إن امانة الكلمه واجب كبير ومسؤوليه ملقاه على عاتق الجميع افرادا وجماعات وحتى على مستوى الدول ، وذلك لتوطيد العلاقات وترسيخ الثقه ولانشاء مجتمع قوي متماسك ، وإن النفوس النظيفه والتي هي منبت كل خير لا يمكن ان يصدر منها الا الكلام الطيب والقول السديد البعيد عن كل المغالطات والمسالك المشبوهة التي تشوه وجه الحقيقه وتحجب انوارها ، وإن هذه النفوس التي تجسد فيها نبل الغايه وشرف المقصد لا تتكلم جزافا ولا تنطق الا بالصدق والا فالصمت اولى وذلك خشية الوقوع في المحظور . ولكن ما اكثر الكلام الذي فقد مصداقيته ، وما اكثر الكلام الذي فاق تأثيره الاسلحه الفتاكه ، وما اكثر تجار الكلام الذين امتهنوا الاشاعات وامتهنوا الفساد والافساد بين الناس فرضوا لانفسهم طائعين ان يكونوا بريدا للشيطان يبلغون رسالاته ويسيرون في طرقاته ، وما اكثر الاسواق التي تروج الكلام الذي يخفي وجه الحقيقه ويتطاير منه الشرر ليحرق نفوسا بريئه ويزج بها في دوائر الشك والظنون ليحيطها بنظرات الاتهام القاسيه والمؤلمه .
اقول - ومع بالغ الاسف - ان الاشاعات اصبحت جسرا يتخذه ذوو العقول المنحرفه للوصول الى اهدافهم ومآربهم ، ومتكأ يتكىء عليه من فقدوا مصداقيتهم ليجعلوا من قاعدة الاشاعات منطلقا لبث ما تحويه نفوسهم الخبيثه من قول مغلوط ليصبح سوق الاشاعات رائجا بالتجاره الفاسده ويعج بالتجار ذوي النفوس المريضه الذين يصطادون بالمياه العكره او بالاصح يعكرون المياه للاصطياد فيها .
وليس اضر على المجتمع من ان تعبق في اجوائه روائح الاشاعات تلوثه وتخنق انفاسه ، فكم من كلمة خرجت كالسيف البتار ، وكم من كلمة نسجها خيال وقلب مريض فككت أسرا بأكملها ، وكم من كلمة خبيثة خرجت من منبت خبيث قطعت علاقات وطيده وهدمت جسورا اجتماعيه فما ان تثار اشاعه هنا او هناك حتى تبدأ الالسن تلوكها وترددها كالببغاوات وتحيك حولها القصص وتلفق الاقوال وتتفنن في انتقاء فصول القصه لتخرجها على نمط يخالف الواقع
(منقول)