دعوة لإعادة المعنى الإيجابى والبنائى للإسلام
الإسلام دين عظيم ، ولكننا أهملناه كثيرأ ، وتركنا معناه واكتفينا بالأقوال والمواعظ والشكليات منه ، وهذه دعوة لنعمل معاّ لإعادة المعنى له ، كما كان أيام الرسول و خلافته الراشدة.
الدين الحقيقى يتعامل مع الإنسان كمنظومة متكاملة من نفس وروح وجسد وفكر وقلب. ولكن فى عصرنا الحالى، عصر التهافت على الإنتاج الإستهلاكى والبضائع والسوق ، تغير مفهوم الدين ، وتحول الى كلمات وعبارات تتعامل مع الإنسان ليس كمنظومة متكاملة بل كأجزاء منفصلة ليس لها علاقة بعضها ببعض. الدين فى حياة الشعب المصرى مهم للغاية، ولكن الكثير من المفاهيم الدينية والسلوكيات تحتاج إلى مراجعات كثيرة.
الأهداف الأساسية للدين الإسلامى هى التوحيد ( وما يتبعه) وتزكية النفس (النماء الإنسانى للفرد والجماعة) وعمارة الارض.
لقد حدث خلل شديد فى التعليم الدينى وفى الخطاب الدينى وفى السلوك بحيث فقد الدين معناه وأهدافه، وتركز على شكليات وعبارات تقال وتكرر. أصبح توحيد الله قولا فقط بلا إنعكاس حقيقى على حياة الغالبية التى تقوله، وفقد الدين الكثير من مضامينه التى ترقى بالإنسان. لقد أصبح من الصعوبة بمكان ان ترىإنعكاسات الإيمان والتدبر و التفكر وارتباطهم بالعمل على عمارة الارض( تذكر ان للهندسة والعلم دور كبير فى عمارة الأرض) ، وتنمية النفس البشرية وحل مشاكل الخلق.
لقد أعطانا القرأن صوراّ من أنواع النفوس: النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة والنفس الراضية المرضية، فهل ترى ان الدين السائد الأن تخطى بالناس مرحلة النفس الأمارة بالسوء الى حالة النفس اللوامة التى تحاسب نفسها؟ لذلك فمن أهم المشاريع الإصلاحيه هى المشاريع التى تعيد الدين إلى وضعه الطبيعى…إلى معناه..إلى وظيفته كعنصر قوة فى الحياة وطاقة فى العمل والإنتاج المفيد ، وتبعده عن الشكليات، وتذكرنا بمعناه الحقيقى الذى تاه فى زحمة الأحداث والتسويق ، وتشوه تحت ضخ الإعلانات التجارية وإنتشار الفن الهابط، وتسطح تحت تأيرالثقافة المتردية والإنبهار بالغرب. الدين طاقة إيجابية خلاقة وليس هو التجهم أو الإنعزال أوالتمسك بالعبارات وتكرارها فى كل مناسبه دون ربط الإيمان بالعمل. لقد نسى المتكلمون بإسم الدين دورهم فى تنمية النفس البشرية، ودورهم فى إنتاج العلم بدلاّ من الكلام عنه ، ولقد نسى كثير من الناس معانى الاخوة والكفالة والحب فى الله، و تمسك أخرون ببعض الأحكام الفقهية دون فهم لها ، وتحولت العديد من مفاهيم الدين الإيجابية والعملية الى مناظرات كلامية وجدال عقيم بلا عمل ولا علم مفيد. واصبحت التربية الدينية لا تربى، وتغير مفهوم التربية الى محاضرات فى التربية تلقى وليس الى سلوك يتبع ، لقد تاه معنى التربية الدينية ايضا. لذلك لابد من وجود مشروعات تعيد المعنى إلى الدين وإلى التربية الدينية كسلوك وليس اشكال ومقالات وخطب ووعظ. ويجب ان نعيد المعنى الى الفقه كأداة للفهم، وإعادة المعنى للعلم كأداة لحل المشاكل ، وليس للكلام والخطب والمقالات، وصدق رسول الله (ص) الذى قال:
اللهم إنى أعوذ بك من هؤلاء الأربع
قلب لا يخشع
وعين لا تدمع
و دعاء لا يرفع (او دعوة لا يستجاب لها)
و علم لا ينفع.
ومع تحياتى
عبد الحميد مظهر