مرت نصف ساعة ولم يجئ دورها في طابور العيش، وينزل أحد البهوات من سيارته يستقبله بائع الفرن بالترحاب وفي أقل من دقيقة يسبقه عيش سيادته إلى السيارة، تمصمص المرأة شفتيها وهي تقول: البلد دي مش بتاعتنا
*******
من نافذة أوتوبيس 919 المزدحم يشاهد شاب في سيارة اسبور وفي أحضانه فتاة يقبلان بعضهما البعض قبلات ساخنة، تنتبه الفتاه أن أحدا ينظرلها.. تعتدل وتشير لشاب الأتوبيس بإصبعها الأوسط إشارة بذيئة، يحمر وجه الشاب ووجهه يكاد ينطق: البلد دي مش بتاعتنا
*******
يطربه صوت حكيم.. وحبه الأساسي له نابع من أنه مطرب شعبي جاء من الطبقات الشعبية ويغني للطبقات الشعبية، يقرأ في الجريدة أن حكيم نزل من القاهرة إلى قريته الجدامي مركز مغاغة يوم الإستفتاء وقام بزيارة غرفة عمليات الحزب الوطني وتناول الغداء مع قيادات الحزب، يغلق الجريدة وهو يقول: البلد دي مش بتاعتنا
*******
تقوده أقدامه في الإستفتاء إلى إحدى اللجان في الطابق الثاني من مدرسة الأشباح الإعدادية، الهدوء المحيط بالمدرسة وقت الرابعة عصرا جعله هو الآخر يسير بهدوء، وجد نفسه أمام شخص لم ينتبه لدخوله يقوم بملأ عشرات من إستمارات الإستفتاء، ينتبه له عندما شرع بوضعها بالصندوق يعود خارجا عندما يسأله الموظف عايز إيه؟
دون أن ينظر له يرد عليه: البلد دي مش بتاعتنا
*******
دخل الشاب الفود كورت بسيتي ستار، أشكال الوجبات جعلته يشتهيها، تحسس جيبه وقد شجعه العدد الهائل من البشر يأكلون ويشربون، دخل وسأل عن أسعار وجبات لا يعرف إسمها، عاد أدراجه دون يشتري وإكتفى بالفرجه وشفتيه تهمهم: البلد دي مش بتاعتنا
*******
الوقت طويل.. ذهب شارع عباس العقاد ليتسكع فليس لديه شيئ يفعله، تعجب لماذا هذا الشباب بالسيارات يحوم حول تلك الفتاة بالذات، والفتاة لاتبالي بمن يعاكسها، تبدو جميلة بريئة محترمة
يتسائل.. لماذا لايتركونها وشأنها؟يخرج شاب من سيارة تسبق الفتاة بخطوات يحدثها لبضع ثواني تركب معه السيارة، يلمح والسيارة تختفي الفتاة تخلع الحجاب، يفتح فاه وهو يتعجب ويقول: البلد دي مش بتاعتنا
*******
كان متفوقا وترتيبه الثاني بين دفعته، أعلنت الكلية تعيين ثلاث من دفعته بالكلية كمعيدين، ذهب وسأل عن النتيجة وجد الأول والثالث وآخر بتقدير جيد ترتيبه متأخر جدا من المعينين، لم يجد إسمه ولا من يقول له الأسباب، تبوّل على جدار الكلية الخلفي محاولا كتابة: البلد دي مش بتاعتنا
*******
يتم القبض عليهما في ميدان التحرير للإشتباه، بعد ان تفحص هويتهما علم الظابط أن صديقه طالبا في الجامعة الأمريكية وهو طالب في جامعة حلوان، يترك الظابط زميله ويطلب من أفراد يرتدون ملابس مدنية أن يأخذوه في سيارة المساجين.. يتمتم ولسان حاله يقول: البلد دي مش بتاعتنا
*******
آخر الليل.. وقد غلب السكون الجميع يجلس أمام الكومبيوتر، حظه العثر يضعه أمام تدوينة بعنوان البلد دي مش بتاعتنا، يطرق بيده بكل قوة وغيظ وحنق عدة طرقات على المنضدة حتى أدمت يداه وهو يصرخ لااااااااااا
البلد دي بتاعتناأيوه بتاعتنا.. والله العظيم بتاعتنا، بتاعتنا ياولاد الـ..., بتاعتنا ياحرامية، بتاعتنا غصب عنكموأخيرا
تتحرك الدمعة المتحجرة من عينيه قبل أن يغشى عليه