الفضائيات الإسلامية : هل لها فائدة ؟
ظهرت فى الآونة الأخيرة العديد من الفضائيات ( الإسلامية ) .. وكلما ظهرت فضائية تتبنى الفكر الإسلامى نستبشر خيراً ونقول : لعل هناك فضائية تظهر لتدافع عن الإسلام وتوضح عوار المعتقد النصرانى !
لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه !
ما يُقارب عشرون فضائية إسلامية لا تهتم بالدفاع عن الإسلام أو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما اهتمام هذا العدد الكبير من الفضائيات هو بالإعلانات والمواضيع التافهة غير ذات القيمة وبيزنس الاتصالات ورسائل الموبايل القصيرة وإثارة الكلام الفارغ الذى لا يُسمن ولا يُغنى من جوع ، وشيوخ يتحدثون عن حكم اللحية وأن عقاب حالقها هو جهنم وبئس مصير ، وآخرون يقسمون بالله أن النقاب فرض ويُخصصون حلقات كاملة فى هذا الموضوع !
الشيخ " محمد حسين يعقوب " وهو أحد الذين نجلهم ونقدرهم ، يسأله سائل عن الذين يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم ويفترون حوله الأكاذيب ، ما ذا نفعل معهم وكيف نرد ؟ فيرد الشيخ يعقوب بحزم : ماتسمعش الكلام ده !!
وصلت الأمة لمرحلة من الضياع والتشتت ساعد عليها علماء الأمة الذين تخلوا عن مسئوليتهم فى الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، تحت ذرائع واهية وماسخة ألا وهى أن الرد على هؤلاء مضيعة للوقت ولا يُسمن أو يغنى من جوع !!
فى الجانب الآخر نجد الفضائيات التنصيرية تعمل دون كلل أو ملل وتطعن فى الإسلام بكل ما أوتيت من قوة وتفترى الكذب ليلا ونهارا ، لم أر فضائية تنصيرية تعرض إعلاناً واحداً مثلما تفعل فضائية " الناس " الإسلامية التى تُخصص حوالى 12 ساعة لبث إعلانات عن " الحلل " و " الألحفة " و" الأكواب " و " أطقم الصينى " و " الكنب " و " النجف " و " الموبايلات " و " المفارش " ... إلخ .
الفضائيات التنصيرية لها غاية ومن أجل تلك الغاية لا يُتاجرون بقضيتهم الإجرامية ، لكن فضائياتنا الإسلامية انشغلت بالماديات والربح وتاجرت بالإسلام وشوّهت صورته .
من وسط كوم الفضائيات الإسلامية يبقى " أبو إسلام أحمد عبدالله " الكاتب الصحفى وصاحب قناة " الأمة " الفضائية ، هو الوحيد الذى يُدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وينافح عن الإسلام ، رغم ضعف إمكانياته وقلة أمواله .. يبقى أبو إسلام هو الوحيد الذى لا يُتاجر بإسلامه ويدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم محتسباً كل شئ عند الله .
فضائيات عديدة تتاجر بالإسلام لم نر فيها برنامجاً واحداً يرد على القمص زكريا بطرس ، الذى يتحدى شيوخ المسلمين كل يوم ليردوا ! فضائيات عديدة لا تقوم بإنتاج برنامج واحد يوحد الله يرد على زكريا بطرس !!
أغنى أغنياء العالم ينتمون للإسلام ورغم ذلك لا تجد من يُؤسس فضائية لتدافع عن الإسلام وترد على افتراءات المُنصّرين !!
ووسط هذا التخاذل المخزى وهذا الصمت المريب من قبل المسلمين تخرج قناة القاديانيين " mta " لترد على القمص زكريا بطرس وتخصص برنامج بعنوان " أجوبة عن الإيمان " للرد على برنامج القمص زكريا بطرس الذى يُسمه " أسئلة عن الإيمان " ، كذلك تُخصص برنامج حوارى بعنوان " الحوار المباشر " للرد على النصارى ولتوضيح خطأ المعتقدات النصرانية ، وبين صمت المسلمين وتخاذلهم فى الرد على زكريا بطرس وقنواته التنصيرية العديدة وبرامجه المسيئة للإسلام والمتطاولة عليه وبين صمت المؤسسات الحكومية الإسلامية مثل الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامى ورابطة العالم الإسلامى وصمت المملكة العربية السعودية أرض الحرمين عن إنشاء فضائية إسلامية تُدافع عن النبى وترد على افتراءات زكريا بطرس التى يذكرها فى فضائياته ... بين هذا وذاك لا تُوجد إلا فضائية " القاديانيين " التى ترد على زكريا بطرس وعصابته ، فلا يجد اليائسون بد من اعتناق القاديانية انتقاماً من هذا التخاذل المريب وشعوراً بالامتنان لفضائية القاديانيين التى أراحتهم من تطاولات القمص البذئ !!
نعم توجد العديد من الكتب والمقالات والمواقع الإليكترونية التى ترد على زكريا بطرس ، ولكن ليس لتلك الوسائل أثر مثلما للفضائيات أثر كبير يصل للملايين دون جهد أو عناء .
لذلك فإن فضائية القاديانيين تُعتبر " حصان طروادة " – على حد وصف صديقى الأثير الدكتور " فؤاد العطار " – المُعبأ بالأفكار الخارجة عن الإسلام مثل نبوة الميرزا غلام والقول بتعليق السيد المسيح على الصليب – وحاشاه – والتفسيرات الباطنية للقرآن الكريم والتحايل على فريضة الجهاد ... إلخ تلك الأفكار التى تُخرج معتنقها من الإسلام . ولكن هذا الحصان المليء بكل تلك الأفكار يُرحب به جميع الذين استيأسوا من تخاذل مؤسساتهم الإسلامية اللاتى تركتهم ضحية للتنصير أو اعتناق القاديانية ، فاختاروا القاديانية لأنها أيسر من الإيمان بتجسد إله فى جسد بشرى !!
فضائيات إسلامية عديدة لو كان الأمر بيدى لأغلقتها فوراً لبعدها عن قضايا الأمة وتناولها لتوافه الأمور فى ظل هكذا أمور عصيبة وصعبة تمر بها أمة الإسلام ..
قد يقول قائل : الفضائيات الإسلامية تعرف المسلم بحقيقة دينه وتشرح له أمور عقيدته !!
وأقول : هل هذا العدد الكبيرمن الفضائيات ليشرح عقيدة المسلم ؟؟!! ثم إن هناك حدثاً جلل وأمراً لا يُمكن السكوت عليه وهو الافتراء على الإسلام وتشويه صورته ونسج الأكاذيب حول الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأولى بهذه الفضائيات أن ترد على تلك المفتريات ؛ لا أن تتحدث فى أمور بعيدة عن الواقع وبعيدة عن الخطر التنصيرى الداهم . ثم إن المسلم يتعلم عقيدته من وسائل عديدة .. ولنسلم جدلاً بأن الفضائيات الإسلامية تشرح للمسلم عقيدته ، فيكفى أن تقوم فضائية واحدة بهذا العمل .. أما أن تكون هناك فضائيات عديدة بعيدة عن خطر التنصير وكيفية دحره وتوعية الناس بمخاطره ، فهذا ما لا يقبله أى مسلم يغار على دينه ونبيه .
ما هى الفائدة من برنامج يظل المتحدث فيه يتكلم عن أن من قال " والنبى " فهو مشرك !! ومن قال " لأجل النبى " فهو مشرك !! ومن قال ..... ؟؟!! هل كلمة " والنبى " هى الخطر الداهم الذى نستحق أن نرى برنامجاً عنه ؟!
ماهى الفائدة من برامج تتحدث عن أن " النقاب " فرض ؟؟!!
هل النقاب هو الذى سيوقف الحملات التنصيرية التى تنهش فى الإسلام ؟؟!!
ماهى الفائدة من برامج تتحدث عن حكم المرأة التى نبتت لحيتها أتُزيلها أم تبقى عليها ؟؟!!
ماهى الفائدة من برامج تتحدث عن أمور لا تمت للواقع بأى صلة ؟؟؟
ماهى الفائدة لهذه القنوات العديدة والتى تتحدث باسم الإسلام وتتاجر به ؟؟
أليس من الأولى أن تخصص كل فضائية برنامجاً واحداً فقط للرد على افتراءات النصارى وأكاذيبهم التى يروجونها فى غرف المحادثة " البال توك " والمواقع الإليكترونية والمنتديات والفضائيات التنصيرية ؟؟
أليس من الأفضل أن ننقذ الناس من اعتناق القاديانية ؟؟
أم أن " القول البتة فى تحريم لبس الكرافتة " – اسم كتاب لأحد الشيوخ يُحرم لبس الجرافتة ! - هو الأهم والشغل الشاغل الذى يجب أن نقاتل من أجله ؟!
ما هذا العبث يا شيوخ الإسلام ؟؟ ماهذا التخاذل وهذا الهوان ؟؟
لماذا لا تنصرون نبيكم ؟؟ أم أنه لا بواكى له ؟؟
النصارى يقلبون الدنيا لمن يتعرض لديانتهم ويُقاتلون فى سبيل عقيدتهم قتالاً عنيفاً وكأنهم على الحق وينشرون افتراءاتهم فى كل مكان ويتحدثون بخبث ومكر ليوقعوا المسلمين فى شراكهم .
كانوا – وإن كانوا ما زالوا - يُبشرون بعقيدتهم عن طريق المستشفيات وعلاج مرضى المسلمين وتقديم أقصى الخدمات لهم حتى يتبع المسلم عقيدتهم التى تجعلهم مهذبين ومؤدبين مع المرضى ويُقدمون لهم كامل الخدمات العلاجية والود والاحترام !!
وأيضاً كانوا – وإن كانوا ما زالوا – يُبشرون بعقيدتهم عن طريق العملية التعليمة خاصة فى البلاد الأسيرة المحتلة حتى ينشأ الأطفال على حب الأناجيل ويُبرمجوا وفق التعاليم النصرانية !!
الآن بات الموضوع كالتالى : تأسيس الفضائيات التى تُشكك المسلم فى عقيدته وهز صورة الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق سبه بأقذع الألفاظ والإيحاء للمسلم – فى ظل تخاذل البلاد الإسلامية - أنه لا يوجد من يرد على تلك الفضائيات والمواضيع المنبثة من خلالها .
والنتيجة : أن يكون المسلم فاقداً للغيرة على إسلامه لا يعبأ أو يهتم بمن يفترى على الإسلام ولسان حاله يقول : إذا كان شيوخ الإسلام لا يقدرون على الرد فمالى ومال الإسلام !! إذا كانت البلاد الإسلامية ومنها بلد الحرمين الشريفين لم يقدروا على إنشاء فضائية واحدة ترد على تلك الأقاويل فمالى ومال الإسلام !!
ويُصبح المسلم بلا عقيدة أو هوية ومع الوقت قد يتحول إلى النصرانية !
ويُزيد الطين مبلة أن يخرج بعض الشيوخ فى المملكة العربية السعودية ويُفتوا بتحريم مشاهدة القنوات التنصيرية !! مما يدفع المسلم للقول بأنهم عجزوا عن الرد فذهبوا للتحريم حتى يُداروا قصورهم وعجزهم وفشلهم !!
ومعروف أن الممنوع مرغوب ! وفتوى كهذه الفتوى ستجعل الناس كلها تشاهد هذه القنوات .. وحينما يذهب الناس لهذه القنوات ويجدوا شخصاً مثل زكريا بطرس يدعى الموضوعية والنزاهة وأنه يأتى بكل كلامه من كتب المفسرين والأحاديث ، فحتماً سيتأثر المسلم ويعتقد بينه وبين نفسه أن الشيوخ حرّموا مشاهدة هذه القنوات حتى لا تنكشف الحقيقة !!
أى والله ! هذا هو ما يحدث .. وقد شكا لى العديد من الناس من هكذا عقليات ! بدلاً من أن يُفتى الشيوخ بأنه فرض عين على كل قادر مسلم يستطيع أن يؤسس فضائية للدفاع عن الإسلام فليؤسسها يذهب الشيوخ للقول بحرمة مشاهدة قنوات التنصير !!
والسؤال : لماذا لا تكون هناك فضائيات إسلامية ترد على تلك القنوات التنصيرية حتى إن وجد المسلم نفسه أمام إحدى الفضائيات التنصيرية ويستمع إلى افتراء يذهب إلى فضائية إسلامية تنقض مثل هذا الافتراء الكاذب ؟؟
ولكن ماذا نقول فى أمة ارتضت بالهوان والذل والخضوع والخنوع ؟؟ ماذا نقول فى أمة تنتسب للرسول صلى الله عليه وسلم اسماً لا فعلاً ؟؟
ماهذا الذى يحدث ؟؟
أيُعقل أن يكون على القمر الاصطناعى النايل سات أكثر من مائة فضائية للأغانى والرقص ولا تكون هناك فضائية واحدة ترد على زكريا بطرس ؟؟
أيُعقل أن يظل حديث الشيوخ فى أمور لا تدافع عن الإسلام أو ما يُثار ضده ؟؟
وهل يُعقل أن هؤلاء المشايخ الأفاضل لا يعلمون بما يُبث فى الفضائيات التنصيرية ؟؟!!
وهل يعتقدون أن سياسة " ما تسمعش " أو " طنش " أو " سيبهم يقولوا هيعملوا إيه " هى سياسة ناجعة ومفيدة وترد على تساؤلات الحيارى الذين عاشوا للشك أسارى بسبب ما يُبث فى الفضائيات التنصيرية ؟!
هل من وقفة مع النفس أيها القائمين على أمر الفضائيات الإسلامية ؟؟
هل من إعادة لترتيب الحسابات وبث برامج ترد على مفتريات النصارى بحق الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟ هل من برامج تُوضح حقيقة النصرانية حتى يعلم المسلم الذى قد ينخدع بمفترياتهم على الإسلام أنهم يدعون لديانة لا يقرها عقل أو منطق أو شرع ؟؟
هلا كففتم عن استغلالكم للإسلام ومتاجرتكم به وجعلتم الرد على ما يُقال على الإسلام هو همكم وشغلكم ؟؟
هلا أفقتم ياشيوخ الإسلام من غفلتكم ونصرتم نبيكم وإسلامكم وانتبهتم لخطر التنصير ؟
وهل ... وهل ... وهل ..... ؟؟
ويأتينى جواب هذه الأسئلة :
لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادى !
محمود القاعود