بيزنس ''الملخصات'' والكتب الخارجية يشتعل مع بداية العام الدراسي رغم أنف وزير التعليم!بيزنس الملخصات والكتب الخارجية يشتعل مع بداية العام الدراسيتحقيق: سامح عبد الحي
مع بداية العام الدراسي الجديد يشتعل بيزنس الكتب الخارجية وتنشط تجارة " الملخصات " ورغم قرار وزير التربية والتعليم بمنع بيع تلك الكتب قبل دفع رسوم الملكية الفكرية للوزارة، إلا أن أصحاب دور النشر والمكتبات ضربوا بالقرار الوزاري عرض الحائط واستمروا في طبع الكتب وبيعها بأسعار مضاعفة.
وارتفعت أسعار جميع الكتب بمختلف أنواعها بنسبة تجاوزت 50% عن العام الماضي، كما أن هناك تزاحم كبير من جانب المواطنين في مناطق الفجالة والازبكية، حيث اصطف أولياء الأمور في طوابير طويلة تشبه "طوابير الجمعية "، وشهدت المنطقة مشاحنات ومشاجرات وتسابق وتدافع من المواطنين للفوز ببعض الكتب والملخصات.
بداية الحكاية كانت بإصدار الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم قرار رقم 52 لسنة 2010، والذي يقضي بدفع مبالغ مالية تتراوح ما بين 350 ألفاً إلي مليون و250 ألف جنيه كحقوق ملكية فكرية للوزارة لطباعة الكتب الخارجية، ورفع قيمة ترخيص الكتاب الخارجي من 600 جنيها عن كل كتاب وفقا لقانون وزارة المالية رقم 111 لسنة 1980 إلى هذه المبالغ الضخمة.
وجاء هذا القرار بحجة أن المناهج التي تحتوي عليها هذه الكتب مملوكة للوزارة، وبالتالي فلها الحق في الحفاظ علي حقوقها في الملكية الفكرية لهذه المناهج.
وتتراوح المبالغ التي تطلبها الوزارة بين 350 ألفاً إلي 450 ألف جنيه لمناهج المرحلة الابتدائية، و500 ألف إلي 750 ألفاً لمناهج المرحلة الإعدادية، وتصل إلي مليون و250 ألف جنيه لبعض كتب المرحلة الثانوية.
وقد حددت الوزارة مبلغ 400 ألف جنيه لكتاب اللغة الإنجليزية الصف الأول الإعدادية في الفصل الدراسي الأول لحقوق ملكيتة الفكرية، بينما حددت 800 ألف جنيه لكتاب الفصل الدراسي الثاني لنفس المادة .
وسادت حالة من التوتر بين أصحاب المكتبات بعد إعلان الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم فرض رسوم جديدة علي ناشري الكتب الخارجية وأحدث لديهم نوعاً من التوتر حيث كان يتم توزيع الكتاب الخارجي علي المكتبات قبل موسم الدراسة بشهر ونصف علي الأقل وبعد قرار الوزير لم يتم توزيع تلك الكتب الا بطريقة سرية بعيدة عن اعين مسئولي الوزارة مع العلم أن أصحاب المطابع قاموا بتحصيل ثمن تلك الكتب من المكتبات منذ أكثر من شهر مما يعني ان اصحاب المكتبات تكبدوا خسائر باهظة.
تجارة رائجة
أصبحت تجارة الكتب الخارجية بمثابة منجم ذهب لأصحابها لما تحققه لهم من مكاسب كبيرة .. الأمر الذي جعل الكثيرين ممن توقفت مصالحهم بسبب قرار الوزير أن يلجئوا لطرق ملتوية فظهرت سوق سوداء لبيع تلك "الملخصات"، حيث قامت بعض المكتبات بتصوير الكتب الخارجية القديمة، وإعادة طبع كتب أخرى في مطابع غير مرخّصة "تحت بئر السلم" لتباع في الفجالة وعلي الارصفة في الشوارع والميادين.
ووصل سعر الكتاب الذي كان يباع ب 9 جنيهات الي 18 جنيها اي ان الاسعار زادت بمقدار الضعف حيث وصل سعر كتاب "سلاح التلميذ" الذي كان يباع ب10 جنيهات الي 17 جنيها والمعاصر اصبح يباع ب18 والاضواء ب19 جنيها ولامي ب20 جنيها وغيرها من الانواع لمختلف المراحل .
ونتيجة لقلة المعروض من تلك الكتب واصل اولياء الامور رحلات البحث عنها في الاماكن المخصصة لبيعها مثل شارع الفجالة وميدان رمسيس والازبكية فاصبح المشهد هناك عبارة عن طوابير طويلة تشبه طوابير العيش فالكل يتسابق ويتصارع من اجل الحصول علي الكتب التي يحتاجها ابنائهم قبل نفاذ الكمية المطبوعة او قبل غلق المحلات لانها تعمل في الخفاء فالجميع في الفجالة اغلقوا محلاتهم فيما عدا بضع محلات تقع في اماكن بعيدة عن الاعين ويتم فيها عرض تلك الكتب، ولا يخلو المشهد من مشاجرات ومشاحنات ومشادات بين المواطنين الذين يقفون منذ الصباح الباكر في الشمس المحرقة من اجل "تعليم" ابنائهم .
سوق جديد للملازم
ومن لم يستطع الحصول عليها من المحلات يلجأ الي مواصلة رحلته الشاقة للبحث عن الكتب علي الارصفة الموجودة لدي البائعين الذين يفترشوا الارصفة في الميادين العامة والشوارع الرئيسية في الجيزة وفي منطقة الاسعاف وامام الجامعات والكتب المباعة في تلك المناطق تكون قديمة "ومستعملة" ويلجأ لشرائها محدودي الدخل ومتوسطي الحال لان اسعارها تكون نصف الاسعار التي تباع بها في الفجالة بيزنس الدروس الخصوصية والملازم.
ونتيجة لهذا القرار ونتيجة لعدم قدرة الكثيرين في الحصول علي ملخصات لابنائهم استغل بعض المدرسين هذه الازمة واتجهوا الي عمل " مذكرات " وملازم ورقية تحتوي علي ملخص شامل لجميع اجزاء المنهج وبيعها للطلاب والتلاميذ داخل الفصول علانية.
ووصل سعر هذه الملازم الي 100 جنيه للملزمة الواحدة مما يعني ان "مصائب قوم عند قوم فوائد" فهناك اضرار قد تلحق باصحاب المكتبات ودور النشر والاضرار النفسية التي اصابت اولياء الامور والتلاميذ علي حد سواء ولكن المدرس خرج من هذه " الهوجة " بكعكه كبيرة من الكدمكاسب والارباح ليصبح هو الفائز والمنتفع الوحيد من هذا القرار سواء بالمذملازم او بالدروس الخصوصية التي ستصبح امبراطوريته يحكم فيها ويتحكم فيها كيفما شاء حيث انه يستطيع ان يرفع سعر الحصة ويتحكم في الطلاب مستغل حاجتهم الملحة الي مجموعات تقوية ودروس خصوصية في ظل غياب المراجع والملخصات التي تساعدهم علي الفهم من خلال تبسيط الشرح وتيسير المسائل .
هذا القرار كان بمثابة صدمة للناشربن وكأن لسان حالهم يرددون مقولة " موت وخراب ديار " حيث انه كانوا قد بدأوا بالفعل في طبع الكتب وجاء القرار ليمعهم من بيعها مما جعلهم يتخفون اثناء بيعها مثل "تجار المخدرات".
ولجأ بعض اصحاب دور النشر الي رفع دعوة قضائية لوقف تنفيذ القرار ولان العديد من دور النشر امتنعت عن طباعة تلك الكتب خوفا من الغرامات والمسائلة القانونية فاصبح السوق متعطشا لهذه السلعة التي اصبح لا عني للتلاميذ عنها خاصة وان المدرسين هم الذين يطلبون منهم شرائها مع بداية كل عام والاستغناء عن الكتاب المدرسي .
ويقول حسام الدين الدمنهوري صاحب احدي دور الطبع ان وزارة التربية والتعليم رفضت السماح بطبع الكتب الخارجية إلا بعد سداد 750 ألف جنيه عن كل كتاب مقابل "حقوق الملكية الفكرية" مع ان الوزارة ليست صاحبة حقوق ملكية فكرية؛ حيث إن شكل وإخراج الكتاب المدرسي مختلف عن الكتاب الخارجي؛ ورغم أنهما متشابهان في المحتوى العلمي؛ فليس معنى ذلك أن الكتاب المدرسي حكر وان هناك بعض الكتب مختلفة شكلا ومضمونا عن الكتاب المدرسي الا ان الوزارة رفض التصريح بطبعهم إلا بعد سداد 345 مليون جنيه.
ويحذر جميل بشري احد اصحاب دور النشر من تداعيات ونتائج القرار السيئة واصفا قرار الوزير بالمتسرع حيث لم يراعي ان هناك ملايين العمال يعملون في المطابع ودور النشر سوف يتشردون ويصبحون بلا عمل في حالة تنفيذ القرار بالاضافة الي الالاف العمال الذين يعملون في مكتبات التوزيع التي سوف تغلق ابوابها معتبرا ان القرار بمثابة هدم لهذه الصناعة الكبيرة .
استياء وغضب
اما عن اولياء الامور فقد سادت حالة من الاستياء والغضب من هذا القرار حيث يري اسلام فرغلي احد اولياء الامور أن ما فعلته الوزارة جاءت نتيجته عكسية حيث تزاحم أولياء الأمور والطلاب علي شراء الكتب الخارجية وارتفعت الأسعار في الكتاب الواحد حوالي 5 جنيهات عن العام الماضي.
ويشير وليد مختار موظف ان قرار الوزير بمنع بيع الكتب الخارجية قد يضر بمصالح ابنائنا لانهم اعتادوا المذاكرة من الكتب الخارجية خاصة وان المدرسين هم الذين يطلبون منه ان يشتروا تلك الكتب لكي تساعدهم علي الاستذكار وترفع من مستواهم العلمي .
ويوضح سعيد القاضي محاسب ان لديه اربعة اولاد وجميعهم في مراحل تعليم مختلفة ويقوم بشراء "ملخصات" لكل منهم ب200 جنيها سنويا واحيانا تزيد حسب المرحلة، وكانت تلك الكتب تغني بعض الشئ عن الدروس الخصوصية، ولكن بعد هذا القرار بالفعل ارتفعت اسعار الدروس الخصوصية، حيث وصلت الحصة الواحدة الي عشربن جنيها "وتزيد حسب المادة".
كما يتوقع أن تشتعل اسعار الدروس الخصوصية هذا العام وتزداد بشكل كبير، وبذلك يكون الوزير قد ساهم في انعاشها بدلا من القضاء عليها.
ضربة موجعة
ومن جانبه يؤكد الدكتور عبد الرؤف عثمان استاذ المناهج بجامعة عين شمس أن الميزانية التي تتحملها الأسرة المصرية نتيجة شراء الكتب الخارجية سنويا لاتقل تكلفة عن ميزانية الدروس الخصوصية.
وأشار إلى أن من يقوم بتأليف وإعداد الكتاب الخارجي هم أيضا من يقومون بتأليف كتاب الوزارة مما يزيد من حالة تفاقم المشكلة، لذلك كان قرار الوزير الأخير بمثابة ضربة موجعة لهؤلاء حيث كان أصحاب تلك الكتب يحققون المليارات سنويا جراء الأرباح المهولة من بيع تلك الكتب والتي بلغت أسعارها الي أرقام خيالية مقارنة بتكلفة طباعتها وإن الدولة أحق بتلك الأرباح المهولة التي يحققها ناشرو الكتب الخارجية لتمويل العديد من مشروعات تنمية وارتقاء العملية التعليمية وبناء وتجهيز العديد من المدارس بمختلف أنحاء الجمهورية.
وحذر عثمان تولياء الأمور من اعتماد ابنائهم فقط علي تلك الكتب الخارجية، وترك كتاب الوزارة لان عدد كبير من الكتب الخارجية تحمل معلومات غير دقيقة وتخرج بدون أي سند علمي وتضر بالعملية التعليمية وتؤثر بشكل مباشر علي نتائج الامتحانات وتعدد شكاوي الطلاب منها بسبب أنها تقدم ملخصات تلغرافية بسيطة للطلاب عكس الكتاب المدرسي الذي يقدم المعلومة الكاملة والتي تأتي منها الامتحانات، وأن المعلومات الموجودة بها صحيحة وموثقة ولا يوجد بها لبس أو تزييف.