نعم حبيبي نعم
لم تذكر لنا البرديات القديمة فيما إذا كان الملك خوفو قد عمل استفتاء للشعب المصري أيام الأسرة الرابعة في الدولة القديمة حول فكرة بناء الهرم الأكبر لكني اعتقد أنه فعلها ولابد أن المصريين القدماء أجدادنا قالوا نعم طبعا.. ولم يكن أمام المصري القديم ايام خوفو خيار آخر سوي نعم فقد كان الاستفتاء الفرعوني هكذا.
إذا كنت توافق علي بناء الهرم قل نعم وإذا لم توافق قل نعم برضه أحسن لك, وقد كان المصري القديم أيام الدولة الفرعونية يعلم أولاده ويربيهم علي أن يقولا نعم دائما ليضمن لهم حياة آمنة ومستقبل رائع.. فهذا أب فرعوني يدلل ابنه الصغير سامح.. قول ياسامح ياحبيبي.. نعم...حاول ان تنطقها.. نعم هذا قبل أن يتعلم كيف يقول بابا وماما, وتضحك الأسرة كلها سعيدة بالولد الذي بدا مبشرا بذكاءه الخارق..
وتشير الأم إلي الأب وتسأل سا ـ رع.. مين ده ياحبيبي؟! ينظر الولد نحو ابيه ويقول بطفولة جميلة.. ده نعم أجيبب لك تأكل أيه يامتنايا؟! يرد الطفل.. آمل. نعم... وبنيا الأهرامات المعجزة التي أذعلت الدنيا كلها.. وظلت كلمة نعم هي الكلمة السرية التي صنعنا بها مجدنا وحصارتنا لآلاف السنين.. السلطة تحبها.. والشعب لايحرمها من نعم أبدا وقد اشتق المصري من نعم مفردات أخري تؤدي إلي نفس النتيجة..
فنحن مثلا نقول حاصر.. يعني نعم.. وكلمة حضار بها مغزي مصري عبقري.. فمعني أن أكون حاضرا معناه نعم علطول.. ان مجرد الحضور هو موافقة.. ثم اشتققنا كلمة جديدة.. أيوه.. وأيوه طبعا يعني نعم.. واذا قلت نعم ستجد من يطول لك فورا نعم الله عليك.. هكذا هذه هي جائزة نعم ان تنهال عليك نعم الله سبحانه وتعالي.. ثم افرض يعني أنك لا تريد أن تقول نعم.. ما هو فيه ناس مجانين برضه لا تقل شيئا.. اصمت.. والسكوت علامة الرضا.. يعني إذا حتي لم تقل نعم.
فأنت تعني نعم.. ولفظة اخري تعني نعم.. وهي ماشي لاحظوا معي بلاغة التعبير.. ماشي!! إن المصري لا يريد أن يوقف سير الأمور.. ماشي ياسيدي ونحن نهز رءوسنا للأمام دائما.. لتعني نعم. ونرفع ايدينا في مجلس الشعب.. لتعني موافقة, ومنذ قامت الثورة ونحن ننتخب رؤساءنا يوم الاستفتاء ونقولها.. نعم, وكانت النتيجة دائما99.9 في المائة..
وبنينا السيد العالي وبرج القاهرة وانتصرنا في حرب أكتوبر.. وحينما قرر الرئيس السادات أن يذهب إلي إسرائيل ويعلن مبادرة السلام.. هل فعلها هكذا.. دون أن يستفتي شعبه؟! لا طبعا وعمل استفتاء.. أروح ولا ما أروحش؟! وقلنا نعم.. روح ياريس.. ولايستطيع العالم أن ينكر أن شعبنا عفريت استفتاءات.. لهلوبة فعلا.. عنده حساسية مفرطة تجاه أي استفتاء تعمله الحكومة.. انه يشعر أن الحكومة تتحرش به أو تختبره.. نعم ولا لا.. ما ترد.. وبصياعة مصرية عبقرية يقولها.. نعم ياباشا طبعا
وأنا اعتقد أن عملية الاستفتاء ترجع إلي عصر بعيد ربما قبل الملك خوفو ايضا.. ربما تعود إلي أيام الملك مينا موحد القطرين الشمالي والجنوبي, والذي عمل استفتاء علي الاستفتاء. وقال.. ؟؟استفتاءات ولا لا.. وخرج المصريون جميعا وقالوا نعم.. نعم طبعا يامينا.. وراح موحد القطرين علطول بأن القطر الشمالي يقول نعم والجنوبي يقول نعمين وعبقرية نعم في كونها كلمة مناسبة لكل أحوالنا.. في أي زمان ومكان عندك مثلا إذا تعبت شوية وشعرت بآلام مبرحة.. ماذا تقول.. تقول آه.. وآه يعني أية؟ يعني نعم..
وإذا كنت تكلم أحدا ولم يسمعك. انه لا يقول لك انني لم اسمعك وماذا كنت تقول!!, وإنما يقول.. نعم؟! حتي برغم انه لم يسمعك ان يقول نعم برحته.. وإذا كلمت أحدهم علي التليفون يرفع السماعة ويقول نعم.. إنه موافق قبل أن يعرف حتي من الطالب وإذا اراد العربجي علي العربية الكارو أن يوقف الحمار ماذا يقول له.. ييس وYES يعني أيه؟ نعم برضه بي بالانجليزي عرفتم بأه ياأخواني قيمة نعم, وكم هي محفورة في قلوبنا تلك الكلمة السحرية. عرفتم أم لا.. نعم!! نعم طبعا. كل هذا دار بذهني وأنا ذاهب يوم الاثنين الماضي لأقول نعم في استفتاء التعديلات الدستورية الجديدة...ولنتأمل أحرف الكلمة حتي نعرف روعتها نعم.. النون نفسي أقول نعم.. والعين عاوز أقول نعم, والميم ما أن قلت نعم بأه.