القباب
القباب هي إنشاءات هندسية معمارية مقوسة ( منحنية ) الشكل ليس لها نهايات زاوية أو زوايا هندسية ، وهي تغلف مساحات كبيرة دون الحاجة لوجود أعمدة داعمة ، وعلى الرغم من سماكاتها القليلة إلاأنها تعتبر من الإنشاءات الأقوى والأثبت في إنشاءاتنا العصرية .
نشأة فكرة القباب:
قبل وجود القباب ، كان هنالك الأبنية المستطيلة المدعومة بالأعمدة ، فمعظم الأبنية والإنشاءات القديمة كالمعابد كانت تقوم على سقوف مدعومة بغابات من الأعمدة ، وتتميز الأعمدة بالقدرة الكبيرة على دعم الأسقف وحمايتها من الإنهيار إلا أن الحاجة الى العدد الكبير منها يخلف مساحات حرة قليلة مقارنة بما تسمح به القباب .
قام البناؤون الرومان بتدوير أقواس حجرية حول مركز دائري فاكتشفوا أن الشكل الناتج وهو القبة أن الشكل الثلاثي الأبعاد الناتج يتمتع بقوة كبيرة ، وبعدها بدأت الكنائس والمساجد تغطى مع الوقت بالقباب التي خلقت المساحات الواسعة .
كانت القباب الحجرية والأعمدة الداعمة قديما تعاني من الأوزان الكبيرة ، لذلك لجأ المهندسون وقتها الى الأشكال المعقدة، التي تدعى بالـصناديق coffers على طول الجدران للتخفيف من الأوزان في الابنية الضخمة ، كما عمدوا الى ترك فتحات في ذروة القبب تدعى أوكالاس والتي في نفس الوقت تؤمن الإنارة اليومية في الهياكل والمعابد الضخمة .
ومع التقدم المعماري عبر الحضارات المتعاقبة أصبحت القبب أكثر تعقيداً وووزناً ، فقد أكد المهندسون القدماء أنهم قادرون على إضاءة القبب من خلال ترك مسافات بين الأقواس ، وهذا التصميم الجديد يسمح لأشعة الشمس بالمرور عبر فراغات البينية بين الأقواس وإنارة القبة دون إضعاف البناء .
ومن الأمثلة الشهيرة جامع ميهريما
Mihrimah Mosque الذي بني في العام 1555م في اسطنبول /تركيا ، من قبل أشهر المعماريين تم تزويده بــ 161 نافذة إنارة دون أدنى تقليل في المتانة الإنشائية للمسجد .
وبنتيجة السعي الدائم وراء العلو والإرتفاع لجأ المهندسون المعماريون الى الخدع التصميمية للوصول الى مآربهم وطموحاتهم .
فمع بداية العام 1400 م بدأ المهندسون الرومان ببناء القباب المزدوجة المدموجة بقبة واحدة لإنشاء خدع تقنية في الارتفاع ودروس في الإبداع .
وفي العام 1793م بني يو أس كابيتول U.S. Capitol مجلس الشيوخ الأمريكي أو ما يعرف بالبيت الأبيض والذي أظهر براعة أكبر في العمل ، حيث يمتلك البيت الأبيض القبة الأولى والأفخم التي تتوج مبنى سياسياً في العالم .
تم وضع حجر الأساس عام 1793م ، وتعرضت هذه القبة مع البيت الأبيض للعديد من التغيرات فقد أحترق وأعيد بناؤه ، ثم تم توسعته ثم تم تجديده . تم الانتهاء من القبة الأولى عام 1824م من قبل المهندس الأمريكي شارلز بولفينش ،وكانت مخيبة للأمل بشكل كبير ، وقد تعرضت بعدها الى الحرق واحتاجت الى إعادة ترميم وتم توكيل المهندس الأميريكي توماس يو والتر ، الذي طلب إليه استبدال القبة القديمة وتكبيرها بشكل أفضل وبإنشاء مقاوم للحريق .
القبة هنا أطول وأثقل ولمنع الجدران من التشقق والانحراف هنالك حاجة ماسة لجدران ضخمة كما في المعابد القديمة أو كميات كبيرة من الحلقات الحديدية كما في كنيسة بيتر ستريت ، لكن والتر لم يكن يفكر في ذلك ، بل قرر تصميم قبة مضاعفة تتألف من قبة داخلية صغيرة داخل قبة أطول والتي تشكل خداعا تقنيا مبدعاً .
تتألف القبة الخارجية الطولية من هيكل قليل السماكة ، مدعم بحلقات من 36 عصب حديدي مقوس ، في القسم السفلي أوالداخلي توجد القبة الداخلية الأصغر مفتوحة في القمة (كما مر معنا في تصميم قبب المعابد المفتوحة القمة ) . وتبدو القبة المزدوجة من الخارج كأنها قبة حج-رية كلاسيكية في حين أنها مصنعة بالكامل من الأعصاب الحديدية CAST IRON .
تم الانتهاء من العمل بها في ديسمبر 1863م ، والى اليوم تشكل رمزا من الرموز المعمارية الشهيرة في العالم .يمكننا هنا القول أن الإنتقال من الإنشاء الحجري الثقيل والمكلف الى الأعصاب المعدنية الأخف وزنا في نهاية القرن الثامن عشر يعتبر نقلة نوعية في تطور تصميم وبناء القباب .
ولكن اختراعات القرن العشرين غيرت مفاهيم التصميم والبناء بشكل عام الى الأبد،
ففي عام 1950م ظهر تصميم جديد للقباب geodesic dome غير الطريقة التي ينظر بها المهندسون الى القباب لأول مرة منذ 2000 عام .
الاختراع الجديد هو قبة أنشأها المهندس المعماري الأميركي فولر Buckminster Fuller ، وجاءت القبة الجيوديسيكية geodesic dome على شكل كروي مجزأ ، مبني من سلسلة من المثلثات المضلعة كما في الشكل بدلاً من سلسلة الأقواس
المعتمدة سابقاً . واليوم تعتبر القبة الجيوديسيكية شائعة بإنشاءات متنوعة في الشكل والنمط والطراز ، فأحد أشهر هذه القباب في العالم هو مركز ايبكوت Epcot Center الذي يقع في أورلاند - فلوريدا .
ومع التطور العلمي والتكنولوجي ظهرت معطيات جديدة في فنون وهندسة الإنشاءات أوصلتنا الى أحدث ما توصل اليه المهندسون المعماريون في إبداعاتهم .
تزود القباب المنشأة حديثاً بأسطح قابلة للسحب والحركة ، والتي أصبحت خيارا ضروريا في تصميم قباب الملاعب والمدن الرياضية الحديثة في العالم ،كما في قبة السماء في تورنتو / كندا Toronto SkyDome :
تتمتع هذه القبة القيام بمزاياتصميمية لايمكن لقبة أخرى في العالم أن تجاريها ، فهي تتمتع بسقف قابل للحركة الى من وضعية الإغلاق المحكم الى وضعية الفتح الكلي .
تم إنشاؤها عام 1989م ، بهندسة ابداعية فريدة وجديدة ، فالسقف المتحرك يتألف من عدة أجزاء متراكبة تشكل مع بعضها السقف وتختفي مع بعضها في غضون أقل من 20 دقيقة من عملية فتح السقف لينكشف الملعب بالكامل و91% من المدرجات ، ولكن كيف ؟
يتألف السقف من أربع ألواح ضخمة جداً من الفولاذ ، إحدى هذه الألواح مثبتة ، والألواح الثلاثة الباقية متحركة قابلة للأنزلاق وفق نظام مسارات محدد.
كل لوح من هذه الألواح الفولاذية عبارة عن نموذج من الحزام الفولاذي مع هيكلفولاذي متموج و غشاء بلاستيكي مقاوم للعوامل الجوية .
تحتاج عملية فتح السقف الى انزلاق احد الألواح الفولاذية فوق الآخر ،وتحت اللوح الثابت وخلف مركز الأرضية يدور اللوح الثالث الذي يبدأ من خلف اللوح أو الصفيحة الأم الثابتة ، ويدور على سكة دائرية المسار .
على الرغم من الوزن الهائل للسقف المركب الفولاذي والذي يزن أكثر من 11.000 طن ، إلا أن التصميم الهندسي الدقيق يجعل الألواح تنزلق بسرعة تفوق 71 قدم / الدقيقة .
امثلة لقبب منوعة
قبة امير بايندر:
انشات في منطقة احلاط التابعة لمدينة بيتليس ل مليك بايندروهو من سلالة اك كويونلو الذي توفي في عام 1481 وفي الكتابة المنحوته عرضت فيه حياة مليك بايندر والاعمال التي اجراها في حياته . وهي عبارة عن طابقين . وهو اثر فريد من الناحية المعمارية والزخاريف المجودة عليها .
قبب حسين تيمور و بوغاتاي اكا
انشات في منطقة احلاط التابعة لمدينة بيتليس ل حسين تيمور في الامام قبر امير حسين تيمور الذي توفي في عام 1279 و قبراسان تكين هاتون التي توفيت في عام 1280 وفي القبة الخلفية يوجد قبر بوغاتاي اكا من سلالة اك كويونلو والذي توفي في عام 1287 وقبر شيرين هاتون .
قبة هدا فند هاتون:
في مدينة نيدا . انشات ل هدا فند كريمة السلطان الخامس السلجوقي كليج اصلان في عام 1312 . البناء علي شكل ثماني الاضلاع في الداخل القبة وفي الخارج غطيت ب غطاء علي شكل الهرم . وهو مشهور بالنحت الحجري .
القبب الثلاثية في ارض روم:
من المحتمل ان يكون البناية هذه التي علي ارض علي شكل ثماني الاضلاع وثلاثة قبب, انها عائدة ل امير سالتوكة الذي انشا دولة سالتوكه . القبب جميهعها مصنوعة من الاحجار الالمبزرة وبما ان قبر منهم عائد ل سالتوكة لا يعرف عن القبور الاخرى لمن عائدة . وتعد القبب هذه من ناحية المعمار والمواد المستخدمه في البناء والزخارف الموجودة عليها مهمة جدا.
القبو:
القبو هو العنصر الأكثر رسوخا في عمائر الشرق الذي أنتقل مسترسلا في حيثيات العمارة الإسلامية . والقبو عنصر هيكلي تسقيفي و عماري مكور إنسيابي ،ويعني العقد الطويل او السقف المعقود أو الوجه الداخلي للقبة.وفي العمل الإنشائي يمكن تصوره ككتلة واحدة تعمل كالجسر(Beam) بكفاءة ومقاومة عالية، ولهذا تغطى به البحور الكبيرة في البناء. وللتفريق عموما بينه وبين القبة،فانه يستعمل لتغطية المساقط المستطيلة،بينما القبة تستعمل في المربعة، وثمة نوع من القبوات يدعى المتصالب، الذي يبنى فوق الدعامات على المساحات المربعة كذلك.
وقد يدعى القبو(الإيوان) واشتهرت به العمائر الإسلامية في هيئة او (حل) متعدد التوظيفات يدعى (الإيوانات الأربعة المتصالبة) التي تحصر بينها مربعا أو مستطيلا سماويا مكشوفا. وقد شاع تداول هذا الحل إبان الحقب السلجوقية والمملوكية وبعض العثمانية في العمائر الدينية كالمساجد والمدارس والتكايا وكذلك في الدنيوية كالقصور والبيوت والخدمية كالخانات ولاسيما في آسيا الوسطى و فارس والعراق والشام ومصر والحجاز. ودعاه المستشرقون (الإيوانات الفارسية)، بالرغم من أن ثمة مثال باق أقدم من الإسلام يعود الى القرن الأول الميلادي ، موجود في قصر بارتر في آشور بهيئته التخطيطية التي طغت في عمارة المسلمين والمتضمنة أربعة إيوانات متصالبة تحيط بحوش سماوي. والمثال الثاني ورد في مدينة الحضر Hatra) (أو (مدينة الشمس) الواقعة شمال غرب العراق والعائدة الى القرن الثالث الميلادي والتي نفذت كلها بالحجر وتعمل اليوم فيها بعثة حفرية من جامعة جنوه الإيطالية. أما أقدم الأمثلة في فارس فهي متأخرة عن ذلك بقرنين،و موجود في مدينة نيسابور وتعود الى ما بين أعوام 242-272م. ووردت من الفترة الساسانية في قصور فيروز آباد وسرفستان و طيسفون أو المدائن على نهر دجلة والتي أكتسب أسم الإيوان فيها شهرة طافت الآفاق باسم إيوان كسرى كما ورد في التاريخ الإسلامي.
والقبو في كنهه هو عقد مكرر ومسترسل طوليا ،ويعود الى نفس الفترة التاريخية في بناءات الشرق القديم أي أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد . ويجمع علماء الآثار اليوم ولاسيما الغربيين ، ممن درس عن كثب التقادم الزمني لهذا العنصر وتواجده وريادته ، بأنه وكذلك العقود لم تكن يوما محسوبة على الحضارة الرومانية ،حينما تجسدت في ملاعب(الكوليسيوم) ،والحقيقة النقلية والعقلية تثبت أنهم أخر من استعمل هذا العنصر وليس أولهم . لقد نشأت في الأصل في الأراضي الرخوة (المستنقعات أوالأهوار) في العراق الرسوبي الجنوبي ثم تبعها بعد قرون في مصر السفلى وكان النموذج الأول يتمثل في بناء من حزم القصب التي تغرس في الأرض بصورة مستقيمة ومنحنية الى الداخل وتربط أطرافها العليا لتكون هيكل البناء الذي يغطى بحصرعراقية (باريه) مصنوعة من تشظية خامة القصب ،ولنا دراسة عن هذا النوع من البناء عنوانه (عمارة القصب).
وبالرغم من أن المباني القصبية القديمة قد اندثرت إلا أن أسلوب استخدامها لا زال قائما في جنوب العراق اليوم عند نقطة التقاء نهري دجلة والفرات حيث يعيش أناس يسمون عرب الأهوار أو (الشروقيه) أو (المعدان)، لا زالوا يقيمون مبان كبيرة تستخدم فيها أقبية من القصب .وقد ذهب (ليونار وولي) الذي نقب في آثار سومر وتحديدا في أور، وكتب عنها الكثير،بأنه يرجح أن شكل (الصرايف) أو العشش القصبية التي بنى بها السومريون بيوتهم والتي مازالت حية، كانت قد تطورت،حينما ليّست من الخارج بطبقة من الطين ("التطيين " daub)بسمك معقول ليحملها الهيكل، ثم يتم حرق القصب في داخل العشة ويضحى به كـ(قالب ضايع)،لتمكث طبقة اللياسة قوية ومفخورة من جراء الحرق،ومن تلك الآلية نشأ عنصر القبو،الذي تدعم بعد حين بإستجداد خامة الطوب ثم الآجر ،التي جعلته يتطور من جراء الإبتكار وسطوة العقل. وهذا الطراز من البناء، يعرف باسم (الوتل) ،ويذهب الباحثون على أنها كانت تمثل مرحلة وسيطة من مراحل تطور بناء الأقبية. وفي خاتمة المطاف تخلص معظم البنائين في الشرق القديم من استخدام القصب (وهو على أي حال لم يكن متوافرا إلا في (الأهوار)،والأهم أنه خلصهم من هواجس الخشية من الحريق التي مكثت في سجاياهم حتى اليوم. ويمكن أن يكون قد حكم عليهم عامل انتقالهم أبعد قليلا في اليابسة، وبعدما أخذوا يعتمدون على مادة بناء أكثر دواما يمكن استخدامها في المباني الكبيرة وهو الطوب الطيني المجفف بحرارة الشمس (الطوب الني أو اللبن.
وقد استغلت الإمكانات البنائية التي تتيحها العقود والأقبية النصقطرية في العراق القديم، حيث أنها تطورت هناك بصورة مستقلة عما كان يجري في مصر القديمة. وأقدم مثال على ذلك هو الصالة التي بنيت في "تبة كورا" Tepe Gawra الواقعة قرب مدينة كركوك العراقية، في أواخر الألف الرابع قبل الميلاد، عند ظهور الحضارة السومرية وفي "أور" Ur. إلا أن أكثر ما يثير الإعجاب في العقود والأقبية النصقطرية في بلاد ما بين النهرين تلك التي وجدت في "تل الرمة" (Tell al Rimah) التي يعود تاريخها إلى نهاية الألف الثالث والنصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد. و كشفت الحفريات الحديثة في فلسطين عن أول نماذج للعقود النصقطرية الشامية المبنية من الطوب الطيني في بلاد شرق البحر المتوسط "the Levant" . وأقدم هذه النماذج هو مدخل يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وجد قي تل دان في فلسطين ويتألف من ثلاثة مسافات أو طبقات متحدة المركز من حيث سماكتها من طوب العقود.
و من الأقبية الشائعة هو النوع النصقطري ، الذي استعمل فيما بعد في العمارة الرومانية بعد صنع قالب خشبي له وهو ما يعتبر من عيوبه ،التي تخطاها أهل الشرق منذ أزمنة غابرة ،وكانوا يتحاشوف فيها إستعمال الخشب غير المتوفر في بيئتهم. أن العقد أو القبو يحتاج الى "تركيز" centering أو دعم مؤقت حتى يجف . ونظرا لتحاشي القالب، فإن أكثر أنماط التركيز الشائعة في ذلك الوقت "ربما" كانت تقوم على مجرد كومة من الطوب الطيني غير المثبت بالملاط ، وقد تكون مغطاة بطبقة من القش . لذلك فان عملية ملء المدخل أو الحجرة بأكملها بالطوب ثم إزالة الطوب بعد أن يجف العقد أو القبو، لا بد وأنها كانت عملية تستغرق الكثير من الوقت والجهد. والطريقة الثانية التي استخدمت في بناء الأقبية تعرف باسم "طريقة الطوب المائل " “Pitched brick method التي تجنب فيها البناءون عملية التركيز. والطوب المستخدم في الأقبية المبنية بالطوب المائل أخف وزنا من مثيله في الأقبية النصقطرية، لأنه اصغر وأقل سمكا بصورة عامة وكذلك بسبب زيادة نسبة القش في صناعة هذا الطوب .
و كانت البراعة هنا تكمن في الحذلقة التي أتبعوها أهل الشرق حينما توقف اللبنة الواحدة على أحد اطرافها وتميل أو تحنى على أحد الجدران النهائية للقبو. وفي الوقت نفسه فقد كانت تميل نحو الداخل ، مثل الطوب في القبو النصقطري ، باستخدام الحجارة أو كسر الأواني الفخارية التي توضع تحت أطرافها الخارجية . وبذلك فالقبو الكامل كان يتألف من سلسلة من أقواس الطوب المائلة . والفتحة المتبقية عند الجدار النهائي المقابل كانت تملأ بأقواس أصغر وكسر الطوب وكسر الفخار والحجارة والملاط .ولما كان كل قوس يدعم القوس الذي يليه فإن بناء القبو بطريقة الطوب المائل يمكن ان يوقف عند أي حد ويظل القبو قائما بدون دعم داخلي . وكان نشر الملاط الطيني بكثافة بين الأقواس يمنع الأقواس من الانزلاق . كما كان الطوب المستخدم يمتاز بخاصية هامة تعزز عملية امتصاص الملاط الرطب . ففي أحد جوانب اللبنة الواحدة (وفي مصر في جانبيها) كان البناء يعمل تجاويف عميقة يشكلها بأصابعه عندما يكون الطوب لا يزال طريا . وهذه التجاويف كانت تسمح للملاط بالانتشار على مساحة أكبر الأمر الذي يزيد عملية الامتصاص وبالتالي يتماسك الطوب بصورة أكبر.وكان لخاصية الجص المستعمل كملاط مثبت في العراق وملكته في الشك(الجفاف) السريع، عاملا مهما في تثبيت قطع الآجر وحبكتها، والتي مكثت ثابتا تقنيا يتداولها أساطين الحرفة حتى اليوم،ووائموها مع الطفرة التي أحدثها تدول الجسور الحديدية مقطع (I) بعد أن نقلها الألمان إبان بنائهم لمرافق سكة حديد (برلين-بغداد) في بواكير القرن العشرين .
لقد لوحظ وجود عدد من الاختلافات في استخدام أسلوب الطوب المائل هذا. ففي بعض الأحيان كان يبنى القبو بدءا بالجدارين النهائيين ، ولم يكن هذا بالأسلوب الأمثل ، لأنه كان يتوجب على البناء أن يملأ حيزا إهليجيا أكبر في الوسط حيث تلتقي الأقواس المائلة المتقابلة بدلا من أن يملأ حيزا صغيرا مثلث الشكل . وفي بعض الأحيان ، بعد أن يتم تغطية حجرة ما بطبقة معقودة من الطوب ، كانت تتم عملية زيادة سمك القبو بطبقات إضافية فوق الطبقة الأصلية. وفي بلاد ما بين النهرين حيث كان الطوب المربع الشكل(الفرشي) هو الذي يمثل القياس المتعارف عليه ، فقد كان يكفي إضافة طبقة واحدة لتحقيق السمك المطلوب. أما في مصر حيث كانوا يفضلون الطوب الضيق المستطيل الشكل فقد كان سمك القبو يصل إلى أربع طبقات أو أكثر. والطبقات المتعاقبة كانت تميل في اتجاهات متضادة. فالطبقة الأولى تميل نحو الحائط النهائي الأول والطبقة الثانية نحو الحائط النهائي الآخر وهكذا .
وعلى النقيض من ذلك فقد ظهرت " الأقبية البرميلية barrel vaults التي تبنى من الطوب المائل المستطيل الشكل ، في جميع فترات التاريخ المصري من أقدم العصور حتى الوقت الحاضر، وفي مجالات البناء المتعددة ، وكدعامات للسقوف والأسطح في البيوت العادية، وفي فتحات التهوية المقببة الشكل على السطوع المستوية، وكدعامات للسلالم وتغطية لها وفي المستودعات والبناءات الدينية . في نهاية المطاف حلت أقبية الطوب المائل محل الأقبية النصقطرية إلى حد كبير. إلا أن التصميم النصقطري ظل الخيار الأمثل للمداخل و القبوات المفتوحة من الطرفين والتي ينقصها الجدار النهائي اللازم قي التصميم الخاص بالطوب المائل .
إن العمل الذي بلغ الذروة في بناء أقبية الطوب المائل والذي الهم الكثيرين من المعماريين المسلمين يتمثل في ماسمي "طاق كسرى" Taq Kisra وهو في حقيقته القاعة الكبرى في قصر ("طيسفون "(Ctesiphon أو المدينة البيضاء أو (المدائن) العربية، الواقعة 30 كلم إلى الجنوب من بغداد داخل الطين العراقي الذي بني منه.لقد بني هذا الطاق ما بين القرن الثالث والسادس للميلاد. وقد استخدم الآجر (الطوب المحروق بالنار أو الطوب الأحمر) وليس الطوب الني ،وما زال قائما بارتفاع 28,4 متر وباتساع 25,5 متر، مما يجعله أكبر اتساع لقبو واحد من الآجر غير المدعم على سطح الأرض قاطبة.
وفي سياق أنواع القبوات فأن إدخال طوب العقد الإسفيني الشكل يمثل في نظر الباحثين أعظم تقدم تقني في أقبية الطوب المائل ، الذي قضى على الحاجة لإدخال كسر الأواني والحجارة والخبث (الشنك) تحت الأطراف الخارجية للطوب . والأقبية التي استخدم في بنائها طوب العقد الاسفيني الشكل من المحتم أنها كانت أقوى من غيرها لأن اللبنات تكون متلامسة تماما بعضها مع بعض مما يؤدي إلى ضغط الملاط في نقاط الاتصال (المفاصل ) الضيقة جدا. والطوب الاسفيني الشكل يجعل من الممكن تسطيح القبو ،وإعطاءه شكلا آخر غير شكل القوس شبه الدائري . وهذه المرونة، من جانبها، تمكن المعمار من تصميم الغرف المقببة ببحور مختلفة، مع الإبقاء على السقف أو الأرضية العليا على ارتفاع موحد . وقد كان قد بدا هذه الطريقة معمار آشوري عراقي في حوالي عام 675، ق . م . عندما قام بتصمبم سرداب بناية كبيرة في (تل جمّة)، حيث عثرت على أقدم أقبية معروفة بنيت بالطوب الإسفيني الشكل. وقد استخدم هذا الأسلوب بصورة موسعة في "نوشي جان "Nush-i Jan وهي موقع في ايران على تخوم الأراضي العراقية، يعود تاريخه الى ما بين 750 و600 ق .م . وطوب الأقبية الذي استخدم هناك كان بالغ الضخامة، إذ يبلغ طول الواحدة 1,2 متر. ومن الطبيعي أن نتصور أن يكون هذا الطوب الطويل أكثر عرضة للكسر ولكنه في حقيقة الأمر على قدر من القوة بما يسمح له بدعم أرضية حجرة علوية في المعبد المركزي.
لقد كان اختراع العقود والأقبية المبنية بالطوب الطيني إنجازا في حد ذاته. وبناء الأقواس لم يندثر تماما في أي وقت من الأوقات في الشرق العربي،وأستمر تصاعديا خلال العمارة الإسلامية التي سمت به الى آفاق واسعة. وفي القرن العشرين فقد حضي بأهمية خلال تصميمات المعمار المصري حسن فتحي الذي اجتذبت تصاميمه الرائعة ، والتي أدخل فيها أقبية الطوب المائل ، الإعجاب والقدوة . وقد واكب إعادة اكتشاف مزايا الطوب الطيني في عالم يدرك تماما أهمية الطاقة والحفاظ عليها زيادة إدراك المزايا العملية لاستخدام العقود والأقبية في البناء.
منقول للإفادة