قلب الحقائق
المصطلحات الجديدة الفضفاضة.. مثل العولمة.. والكوكبة التى نتبادلها كرمز للتطور والتقدم والحداثة.. هى مجموعة من الفخاخ اللفظية التى تحتوى على الكثير من قلب الحقائق وعلى كم هائل من التبعية والتنازلات بالنسبة للدول النامية تنتهى بتفريغ المواطن من وطنيته وقوميته وهويته وانتمائه الدينى والاجتماعى والسياسى.. بحيث لا يبقى منه الا خادم للقوى الكبرى التى تسمى نفسها بالنظام العالمى الجديد.. وما هو الا استعمار جديد شامل وامركة تنزعك من جذورك وتخلع عنك اسمك ورسمك وهويتك وتحولك الى مرمطون فى بار أميركى يلبس الجينز ويأكل الهامبورجر ويشرب الكوكاكولا ويفكر على طريقة.. الكاو.. بوي.. ويقضى اجازته آخر الاسبوع على طريقة الويك إند والجيرل فرند. انها قولبة جديدة للملايين والبلايين من دول افريقية وآسيوية توضع فى مفرمة السياسة الاميركية لتخرج وقد فقدت تنوعها الاجتماعى والبشرى وتحولت الى سوائم وابقار وديعة مستسلمة تحلب خيراتها لصالح المصنع الكبير وبمواصفات خطوط الانتاج الجديدة التى تعد من الآن. والعولمة هى صناعة الاسواق الشاملة التى تضمن لاميركا عالمية التصدير وأولوية السيادة وصنع القرار.. وسيطرة رؤوس الاموال الاميركية الفلكية على كوكبنا الارضى بأكمله. ولكى يتم الترويج والدعاية لهذه الخدعة لابد من قلب الحقائق فالوطنية يقال لنا أنها تخلف والاسلام ارهاب والعروبة تفكير محلى وقبلية بائدة ونعرة اقليمية لا تصلح لهذا الزمان. ولا مانع من ان تنفق مليارات الدولارات لتصنيع هذا الارهاب الاسلامى وفق المواصفات الاميركية على ايدى رجال ال C.I.A فى افغانستان والصومال والجزائر بتسليح القبائل المتناحرة والانفاق عليها وعلى زعاماتها فى بذخ شديد.. فالثمرة تستحق.. والثمرة ستكون ضرب الاسلام واستبعاده من كل حسابات التطوير والتحديث فى اقطار العالم الاسلامى فى افريقيا وآسيا جميعها.. وفى البقاع القليلة الباقية فى أوروبا.. ولن يبقى من قبيلة لا إله إلا الله سوى فلول هائمة. والكلام ينسحب على توصياتهم بتطوير التعليم الدينى كله تمهيدا لتقليصه والغائه.. وما يحدث فى الازهر قلعة التعليم الدينى مثال بليغ.. فتحت مسميات التطوير والتحديث تختصر مقررات الشريعة والفقه والقرآن وتلغى ابواب وفصول بكاملها من كتب الدين ويجرى نزع الاسلام من جذوره تحت عين شيخ الازهر وباشرافه. وسوف تنفرط باقى المسبحة بالتبعية ولا يبقى معهد دينى واحد لا يضار مما يجرى.. وفى مقابل هذا العدوان على كل ما هو اسلامى.. يجرى التوسعة على كل ما هو اسرائيلى فالتوراه وسلطان الحاخامات والاحزاب الدينية.. هى مقدسات لا تمس.. والصهيونية وهى عنصرية تقوم على التعصب الدينى البغيض.. لا أحد يقترب من حماها.. بل تصدر هيئة الامم المتحدة قرارا بازالة تهمة العنصرية عنها.. وتسلحها اميركا بالاسلحة النووية والكيمائية وبجميع المحظورات التى لا تباح لأى بلد عربى أو اسلامى.. وتحرص اميركا على ان يتفوق السلاح الاسرائيلى من حيث الكم ومن حيث الكيف على اسلحة كل الدول العربية مجتمعة.. وتصرح هذا فى جميع بياناتها.. زيادة فى الاغاظة. نحن اذن الابناء المغضوب علينا بين كافة ابناء آدم.. والأمل الوحيد الباقى لنا وهو راية لا اله الا الله.. أمر محاط بالمحاذير والتهم والشبهات والممنوعات. وأحب ان اسمع كلمة شيخ الازهر ورأيه فى كل هذا الذى يجرى وكيف يجرى وكيف تساهم الهيئة التعليمية الازهرية فيه.. كيف تساهم فى هدم نفسها بنفسها.. كيف يهدم الازهر نفسه طواعية واختيارا.. فى مواجهة طوفان من العدوان على الدول الاسلامية يأتينا فيه الهجوم من كل جانب. وارجو الا يحيلنى الشيخ الكبير الى الشيخ الزفزاف وكيل الازهر أو الى أى شيخ آخر.. وانما يخاطبنى مواجهة.. فأنا وفضيلته اصدقاء تعودنا ان نتحاور مواجهة ولا حاجة بنا الى وسيط.. وأنا أحب ان اسمع منه شخصيا رأيه فى هذه القضايا. والشيخ الفاضل لا شك يرى ويسمع بحصارالكونجرس الاميركى لنا بالشبهات والاقاويل والتهم الكاذبة التى يذيعها عن اضطهادنا للاقباط.. وهى حلقة أخرى من سلسلة التآمر على الاسلام وأهله. وقد ارسلت اميركا بعثة من رجال كنائسها للتحقيق فى أمر هذا الاضهطاد للتجول فى ارض مصر وتقصى الحقيقة لتعود بكلمة حق من ارض الواقع.. وقد عادت البعثة لتدلى بشهادتها ولتنكر أى شواهد أو ادلة على هذا الاضطهاد المزعوم. وبرغم هذه الشهادة من ارض الواقع مازال الاتهام يتردد صفيقا فى كل وسائل الاعلام الاميركية ومن منابر الكونجرس والمسألة تجاوزت الاتهام الكاذب.. الى محاولات صريحة لاثارة الفتن الطائفية وللدس والوقيعة بين ابناء الوطن الواحد. وتاريخ الاسلام كله يخلو من هذا الاضطهاد للملل الاخرى.. والنصارى واليهود وجدوا فى حضن الاسلام الملجأ والملاذ فى كل المحن.. ويهود أسبانيا هربوا الى المغرب المسلم من المحارق والمشانق التى علقها الفرنجة لليهود بعد سقوط الحكم الاسلامى.. وفى المغرب المسلم وجدوا الامن والأمان. والقرآن يذكر عيسى بكل اجلال ومريم فى القرآن ترنيمة حب وقد أفردت لها سورة من أجل سور القرآن، ولكن النوايا الاجرامية عند الغرب تتخطى كل هذا ولا تراه وهى تتلمس لنا التهم والشبهات. وفرنسا اقامت الدنيا واقعدتها من اجل بنات مغربيات يلبسن الحجاب، وكل بلد حرة فى قوانينها ولكن لماذا تكشر القوانين عن انيابها امام أى ظاهرة اسلامية حتى ولو كانت حجابا بريئا تضعه طفلة على رأسها.. وهل فى الا يشارب الذى تضعه تلك الطفلة على رأسها خطورة على الامن الفرنسى تستدعى كل هذه القيامة التى قامت. مجرد سؤال..؟!! والجواب حاضر فهم يضمرون العداوة لكل ما هو اسلامى ويلتمسون لنا التهم والشبهات في كل شيء والرئيس الاميركى السابق نيكسون يقول فى كتابه.. لقد انتهت الشيوعية ولم يبق لنا عدو سوى الاسلام. امام كل هذا يا فضيلة الشيخ تتعاظم مسئوليتنا عن اسلامنا ويغدو واجبا علينا حماية للاجيال القادمة وحماية لديننا الحنيف المتهم ان نجلى هذا الدين ونجلى كمالاته لكل دارس ولكل طالب معرفة ولا نلجأ الى أى اختصار أو تقليص فى المناهج والمقررات الاسلامية.. خاصة فى الدراسة الازهرية بالذات.. لأن الازهر هو المرجع الوحيد لعلوم الاصول الاسلامية.. وهو الحافظ الوحيد لهذه الاصول من الضياع والتشويه.. ولا يمكن ان يتحول الى مجرد مدرسة تلقن ملخصات.. فهذه مهزلة لن نسمح بها. وهذه هى رسالتك الاولى وإذا كان الازهر سوف تقتصر الدراسة فيه على الملخصات والمختصرات.. فأين يجد طالب المعرفة.. العلم المستوفي والمعارف الجامعة.. وأين يجد الدارسون ما يشبع تطلعهم. أم هل تراني مخطئا..؟!!
موضوع: قلب الحقائق 
الجمعة 17 أغسطس - 14:32
