أن الأعداء مهما وجد بينهم من التباغض، والتناقض، والتباعد؛ فإنهم إذا واجهوا الإسلام؛ وحدوا صفوفهم في مواجهته : خاصةً إذا قويت شوكة الدين، وعزَّ جانبهم، قال تعالى:}يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ(51){ [سورة المائدة]. إذا واجهوا دين الحق والإسلام، فينسون العداوات فيما بينهم؛ لمواجهة هذا العدو المشترك كما هو المشاهد اليوم، فإننا نجد تحالف القوى ضد الإسلام، اليهودية، والنصرانية، والعلمانية، وبقايا الشيوعية، كلها أصبحت جبهة واحدة ضد الإسلام، إنهم جميعاً يظهرون العداوة لهذا الدين:}قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ (118){ [سورة آل عمران].
أن هذا الكيد الموجه ضد الإسلام وضد المسلمين لم يكن ليبلغ مبلغه، ويحقق أثره لولا أنه وجد آذاناً مصغية من المسلمين، ووجد تربة خصبة لزرعه في بلاد الإسلام : ولهذا قال الله تعالى:} شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا (112){ [سورة الأنعام]. ثم قال في الآية التي بعدها:}وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ (113){ [سورة الأنعام]، وقال سبحانه:}وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا(120){ [سورة آل عمران].
إن من السهل أن نلقي الملام على عدونا، ولكن هذا الكلام ليس دقيقاً، فالعدو إنما نفذ من خلالنا، وبحبل منّا؛ بلغ ما يريد حتى الشيطان نفسه - وهو أعظم الأعداء - يقول يوم القيامة في خطبته الشهيرة التي ذكرها الله تعالى في كتابه:}وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُم(22){[سورة إبراهيم] . وإذا نظرنا اليوم إلى عدونا، وقد نفذ إلى مجتمعاتنا، وإلى بلاد الإسلام كلها؛ فعلينا أن نلوم أنفسنا، وأن نعود إلى ذواتنا، وأن ندرك أنه ما كان هناك شيء ليحدث لولا أننا تجاوبنا مع هذا الكيد.