** من أسباب العولمة أن هناك 258 شخصا في العالم يملكون نصف ثروة العالم و 90% من رأس المال في الولايات المتحدة والذي يسيطر عليه اليهود غير مستغل. ومن أجل توظيفه خارج الولايات المتحدة لا بد من تحطيم الأديان والقوميات والتاريخ والقيم الحضارية والثقافية التي تقف سداً منيعاً في وجه تدفق هذا المال. ولذا جاءت الخصخصة واتفاقيات التجارة الحرة من أجل تحقيق هذه الغايات وتدمير الاقتصاديات الوطنية للشعوب المغلوبة فضلاً عن قهرها. إن الثورة الصناعية في الغرب قضت على الصناعات الحرفية في الوطن العربي، ومن المنتظر أن تقضي الخصخصة على الصناعة العربية. إن مدير البنك الدولي يقول في أحد المؤتمرات الاقتصادية في إحدى الدول العربية: إننا نقدم القروض للدول العربية بثلاثة شروط: الأول القفز فوق التاريخ (أي ألا تدرس الثقافة الإسلامية والقضية الفلسطينية لأن الذي يقاوم اليهود هم المتدينون.. والجامعات الخاصة التي أنشئت في عصر الخصخصة تدرس الكمبيوتر واللغات ولا تدرس الثقافة والتاريخ. والشرط الثاني خصخصة التعليم الجامعي (حتى تفقد الدولة سيطرتها على عملية التنشئة). والشرط الثالث أن تكون إسرائيل جزء من أي مشروع في المنطقة.
* ما هو تقييمك لأداء الحركة الإسلامية في العالم العربي على المستوى السياسي؟
** لقد واجهت الحركة الإسلامية ثلاثة تحديات رئيسية هي القمع السياسي والأمني من الحكومات، ثم الاختراق من الداخل من جهات أخرى بغرض إفساد الحركة الإسلامية من الداخل، ثم ضعف مستوى القيادة داخل الحركة الإسلامية لأن العلماء لا يملكون مصادر رزق مستقلة كما يملك علماء الشيعة مثلاً. إن العلماء السابقين كان أحدهم عالما وله حرفة فإذا ضاق عليه الأمر كان يقتات من حرفته، أما هذه الأيام فإن العلماء أصبحوا موظفين وأي قطع لأرزاقهم معناه الضياع. ثم إن تشجيع الحركات الصوفية قد يؤدي إلى الاختراق لأن غياب الوعي السياسي فيها يجعل الآخرين يوظفونها كما يريدون رغم جهودها في التربية الدينية. فما ينقصنا هو الوعي، فحينما يزج بالقيادات في السجون فإن الشعوب تكون ليس لها جسور. إن العلماء المخلصين قادرون على صنع الكثير وتغيير الأمم، والأمة تصلح بصلاح علمائها وأمرائها، والأمراء يصلحون بصلاح العلماء، فالعلماء ملح الأمة وإذا فسد الملح فمن يصلحه؟
ومأساة الأمة أن علماءها، بسبب الاضطهاد الفكري والتضييق عليهم والظروف الاقتصادية الصعبة، هربوا إلى الغرب، ففي الولايات المتحدة وحدها هناك 75 ألف عالم مسلم. ولذلك كان عمر بن الخطاب يحرص ألا يخرج الصحابة من المدينة لأنهم يمثلون الذخيرة الفكرية للأمة، وظل الأمر كذلك إلى ما بعد مجيء عثمان بن عفان. أما الآن فصارت الأمة تعلي من شأن الفنانين والرياضيين وترفعهم فوق العلماء، وأنا أقول إن أمة بغير علماء عربة لا يجرها حصان.
* ما هو في رأيك الفرق بين الإعلام العربي والإعلام الصهيوني؟
** أجريت مؤخرا بحثا عن تحليل المضمون لبرامج التليفزيون الإسرائيلي أثبت فيه أنه من خلال هذه البرامج يمكن أن نتوقع السياسات العربية المستقبلية، فقد وصل الأمر إلى أن اليهود يخططون لنا ونحن ننفذ تخطيطهم بالضبط، وهم ينحتون المصطلحات ويكررونها ثم نستخدمها نحن بمدلولاتها التي صممت ضد مصالحنا. ففي اتفاقيات أوسلو أصبح اليهود يستخدمون مصطلح إعادة الانتشار بدلاً من الانسحاب، وسرنا وراءهم نردد ما اخترعوه من مصطلحات. إن الأكاديميين اليهود الذي اجتمعوا عام 1968 قالوا إنه قبل عام 2000 سوف توقع جميع الدول العربية معاهدات السلام مع إسرائيل وهو ما حدث. إنني هنا أفهم لماذا كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يحرص على أن نخالف اليهود والنصارى في كل أمورهم وأن يكون لنا تميزنا في الزي وفي التقويم وفي الأعياد، وفي المصطلحات وفي المنهج وفي المرجعية، وحينما افتقدنا المنهج والمرجعية أصبحنا نسير كالعميان بدون قائد، بل أصبحنا كالأعمى الذي يتكئ على يد عدوه، وهو لا يدري أن عدوه يسير به نحو هوة سحيقة حتى لا يخرج منها أبداً.