عدد المساهمات : 3897 تاريخ التسجيل : 09/04/2008 العمر : 56 الموقع : في قلب مصر رقم العضوية : 994 Upload Photos :
موضوع: قيمة الإعتذار الأحد 24 أكتوبر - 20:29
العلاقات البشرية مليئة بالأخطاء والهفوات، وكثير من الشباب العربي يعتبرون الاعتذار تقليلاً من الكرامة والقَدْر أمام الآخرين ، وهذا الاعتقاد يأتي مخالفا لآراء علماء التربية وعلم النفس إذ يرون أن الاعتراف بالخطأ يعتبر أول الطرق للتقليل من الوقوع فيه ، كما أنهم يرون من يخطئ ولا يعترف بخطئه إنسان ناقص الشخصية، و قليل الأهمية ، و مهمش في مج...تمعه ! والاعتذار فن لا يتقنه إلا من تربى على المبادئ والأسس السليمة وهو أحد الفنون البشرية التي لا يتمتع بها الكثيرون كما أنه يتطلب مقدرة أدبية وثقافة فكرية ودرجة عالية من الرشد والذوق الاجتماعي ، ولا يقوم بعمله إلا من يملك قيم الإنسان الراقي المثقف . وتتجلى قيمة الاعتذار في العلاقات الاجتماعية حيث يبعد عن الإنسان الشعور بالكبرياء وينفي من قلوب الآخرين شعور الحقد والبغضاء تجاهه ، ويدفع عنهم الاعتراض عليه أو إساءة الظن به ، كما أن الاعتذار يعلّم الإنسان الحذر من الوقوع فيما يجعله مضطراً للاعتذار، لذا جاء في وصية موجزة من النبي - صلى الله عليه وسلم – لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه : "ولا تكلم بكلام تعتذر منه غداً " رواه أحمد وحسنه الألباني . ويقول ابن القيم – رحمه الله -: من أساء إليك ثم جاء يعتذر عن إساءته فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته، وعلامة الكرم والتواضع أنك إذا رأيت الخلل في عذره فلا توقفه عليه ولا تحاجه ، قال تعالى (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى اللّه أن يتوب عليهم إن اللّه غفور رحيم). ويقول علماء الاجتماع إن الاعتذار خطوة ضرورية لتصحيح وتعزيز العلاقات الاجتماعية مع الآخرين وعدم ترك المجال لأية ضغينة بينهم ، كما أن الاعتذار هو الطريق الأمثل لتكوين المزيد من العلاقات الإنسانية كما أنه مهارة من مهارات الاتصال الاجتماعية وهو يتكون من ثلاث نقاط أساسية : أولاً : أن تشعر بالندم عما صدر منك. ثانياً : أن تتحمل المسؤولية. ثالثاً : أن تكون لديك الرغبة في إصلاح الوضع. وقد كان هذا الخلق صفة مميزة لمجتمع الصحابة رضي الله عنهم ، وما أعظم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين جاء يوم الجابية يوضح للناس أسباب عزل خالد بن الوليد، فقال: "...وإني أعتذر إليكم من عزل خالد بن الوليد.." ، فالاعتراف بالآخر وحقه في حفظ كرامته، وعدم المساس به هو النافذة التي يجب أن ننظر من خلالها إلى محيطنا القريب والبعيد، ولذا فإن أولى مراحل العلاج هي معرفة الخطأ، وتلك المعرفة لا تأتي إلا بعد تأمل الذات، وفحص السلوك، واستخراج طبائع النفس ، وكما يقول البعض فإن كل أحمق يستطيع الدفاع عن أخطائه، وأما الاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها فهو السبيل إلى الرقي والسمو.