أنت قد صيرت أمري عجبا | كثرت حولي أطيار الربى |
فإذا قلت لقلبي ساعة | قم نغرد لسوى ليلى أبى |
حجب تأبى لعيني مأربا | غير عينيك، ولا مطلبا |
أنت من أسدلها، لا تدعي | أنني أسدلت هذي الحجبا |
*** |
ولكم صاح بي اليأس انتزعها | فيرد القدر الساخر : دعها |
يا لها من خطة عمياء، لو أنني | أبصر شيئاً لم أطعها |
ولي الويل إذا لبيتها | ولي الويل إذا لم أتبعها |
قد حنت رأسي، ولو كل القوى | تشتري عزة نفسي، لم أبعها |
*** |
يا حبيباً زرت يوماً أيكه | طائر الشوق، أغني ألمي |
لك إبطاء الدلال المنعم | وتجني القادر المحتكم |
وحنيني لك يكوي أعظمي | والثواني جمرات في دمي |
وأنا مرتقب في موضعي | مرهف السمع لوقع القدم |
*** |
قدم تخطو، وقلبي مشبه | موجة تخطو إلى شاطئها |
أيها الظالم : بالله إلى كم | أسفح الدمع على موطئها |
رحمه أنت، فهل من رحمة | لغريب الروح أو ظامئها |
يا شفاء الروح، روحي تشتكي | ظلم آسيها، إلى بارئها |
*** |
أعطني حريتي واطلق يديّ | إنني أعطيت ما استبقيت شيّ |
آه من قيدك أدمى معصمي | لم أبقيه، وما أبقى علي ؟ |
ما احتفاظي بعهود لم تصنها | وإلام الأسر، والدنيا لدي ! |
ها أنا جفت دموعي فاعف عنها | إنها قبلك لم تبذل لحي |
*** |
وهب الطائر من عشك طارا | جفت الغدران، والثلج أغارا |
هذه الدنيا قلوب جمدت | خبت الشعلة، والجمر توارى |
وإذا ما قبس القلب غدا | من رماد، لا تسله كيف صارا |
لا تسل واذكر عذاب المصطلي | وهو يذكيه فلا يقبس نارا |
*** |
لا رعى الله مساء قاسياً قد | أراني كل أحلامي سدى |
وأراني قلب من أعبده ساخراً | من مدمعي سخر العدا |
ليت شعري، أي أحداث جرت | أنزلت روحك سجناً موصدا! |
صدئت روحك في غيهبها | وكذا الأرواح يعلوها الصدا |
*** |
قد رأيت الكون قبراً ضيقاً -خيم اليأس عليه والسكوت |
ورأت عيني أكاذيب الهوى | واهيات كخيوط العنكبوت |
كنت ترثي لي، وتدري ألمي | لو رثى للدمع تمثال صموت |
عند أقدامك دنيا تنتهي | وعلى بابك آمال تموت |
*** |
كنت تدعوني طفلا، كلما | ثار حبي، وتندت مقلي |
ولك الحق، لقد عاش الهوى | في طفلا، ونما لم يعقل |
وأرى الطعنة إذ صوبتها | فمشت مجنونة للمقتل |
رمت الطفل، فأدمت قلبه | وأصابت كبرياء الرجل |
*** |
قلت للنفس وقد جزنا الوصيدا | عجلي لا ينفع الحزم وئيدا |
ودعي الهيكل شبت ناره | تأكل الركع فيه والسجودا |
يتمنى لي وفائي عودة | والهوى المجروح يأبى أن نعودا |
لي نحو اللهب الذاكي به | لفتة العود إذا صار وقودا |
*** |
لست أنس أبداً ساعة في العمر | تحت ريح صفقت لارتقاص المطر |
نوحت للذكر وشكت للقمر | وإذاما طربت عربدت في الشجر |
هاك ما قد صبت الريــــح بأذن الشاعر | وهي تغري القلب إغـراء الفصيـح الفاجر : |
" أيها الشاعر تغفو تذكر العهد وتصحو | وإذا ما التام جرح جد بالتذكار جرح |
فتعلم كيف تنسى وتعلم كيف تمحو | أو كـل الحب في رأيـك غفـران وصفح ؟ |
*** |
هاك فانظر عدد الرمـــــل قلوباً ونساء | فتخير ما تشاء ذهب العمر هباء |
ضل في الأرض الذي ينشد أبناء السماء | أي روحانية تعـــــصر من طين وماء؟ " |