يشرفنى ان اكون اول من يضع ردا للموضوع الشائك ده
على بركة الله
دى شويت ارقام
ضربت نتائج القبول بجامعات مصر الرسمية الستة عشر الأرقام القياسية لدرجات
الثانوية العامة في تاريخ البلاد . و على وقع "جنون المجاميع " ، سجلت
المرحلة الأولى لتنسيق الجامعات ظواهر لافتة اثارت قلق المعنيين بمستقبل
التعليم المصري ، وباتوا ينبهون الى " الأوائل الفاشلون "
وبعدما بلغ عدد الطلاب الحاصلين على مايزيد على
المائة في المائة بعد اضافة درجات المستوى الرفيع 1400 طالب و حصد 9,5 في
المائة من اجمالي الناجحين ( 354 ألف ناجح ) درجات فوق الخمسة والتسعين في
المائة ، تحرك الحد الأدنى للالتحاق بكليات القمة كالطب والهندسة وغيرهما
بمتوسط زيادة ثلاث درجات . و استوعبت المرحلة الأولى
للقبول بالجامعات نحو 135 ألف طالب وطالبة . لكن آخر من لحق بها من طلاب "
العلمي " حصل على 93,1 في المائة ومن "الأدبي " 82,9 في المائة . و اعلنت
وزارة التعليم العالي صراحة انه لن يكون هناك مكان في جامعة او معهد
تابعين لها لمن لم يجتاز حاجز 69 في المائة للعلمي و 71 في المائة أدبي .و
بات على هؤلاء البحث عن فرص عزيزة ومكلفة في الكليات والمعاهد الخاصة ، إن استطاعوا .
وكانت الوزراة قد اضطرت الى نفي تسريبات صحفية على مدى
الايام القليلة الماضية عن تخفيض اعداد المقبولين في الجامعات والمعاهد
الرسمية ، والتي كانت قد شهدت منذ عقد السبعينيات توسعا لافتا بعدما كانت
مصر حتى مطلع الستينيات بها اربع جامعات فقط الى جانب الأزهر . وفسر
مراقبون هذا النفي باعتبارات سياسية اذا ان الاحتقان في البلاد لا يحتمل
صب المزيد من زيت الإحباط على نيران الغلاء والبطالة والفساد و انسداد
الأفق الديموقراطي .
"الطب " درة تاج كليات القمة ضرب الحد الأدنى
للالتحاق بأي من كلياته العديدة في انحاء مصر كل التوقعات ، و بعدما سجل 98,4 في المائة . وتحت ضغط " جنون المجاميع" بدا ان الدولة لن
تستطيع الوفاء بتعهدها تخفيض اعداد دارسي الطب استجابة لنقابة الاطباء و
لضعف فرص التدريب ، فضلا عن تدهور أجور الاطباء في المستشفيات العامة .
أما الهندسة التي اصابت البطالة خريجيها منذ سنوات فبلغ الحد الأدنى
للقبول بكلياتها 93,8 في المائة .
لكن كلية " البترول والتعدين " في
مدينة السويس على بعد نحو 120 كيلوا مترا من القاهرة فسجلت إحدى مفاجآت
تنسيق الجامعات . وحلت في المركز التالي مباشرة بعد كلية "طب
شبين الكوم " بحد أدنى للقبول 99,1 في المائة . وهو مايفيد رهان مصريين
على هكذا تخصص يفتح الباب للعمل في قطاع البترول بالداخل بأجوره المجزية
أوالحصول على فرصة عمل بدولة عربية نفطية .
ومن بين المفاجآت ايضا
تراجع كليات القمة العريقة في العاصمة أمام " جنون الدرجات " الزاحف من
الأقاليم خارج القاهرة. ولا يقتصر الأمر فقط على تربع "طب شبين الكوم "
على عرش كليات القمة بحد أدتى 99,14 في المائة .فكلية كطب القاهرة " القصر
العيني " والتي يعود تاريخها الى عصر "محمد على " مؤسس الدولة المصرية
الحديثة تراجعت الى المركز الثالث عشر بين نظيراتها. وسبقتها لا شبين
الكوم وحدها ، بل طنطا و بني سويف والزقازيق وسوهاج وبنها والفيوم والمنيا
وغيرها . وهي في معظمها كليات وجامعات لم يكن يسمع بوجودها غالبية
المصريين قبل عشر سنوات فقط .
ورغم البطالة و تدنى الأجور ، فان
السباق الجاري من امتحان الثانوية العامة الى الالتحاق بالجامعات والمعاهد
لا يتوقف بل يزداد سعاره .وقد بدا انه لامفر من السباق حتى ولو ينتهى
بحائط مسدود . و لاأدل على ذلك من أن "كليات التربية " التي تخرج معملي
المدارس ارتفع الحد الأدنى للالتحاق بها هذا العام الى 92 في المائة
.والمعروف ان الدولة اقرت تحسينا لمرتبات المعلمين لايفي بمتطلبات التضخم
ولا يحول دون تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية .و علما بأن كليات التربية كانت
قبل اقل من ربع القرن تبحث عبثا عمن يلتحق بها وبمجموع قد لايتجاوز كثيرا
الخمسين في المائة .
"الارقام المجنونة" عاما تلو آخر دفعت عالما
قديرا كالدكتور " محمد غنيم " لأن يطلق صحية تحذير على صفحات جريدة "
الأهرام " من ظاهرة " الأوائل الفاشلين " بعدما اصبح
عشرات الألوف من الحاصلين على مجاميع رفيعة عاجزين عن الالتحاق بالكليات
التي يرغبونها او حتى بأي من كليات القمة . و أكد :" الآن من يحصل على أقل
من 96 في المائة بات فاشلا دون جدال " . و اشار الى ان درجة النجاح
الحقيقية انتقلت من 50 في المائة الى 82 في المائة . وتساءل ومعه غير مختص
وكاتب مصري : "الي اين يتجه النظام التعليمي في مصر ؟" . أما صحيفة "
الوفد" المعارضة فسخرت من حال التعليم والسياسة معا في رسم كاريكاتيري فيه طالب درجته لوالده ( 99,9 في المائة ) ، فيقول له الأب
هلعا :" الطب يابني مالوش مستقبل ... مجموعك ده تدخل بيه الحزب الوطنى
وتبين إحصاءات التنمية البشرية للأمم
المتحدة العلاقة بين التعليم وبين مستوى المعيشة
بالنسبة لأرقام سنة 2001:-
كان مركز الرقم القياسي لمصر هو الرقم 120 من بين 175 بلدٍ فى العالم، ومن البلاد التى سبقتنا إسرائيل ومركزها رقم
22، وكذلك الأردن ومركزها رقم
90، وتونس ومركزها رقم 91، والجزائر ومركزها رقم 107، وسوريا ومركزها 110.
وتغيرت المراكز النسبية للبلاد تغييراً طفيفاً فى السنوات التالية، حتى نصل
إلى آخر الأرقام المنشورة، وهى الخاصة بسنة 2004،
والتي نشرت مع تقرير سنة 2006.
وتبين أرقام سنة 2004، بالمقارنة بأرقام سنة 2001، أن مصر
تقدمت تقدماً نسبياً
لتحتل المركز رقم 111، بينما ظلت إسرائيل تقريباً في نفس المركز، وكان ترتيبها هو 23، وتقدمت الأردن لتحتل
المركز رقم 86، وتقدمت تونس إلى المركز رقم 87، وتقدمت الجزائر لتحتل المركز رقم 102، وتقدمت سوريا إلى المركز رقم 107.
*
والملاحظة الأولى:- من الأرقامالسابقة أن أهم تقدم كان لمصر، إذ انتقلت من المركز 120 إلى المركز 111. وقد تطور متوسط دخل الفرد في مصر، المقدر وفقاً للقوة الشرائية للدولار من 3.5 ألفدولار للفرد سنة 2001، إلى 4.2 ألف دولار سنة 2004. وصاحب هذه الزيادة ارتفاع فى نسبة البالغين 15سنة، والذينيعرفون القراءة والكتابة، وبعد أن كانت 56.1% سنة 2001 من البالغين، نجدها وصلت فى سنة 2004 إلى71.4% من البالغين.*والملاحظة الثانية:- أن
البلاد ذات الدخل الفردى المرتفع كإسرائيل، والتى بلغ دخلها السنوى للفرد فى سنة 2001 ، 19790 دولار، بلغت فيها نسبة المتعلمين من البالغين 95%. وبوجه عام إن
نسبة المتعلمين فى البلاد الأوروبية
100% من البالغين.
*والملاحظة الثالثة:- أن البلاد العربية
التى سبقتنا فى متوسط الدخل، سبقتنا أيضاً فى نسبة المتعلمين بين البالغين. ومثال ذلك تونس، فكانت نسبة المتعلمين ممن بلغوا 15 سنة هى 72.1%،
وبلغ دخل الفرد فيها 6.3 ألف دولار. بينما كانت نسبة المتعلمين البالغين 15 سنة فى مصر سنة 2001 هى 56.1%، يصاحبها متوسط دخل للفرد لا يزيد عن 3.5
ألف دولار.
وفى سنة 2004 عندما ارتفعت نسبة المتعلمين فى مصر، صاحبها
ارتفاع فى نسبة الدخل.
وإنما ظلت الأمية تمثل 30% من الشعب المصرى، وهى نسبة تخفى أيضاً الظلم القائم فى مصر بالنسبة لتعليم
النساء.
والخلاصة، أنه بدون ثورة فى التعليم، لا تقدم فى مستوى
معيشة المصريين، ولا
إصلاح دائم للمجتمع المصرى. وقد أشار الرئيس مبارك إلى هذه الثورة الضرورية فى التعليم عندما صرح فى عيد
العلم فى 20 ديسمبر سنة 2006: “إن منطق المصارحة يقتضى أن نتعامل مع قضايا التعليم برؤية واضحة وجريئة بمختلف جوانبها ومشكلاتها وفى صلاتها
بحقائق الواقع المصرى وتحدياته وطموحاته”. وقد أصدر الرئيس أخيراً قراراً جمهورياً بإنشاء الهيئة
القومية لضمان الجودة والاعتماد في
التعليم.
إن الخطوة التالية بعد القرار الجمهورى، هى الزيادة
المحسوسة فى موازنة التعليم
و يجب أن نعترف أنه من المخجل فى القرن الواحد والعشرين، أن يظل لدينا ما يقرب من 30% من مواطنى مصر يجهلون القراءة والكتابة، كما أنه من المؤسف فى هذا
الوضع أن تظل موازنة التعليم تمثل أقل من 10% من موازنة الدولة. لأنه من غير المنتظر فى ظل الموازنة الحالية،
أن تستطيع هيئة الجودة تنفيذ
التعديلات المطلوبة فى مناهج التعليم، وفى عدد وقدرات المعلمين، وفى عدد المدارس.