تابع المقال
في فبراير عام ٠٠٠٢ تولي المهندس احمد عز رئاسة مجلس إدارة شركة الدخيلة، وفي عام ١٠٠٢ اصدر المهندس احمد عز تعليماته بخفض كميات حديد التسليح في شركة اسكندرية الوطنية للحديد والصلب الدخيلة، وأوقف يومها انتاج حديد التسليح (اللفف) مما تسبب في تداعيات خطيرة أثرت علي السيولة بالشركة، مما أسفر بالتبعية عن وجود فائض في خامات 'البيليت' المصنعة بالشركة وقد قدرت بحوالي ٥٤ ألف طن شهريا، حيث أكدت الوقائع أن قرار خفض الإنتاج كان لحساب مصانعه خاصة بعد أن قام بشراء هذه الكميات الزائدة من 'البيليت' بسعر الطن ٨٦ جنيها، ليقوم بتصنيعه كحديد تسليح في مصانعه الكائنة بمدينة السادات.
كان الأمر فقط مقصورا علي أحمد عز ومصانعه، ولم يكن بوسع أي من التجار الآخرين أن يحصل علي هذا 'البيليت' المكدس بفعل فاعل في مصانع الدخيلة. وعندها اشتكوا لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في هذا الوقت وطالبوا بمعاملتهم اسوة بما تم التعامل به مع المهندس أحمد عز وبزيادة خمسين جنيها علي الطن غير أنهم لم يجدوا ردا علي ذلك. وقد ظل احمد عز يحتكر الإنتاج لمصانعه لعدة سنوات مما تسبب في خسائر لشركة الدخيلة بعشرات الملايين من الجنيهات كل عام.
في هذا الوقت قامت شركة العز لحديد التسليح بشراء اسهم بقيمة ٥.٩ من مجموع أسهم الدخيلة (اسهم العاملين) ثم قامت برفع حصة الشركة إلي ٩٨.٠٢٪ بما قيمته حوالي ٠٣٤ مليون جنيه مصري، في وقت كانت ديون شركة العز لشركة الدخيلة قد و صلت إلي ٥٤٧ مليونا و٠٣١ ألفا و٠٥٥ جنيها حتي ١٣/٢١/٥٠٠٢ وكان ذلك بالقطع شيئا غريبا، فالرجل الذي يستحوذ علي أسهم في الدخيلة ب ٠٣٤ مليون جنيه كان مديونا لها بأكثر من ٥٤٧ مليونا من الجنيهات، أي أن مديونيات شركته كانت تساوي اكثر من ضعف الاستثمارات التي وضعها في الشركة بما يعني في المقابل أن أحمد عز حصل علي هذه الأسهم 'بلوشي' أي دون أن يدفع مليما واحدا.
الأمر الأكثر غرابة أن هذه الديون قدرت فوائد عليها تصل إلي ٢١٪ سنويا، والسؤال هنا: هل التزم أحمد عز بدفع فوائد هذه الديون التي وصلت من ٠٧ - ٠٨ مليون جنيه سنويا؟ اعتقد أنه يعرف الإجابة جيدا.
غير أنه وبالرغم من هذه الديون وتلك الفوائد المتراكمة والتي عجز أحمد عز عن سدادها قرر فجأة الاستحواذ علي نسبة أخري من الأسهم تصل إلي ٩٣.٩٢٪ لتقفز أسهم مصنعه في الدخيلة إلي ٨٢.٠٥٪ من أسهم الشركة.
لقد اتخذ القرار خلال اجتماع عقد لمجلس إدارة شركة الدخيلة التي قام أحمد عز بتغيير اسمها إلي 'شركة العز الدخيلة للصلب - الاسكندرية' عقد الاجتماع في ٢١ فبراير ٦٠٠٢ وصدر عنه قرار الاستحواذ علي أربعة ملايين و٦١ الفا و٠٣٢ سهما من أسهم الشركة.
وفي ٥ مارس ٦٠٠٢ دعا أحمد عز إلي جمعية عمومية غير عادية لشركة الدخيلة تمت خلالها الموافقة علي قرار مجلس الإدارة بالاستحواذ، في مقابل اصدار عدد ٧٨ مليونا وتسعمائة وسبعين ألفا وخمسمائة وأربعة وثلاثين سهما من أسهم العز لصناعة حديد التسليح طبقا لمعامل التبادل المتفق عليه وهو (٦٠٩.١٢) سهم من أسهم شركة العز لصناعة حديد التسليح مقابل كل سهم واحد من اسهم شركة الدخيلة للصلب - الاسكندرية.
وقد بلغت تكلفة استحواذ شركة العز لصناعة حديد التسليح لأسهم الزيادة في شركة الدخيلة للصلب مبلغ ٤ مليارات و٩٢ مليونا و٢٦٤ ألفا و٧٥٦ جنيها مصريا، في حين كان نصيب الشركة في صافي الأصول طبقا للمركز المالي لشركة الدخيلة في ١٣ يناير ٦٠٠٢ مبلغ ٨٤٧ مليونا و٩٦٩ ألفا و٣١٧ جنيها.
وتتمثل الزيادة هنا في تكلفة الاستحواذ علي نصيب الشركة في صافي أصول شركة الدخيلة في 31 يناير 2006، وهو تاريخ أقرب مركز مالي لتاريخ قرار مجلس ادارة الشركة في 12 فبراير 2006 والذي تم اتخاذه تاريخا لاستحواذ مبلغ 3 مليارات و280 مليونا و492 ألفا و926 جنيها.
ولأن هذا الفرق متولد داخليا نتيجة إعادة الهيكلة بين شركات المجموعة فقد تم تخفيضه من اجمالي حقوق المساهمين، وهنا نقطة الفصل، إذ أن هذا الفرق ناتج فقط عن إعادة الهيكلة بين شركتي الدخيلة والعز لصناعة حديد التسليح والتي لم تتكلف شيئا، لكنها حصلت علي نسبة كبيرة من حقوق المساهمين في شركة الدخيلة لصالحها وهو ما أدي إلي حدوث انخفاض في حقوق هؤلاء المساهمين ومن ثم انخفاض أيضا في صافي الأرباح، فكان المستفيد الوحيد في ذلك هو شركة العز لصناعة حديد التسليح التي يملكها المهندس أحمد عز.
لقد جرت مبادلة الأسهم بين الدخيلة والعز لصناعة حديد التسليح رغم أن العز لصناعة حديد التسليح أقل كثيرا من الدخيلة في الانتاجية والأرباح والتأثير الحاكم في السوق، كما أن هذه المبادلة جاءت دون اضافة حقيقية لخزانة الدولة، خاصة أن الزيادة في رأس المال التي أعلنتها شركة العز لصناعة حديد التسليح من 2 مليار إلي 8 مليارات هي زيادة صورية، وإلا فليدلنا المهندس أحمد عز علي البنك الذي أودع فيه هذه الزيادة المالية في رأسمال شركته التي قايض بمقتضاها أسهما في شركة الدخيلة.
قد يقول البعض: إن تبادل الأسهم لا يشمل زيادة نقدية في رأس المال وإن التبادل قد تم بين مالك واحد بحيث تكون أسهمه بالكامل في شركة واحدة يتم تداولها في البورصة وتخضع لكل أنواع التدقيق وتلتزم معايير الافصاح حتي يطمئن المجتمع، وقد يقول: إن مبادلة الأسهم أخذت موافقة الجمعية العامة للشركات المعنية ونشرت في الصحف، وكل هذا مردود عليه. فتبادل الاسهم هنا لم يتم بين مالك واحد، بل بين شركتين إحداهما مملوكة للمهندس أحمد عز بالكامل وهي شركة العز لصناعة حديد التسليح والأخري هي شركة الدخيلة التي يساهم فيها ثلاثة من أهم بنوك الدولة وهيئات حكومية عديدة في ذلك الوقت.
أما نصيب شركات المهندس أحمد عز في الدخيلة فلم يزد حجمها في هذا الوقت علي 20.89٪، فأين هو المالك الواحد؟
وقد يقول البعض: إن استحواذ شركة العز لصناعة حديد التسليح لم يطل المال العام في هذه الشركة والذي بدأ مع تأسيس الشركة بنسبة أكثر من 64٪، ثم انخفض إلي حوالي 46٪ بعد ذلك، وهنا يمكن القول: إن زيادة رأسمال شركة الدخيلة تعني تقليل حصة المساهمين الآخرين، أي تعني تقليل حصة المال العام إلي الحاق الضرر بهذه الحصة مما يؤدي إلي انخفاض صافي الربح لكافة المساهمين بينما في المقابل يتعاظم صافي الربح لشركة العز لصناعة الحديد المسلح التي زاد نصيبها إلي 50.28٪ وزاد ربحها من 179 مليونا قبل الاستحواذ مباشرة إلي أكثر من 2 مليار و178 مليون جنيه بعد الاستحواذ بتسعة أشهر فقط.
أما بالنسبة لصافي الربح بالنسبة للسهم في الدخيلة، ووفقا للقوائم المالية المعتمدة من البورصة فقد حقق انخفاضا كبيرا بعد الاستحواذ مما ألحق الضرر بكافة المساهمين عدا شركة العز لصناعة حديد التسليح والتي حازت علي جملة من المكاسب الخيالية. وتقول القوائم المالية لشركة الدخيلة المعتمدة من البورصة إن نصيب السهم من صافي الارباح بلغ في 2005/9/30 أي قبل الاستحواذ 119.9 جنيه للسهم الواحد، وبعد الاستحواذ انخفض صافي الربح للسهم إلي 104.4 جنيه أي بخسارة قدرها 15.5 جنيه للسهم. أما بالنسبة لنصيب السهم من توزيعات المساهمين فقد بلغ ٠١١ جنيهات في 2005/9/30، أي قبل الاستحواذ، وبعد الاستحواذ انخفض إلي 80 جنيها بتاريخ 2006/9/30 أي بخسارة قدرها 30 جنيها للسهم الواحد.
إذن هناك ضرر فادح وقع علي المال العام وعلي المساهمين الآخرين نتيجة هذا الاستحواذ الذي صب لمصلحة أحمد عز وليس لمصلحة الدخيلة، ذلك انه يملك 90٪ من شركة العز لصناعة حديد التسليح، غير أنه وحتي ما قبل الاستحواذ لم يكن يملك أكثر من 20.89٪ من أسهم الدخيلة.. فهل هذا معقول؟!
إن عملية مبادلة الأسهم شابها الكثير من علامات الاستفهام، فهي أولا تمت دون اضافة حقيقية لشركة الدخيلة لا في رأس المال ولا في استثمارات جديدة، انها عملية قرصنة قام بها رجل واحد اسمه أحمد عز يرأس شركة الدخيلة في هذا الوقت ويرأس ويملك العز لصناعة حديد التسليح في وقت واحد..
هذه الوقائع جرت في فبراير 2006، أي في الوقت الذي كان فيه السيد أحمد عز ملء السمع والبصر سواء تحت قبة البرلمان أو في توليه لمنصب أمين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم ومن ثم قربه من صناع القرار في البلاد.
لقد تمت عملية الاستحواذ بشكل سري، أي أنها لم تعلن في الصحف، ولم تأخذ مسارها الطبيعي حتي يتقدم الآخرون وينافسوا بشكل جاد مما دفع البعض للقول: إن أحمد عز باع سرا لأحمد عز.
الأمر الآخر والذي يدعو إلي التساؤل: كيف قبل البعض بهذه الزيادة في الأسهم لمصلحة شخص واحد وعلي حساب حقوق المساهمين وأرباحهم السنوية؟ ولماذا وافق ممثلو البنوك وشركات التأمين وشركات القطاع العام علي خفض قيمة مساهمتهم في شركة الدخيلة والتي تحقق أرباحا سنوية تصل إلي 6 مليارات جنيه لحساب شخص واحد هو أحمد عز ليزيد نصيبه في اسهم الشركة من 20.89٪ إلي 50.28٪ وليزيد ربحه من 179 مليونا إلي 2 مليار و178 مليون جنيه فقط في تسعة أشهر؟ بينما تقدر المصادر المالية أن أرباح أحمد عز السنوية سوف تزيد علي صافي ربح يقدر سنويا ب 2 مليار و500 مليون جنيه.
لقد قام أحمد عز بزيادة رأسمال شركة العز لصناعة حديد التسليح من 430 مليون جنيه إلي 2 مليار جنيه، ثم إلي ٨ مليارات جنيه، وبالتالي طبع اسهما صورية ولم يضع أموالا في أي بنوك، فهل هذا مقبول؟!
إذن في المحصلة النهائية فإن شركة الدخيلة فقدت 2 مليار جنيه في تسعة أشهر، كانت هذه الأموال تدخل إلي الخزانة العامة أما الآن فإنها أصبحت تدخل إلي جيب رجل واحد هو أحمد عز.
من هنا يتوجب علي الجهات المعنية أن تسأل رؤساء البنوك والهيئات المعنية وهي: بنك الاستثمار القومي والهيئة المصرية العامة للبترول وشركة مصر للتأمين وبنك مصر والبنك الأهلي وبنك الإسكندرية قبل بيعه وشركة الحديد والصلب المصرية والشركة المصرية لاعادة التأمين وغيرها من الشركات: هل قبلوا طواعية التفريط في حقوقهم، أم أن هناك من أرغمهم علي ذلك؟ وإذا كانوا قد قبلوا طواعية فليقولوا لنا: لماذا قبلوا أن يلحقوا بأنفسهم الضرر والخسارة لمصلحة المستفيد الأول أحمد عز؟
لقد أصبح أحمد عز بمقتضي ذلك هو صاحب الحصة الحاكمة والقرار في شركة الدخيلة بعد انخفاض نصيب البنوك والشركات الحكومية في الشركة وبالتالي خفض حصتها التأثيرية في الشركة ومن ثم تقليل حصة وأرباح المال العام.
لقد تمكن أحمد عز من شراء حصة العاملين قبل ذلك وبسعر بخس وبجدولة 4 سنوات وتم دفع قيمتها من خلال مديونياته لشركة الدخيلة أي أنه لم يدفع مليما واحدا من ماله الخاص، خاصة أن هذه الأسهم كانت مرهونة لبنك الاسكندرية، فقط دفع في المرة الأولي 280 مليون جنيه قيمة 9.5٪ من اسهم الدخيلة.
أعرف أن السيد أحمد عز يستطيع أن يأتي بأوراق من البورصة أو حتي من بعض المحاسبين المعتمدين للتدليل علي صحة موقفه غير أننا وفي حالة أحمد عز نطرح الحقائق ولا يهمنا أين يمكن أن تصل بنا النتائج. نحن ندرك أن السيد أحمد عز يمتلك يدا طولي وجيشا جرارا ومالا وفيرا، غير اننا نقول كلمة الحق لله ثم للتاريخ، فامتلاك شخص واحد لانتاج 67٪ من الحديد يسمي في العرف الاقتصادي 'احتكارا' يدفعه إلي زيادة السعر والتحكم في السوق لأن ما يهمه هو الربح ثم الربح ثم الربح..
إن شركة الدخيلة تمتلك 3 وحدات تنتج حوالي 60٪ من 'الحديد الاسفنجي' الذي يحتاجه السوق المصري، وهذا من شأنه أن يخفض تكلفة انتاج طن الحديد الذي تنتجه الشركة وبحيث لا يزيد سعر تكلفته علي 2300 جنيه وفق تقديرات الخبراء، فماذا عندما يبيعه السيد أحمد عز بأكثر من 3500 جنيه؟ هنا يصبح المكسب من الطن الواحد حوالي 1200 جنيه.
إن آخر تقرير صادر عن البورصة أكد أن أرباح شركة الدخيلة في الفترة من يناير إلي يونيو ٧٠٠٢ قد بلغت ٣ مليارات و٠٨٢ مليونا باعتبارها مالكة ل٨٢.٠٥٪ من الأسهم يصل إلي حوالي ٠٦٦١ مليونا و493 ألفا، أي أن نصيب شركة العز من صافي الربح من الجنيهات أي أن الربح السنوي لشركة العز لحديد التسليح وحدها يبلغ حوالي ٠٢٣٣ مليونا من الجنيهات.
هنا ثمة سؤال يطرح نفسه: كيف حقق احمد عز هذه المكاسب الخرافية؟ ولماذا؟ ومن هذا الذي بقدرته أن يكسب سنويا حوالي ثلاثة مليارات ونصف المليار من الجنيهات؟ هل يستطيع أي مصري ليس اسمه احمد عز أن يحقق هذه المكاسب في صناعة الحديد؟!