " . وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح
عَنْ مُجَاهِد قَالَ : سِجِّين صَخْرَة تَحْت الْأَرْض السَّابِعَة , تُقَلَّب فَيُجْعَل كِتَاب الْفُجَّار
تَحْتهَا . وَنَحْوه عَنْ اِبْن عَبَّاس
وَقَتَادَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَمُقَاتِل وَكَعْب ; قَالَ كَعْب : تَحْتهَا أَرْوَاح الْكُفَّار تَحْت
خَدِّ إِبْلِيس .
وَعَنْ كَعْب أَيْضًا قَالَ : سِجِّين صَخْرَة سَوْدَاء تَحْت الْأَرْض السَّابِعَة , مَكْتُوب
فِيهَا اِسْم كُلّ شَيْطَان , تُلْقَى أَنْفُس , الْكُفَّار عِنْدهَا . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : سِجِّين تَحْت خَدّ إِبْلِيس . يَحْيَى
بْن سَلَّام : حَجَر أَسْوَد تَحْت الْأَرْض , يُكْتَب فِيهِ أَرْوَاح الْكُفَّار . وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ
: هِيَ الْأَرْض السَّابِعَة السُّفْلَى , وَفِيهَا
إِبْلِيس وَذُرِّيَّته . وَعَنْ اِبْن
عَبَّاس قَالَ : إِنَّ الْكَافِر يَحْضُرهُ الْمَوْت , وَتَحْضُرهُ رُسُل اللَّه , فَلَا يَسْتَطِيعُونَ لِبُغْضِ اللَّه لَهُ وَبُغْضهمْ إِيَّاهُ , أَنْ
يُؤَخِّرُوهُ وَلَا يُعَجِّلُوهُ حَتَّى تَجِيء سَاعَته , فَإِذَا جَاءَتْ سَاعَته قَبَضُوا نَفْسه , وَرَفَعُوهُ
إِلَى مَلَائِكَة
الْعَذَاب , فَأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يُرُوهُ مِنْ الشَّرّ , ثُمَّ هَبَطُوا بِهِ إِلَى الْأَرْض السَّابِعَة , وَهِيَ سِجِّين , وَهِيَ آخِر سُلْطَان
إِبْلِيس , فَأَثْبَتُوا فِيهَا كِتَابه . وَعَنْ كَعْب الْأَحْبَار فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ : إِنَّ رُوح
الْفَاجِر إِذَا
قُبِضَتْ يُصْعَد بِهَا إِلَى السَّمَاء , فَتَأْبَى السَّمَاء أَنْ تَقْبَلهَا , ثُمَّ يُهْبَط
بِهَا إِلَى الْأَرْض , فَتَأْبَى الْأَرْض أَنْ تَقْبَلهَا , فَتَدْخُل فِي سَبْع أَرَضِينَ , حَتَّى
يُنْتَهَى بِهَا إِلَى سِجِّين , وَهُوَ خَدّ إِبْلِيس . فَيُخْرَج لَهَا مِنْ سِجِّين مِنْ تَحْت خَدّ إِبْلِيس رَقّ ,
فَيُرْقَم فَيُوضَع تَحْت خَدّ إِبْلِيس . وَقَالَ الْحَسَن : سِجِّين فِي الْأَرْض السَّابِعَة . وَقِيلَ : هُوَ ضَرْب مَثَل وَإِشَارَة إِلَى
أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَرُدّ أَعْمَالهمْ الَّتِي ظَنُّوا أَنَّهَا تَنْفَعهُمْ . قَالَ مُجَاهِد : الْمَعْنَى عَمَلهمْ تَحْت الْأَرْض
السَّابِعَة لَا يَصْعَد مِنْهَا شَيْء . وَقَالَ : سِجِّين صَخْرَة فِي الْأَرْض السَّابِعَة . وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سِجِّين جُبّ فِي جَهَنَّم وَهُوَ مَفْتُوح ) وَقَالَ فِي الْفَلَق : ( إِنَّهُ
جُبّ مُغَطًّى )
. وَقَالَ أَنَس : هِيَ دَرَكَة فِي الْأَرْض السُّفْلَى . وَقَالَ أَنَس قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( سِجِّين أَسْفَل الْأَرْض السَّابِعَة ) . وَقَالَ
عِكْرِمَة : ( سِجِّين : خَسَار وَضَلَال
; كَقَوْلِهِمْ لِمَنْ سَقَطَ قَدْره : قَدْ زَلِقَ بِالْحَضِيضِ . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَالْأَخْفَش
وَالزَّجَّاج : " لَفِي سِجِّين " لَفِي
حَبْس وَضِيق شَدِيد , فِعِّيل مِنْ السِّجِّين ; كَمَا يَقُول : فِسِّيق وَشِرِّيب ; قَالَ اِبْن مُقْبِل
: وَرُفْقَة يَضْرِبُونَ الْبَيْض ضَاحِيَة ضَرْبًا تَوَاصَتْ بِهِ
الْأَبْطَال سِجِّينًا وَالْمَعْنَى : كِتَابهمْ فِي حَبْس ; جُعِلَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى خَسَاسَة مَنْزِلَتهمْ , أَوْ
لِأَنَّهُ يَحِلّ مِنْ الْإِعْرَاض عَنْهُ وَالْإِبْعَاد لَهُ مَحِلّ الزَّجْر وَالْهَوَان . وَقِيلَ : أَصْله سِجِّيل , فَأُبْدِلَتْ اللَّام
نُونًا . وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ . وَقَالَ زَيْد
بْن أَسْلَمَ : سِجِّين فِي الْأَرْض السَّافِلَة , وَسِجِّيل فِي السَّمَاء الدُّنْيَا . الْقُشَيْرِيّ : سِجِّين : مَوْضِع فِي السَّافِلِينَ , يُدْفَن
فِيهِ كِتَاب هَؤُلَاءِ , فَلَا يَظْهَر بَلْ يَكُون فِي ذَلِكَ الْمَوْضِع كَالْمَسْجُونِ . وَهَذَا دَلِيل
عَلَى خُبْث أَعْمَالهمْ
, وَتَحْقِير اللَّه إِيَّاهَا ; وَلِهَذَا قَالَ فِي كِتَاب الْأَبْرَار : " يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ
" .




{8} وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ






" وَمَا أَدْرَاك
مَا سِجِّين " أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا كُنْت تَعْلَمهُ يَا مُحَمَّد أَنْتَ وَلَا قَوْمك . وَلَيْسَ
فِي قَوْله : " وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين " مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ لَفْظ سِجِّين لَيْسَ
عَرَبِيًّا , كَمَا لَا يَدُلّ فِي قَوْله : "
الْقَارِعَة مَا الْقَارِعَة . وَمَا أَدْرَاك مَا الْقَارِعَة " [ الْقَارِعَة : 1 - 3 ] بَلْ هُوَ
تَعْظِيم لِأَمْرِ
سِجِّين , وَقَدْ مَضَى فِي مُقَدِّمَة الْكِتَاب - وَالْحَمْد لِلَّهِ - أَنَّهُ لَيْسَ فِي
الْقُرْآن غَيْر عَرَبِيّ .




{9} كِتَابٌ مَرْقُومٌ






أَيْ مَكْتُوب كَالرَّقْمِ فِي الثَّوْب , لَا يُنْسَى وَلَا يُمْحَى . وَقَالَ قَتَادَة
: مَرْقُوم أَيْ مَكْتُوب , رُقِمَ لَهُمْ بِشَرٍّ : لَا
يُزَاد فِيهِمْ أَحَد وَلَا يُنْقَص مِنْهُمْ أَحَد . وَقَالَ الضَّحَّاك : مَرْقُوم
: مَخْتُوم , بِلُغَةِ حِمْيَر ; وَأَصْل الرَّقْم : الْكِتَابَة
; قَالَ : سَأَرْقُمُ فِي الْمَاء الْقَرَاح
إِلَيْكُمْ عَلَى
بُعْدِكُمْ إِنْ كَانَ لِلْمَاءِ رَاقِم




{10} وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ






أَيْ شِدَّة وَعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة لِلْمُكَذِّبِينَ . ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَمْرهمْ فَقَالَ : " الَّذِينَ
يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّين "




{11} الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ






أَيْ بِيَوْمِ الْحِسَاب وَالْجَزَاء وَالْفَصْل بَيْن الْعِبَاد
.




{12} وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ






أَيْ فَاجِر جَائِز عَنْ الْحَقّ , مُعْتَدٍ عَلَى الْخَلْق فِي مُعَامَلَته
إِيَّاهُمْ وَعَلَى
نَفْسه , وَهُوَ أَثِيم فِي تَرْك أَمْر اللَّه . وَقِيلَ هَذَا فِي الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة
وَأَبِي جَهْل وَنُظَرَائِهِمَا




{13} إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ






وَقِرَاءَة الْعَامَّة " تُتْلَى " بِتَاءَيْنِ , وَقِرَاءَة أَبِي حَيْوَة
وَأَبِي سِمَاك
وَأَشْهَب الْعُقَيْلِيّ وَالسُّلَمِيّ : " إِذَا يُتْلَى
" بِالْيَاءِ . وَأَسَاطِير الْأَوَّلِينَ : أَحَادِيثهمْ
وَأَبَاطِيلهمْ الَّتِي كَتَبُوهَا وَزَخْرَفُوهَا . وَاحِدهَا أُسْطُورَة وَإِسْطَارَة
, وَقَدْ تَقَدَّمَ .




{14} كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ






" كَلَّا " : رَدْع وَزَجْر , أَيْ لَيْسَ
هُوَ أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ . وَقَالَ الْحَسَن : مَعْنَاهَا حَقًّا " رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ "
. وَقِيلَ : فِي التِّرْمِذِيّ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ
الْعَبْد إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَة نُكِتَتْ فِي قَلْبه نُكْتَة سَوْدَاء , فَإِذَا هُوَ نَزَعَ
وَاسْتَغْفَرَ اللَّه
وَتَابَ , صُقِلَ قَلْبه , فَإِنْ عَادَ زِيدَ . فِيهَا , حَتَّى تَعْلُو عَلَى قَلْبه ) , وَهُوَ
( الرَّان ) الَّذِي ذَكَرَ اللَّه فِي كِتَابه : " كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ " . قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن
صَحِيح . وَكَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هُوَ الذَّنْب عَلَى الذَّنْب حَتَّى يَسْوَدَّ الْقَلْب . قَالَ مُجَاهِد
: هُوَ الرَّجُل يُذْنِب الذَّنْب , فَيُحِيط الذَّنْب
بِقَلْبِهِ , ثُمَّ يُذْنِب الذَّنْب فَيُحِيط الذَّنْب بِقَلْبِهِ , حَتَّى تُغْشِي
الذُّنُوب قَلْبه . قَالَ
مُجَاهِد : هِيَ مِثْل الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة : " بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً " [ الْبَقَرَة
: 81 ] الْآيَة . وَنَحْوه عَنْ الْفَرَّاء ; قَالَ : يَقُول
كَثُرَتْ الْمَعَاصِي مِنْهُمْ وَالذُّنُوب , فَأَحَاطَتْ بِقُلُوبِهِمْ , فَذَلِكَ الرَّيْن عَلَيْهَا . وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد
أَيْضًا قَالَ : الْقَلْب مِثْل الْكَهْف وَرَفَعَ كَفَّهُ , فَإِذَا أَذْنَبَ الْعَبْد الذَّنْب اِنْقَبَضَ , وَضَمَّ إِصْبَعه ,
فَإِذَا أَذْنَبَ الذَّنْب اِنْقَبَضَ , وَضَمَّ أُخْرَى
, حَتَّى ضَمَّ أَصَابِعه كُلّهَا , حَتَّى يُطْبَع عَلَى قَلْبه . قَالَ : وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ
الرَّيْن , ثُمَّ قَرَأَ : " كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ " . وَمِثْله عَنْ حُذَيْفَة
رَضِيَ اللَّه عَنْهُ سَوَاء . وَقَالَ بَكْر بْن عَبْد اللَّه : إِنَّ الْعَبْد إِذَا أَذْنَبَ صَارَ فِي
قَلْبه كَوَخْزَةِ
الْإِبْرَة , ثُمَّ صَارَ إِذَا أَذْنَبَ ثَانِيًا صَارَ كَذَلِكَ , ثُمَّ إِذَا كَثُرَتْ الذُّنُوب صَارَ الْقَلْب
كَالْمُنْخُلِ , أَوْ كَالْغِرْبَالِ , لَا يَعِي
خَيْرًا , وَلَا يَثْبُت فِيهِ صَلَاح . وَقَدْ
بَيَّنَّا فِي " الْبَقَرَة " الْقَوْل فِي هَذَا الْمَعْنَى بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَة عَنْ
رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهَا . وَقَدْ رَوَى عَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد عَنْ مُوسَى بْن
عَبْد الرَّحْمَن عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ مُوسَى عَنْ مُقَاتِل عَنْ
الضَّحَّاك عَنْ اِبْن
عَبَّاس شَيْئًا اللَّه أَعْلَم بِصِحَّتِهِ ; قَالَ : هُوَ الرَّان الَّذِي يَكُون عَلَى الْفَخِذَيْنِ وَالسَّاق
وَالْقَدَم , وَهُوَ الَّذِي يُلْبَس فِي الْحَرْب . قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ : الرَّان
: الْخَاطِر الَّذِي يَخْطِر بِقَلْبِ الرَّجُل . وَهَذَا
مِمَّا لَا يَضْمَن عُهْدَة صِحْته . فَاَللَّه أَعْلَم . فَأَمَّا عَامَّة أَهْل التَّفْسِير فَعَلَى مَا قَدْ مَضَى ذِكْرُهُ
قَبْل هَذَا . وَكَذَلِكَ أَهْل اللُّغَة عَلَيْهِ ; يُقَال : رَانَ عَلَى قَلْبه ذَنْبه يَرِين رَيْنًا
وَرُيُونًا أَيْ
غَلَبَ . قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله : " كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ " أَيْ غَلَبَ ; وَقَالَ أَبُو عُبَيْد : كُلّ مَا غَلَبَك [ وَعَلَاك ] فَقَدْ رَانَ بِك , وَرَانَك
, وَرَانَ عَلَيْك ; وَقَالَ الشَّاعِر
: وَكَمْ رَانَ مِنْ ذَنْب عَلَى قَلْب فَاجِر فَتَابَ مِنْ الذَّنْب الَّذِي
رَانَ وَانْجَلَى وَرَانَتْ الْخَمْر عَلَى عَقْله : أَيْ غَلَبَتْهُ , وَرَانَ عَلَيْهِ النُّعَاس : إِذَا غَطَّاهُ ; وَمِنْهُ
قَوْل عُمَر فِي الْأُسَيْفِع - أُسَيْفِع
جُهَيْنَة - : فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ . أَيْ غَلَبَتْهُ الدُّيُون , وَكَانَ يُدَان ; وَمِنْهُ قَوْل أَبِي زُبَيْد
يَصِف رَجُلًا شَرِبَ
حَتَّى غَلَبَهُ الشَّرَاب سُكْرًا , فَقَالَ : ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رَانَتْ بِهِ الْخَمْ ر وَأَنْ لَا تَرِينَهُ بِاتِّقَاءِ فَقَوْله : رَانَتْ بِهِ الْخَمْر , أَيْ غَلَبَتْ عَلَى
عَقْله وَقَلْبه . وَقَالَ الْأُمَوِيّ : قَدْ أَرَانَ
الْقَوْم فَهُمْ مُرِينُونَ : إِذَا هَلَكَتْ مَوَاشِيهمْ وَهَزَلَتْ . وَهَذَا مِنْ الْأَمْر الَّذِي أَتَاهُمْ مِمَّا يَغْلِبهُمْ , فَلَا
يَسْتَطِيعُونَ اِحْتِمَاله . قَالَ أَبُو زَيْد يُقَال : قَدْ رِينَ بِالرَّجُلِ رَيْنًا : إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَسْتَطِيع الْخُرُوج
مِنْهُ , وَلَا قِبَل لَهُ وَقَالَ أَبُو مُعَاذ النَّحْوِيّ : الرَّيْن : أَنْ يَسْوَدّ الْقَلْب مِنْ
الذُّنُوب , وَالطَّبْع أَنْ يُطْبَع عَلَى
الْقَلْب , وَهَذَا أَشَدّ مِنْ الرَّيْن , وَالْإِقْفَال أَشَدّ مِنْ الطَّبْع . الزَّجَّاج : الرَّيْن : هُوَ كَالصَّدَأِ يُغْشِي الْقَلْب
كَالْغَيْمِ الرَّقِيق , وَمِثْله الْغَيْن , يُقَال : غِينَ عَلَى قَلْبه : غُطِّيَ . وَالْغَيْن : شَجَر مُلْتَفّ
, الْوَاحِدَة غَيْنَاء , أَيْ خَضْرَاء , كَثِيرَة
الْوَرَق , مُلْتَفَّة الْأَغْصَان . وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْل الْفَرَّاء : إِنَّهُ إِحَاطَة الذَّنْب بِالْقُلُوبِ . وَذَكَرَ
الثَّعْلَبِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس : " رَانَ
عَلَى قُلُوبِهِمْ " : أَيْ غَطَّى عَلَيْهَا . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عَنْهُ إِنْ شَاءَ
اللَّه . وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَالْأَعْمَش وَأَبُو بَكْر وَالْمُفَضَّل " رَانَ "
بِالْإِمَالَةِ ; لِأَنَّ فَاءَ الْفِعْل الرَّاء , وَعَيْنه
الْأَلِف مُنْقَلِبَة مِنْ يَاء , فَحَسُنَتْ
الْإِمَالَة لِذَلِكَ . وَمَنْ فَتَحَ فَعَلَى الْأَصْل ; لِأَنَّ بَاب فَاء الْفِعْل فِي ( فَعَلَ ) الْفَتْح , مِثْل كَالَ
وَبَاعَ وَنَحْوه .
وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد وَأَبُو حَاتِم وَوَقَفَ حَفْص " بَلْ " ثُمَّ يَبْتَدِئ " رَانَ " وَقْفًا
يُبَيِّن اللَّام , لَا لِلسَّكْتِ .




{15} كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ






أَيْ حَقًّا




{15} كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ






يَعْنِي الْكُفَّار




{15} كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ






أَيْ يَوْم الْقِيَامَة




{15} كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ






وَقِيلَ : " كَلَّا " رَدْع وَزَجْر ,
أَيْ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ , بَلْ " إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ " . قَالَ
الزَّجَّاج : فِي هَذِهِ الْآيَة دَلِيل عَلَى أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُرَى فِي الْقِيَامَة
, وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَ فِي هَذِهِ الْآيَة
فَائِدَة , وَلَا خَسَّتْ مَنْزِلَة الْكُفَّار بِأَنَّهُمْ يُحْجَبُونَ . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ
: " وُجُوه يَوْمئِذٍ نَاضِرَة , إِلَى رَبّهَا
نَاظِرَة " [ الْقِيَامَة : 22 - 23 ] فَأَعْلَمَ
اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ , وَأَعْلَمَ أَنَّ الْكُفَّار
مَحْجُوبُونَ عَنْهُ , وَقَالَ مَالِك
بْن أَنَس فِي هَذِهِ الْآيَة : لَمَّا حَجَبَ أَعْدَاءَهُ فَلَمْ يَرَوْهُ تَجَلَّى لِأَوْلِيَائِهِ حَتَّى رَأَوْهُ . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَمَّا حَجَبَ
قَوْمًا بِالسُّخْطِ , دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْمًا يَرَوْنَهُ بِالرِّضَا . ثُمَّ قَالَ : أَمَا
وَاَللَّه لَوْ لَمْ يُوقِنْ مُحَمَّد بْن إِدْرِيس أَنَّهُ يَرَى رَبَّهُ فِي الْمَعَاد لَمَا عَبَدَهُ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ
الْحُسَيْن بْن الْفَضْل : لَمَّا حَجَبَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَنْ نُور تَوْحِيدِهِ حَجَبَهُمْ فِي
الْآخِرَة عَنْ
رُؤْيَته . وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى : " لَمَحْجُوبُونَ
" : أَيْ عَنْ كَرَامَته وَرَحْمَته مَمْنُوعُونَ .
وَقَالَ قَتَادَة : هُوَ أَنَّ اللَّه لَا يَنْظُر
إِلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ , وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم . وَعَلَى الْأَوَّل الْجُمْهُور
, وَأَنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْ رُؤْيَته فَلَا
يَرَوْنَهُ .




{16} ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ






أَيْ مُلَازِمُوهَا
, وَمُحْتَرِقُونَ فِيهَا غَيْر خَارِجِينَ مِنْهَا , " كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا
" [ النِّسَاء : 56 ] وَ " كُلَّمَا خَبَتْ
زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا " [ الْإِسْرَاء
: 97 ] . وَيُقَال : الْجَحِيم الْبَاب الرَّابِع مِنْ النَّار
.




{17} ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ






لَهُمْ أَيْ تَقُول لَهُمْ خَزَنَة جَهَنَّم




{17} ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ






رُسُل اللَّه فِي الدُّنْيَا .




{18} كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ






" كَلَّا " بِمَعْنَى حَقًّا , وَالْوَقْف
عَلَى " تُكَذِّبُونَ " . وَقِيلَ أَيْ لَيْسَ الْأَمْر كَمَا يَقُولُونَ وَلَا كَمَا ظَنُّوا بَلْ
كِتَابهمْ فِي سِجِّين , وَكِتَاب
الْمُؤْمِنِينَ فِي عِلِّيِّينَ . وَقَالَ مُقَاتِل : كَلَّا , أَيْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْعَذَابِ الَّذِي يَصْلَوْنَهُ . ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ فَقَالَ : " إِنَّ
كِتَاب الْأَبْرَار " مَرْفُوع فِي عِلِّيِّينَ عَلَى قَدْر مَرْتَبَتِهِمْ . قَالَ اِبْن عَبَّاس
: أَيْ فِي الْجَنَّة .
وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ : أَعْمَالهمْ فِي كِتَاب اللَّه فِي السَّمَاء . وَقَالَ الضَّحَّاك وَمُجَاهِد وَقَتَادَة : يَعْنِي
السَّمَاء السَّابِعَة
فِيهَا أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ . وَرَوَى اِبْن الْأَجْلَح عَنْ الضَّحَّاك قَالَ : هِيَ سِدْرَة الْمُنْتَهَى , يَنْتَهِي
إِلَيْهَا كُلّ شَيْء
مِنْ أَمْر اللَّه لَا يَعْدُوهَا , فَيَقُولُونَ : رَبّ عَبْدك فُلَان , وَهُوَ أَعْلَم بِهِ
مِنْهُمْ , فَيَأْتِيه كِتَاب مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَخْتُوم بِأَمَانِهِ مِنْ الْعَذَاب . فَذَلِكَ
قَوْله تَعَالَى :
" كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار " . وَعَنْ كَعْب الْأَحْبَار قَالَ : إِنَّ رَوْح
الْمُؤْمِن إِذَا قُبِضَتْ صُعِدَ بِهَا إِلَى السَّمَاء , وَفُتِحَتْ لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء , وَتَلَقَّتْهَا الْمَلَائِكَة بِالْبُشْرَى , ثُمَّ
يَخْرُجُونَ مَعَهَا حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْش , فَيَخْرُج لَهُمْ مِنْ تَحْت الْعَرْش , رَقّ فَيُرْقَم وَيُخْتَم فِيهِ النَّجَاة مِنْ
الْحِسَاب يَوْم الْقِيَامَة وَيَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ . وَقَالَ قَتَادَة أَيْضًا : " فِي
عِلِّيِّينَ " هِيَ فَوْق السَّمَاء السَّابِعَة عِنْد قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . وَقَالَ الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عِلِّيُّونَ فِي السَّمَاء السَّابِعَة تَحْت الْعَرْش ) . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : هُوَ لَوْح
مِنْ زَبَرْجَدَة خَضْرَاء مُعَلَّق بِالْعَرْشِ , أَعْمَالهمْ مَكْتُوبَة فِيهِ . وَقَالَ الْفَرَّاء
: عِلِّيُّونَ اِرْتِفَاع بَعْد اِرْتِفَاع . وَقِيلَ : عِلِّيُّونَ
أَعْلَى الْأَمْكِنَة
. وَقِيلَ : مَعْنَاهُ عُلُوّ فِي عُلُوّ مُضَاعَف , كَأَنَّهُ لَا غَايَة لَهُ ; وَلَذَلِكَ جُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّون
. وَهُوَ مَعْنَى قَوْل الطَّبَرِيّ . قَالَ الْفَرَّاء :
هُوَ اِسْم مَوْضُوع
عَلَى صِفَة الْجَمْع , وَلَا وَاحِد لَهُ مِنْ لَفْظِهِ ; كَقَوْلِك : عِشْرُونَ وَثَلَاثُونَ , وَالْعَرَب إِذَا جَمَعَتْ جَمْعًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِنَاء مِنْ
وَاحِده وَلَا تَثْنِيَة , قَالُوا فِي الْمُذَكَّر وَالْمُؤَنَّث بِالنُّونِ . وَهِيَ مَعْنَى قَوْل الطَّبَرِيّ
. وَقَالَ الزَّجَّاج : إِعْرَاب هَذَا الِاسْم
كَإِعْرَابِ الْجَمْع , كَمَا تَقُول : هَذِهِ
قِنَّسْرون , وَرَأَيْت قِنَّسْرين . وَقَالَ يُونُس النَّحْوِيّ وَاحِدهَا : عِلِيّ وَعِلِيَّة . وَقَالَ أَبُو
الْفَتْح : عِلِّيِّينَ : جَمْع عِلِّيّ , وَهُوَ
فِعِّيل مِنْ الْعُلُوّ . وَكَانَ سَبِيله أَنْ يَقُول عِلِّيَّة كَمَا قَالُوا لِلْغُرْفَةِ عِلِّيَّة
; لِأَنَّهَا مِنْ الْعُلُوّ , فَلَمَّا حُذِفَ التَّاء
مِنْ عِلِّيَّة عَوَّضُوا مِنْهَا الْجَمْع بِالْوَاوِ وَالنُّون , كَمَا قَالُوا فِي أَرَضِين . وَقِيلَ : إِنَّ
عِلِّيِّينَ صِفَة لِلْمَلَائِكَةِ , فَإِنَّهُمْ
الْمَلَأ الْأَعْلَى ; كَمَا يُقَال : فُلَان فِي بَنِي فُلَان
; أَيْ هُوَ فِي جُمْلَتهمْ وَعِنْدهمْ . وَاَلَّذِي فِي
الْخَبَر مِنْ حَدِيث
اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ أَهْل
عِلِّيِّينَ لَيَنْظُرُونَ إِلَى الْجَنَّة مِنْ كَذَا , فَإِذَا أَشْرَفَ رَجُل مِنْ أَهْل عِلِّيِّينَ
أَشْرَقَتْ الْجَنَّة
لِضِيَاءِ وَجْهه , فَيَقُولُونَ : مَا هَذَا النُّور ؟ فَيُقَال أَشْرَفَ رَجُل مِنْ أَهْل
عِلِّيِّينَ الْأَبْرَار أَهْل الطَّاعَة وَالصِّدْق ) . وَفِي خَبَر آخَر : ( إِنَّ أَهْل الْجَنَّة
لَيَرَوْنَ أَهْل
عِلِّيِّينَ كَمَا يُرَى الْكَوْكَب الدُّرِّيّ فِي أُفُق السَّمَاء
) يَدُلّ عَلَى أَنَّ عِلِّيِّينَ اِسْم الْمَوْضِع
الْمُرْتَفِع . وَرَوَى نَاس عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " عِلِّيِّينَ " قَالَ : أَخْبَرَ أَنَّ أَعْمَالهمْ وَأَرْوَاحهمْ
فِي السَّمَاء الرَّابِعَة .




{19} وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ






أَيْ مَا الَّذِي أَعْلَمَك يَا مُحَمَّد أَيّ شَيْء عِلِّيُّونَ ؟ عَلَى جِهَة التَّفْخِيم وَالتَّعْظِيم لَهُ
فِي الْمَنْزِلَة الرَّفِيعَة . ثُمَّ فَسَّرَهُ لَهُ فَقَالَ : " كِتَاب مَرْقُوم يَشْهَدُهُ
الْمُقَرَّبُونَ " .




{20} كِتَابٌ مَرْقُومٌ






لَيْسَ تَفْسِيرًا لِعِلِّيِّينَ , بَلْ تَمَّ الْكَلَام عِنْد قَوْله
" عِلِّيُّونَ " ثُمَّ اِبْتَدَأَ وَقَالَ :
" كِتَاب مَرْقُوم " أَيْ كِتَاب الْأَبْرَار كِتَاب مَرْقُوم وَلِهَذَا عُكِسَ الرَّقْم فِي
كِتَاب الْفُجَّار
; قَالَهُ الْقُشَيْرِيّ . وَرُوِيَ : أَنَّ الْمَلَائِكَة تَصْعَد بِعَمَلِ الْعَبْد , فَيَسْتَقْبِلُونَهُ فَإِذَا
اِنْتَهَوْا بِهِ إِلَى مَا شَاءَ اللَّه مِنْ سُلْطَانه أَوْحَى إِلَيْهِمْ : إِنَّكُمْ الْحَفَظَة عَلَى عَبْدِي , وَأَنَا
الرَّقِيب عَلَى مَا فِي قَلْبه , وَإِنَّهُ
أَخْلَصَ لِي عَمَله , فَاجْعَلُوهُ فِي عِلِّيِّينَ , فَقَدْ غَفَرْت لَهُ , وَإِنَّهَا لَتَصْعَد
بِعَمَلِ الْعَبْد , فَيَتْرُكُونَهُ فَإِذَا اِنْتَهَوْا بِهِ إِلَى مَا شَاءَ اللَّه أَوْحَى إِلَيْهِمْ
: أَنْتُمْ الْحَفَظَة عَلَى عَبْدِي وَأَنَا الرَّقِيب
عَلَى مَا فِي قَلْبه , وَإِنَّهُ لَمْ
يُخْلِص لِي عَمَله , فَاجْعَلُوهُ فِي سِجِّين .




{21} يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ






أَيْ يَشْهَد عَمَل الْأَبْرَار مُقَرَّبُو كُلّ سَمَاء مِنْ الْمَلَائِكَة . وَقَالَ وَهْب وَابْن إِسْحَاق : الْمُقَرَّبُونَ
هُنَا إِسْرَافِيل عَلَيْهِ السَّلَام , فَإِذَا عَمِلَ الْمُؤْمِن عَمَل الْبِرّ , صَعِدَتْ الْمَلَائِكَة بِالصَّحِيفَةِ
وَلَهُ نُور يَتَلَأْلَأ فِي السَّمَوَات كَنُورِ الشَّمْس فِي الْأَرْض , حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى
إِسْرَافِيل , فَيَخْتِم عَلَيْهَا وَيَكْتُب فَهُوَ
قَوْله : " يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ " أَيْ يَشْهَد كِتَابَتهمْ .




{22} إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ






أَيْ أَهْل الصِّدْق وَالطَّاعَة .




{22} إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ






أَيْ نِعْمَة , وَالنَّعْمَة
بِالْفَتْحِ : التَّنْعِيم ; يُقَال : نَعَّمَهُ اللَّه وَنَاعَمَهُ فَتَنَعَّمَ وَامْرَأَة مُنَعَّمَة وَمُنَاعَمَة
بِمَعْنًى . أَيْ إِنَّ الْأَبْرَار فِي
الْجَنَّات يَتَنَعَّمُونَ .


(تفسير القرطبي )









الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبير رمضان
مراقب عام المنتديات
مراقب عام المنتديات
عبير رمضان


عدد المساهمات : 3897
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
العمر : 56
الموقع : في قلب مصر
رقم العضوية : 994
Upload Photos : آية وتفسير (سورة المطففين ) Upload
آية وتفسير (سورة المطففين ) Mvj7fm

آية وتفسير (سورة المطففين ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: آية وتفسير (سورة المطففين )   آية وتفسير (سورة المطففين ) I_icon_minitimeالجمعة 29 يوليو - 2:17



{23} عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ


وَهِيَ الْأَسِرَّة فِي الْحِجَال

{23} عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ


أَيْ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مِنْ الْكَرَامَات ; قَالَهُ عِكْرِمَة وَابْن عَبَّاس وَمُجَاهِد . وَقَالَ مُقَاتِل : يَنْظُرُونَ إِلَى أَهْل النَّار . وَعَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَنْظُرُونَ إِلَى أَعْدَائِهِمْ فِي النَّار ) ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ . وَقِيلَ : عَلَى أَرَائِك أَفْضَاله يَنْظُرُونَ إِلَى وَجْهه وَجَلَاله .

{24} تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ


أَيْ بَهْجَته وَغَضَارَته وَنُوره ; يُقَال : نَضَرَ النَّبَات : إِذَا أَزْهَرَ وَنَوَّرَ . وَقِرَاءَة الْعَامَّة " تَعْرِف " بِفَتْحِ التَّاء وَكَسْر الرَّاء " نَضْرَة " نَصْبًا ; أَيْ تَعْرِف يَا مُحَمَّد . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر بْن الْقَعْقَاع وَيَعْقُوب وَشَيْبَة وَابْن أَبِي إِسْحَاق : " تُعْرَف " بِضَمِّ التَّاء وَفَتْح الرَّاء عَلَى الْفِعْل الْمَجْهُول " نَضْرَة " رَفْعًا .

{25} يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ


أَيْ مِنْ شَرَاب لَا غِشَّ فِيهِ . قَالَهُ الْأَخْفَش وَالزَّجَّاج . وَقِيلَ , الرَّحِيق الْخَمْر الصَّافِيَة . وَفِي الصِّحَاح : الرَّحِيق صَفْوَة الْخَمْر . وَالْمَعْنَى وَاحِد . الْخَلِيل : أَقْصَى الْخَمْر وَأَجْوَدهَا . وَقَالَ مُقَاتِل وَغَيْره : هِيَ الْخَمْر الْعَتِيقَة الْبَيْضَاء الصَّافِيَة مِنْ الْغِشّ النَّيِّرَة , قَالَ حَسَّان : يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ الْبَرِيصَ عَلَيْهِمْ بَرَدَى يُصَفِّق بِالرَّحِيقِ السَّلْسَل وَقَالَ آخَر : أَمْ لَا سَبِيل إِلَى الشَّبَاب وَذِكْره أَشْهَى إِلَيَّ مِنْ الرَّحِيق السَّلْسَل

{25} يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ


الْمَخْتُوم الْمَمْزُوج . وَقِيلَ : مَخْتُوم أَيْ خُتِمَتْ وَمُنِعَتْ عَنْ أَنْ يَمَسَّهَا مَاسٌ إِلَى أَنْ يَفُكَّ خِتَامَهَا الْأَبْرَارُ . وَقَرَأَ عَلِيّ وَعَلْقَمَة وَشَقِيق وَالضَّحَّاك وَطَاوُس وَالْكِسَائِيّ " خَاتَمه " بِفَتْحِ الْخَاء وَالتَّاء وَأَلِف بَيْنهمَا . قَالَهُ عَلْقَمَة : أَمَا رَأَيْت الْمَرْأَة تَقُول لِلْعَطَّارِ : اِجْعَلْ خَاتَمه مِسْكًا , تُرِيد آخِره . وَالْخَاتَم وَالْخِتَام مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى , إِلَّا أَنَّ الْخَاتَم الِاسْم , وَالْخِتَام الْمَصْدَر ; قَالَهُ الْفَرَّاء . وَفِي الصِّحَاح : وَالْخِتَام : الطِّين الَّذِي يُخْتَم بِهِ . وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَابْن زَيْد : خُتِمَ إِنَاؤُهُ بِالْمِسْكِ بَدَلًا مِنْ الطِّين . حَكَاهُ الْمَهْدَوِيّ . وَقَالَ الْفَرَزْدَق : وَبِتّ أَفُضُّ أَغْلَاق الْخِتَام وَقَالَ الْأَعْشَى : وَأَبْرَزَهَا وَعَلَيْهَا خَتَم

{26} خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ


قَالَ مُجَاهِد : يُخْتَم بِهِ آخِر جَرْعَة . وَقِيلَ : الْمَعْنَى إِذَا شَرِبُوا هَذَا الرَّحِيق فَفَنِيَ مَا فِي الْكَأْس , انْخَتَمَ ذَلِكَ بِخَاتَمِ الْمِسْك . وَكَانَ اِبْن مَسْعُود يَقُول : يَجِدُونَ عَاقِبَتَهَا طَعْم الْمِسْك . وَنَحْوه عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ قَالَا : خِتَامه آخِر طَعْمه . وَهُوَ حَسَن ; لِأَنَّ سَبِيل الْأَشْرِبَة أَنْ يَكُون الْكَدِر فِي آخِرهَا , فَوُصِفَ شَرَاب أَهْل الْجَنَّة بِأَنَّ رَائِحَة آخِره رَائِحَة الْمِسْك . وَعَنْ مَسْرُوق عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : الْمَخْتُوم الْمَمْزُوج . وَقِيلَ : مَخْتُوم أَيْ خُتِمَتْ وَمُنِعَتْ عَنْ أَنْ يَمَسّهَا مَاس إِلَى أَنْ يَفُكَّ خِتَامَهَا الْأَبْرَارُ . وَقَرَأَ عَلِيّ وَعَلْقَمَة وَشَقِيق وَالضَّحَّاك وَطَاوُس وَالْكِسَائِيّ " خَاتَمه " بِفَتْحِ الْخَاء وَالتَّاء وَأَلِف بَيْنهمَا . قَالَهُ عَلْقَمَة : أَمَا رَأَيْت الْمَرْأَة تَقُول لِلْعَطَّارِ : اِجْعَلْ خَاتَمه مِسْكًا , تُرِيد آخِره . وَالْخَاتَم وَالْخِتَام مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى , إِلَّا أَنَّ الْخَاتَم الِاسْم , وَالْخِتَام الْمَصْدَر ; قَالَهُ الْفَرَّاء . وَفِي الصِّحَاح : وَالْخِتَام : الطِّين الَّذِي يُخْتَم بِهِ . وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَابْن زَيْد : خُتِمَ إِنَاؤُهُ بِالْمِسْكِ بَدَلًا مِنْ الطِّين . حَكَاهُ الْمَهْدَوِيّ . وَقَالَ الْفَرَزْدَق : وَبِتّ أَفُضَّ أَغْلَاق الْخِتَام وَقَالَ الْأَعْشَى : وَأَبْرَزَهَا وَعَلَيْهَا خَتَم أَيْ عَلَيْهَا طِينَة مَخْتُومَة ; مِثْل نَفْض بِمَعْنَى مَنْفُوض , وَقَبْض بِمَعْنَى مَقْبُوض . وَذَكَرَ اِبْن الْمُبَارَك وَابْن وَهْب , وَاللَّفْظ لِابْنِ وَهْب , عَنْ عَبْد اللَّه . بْن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى : " خِتَامه مِسْك " : خَلْطه , لَيْسَ بِخَاتَمٍ يَخْتِمُ , أَلَا تَرَى إِلَى قَوْل الْمَرْأَة مِنْ نِسَائِكُمْ : إِنَّ خِلْطه مِنْ الطِّيب كَذَا وَكَذَا . إِنَّمَا خِلْطه مِسْك ; قَالَ : شَرَاب أَبْيَض مِثْل الْفِضَّة يَخْتِمُونَ بِهِ آخِر أَشْرِبَتهمْ , لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْل الدُّنْيَا أَدْخَلَ فِيهِ يَده ثُمَّ أَخْرَجَهَا , لَمْ يَبْقَ ذُو رَوْح إِلَّا وَجَدَ رِيح طِيبهَا . وَرَوَى أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : قِيلَ يَا رَسُول اللَّه مَا الرَّحِيق الْمَخْتُوم ؟ قَالَ : ( غُدْرَان الْخَمْر ) . وَقِيلَ : مَخْتُوم فِي الْآنِيَة , وَهُوَ غَيْر الَّذِي يَجْرِي فِي الْأَنْهَار . فَاَللَّه أَعْلَم .

{26} خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ


أَيْ وَفِي الَّذِي وَصَفْنَاهُ مِنْ أَمْر الْجَنَّة


{26} خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ


أَيْ فَلْيَرْغَبْ الرَّاغِبُونَ يُقَال : نَفَسْت عَلَيْهِ الشَّيْء أَنْفِسه نَفَاسَة : أَيْ ضَنِنْت بِهِ , وَلَمْ أُحِبّ أَنْ يَصِير إِلَيْهِ . وَقِيلَ : الْفَاء بِمَعْنَى إِلَى , أَيْ وَإِلَى ذَلِكَ فَلْيَتَبَادَرْ الْمُتَبَادِرُونَ فِي الْعَمَل ; نَظِيره : " لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ " .

{27} وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ


أَيْ وَمِزَاج ذَلِكَ الرَّحِيق


{27} وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ


وَهُوَ شَرَاب يَنْصَبّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلُوّ , وَهُوَ أَشْرَف شَرَاب فِي الْجَنَّة . وَأَصْل التَّسْنِيم فِي اللُّغَة : الِارْتِفَاع فَهِيَ عَيْن مَاء تَجْرِي مِنْ عُلُوّ إِلَى أَسْفَل ; وَمِنْهُ سَنَام الْبَعِير لِعُلُوِّهِ مِنْ بَدَنه , وَكَذَلِكَ تَسْنِيم الْقُبُور . وَرُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : تَسْنِيم عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَيُمْزَج مِنْهَا كَأْس أَصْحَاب الْيَمِين فَتَطِيب . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : " وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيم " قَالَ : هَذَا مِمَّا قَالَ اللَّه تَعَالَى : " فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن " [ السَّجْدَة : 17 ] . وَقِيلَ : التَّسْنِيم عَيْن تَجْرِي فِي الْهَوَاء بِقُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى , فَتَنْصَبّ فِي أَوَانِي أَهْل الْجَنَّة عَلَى قَدْر مَائِهَا , فَإِذَا اِمْتَلَأَتْ أُمْسِكَ الْمَاء , فَلَا تَقَع مِنْهُ قَطْرَة عَلَى الْأَرْض , وَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الِاسْتِقَاء ; قَالَ قَتَادَة , اِبْن زَيْد : بَلَغَنَا أَنَّهَا عَيْن تَجْرِي مِنْ تَحْت الْعَرْش . وَكَذَا فِي مَرَاسِيل الْحَسَن . وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَة " الْإِنْسَان " .

{28} عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ


أَيْ يَشْرَب مِنْهَا أَهْل جَنَّة عَدْن , وَهُمْ أَفَاضِل أَهْل الْجَنَّة صِرْفًا , وَهِيَ لِغَيْرِهِمْ مِزَاج . وَ " عَيْنًا " نَصْب عَلَى الْمَدْح . وَقَالَ الزَّجَّاج : نَصْب عَلَى الْحَال مِنْ تَسْنِيم , وَتَسْنِيم مَعْرِفَة , لَيْسَ يُعْرَف لَهُ اِشْتِقَاق , وَإِنْ جَعَلْته مَصْدَرًا مُشْتَقًّا مِنْ السَّنَام فَـ " عَيْنًا " نَصْب ; لِأَنَّهُ مَفْعُول بِهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " أَوْ إِطْعَام فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة . يَتِيمًا " [ الْبَلَد : 14 - 15 ] وَهَذَا قَوْل الْفَرَّاء إِنَّهُ مَنْصُوب بِتَسْنِيمٍ . وَعِنْد الْأَخْفَش بِـ " يُسْقَوْنَ " أَيْ يُسْقَوْنَ عَيْنًا أَوْ مِنْ عَيْن . وَعِنْد الْمُبَرِّد بِإِضْمَارِ أَعْنِي عَلَى الْمَدْح .

{29} إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ


وَصَفَ أَرْوَاح الْكُفَّار فِي الدُّنْيَا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ بِاسْتِهْزَائِهِمْ بِهِمْ وَالْمُرَاد رُؤَسَاء قُرَيْش مِنْ أَهْل الشِّرْك . رَوَى نَاس عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : هُوَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَعُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط , وَالْعَاص بْن وَائِل , وَالْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , وَالْعَاص بْن هِشَام , وَأَبُو جَهْل , وَالنَّضْر بْن الْحَارِث ; وَأُولَئِكَ

{29} إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ


مِنْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل عَمَّار , وَخَبَّاب وَصُهَيْب وَبِلَال

{29} إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ


عَلَى وَجْه السُّخْرِيَة .


{30} وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ


عِنْد إِتْيَانهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


{30} وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ


يَغْمِز بَعْضهمْ بَعْضًا , وَيُشِيرُونَ بِأَعْيُنِهِمْ . وَقِيلَ : أَيْ يُعَيِّرُونَهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَيَعِيبُونَهُمْ بِهِ يُقَال : غَمَزْت الشَّيْء بِيَدِي ; قَالَ : وَكُنْت إِذَا غَمَزْت قَنَاةَ قَوْمٍ كَسَرْت كُعُوبَهَا أَوْ تَسْتَقِيمَا وَقَالَتْ عَائِشَة : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي , فَقَبَضْت رِجْلِي . الْحَدِيث ; وَقَدْ مَضَى فِي " النِّسَاء " . وَغَمَزْته بِعَيْنِي . وَقِيلَ : الْغَمْز : بِمَعْنَى الْعَيْب , يُقَال غَمَزَهُ : أَيْ عَابَهُ , وَمَا فِي فُلَان غَمْزَة أَيْ عَيْب . وَقَالَ مُقَاتِل : نَزَلَتْ فِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب جَاءَ فِي نَفَر مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَزَهُمْ الْمُنَافِقُونَ , وَضَحِكُوا عَلَيْهِمْ وَتَغَامَزُوا .

{31} وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ


أَيْ اِنْصَرَفُوا إِلَى أَهْلِهِمْ وَأَصْحَابهمْ وَذَوِيهِمْ


{31} وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ


أَيْ مُعْجَبِينَ مِنْهُمْ . وَقِيلَ : مُعْجَبُونَ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْكُفْر , مُتَفَكِّهُونَ بِذِكْرِ الْمُؤْمِنِينَ . وَقَرَأَ اِبْن الْقَعْقَاع وَحَفْص وَالْأَعْرَج وَالسُّلَمِيّ : " فَكِهِينَ " بِغَيْرِ أَلِف . الْبَاقُونَ بِأَلِفٍ . قَالَ الْفَرَّاء : هُمَا لُغَتَانِ مِثْل طَمِع وَطَامِع وَحَذِر وَحَاذِر , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة " الدُّخَان " وَالْحَمْد لِلَّهِ . وَقِيلَ : الْفَكِه : الْأَشِر الْبَطِر وَالْفَاكِه : النَّاعِم الْمُتَنَعِّم .


{32} وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ


أَيْ إِذَا رَأَى هَؤُلَاءِ الْكُفَّار أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


{32} وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ


فِي اِتِّبَاعهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


{33} وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ


لِأَعْمَالِهِمْ , مُوَكَّلِينَ بِأَحْوَالِهِمْ , رُقَبَاء عَلَيْهِمْ .

{34} فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ


يَعْنِي هَذَا الْيَوْم الَّذِي هُوَ يَوْم الْقِيَامَة


{34} فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ


بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

{34} فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ


كَمَا ضَحِكَ الْكُفَّار مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا . نَظِيره فِي آخِر سُورَة " الْمُؤْمِنِينَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَذَكَرَ اِبْن الْمُبَارَك : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى : " فَالْيَوْم الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّار يَضْحَكُونَ " قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُول إِنَّ بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار كُوًى , فَإِذَا أَرَادَ الْمُؤْمِن أَنْ يَنْظُر إِلَى عَدُوّ كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا اِطَّلَعَ مِنْ بَعْض الْكُوَى ; قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي آيَة أُخْرَى : " فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيم " [ الصَّافَّات : 55 ] قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ اِطَّلَعَ فَرَأَى جَمَاجِم الْقَوْم تَغْلِي . وَذَكَر اِبْن الْمُبَارَك أَيْضًا : أَخْبَرَنَا الْكَلْبِيّ عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : " اللَّه يَسْتَهْزِئ بِهِمْ " [ الْبَقَرَة : 15 ] قَالَ : يُقَال لِأَهْلِ النَّار وَهُمْ فِي النَّار : اُخْرُجُوا , فَتُفْتَح لَهُمْ أَبْوَاب النَّار , فَإِذَا رَأَوْهَا قَدْ فُتِحَتْ أَقْبَلُوا إِلَيْهَا يُرِيدُونَ الْخُرُوج , وَالْمُؤْمِنُونَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ عَلَى الْأَرَائِك , فَإِذَا اِنْتَهَوْا إِلَى أَبْوَابهَا غُلِّقَتْ دُونَهُمْ ; فَذَلِكَ قَوْله : " اللَّه يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ " [ الْبَقَرَة : 15 ] وَيَضْحَكُ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ حِين غُلِّقَتْ دُونَهُمْ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : " فَالْيَوْم الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّار يَضْحَكُونَ "
.

{35} عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ


وَهِيَ الْأَسِرَّة فِي الْحِجَال

{35} عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ


أَيْ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مِنْ الْكَرَامَات ; قَالَ عِكْرِمَة وَابْن عَبَّاس وَمُجَاهِد . وَقَالَ مُقَاتِل : يَنْظُرُونَ إِلَى أَهْل النَّار . وَعَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَنْظُرُونَ إِلَى أَعْدَائِهِمْ فِي النَّار ) ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ . وَقِيلَ : عَلَى أَرَائِك أَفْضَاله يَنْظُرُونَ إِلَى وَجْهه وَجَلَاله .

{36} هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ


وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي أَوَّل سُورَة " الْبَقَرَة " . وَمَعْنَى " هَلْ ثُوِّبَ " أَيْ هَلْ جُوزِيَ بِسُخْرِيَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا بِالْمُؤْمِنِينَ إِذَا فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ . وَقِيلَ : إِنَّهُ مُتَعَلِّق بِـ " يَنْظُرُونَ " أَيْ يَنْظُرُونَ : هَلْ جُوزِيَ الْكُفَّار ؟ فَيَكُون مَعْنَى هَلْ [ التَّقْرِير ] وَمَوْضِعهَا نَصْبًا بِ " يَنْظُرُونَ " . وَقِيلَ : اِسْتِئْنَاف لَا مَوْضِع لَهُ مِنْ الْإِعْرَاب . وَقِيلَ : هُوَ إِضْمَار عَلَى الْقَوْل , وَالْمَعْنَى ; يَقُول بَعْض الْمُؤْمِنِينَ لِبَعْضٍ : " هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّار " أَيْ أُثِيبَ وَجُوزِيَ . وَهُوَ مِنْ ثَابَ يَثُوب أَيْ رَجَعَ ; فَالثَّوَاب مَا يَرْجِع عَلَى الْعَبْد فِي مُقَابَلَة عَمَله , وَيُسْتَعْمَل فِي الْخَيْر وَالشَّرّ . خُتِمَتْ السُّورَة وَاَللَّه أَعْلَم .

(تفسير القرطبي )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبير رمضان
مراقب عام المنتديات
مراقب عام المنتديات
عبير رمضان


عدد المساهمات : 3897
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
العمر : 56
الموقع : في قلب مصر
رقم العضوية : 994
Upload Photos : آية وتفسير (سورة المطففين ) Upload
آية وتفسير (سورة المطففين ) Mvj7fm

آية وتفسير (سورة المطففين ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: آية وتفسير (سورة المطففين )   آية وتفسير (سورة المطففين ) I_icon_minitimeالجمعة 29 يوليو - 2:34

تمت بحمد الله
اسأل الله ان يكون عملاً خالصاً لوجهه
نسألكم الدعاء
جزاكم الله خيراً
والله ولي التوفيق


آية وتفسير (سورة المطففين ) Fadlayat0009
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
آية وتفسير (سورة المطففين )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» آية وتفسير (سورة النور )
» آية وتفسير (سورة الحجرات )
» آية وتفسير (سورة يوسف )
» أسرار سورة الكهف ....بالصور
» 100 فائدة من سورة يوسف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى طلبة كلية الهندسه بأسوان :: دين ودنيا :: إســلاميـــــــــــــات-
انتقل الى: