تقدم إليها والدها والابتسامة تعلو محياه، جلس بالقرب منها قائلا لها : الجماعة في المجلس ينتظرون موافقتك..
حاولت أن تتخلص من خجلها الذي ولدت به وكبر معها..، حاولت أن تنظر إلى عيني والدها، وهي تخبره بقرارها، لكنها لم تستطع، فلا تشعر إلا بالخجل يغرقها في مياهه الحارة، وبدلا من أن تنظر إلى والدها، غرست نظراتها في الأرض..، وبصوت راجف كمن يعترف بجريمته قالت : أنا موافقة بس عندي شرط..
فرد مستغربا ؛ فكلمة شرط غير متعارف عليها في قاموس الخطبة : شرط !!.. إذا على الدراسة اطمئني..، أنا قلت لهم إنك تريدين تكملين دراستك ووافقوا..، وإذا كنتى عاوزه تشتغلي ما عندهم مانع..
ويعلو منسوب خجلها، وهي ترد عليه قائلة : أنا شرطي شيء آخر..، أنا شرطي الوحيد أن العصمة تكون بيدي.
وصلته كلمتها كضربات المطرقة على رأسه، فما سمعه كان خارج نطاق قدرته الذكورية على احتماله، فضلا عن تصديقه، فبدا مصدوما، وحاول أن يمزق حلقة ذهوله، فصرخ بها : مجنونة أنت..؟!!!!
ردت عبير بهدوء "المجنونة هي إلتى لا تستفيد من تجارب غيرها..، ابى أنا ما اريد ان اصبح زي منيرة إلي بعد شهر زواج قام زوجها يساومها على طلاقها..، ولا زي سارة إلي لها خمس سنوات في المحاكم، ولم تحصل على شيء..، أو مثل صفية إلي متحملة ظلم زوجها لأنها خايفة من انه يحرمها من أطفالها.. أو مثل.. ومثل.. عد وأغلط".
بدت على والدها معالم الحيرة، لكن يبقى أن طلبها بالنسبة إليه غير مقبول بأية حال، لذا أجابها قائلا "يا بنتي لا تتعقدين من قصصهم..، إنت غير وهم غير".
لقد تفاجأتْ من تبريره فسألته "ايه إلي يفرقني عنهم.. إيه الضمانة إلي تجعل مصيري مختلف عن مصيرهم..؟"
لم يجد جوابا.. أحس بضرورة وجود شخص آخر يقف بجواره، فحينما يخذلنا المنطق نلجأ إلى الكثرة أو رفع الصوت، لذا سألها : هل أخبرت والدتك بقرارك ؟..
أجابته : نعم..، سألها : وماذا قالت..؟، تنهدت قبل أن تجيبه : رفضت..، وأختي رفضت.. وصديقتي رفضت.. كل من أخبرته رفض..
راوده شعور الارتياح، فقال "لأن إلذى تقولينه يخالف المنطق وهو مثل النكتة السوداء".
عزيزي القارئ ما رأيك أنت في شرط عبير ؟