السلام عليكم مقال للدكتور وليد احمد السيد من الملاحظ ان العمارة قد ورد ذكرها في القرآن الكريم بدلالات واشارات بعضها صريح مباشر وبعضها الآخر ضمني، ففي الاطار الاول وضمن العمارة الدينية ورد ذكر المسجد الحرام في مواضع متعددة منها في سورة الاسراء {سٍبحان الذٌي أسرى" بٌعبدٌهٌ ليلاْ مٌن المسجٌدٌ الحرامٌ إلى المسجٌدٌ الأقصا الذٌي باركنا حولهٍ }، وورد ذكر العمارة السكنية في مواضع عديدة منها ما يخص الانسان ومنها ما يخص المخلوقات الاخرى، ففي سورة النحل قوله تعالى {واللهٍ جعل لكٍم مٌن بٍيٍوتٌكٍم سكنْا } ، وفي سورةالنمل { قالت نملةِ يا أيٍها النملٍ ادخٍلٍوا مساكٌنكٍم } - النمل، بالاضافة الى ذكرالمسجد والصوامع والجنة والسد في قصة ذي القرنين، او السلم او الصرح (قيل ادخلي الصرح) - النمل، في قصة بلقيس ملكة سبأ، او البروج او المدخل {إن المٍتقٌين فٌي جناتُ ونهرُ فٌي مقعدٌ صٌدقُ عٌند ملٌيكُ مٍقتدٌرُ}- القمر، او السرادق او الغرفات { فٌي الغٍرٍفاتٌ آمٌنٍون} - سبأ، او {لنٍبوٌئنهٍم مٌن الجنةٌ غٍرفْا } - العنكبوت، او قصة ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، اوالاشارة الى عظم مدنية ثمود وعاد التي لم يخلق مثلها في البلاد مما يدل على علو شأو مدنيتهم وعمارتهم، ولكن ما يلاحظ هو دقة الفاظ القرآن الكريم في التمييز بين كلمتي (مدينة) وبين كلمة (قرية)، اذ تمت الاشارة الى لفظة (قرية) مثل قوله تعالى {وقالٍوا لولا نٍزٌل هذا القٍرآنٍ على" رجٍلُ مٌن القريتينٌ عظٌيمُ } - الزخرف، او في قصة موسى و الخضرعليهما السلام {فانطلقا حتى" إذا أتيا أهل قريةُ استطعما أهلها فأبوا أن يٍضيٌفٍوهٍما} الكهف، وفي آية لاحقة من سورة الكهف {وأما الجٌدارٍ فكان لٌغٍلامينٌ يتٌيمينٌ فٌي المدٌينةٌ} ، او قوله تعالى {قالٍوا أرجٌه وأخاهٍ وأرسٌل فٌي المدائٌنٌ حاشٌرٌين يأتٍوك بٌكٍلٌ ساحٌرُ علٌيمُ} - الاعراف، او لفظة ام القرى بالاشارة الى مكة المكرمة في قوله تعالى {وهذا كٌتابِ أنزلناهٍ مٍباركِ مٍصدٌقٍ الذٌي بين يديهٌ ولٌتٍنذٌر أٍم القٍرى" ومن حولها} الانعام، جميع هذه الاشارات واستعمال الالفاظ المتعددة بين قرية ومدينة لها مدلولات ومعان دقيقة، فما هي الحكاية؟ وما هو الفرق بين اللفظتين، وماذا يعني ذلك من ناحية حضرية تخطيطية عدا عن الجوانب الاجتماعية؟ بداية من المهم الاشارة الى ان لفظة قرية الواردة في القرآن الكريم لا تعني البتة مفهوم القرية الريفي الذي نعرفه اليوم، بل ان التفاسير والمعاني تدل على المدنية ووجود المجتمع الذي يشكل المدينة بحسب تعريفاتها في التخطيط الحضري اليوم من حيث وجود كيان اجتماعي واقتصادي تجاري وهيكل نظام حكم سياسي الى غيره مما يقيم اود المجتمع المتحضر، وهذه مما وردت في اكثر من موضع تاريخيا اذ توفرت هذه العناصر جميعا، والتساؤل يتردد اذن: لماذا فرق اللفظ القرآني بين اللفظتين؟لعل من ابرز التعاريف والتفاسير التي تجلب الانتباه وبخاصة ما ورد في سورةالكهف في استعمال اللفظتين، هو التفريق بين الطبيعة المجتمعية لسكان القرية والمدينة، فعلى الرغم من اللفظتين اطلقتا على نفس المكان في قصة موسى والخضر عليهما السلام، في قوله في الآية الاولى {فانطلقا حتى" إذا أتيا أهل قريةُ \ستطعما أهلها فأبوا أن يٍضيٌفٍوهٍما } الكهف، اطلقت لفظة المدينة على نفس المكان في تفسير الخضر لاعماله مع موسى عليهما السلام، والتفسير لذلك انهما حينما قدما على المكان توسما الخير في اهل البلدة (القرية) فطلبوا الطعام فلم يطعموهما ولذلك حينما اورد الخضر لموسى عليهما السلام ما جرى في المكان باقامته الجدار في القرية التي ابى اهلها ان يطعموهما فيها، فسر له الخضر ان الجدار كان لغلامين يتيمين في (المدينة) ولم يستعمل التعبير القرآني لفظة (قرية) في المرة الثانية، وفي هذا دلالة على طبائع وخصائص المجتمع في المكانين، اما في القرية فيبدو ان الطباع والعادات والتقاليد الاصيلة هي التي تسود بخلاف ما يترتب على تغيير هذه العادات والطباع الاصيلة في المدينة التي ينحو اهلها ناحية الانعزالية والانانية تجاه الغرباء من ناحية ، وتجاه جيرانهم