" البطاقات التعريفية اللاسلكية " مصطلح قد يبدو غريبا للبعض مثلي قد تجد مايرويك في هذه المقالة
نيويورك: «الشرق الأوسط»
اعتبر تعريف الهوية لاسلكيا بطريقة التمييز
بين الاشياء والاشخاص بالموجات الراديوية RFID المنبعثة من شارات موضوعة
مختلفة والترحيب بها، نوع من الاختراق والابتكار في تقنية التعقب
والاستقصاء، الا انها شجبت على نطاق واسع لكونها الاقرب الى تقنيات
المراقبة السرية وأداة للتجسس والاستطلاع على الغير.
* مزايا ومحاذير
* والتعريف لاسلكيا بالموجات الراديوية يبدو شيئا من تقنيات المستقبل، فهو
يعتمد على أداة إرسال صغيرة أصغر من قطعة النقود، تركب داخل جميع الاشياء،
من القمصان الى جلد الانسان، بحيث تجري الاتصالات مع جهاز قراءة لبياناتها
عبر مسافة قصيرة.والتقنية هذه موجودة منذ سنوات، فقد استخدمها البريطانيون للتعريف
بطائراتهم على انها صديقة لا معادية إبان الحرب العالمية الثانية، كما
استخدمتها مستودعات المصانع أخيرا لتسهيل عمليات الشحن وجعلها أكثر كفاءة.ولكن لماذا تستحوذ على الكثير من العناية والانتباه حاليا؟ الجواب الاقصر
هو أنها باتت أمرا شائعا في جميع جوانب المجتمع، اذ يمكن استخدامها اليوم
للتعرف على الحيوانات الاليفة المفقودة ومراقبة حركة السير وتعقب المواشي
والقطعان، وللمساعدة في الوقاية من الامراض، وملاحقة الادوية والعقاقير
المغشوشة. والعديد من الناس بدأ في تشغيل سياراتهم مستخدمين شرائح
الكترونية لاسلكية مبيتة داخل مفاتيح التشغيل.
وبمقدور شرائح
التعريف اللاسلكيةالمزروعة تحت الجلد أن تخزن التاريخ الطبي، أو يمكن استخدامها لدخول
المناطق الامينة والمحظورة. كما ان الجيل المقبل من جوازات السفر وبطاقات
الائتمان هي ميادين خصبة لاستخداماتها مما يعني أنها ستجعل شرائط الرموز
الخطية التي توضع على المنتجات التجارية المستخدمة حاليا باطلة.
في أي حال يقوم المحللون ومتسللو الكومبيوتر بكشف إمكانات قد تسبب مشاكل كبيرة، لانه بمقدور هؤلاء المخربين تعطيل مزية شرائح
التعريف اللاسلكية المقاومة للسرقة، ومبادلة أسعار منتوج ما بآخر متدن جدا، أو استنساخ معلومات طبية من الشريحة.
والجانب المظلم من شرائح
التعريف اللاسلكيةهو الدخول خلسة بشكل مستتر الى الاماكن المحظورة، كما يقول بروس شنير
أخصائي الامن في شركة «كاونترباين إنترنيت سيكيورتي». ويضيف انه «عندما
تكون هذه الشرائح داخل
بطاقاتالهوية وداخل ثيابك وممتلكاتك، فأنت تقوم فعليا بإذاعة «من أنت» (هويتك)
الى أي شخص آخر يقع في مدى ارسال هذه الموجات من الشرائح. من هنا فإن
مستوى الاستطلاع والمراقبة التي باتت ممكنة، ليس من قبل الحكومات فحسب، بل
من قبل الشركات والمجرمين أيضا، هو أمر غير مسبوق بتاتا، لانه ببساطة لم
يتبق لك مكان يمكنك أن تختبئ فيه»! لكن مارك روبيرتي محرر مجلة «RFID
جورنال» وهي مطبوعة تجارية تزعم أنها مستقلة عن صناعات RFID، يقول ان
الفوائد الطويلة الامد والتوفير في النفقات والتكاليف من شأنها جميعا أن
تغطي العيوب. و«إن التقنيات ليست جيدة ولا سيئة، بل هي اداة ويمكن
استخدامها جميعها، إما بأساليب إيجابية أو سلبية». ويضيف ان «شبكة
الانترنت مثلا هي إضافة جيدة للاعمال والتجارة والمستهلكين، لكن بعضهم
يستخدمها من دون تفكير أو تدقيق. وشرائح
التعريف اللاسلكيةليست امرا مختلفا، لانها ستجلب الكثير من الفوائد والمنافع للمستهلكين
والتجارة ورجال الاعمال. والمفتاح هنا هو العثور على وسائل لتوسيع هذه
الفوائد وزيادتها ومحاولة الحد من أي سوء للاستخدام».
* سرقة الهوية.
*ولكن هل يمكن للهوية الخاصة أن تسرق؟
أغلبية شرائح
التعريف اللاسلكية هي
بطاقاتساكنة، اي غير نشطة كهربائيا، لأنها لا تحتوي على أي بطارية، ولا يمكنها
أن تبث المعلومات، إلا إذا أخضعت الى جهاز قراءة. أما البطاقات النشطة
التي هي أغلى ثمنا فهي تحمل بطارية صغيرة.وتراوح أسعار الشرائح من عدة سنتات الى عدة دولارات للقطعة الواحدة وفقا
للاستخدام، وما إذا كانت قد طلبت بكميات كبيرة. ومن هنا سبب السعر العالي
تجاوبا ضعيفا مع هذه التقنية. وللتنافس مع الاشرطة التي تحمل الرموز، كما
في جوازات السفر مثلا، لا بد لشرائح
التعريف اللاسلكيةأن تسعر بأقل من سنت واحد. لكن الاسعار أخذت تتدنى شيئا فشيئا. كما أن حيز
التخزين صغير جدا لا يتسع لأكثر من 2 كيلوبايت، حيث يمكن قراءة المعلومات
على البطاقات بواسطة المعدات من مسافات تتراوح ما بين بوصات قليلة وعدة
أقدام وربما أكثر من ذلك بقليل.وكانت مجموعة من المتسللين والمخربين أثناء انعقاد مؤتمر «ديفيكون» DefCon
للتقنية في لاس فيغاس في العام الماضي قد استخدمت هوائيا مركبا على جهاز
لقراءة شرائح
التعريف اللاسلكية،
بهدف مسح المعلومات على بطاقة تقع على مسافة 70 قدما (21 مترا تقريبا)،
غير أن المتحمسين للتقنية هذه لم يعيروا ذلك اهتماما كبيرا بقولهم إن
الاداة التي استخدمت لم تكن عملية ولا تعمل إذا كانت المعلومات على
البطاقة المزودة بشريحة
التعريف اللاسلكية مشفرة، التي هي الحالة في أغلب الاوقات.
وهناك نوع من أنواع شرائح
التعريف اللاسلكيةالذي بات شائع الاستعمال لا يملك مصدرا للطاقة وقادر على إرسال المعلومات
الى مسافة عشرات الاقدام، مقارنة على سبيل المثال بالهاتف الجوال الذي يبث
الهوية الشخصية والمعلومات الخاصة بالموقع والمكان الى مسافة أميال، مما
يعني أن إمكانية اساءة استخدام هذه التقنية هي ضعيفة جدا، كما يقول كيفن
أشتون نائب رئيس «ثنك ماجيك إل إل سي» التي تنتج قارئات شرائح
التعريف اللاسلكية، «وهذا يعني أن الشركات التي تصنع شرائح
التعريف اللاسلكية وتستخدمها مسؤولة عن التأكد من أن التقنية قد جرى تطويرها واعتمادها بأساليب تجعلها أمينة ومفيدة». ويلتزم قطاع انتاج وتطوير شرائح
التعريف اللاسلكيةبمثل هذه المسؤولية بعد البيان الرسمي له حول أفضل الاجراءات الخاصة بها.
ومن الشركات التي شاركت في ذلك الالتزام «مايكروسوفت» و«آي بي إم»
و«إنتيل» و«بروكتور أند غامبل».والمقصود من البيان الرسمي هذا، الحد من مخاوف المستهلك حول جمع المعلومات
والمشاركة بها وتخزينها. وتشمل الاجزاء الاساسية من الوثيقة اتفاقا لتبليغ
المستهلكين حول معلومات شرائح
التعريف اللاسلكيةالتي يجري جمعها، وبالتالي إعطائهم خيارا عندما يحين الامر لجمع المعلومات
الشخصية. لكن البيان الرسمي لا يتضمن اي عقوبات جزائية تتعلق بعدم
الانصياع في حين أن من المحتمل أن يقع العبء والمسؤولية على لجنة التجارة
الاتحادية الاميركية للتحقيق في مزاعم تتعلق بالتسبب في الأذى والضرر.
«ولشركات
بطاقاتالائتمان مصالح كبيرة لتأمين الصفقات. وهي بحاجة الى تفادي الشكاوى من قبل
الزبائن وعمليات التزوير والخلافات الناجمة عن تقديم الفواتير، مما يفترض
فرض مستويات عالية من الامن قبل القبول بمثل هذا النظام» كما يقول اشتون
من «ثنك ماجيك».
وكانت شركة كبيرة في سنسناتي في ولاية أوهايو قد دخلت ميدانا جديدا بواسطة
بطاقات RFID
عن طريق تزويد موظفيها بشرائح إلكترونية.
* شرائح بشرية
* وتقوم شركة «سيتي ووتشر. كوم» بتوفير كشف واستطلاع مستمرين لحساب
زبائنها وقوات الشرطة عن طريق الفيديو. ومثل هذه المعلومات يجري جمعها، هي
أهم ممتلكات الشركة، ولا بد من حفظها في غرفة مؤمنة أكثر بكثير من قفل
ومفتاح كما يقول مديرها التنفيذي شون داركس. وكان الجواب (قفل إلكتروني)
بحيث خيرت الشركة موظفيها بين استخدام مفتاح إلكتروني، أو زرع شريحة
إلكترونية في أذرعهم.«ومثل هذه الشرائح» كما يقول داركس «لا يمكن قراءتها، أو تعقبها،
ولا تملكنظم «جي بي إس» الخاصة بتحديد المواقع الجغرافية للتعرف على مكانها. كما
أنها لا تبث أي إشارات، بحيث إنني لا أعرف أين هم موظفيّ، ما لم أستدعهم
بنفسي على الهاتف الجوال الذي يملك قدرة «جي بي إس» أكثر بكثير من شرائح
التعريف اللاسلكية».
اما «فيري شب كورب» الشركة التي مقرها فلوريدا فهي تصنع شرائح
التعريف اللاسلكيةالتي تقرها الحكومة الاميركية، والتي تزرع في الأجسام البشرية. ويقوم طبيب
مرخص له بوضع هذه الشريحة التي هي بحجم حبة أرز في الجسم البشري.
وإذا استخدم هذا الاسلوب في الاغراض الطبية فإن شريحة
التعريف اللاسلكيةستحتوي على 16 حرفا، أو رقما مرتبة بشكل عشوائي، لها علاقة بالسجل الطبي
لذلك الشخص. وبهذا الاسلوب يمكن للاطباء في حالات الطوارئ الوصول الى
تاريخ المريض حتى ولو كان قادرا على الكلام والاتصال مع أطبائه. لكن مثل
هذه التقنية غير متوفرة في جميع المستشفيات، وليس بمقدور أي طبيب معرفة
مكان الشريحة المزروعة في جسم المريض. وكان قليل من موظفي «سيتي ووتشر.
كوم» قد اختاروا عدم القيام بمثل هذه العملية، لأن الفكرة كلها كما ذكروا
تجعلهم متوترين، لذلك أعطوا سلسلة بمفتاح تحتوي على شرائح
التعريف اللاسلكية.
وقال دارك إن الفكرة هي الحفاظ على أمن المبنى مع كل ما يرافق ذلك من
فكاهة وطرافة، فالطرافة هنا هو في القول إن الامر يساعد في الاحتفاظ
بموظفي الشركة لكونهم قد لا يرغبون في ترك أذرعهم مخلفيها وراءهم في
المبنى إذا ما غادروه نهائيا. بيد أن مثل هذا الاتجاه نحو الزرع في
الاجسام البشرية قد يقلق البعض من المدافعين عن الخصوصية من أمثال مارك
روتينبيرغ الذي يعمل مع مركز «إليكترونيك برايفسي إنفورميشن سينتر»،
«فالكثير من هذه التقنيات لها استخدامات مفيدة» كما يقول، «فهي تساعد
الشركات الكبيرة على تعقب منتجاتها. وهذا ما دفع شركات مثل «وول مارت» الى
استخدام شرائح RFID في نظام إدارة جرداتها للتعرف على اعداد البضائع
الموجودة وانواعها، كما أن العديد من مالكي الحيوانات الاليفة شرعوا في
استخدامها أيضا لمراقبة حيواناتهم خشية فقدانها». «لكن» كما يضيف
روتينبيرغ «فقد نتعدى الحدود المسموح بها عندما يجري استغلال التقنية
المستخدمة لإدارة الجردات ومراقبة الحيوانات لمراقبة البشر. وهذا ما يثير
قضايا أخلاقية خاصة بالخصوصيات، وربما قضايا قانونية».
ولكن خلافا لكل هذه المخاوف، يقول البعض الآخر إن هناك فوائد جمة من استخدام شرائح
التعريف اللاسلكية.
فهناك على الاقل 30 مليون شخص يحمل بطاقة RFID معه يوميا سواء على شكل
مفاتيح سيارة، أو بطاقة دخول للمكاتب، أو لشراء وقود للسيارة، أو لدفع
رسوم استخدام الطرق السريعة على حد قول روبيرتي الذي يشير الى انه في كل
الاماكن التي وضعت فيها هذه التقنية في البيئة الاستهلاكية قام المستهلكون
بالترحيب بها.
في أي حال فإن النقاش حول هذه المسألة لن ينتهي قريبا، لكن الطرفين،
المحبذ والمعارض، يتفقان على أن قليلا من النقاش مفيد وقد يبلور الوضع. في
هذا الوقت يبدو أن التقنية شرعت تظهر في عدد متزايد من الأماكن، رغم أنك
لو نظرت حولك فقد تخطئها ربما، ولا تستطيع العثور عليها