هي منطقة بحنوب مصر و شمال السودان. كان وادى الخوىّ، جنوب الشلال الثالث عبارة عن حوض قديم للنيل طوله حوالى 123 كم الى الشرق من مجرى النيل الحالى. فمنذ الألفية الرابعة ق.م. كان حوضاً زراعياً غنياً ادي لظهور التجمعات النيوليتية. أكتشف به جبانات كانت تجسيداً على الأرض للتنظيم الاجتماعي لمجتمعاتها إبان الألفية الثالثة ق.م كان قدماء المصريين يطلقون علي
بلاد النوبة بلاد كوش Kush التي تقع في أسوان وهي حيث يعيش شعب
النوبة , وحيث قامت ممالك إمتد نفوذها علي وادي النيل بمصر حتي البحر الأبيض المتوسط شمالا . ويرجع
تاريخ النوبة للعصر الحجري في عصر ماقبل التاريخ. ففي منطقة أسوان وجدت آثار حجرية ترجع
للنوبة .وفي منطقة الشخيناب شمال السودان وجدت آثار ترجع للعصر الحجري الحديث من بينها الفخاروالخزف .وكان
النوبيون يستأنسون الحيوانات
وفي شمال وادي حلفا بمنطقة خور موسي وجدت آثار تدل علي أن الإنسان في هذه الفترة كان يعيش علي القنص وجمع الثمار وصيد الأسماك .وكانت الصحراء هناك سافانا أصابها الجفاف في فترة لاحقة . حيث كان
النوبيون يمارسون الزراعة .(أنظر :نباتا. دوائر الحجر). وقد قامت حضارة منذ 10 آلاف سنة في منطقة خور بهان شرقي مدينة أسوان بمصر (الصحراء الآن)، وكان مركزها في مناطق وادي العلاقي حيث كان الأفراد يعتمدون في حياتهم على تربية الماشية إلا أن بعض المجموعات نزحت ولأسباب غير معروفة جنوبا وتمركزت في المناطق المجاورة حيث اكتسب أفرادها بعض المهارات الزراعية البسيطة نتيجة لاستغلالهم الجروف الطينية والقنوات الموسمية الجافة المتخلفة عن الفيضان في استنبات بعض المحاصيل الأساسية ، مما أسهم في نمو ثرواتهم هناك و قيام مجتمعات زراعية غنية على مستوى عال من التنظيم . وهذا يتضح من التقاليد في المناطق الشمالية من
النوبة . وكانت متبعة في دفن الموتى وثراء موجودات المدافن مما يدعو إلى الاعتقاد بوجود ممالك قوية لبس ملوكها التاج الأبيض واتخذوا صقر حورس الشهير رمزا لهم قبل ملوك الفراعنة في مصر العليا لأن التاج الأبيض وشعار حورس اتخذا فيما بعد رمزا للممالك المصرية التي نشأت في مصر لاحقا ، مما أدى إلى الاعتقاد بان هذا التقليد منشؤه ممالك مصر الفرعونية . ولكن في الواقع فإن وادي النيل الأعلى لم يكن قد عرف بعد الكيانات البشرية المتطورة في تلك الحقبة البعيدة من التاريخ عندما نشأت حضارة المجموعة الأولى كما يبدو من آثارها المنتشرة في المنطقة عندما إحتلت جزءا من وادي النيل امتد من جبل السلسلة ( في مصر العليا ) شمالا وحتى بطن الحجر عند الشلال الثاني في الجنوب . وكان قدماء المصريون يسمون
النوبة آنذاك تا سيتي أي ارض الأقواس نسبة لمهارتهم في الرماية وخاصة الشماليين ، و كانت بينهم نزاعات حدودية انتهت باسترجاع
النوبة للأجزاء الجنوبية من مصر العليا مرة أخري. وساعد انتقال الخبرات
النوبية إلى مصر على استقرار المجتمعات البشرية في شمال الوادي وتطورها مما كان له الفضل في قيام الممالك المصرية القديمة لاحقا .و أهم ما يميز المجموعة الحضارية الأولى أنواع الفخار المميز ذو اللون الوردي والأواني المزركشة بالنقوش ، وقد عثر على بعض الأنواع المشابهة لهذا الفخار في مناطق متفرقة . كما تميزت هذه الحقبة بطريقتها المميزة في دفن الموتى حيث كان الميت يدفن في حفرة بيضاوية الشكل على جانبه الأيمن متخذا شكل الجنين ومتجها جهة الغرب .
و مع بدايات توحيد ممالك مصر العليا في مملكة واحدة متحدة واجهت
النوبة قوة لا تقهر في الشمال بدأت تهدد وجودها واستقرارها . وبازدياد نفوذ وهيبة المملكة المصرية المتحدة اتجهت أطماعها جنوبا صوب
النوبة ، في الوقت الذي بدأت فيه المجموعة الأولى تفقد قوتها العسكرية والاقتصادية مما جعلها عاجزة عن تأمين حدودها الشمالية التي بدأت تتقلص تدريجيا نحو الجنوب ، وقد بدا علامات الضعف والتدهور واضحة في آثار هذه الفترة مما دفع بعض العلماء إلى الاعتقاد بوجود مجموعة أخري تعرف باسم " المجموعة الحضارية الثانية " تلت المجموعة الأولى وكانت أضعف منها نسبيا . وبحلول عام 2900 ق.م أصبحت
النوبة ا
لسفلى بكاملها تحت السيطرة المصرية وخلت تماما من سكانها بعد تراجعهم جنوبا إلى منطقة
النوبة العليا ليختلطوا بحضارة كرمة الوليدة ، وظلت
النوبة السفلى بعد ذلك مهجورة لعقود طويلة وانقطعت أخبارها خاصة بعد تعرض آثارها ومدافنها الملوكية للحرق والتدمير من قبل جيوش المملكة المصرية . في نفس الوقت الذي كانت تشهد فيه منطقة أخرى من
النوبة ميلاد حضارة جديدة ظهرت بوادرها في منطقة مملكة كرمة 3000 ق.م. – 2400 ق.م. )( وسيطرت مصر مابين 1950 ق.م وحتي 1700 ق.م. حيث كانت
النوبة على امتداد تاريخها الطويل عرضة للاعتداءات المصرية على أطرافها الشمالية
وكان من أهم أسباب هذه الاعتداءات الرغبة في تامين الحدود الجنوبية و تأمين طرق التجارة التي كانت تربط مصر بإفريقيا عبر بلاد النوبة ، بالإضافة إلى الأطماع المصرية في ثروات النوبة المختلفة . لهذا تعددت الأعتداءات المصرية على حدود النوبة منذ عهود ما قبل الأسر في مصر ، واستمرت على امتداد التاريخ النوبي ، وكانت تنتهي في أحيان كثيرة باحتلال أجزاء منها , خاصة منطقة النوبة السفلى
وأول محاولة فعلية لاحتلال النوبة كانت في عهد الأسرة المصرية الثانية عشر عندما هاجم المصريون النوبة حتى منطقة سمنة وبنوا فيها العديد من الحصون والقلاع لتأمين حدودهم الجنوبية. ومنذ ذلك التاريخ خضعت النوبة للأحتلال المصري فقط ولكنها لم تتمكن في أخضاع الأنسان النوبي حيث تمكنوا خلالها من الاحتفاظ بخصائصها وهويتها الثقافية النوبية. وانتهت هذه السيطرة الأولي عندما أنقض ثوار النوبة علي المملكة المصرية الوسطى, وأضعفوا قوتها وأخضعوها بالكامل لهم مما شجع مملكة الشمال النوبية على مد نفوذها علي النوبة كلها في عام 1700 ق.م. وكان الأحتلال المصري الثاني منذ 1550 ق.م. وحتي 1100 ق.م. بعد طرد الهكسوس على يدأحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشر حيث تجددت الأطماع المصرية في بلاد النوبة وتوالت المحاولات لإحتلال أطراف النوبة إلى أن تم إحتلال النوبة حتى الشلال الرابع في عهد تحتمس الثالث وظل حتي 550 م. وعرف بحضارة أكس . عندما بدأت الثقافة النوبية في التغير اثر دخول مجموعات بشرية جديدة لوادي النيل حيث دفن الملوك في مدافن ضخمة مع قرابين من الرعايا والأحصنة والحمير والجمال وغيرها من الحيوانات .
وقامت مملكتان في منطقة النوبة هذا العصر وهما مملكة البليمي ( وتعني الشماليين( الكنوز)عند الإغريق) وهم قبائل سكنت شرق النيل وحتى البحر الأحمر وكان العرب يطلقون عليهم الكنوز ومملكة الجنوب و هم القبائل المعروفة بالفاديجا. وتميزت البليمي(الكنوز) بصناعات الفخار وأدوات القتال والزراعة ومهارات يدوية كثيرة وفنون الطرب و القتال والقوة ويظهر ذلك في أفراحهم عندما يمسكون السيف والدرقة ويتغنون بمأثر القبيلة في ساحات الحرب والوغي ، وتوجد آثارهم الآن في منطقة كلابشة ومناطق كثيرة.بعد انهيار مملكة مروي عام 300 م قامت مملكة الجنوب عام 375 م جنوب الحدود المصرية .استمر الجنوبيين في عبادة الآلهة المصرية القديمة ،في حين بحث الشماليين عن دين الموحدين. واتحد النوباديين مع الكنوز لمقاومة الغزو المسيحي القادم من الشمال ولكن سرعان ما تنصر الكنوزعندما عرفوا أنه دين واحد لإله واحد بينما كان نوبيين الجنوب عكفوا علي عبادةا المعبود الأول في النوبة هو الإله أبيد ماك وهو مصور في آثارهم برأس أسد .وكانت الصناعة الأساسية للنوبيين الشماليين هي صناعة الحديد وقد دلت الحفريات على الأفران التي كانت مستخدمة في صهر الحديد
بدأ الاحتكاك بالرومان عندما احتل قيصر مصر بعد هزيمة كليوباترا في العام 30 بعد الميلاد ، عندما أرسل قائده بترونيوس لمنطقة النوبة بهدف السيطرة على مناجم الذهب في عام 24 ميلادية ، إلا أن المملكة النوبية الشمالية تصدت له وتمكنت من إلحاق هزائم متلاحقة بجيشة في أسوان وألفنتين . ولكن تفوق الجيوش الرومانية لم يمكنها من الصمود طويلا ، فانسحبت إلى الجنوب ليحتل الرومان النوبة الجنوبية بينما ظلت النوبة الشمالية تحت سيطرة مملكة مروي . كره النوبيون الرومان ، ووجد تمثال لراس القيصر أوغسطس مدفونا تحت
-----------------***********------------
عتبة احد المعابد بعد عقد اتفاق مع الرومان في مصر أمكن
للنوبة الاستمرار في مناطق أسوان ، مما أدى إلى تسهيل التجارة وانتقال الثقافة والفنون
النوبية لمصر .وفي
النوبة تطورت عبادة الإله آمون إلي أشكال آمون التشبهية بالإنسان وبرأس الكبش فى المعابد
النوبية ولاسيما فى مملكة الجنوب حيث ظهر التمثيل التشبيهى الإنسانى لآمون فى الآثار الكوشيَّة حتى نهاية مملكة مروى نتيجة إقتباس هذا الشكل من التصوير الإيقونى له في طيبة بمصر ولاسيما عندما كانت كوش خاضعة للملكة الحديثة المصرية . وظهرت هذه الصورة البشرية للإله آمون في الأيقونات المروية المتأخرة . و تؤكد هذه الصور حرص المصريين علي أن يوجدوابكوش فى جبل البركل عبادة روح (كا) آمون الطيبى، وأنهم إعتبروا آمون نباتا واحداً من الأشكال التعبدية لآمون طيبة بوصفه إله الدولة فى مصر. وعد آمون فى
النوبة كاءً (روح) لآمون فى طيبة إنما تدعم الفكرة القائلة بأن عبادته كانت تواصلاً منطقياً لعبادة آمون فى مصر. وفي النوبة ظهرت أيقونات لآمون الكبشى الرأس ولاسيما فى أيقونات المعبد الرسمى مما يدل أنه أصبح إلها رسميا في عبادات النوبة ماقبل المسيحية . لهذا ظهرت تماثيله في شكل آمون الكبشى الرأس مع قرص الشمس والصل على الرأس فى أبى سمبل .وكان آمون فى مصر قبل ظهور الأسرة 18 بها ,مرتبطاً بالأوزة أو الحيَّة لكن ليس بالكبش أبداً. الكشف فى مقابر كرمة عن قرابين حملان، ونعاج، وكباش متوجة بموضوعات كروية أو بريش نعام بدأت تشير الى أن تلك الحيوانات قد تكون ألهمت الشكل الكبشي الجديد لآمون . فقبل الإحتلال المصرى ظهرت عبادة محلية للكبش فى النوبة ولاسيما فى كرمة . آمون كبشى الرأس يرمز لإتحاد آله مصر آمون مع إله كوش الكبش .وهذا الإتحاد أدي الى خلق أشكال جديدة لآمون. فظهرت فى الإيقونات الرسمية والتماثيل منذ حكم الرعامسة في شكل آمون كبشى الرأس فى كل من كوش ومصر. وتطورت عبادة آمون بعد دخولها للنوبة. ففي معبد أبوسمبل يلاحظ صل ضخم امام آمون .وهذاالشكل لم يلاحظ في المعابد المصرية . وأصبح الصل الضخم سمة نوبية مميزة لآمون . و ظل آمون الكبشي معبودا محليا للنوبة , بينما ظل آمون البشري معبودا بمصر الفرعونية .وعبادة آمون فى
النوبة تمَّ تطويرها عبر إستعارة العديد من الأفكار والسمات الإيقونية من الثيولوجيا المصرية؛ لكنه على كل ومع مرور الوقت تمَّ نسيان الأصل المصرى لآمون، وإختفت الكثير من أشكاله المصرية ووضع العديد من الصور الإيقونية الجديدة لآمون كوش الكبشي فى المعابد القديمة.والتشابه القوى بين صور آمون فى مصر والنوبة كانت سبباً للتاثير المتبادل وللإحلال المتبادل القادم من الجانبين. مارس آمون الكوشى تأثيراً على مصر .. ومن ثم نجد أن العبادة بمصر كانت مرتبطة بالعبادات النوبية. وفي الشلال الثاني أوجد معبودا جديدا سماه حورس
سيد النوبة . وأيام حكم حتشبسوت وتحتمس الثالث وأمنحوتب الثاني أدخلت معابد جديدة بالقلاع وخارجها ومن بينها المعبد المزدوج لآمون – رع ,و رع – حارختي . وتم إدماج حورس سيد
النوبة مع آمون – رع . وغيرها من الآلهة الإندماجية التي صورت مراحلها علي المعابد المصورة , وفي عهد رمسيس الثاني انتشرت صور لعبادة الملك وبجواره الآلهة الثلاثة الرسمية آمون – رع , و رع - حاراختى، وبتاح - تاتجينان , مع إنتشار الأشكال المقدسة للحاكم. . ففى أواخرالأسرة18 و19 ، اعتبر آمون-رع فى بلاد النوبة معبوداً رئيساً, حيث صورت آلهة مصر وآمون في المقدمة و يتبعه آلهة حورس فى
بلاد النوبة. وتعتبر الأربع مدن الكوشية الرئيسية القديمة مدنا حضارية حيث كان يمارس بها الطقوس الدينية
[/size]